post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

حوار في موضوع البعد الإنساني في فكر الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله مع الدكتور عبد الرحمن عبيد (جامعة العلوم الإسلامية- ماليزيا)
يسعدنا في إدارة مواقع الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله أن نحاور الأستاذ الدكتور عبد الرحمن عبيد، نطرح بين يديه أسئلة آنية تلامس اهتمامات الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله بالبعد الإنساني، ودعوته الدائمة إلى العمل المشترك والارتقاء بالفكر التعاوني والمشترك الإنساني. سيما في الظروف التي تعانيها الإنسانية اليوم جراء تبعات الجائحة العالمية.
أولاً: جعل المؤتمر الثالث لمؤسسة الإمام مركز اهتمامه البعد الإنساني والمشترك الإنساني، رأيكم في الموضوع؟
يكتسب هذا البعد أهمية خاصة إذا طرح من قبل مؤسس جماعة (العدل والإحسان)، فعادة ما ينظر إلى مؤسسي الجماعات والأحزاب الإسلامية وأعضائها على أنهم مقيدون ببرامج حزبية مغلقة تعيق انفتاحهم على الآخر، سواء أكان هذا الآخر قريباً/وطنياً أو بعيداً/إنسانياً؛ وإذا كانت الجماعة قد وضعت في خططها تطوير البنى التربوية والتعليمية لأبناء بلدهم، وتحسين أوضاعهم المعاشية ــــــ وهذا هدف مشروع وحق إنذار العشيرة الأقربين ـــــــ فإن حضور البعد الإنساني في أدبيات الجماعة يغدو أمراً نظرياً في أحسن الأحوال، ويغدو التوكيد عليه وإثباته ضرورة تمليها اعتبارات كثيرة في ضوء القفزة الحضارية في وسائل التواصل ومنصاتها الاجتماعية والفكرية؛ وتخصيص هذا المؤتمر لفكرة البعد الإنساني والمشترك الإنساني يؤكد الحضور القوي لهذا البعد في فكر الإمام من جهة، والرغبة الصادقة للقائمين على المؤتمر في التواصل الإنساني ناهيك عن تجاوزهم لحدود (الدردشة) السطحية للفكرة، من جهة أخرى.
ثانياً: يرى الإمام عبد السلام ياسين أن العالم في مخاض لميلاد إسلام جديد؟ وأنت تعرف دكتور عبيد الوضع الذي تعانيه الإنسانية اليوم، كيف توضح هذا التفاؤل؟
الإمام عبد السلام ياسين من رجالات الأمة القلائل الذين أرقهم واقع المسلمين وتشخيص تراجع دور المسلم العالمي في وظيفته العالمية الموكلة إليه منذ بدء الخليقة، وظيفة الاستخلاف بما تحمله من دلالات وصور. واستدعى هذا التشخيص منه اطلاعاً واسعاً على ثقافة الآخر المخالف، والبحث في أسباب الشقاق والنفرة واشتعال الأزمات بين الطرفين؛ وعلى الرغم من النقد العميق الذي يوجهه الإمام ياسين إلى المسلمين جماعات وحكومات ومحكومين إلا أنه لا ينساق وراء النزعة السوداوية المتلذذة بجلد الذات، ولا وراء النزعة المنسلخة عن الذات التاريخية والداعية إلى تبني عقائد جديدة مستوردة منبتة عن التربة الحضارية والتاريخية، ورأى الإمام بنظرته الشمولية الفاحصة أن التخبط الذي تمر به البشرية تخبط ملوث بالدم أنتج في فوراته وتقلباته ركوداً عالمياً للاقتصاد ورواجاً موازياً لتجارة السلاح والحروب وشعوباً يعصف الفقر والمرض في جنباتها، وأن هذا التخبط لا ينتهي إلا بعودة راشدة إلى الفطرة، وتغليب النداء الفطري المتماسك للقرآن على ضجيج الفلسفات والتيارات التي قادت البشرية إلى الهلاك، وأكد الإمام في مؤلفاته أن راعي تلك العودة الراشدة هو القرآن الكريم وحامل القرآن الكريم، وقد أثبت التاريخ أن المسلمين حملوا مشعل العودة الحضارية لقرون متطاولة وأنهم قادرون على فعل ذلك في الحاضر القريب، وهذا سر تفاؤله رحمه الله حول المخاض الذي تمر به البشرية جمعاء.
ثالثاً: من خصائص الفكر المنهاجي أنه فكر تعاوني إشراكي للغير، كيف حضرت هذه الخاصية في مكتوبات الإمام؟
ثمة نقطة صغيرة في هذا الباب ولكنها مهمة في الوقت نفسه، وتدل دلالة واضحة على ترفع الإمام عن أنانية المفكر والداعي، وهي اعترافه بفضل آخرين ربما لا يتفقون معه في أشياء كثيرة، فقد أشاد الإمام بجهود الأستاذ محمد شفيق الأب الروحي للحركة الأمازيغية في المغرب وذلك في كتابه حوار مع صديق أمازيغي؛ كما نوه بفضل كل من: المهدي بن بركة، محمد بن العربي العلوي المدغري، أبو شعيب الدكالي، عبد الكريم الخطيب، عبد الرحمن اليوسفي، جان شارل لوكران والذي يسميه الإمام بالمحامي الكبير الشهم، عبد الهادي بو طالب، إسماعيل الخطيب وغيرهم كثر. وهذه الإشادة تدل على اغتراف الإمام من فكرهم والاعتراف بفضلهم إن كان لهم فضل وهي أول درجة في معارج الفكر التعاوني والمشترك الإنساني.
نشكركم فضيلة الدكتور عبد الرحمن عبيد على هذه اللمحات الفكرية المائزة، التي أكدت الحضور القوي للبعد الإنساني في فكر الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، وهي دعوة للعلماء والباحثين بمختلف حيثياتهم إلى تعميق البحث في إرث الرجل، والعمل المشترك في كل بلاد المعمور لتحقيق الغاية من عمارة الأرض والسعي إلى جمع شتات الإنسانية وطلب رخائها وحريتها وكرامتها.

د.-عبد-الرحمن-حسين-عبيد-

د. عبد الرحمن حسين عبيد: الإمام عبد السلام ياسين كان واسع الاطلاع على ثقافة الآخر

التربية والتعليم في تراث الإمام عبد السلام ياسين

الدكتور عبد الحليم آيت أمجوض

د.آيت أمجوض | الإمام ياسين سما بالحوار عن الجدل والاستهلاك إلى أفق العمل الميداني النافع

شهر رمضان “الأحكام الفقهية والمقاصد التربوية”

التربية الإيمانية الإحسانية..حوار تربوي مع الأستاذ حسن قبيبش

د. خالد العسري: مشروع الأستاذ عبد السلام ياسين مشروع إنساني لأجيال متتالية

د. خالد العسري:  مشروع الأستاذ عبد السلام ياسين مشروع إنساني لأجيال متتالية

بناء الفرد والجماعة في نظرية المنهاج النبوي: السياق والخطوات

حوارات

د. عبد الرحمن حسين عبيد: الإمام عبد السلام ياسين كان واسع الاطلاع على ثقافة الآخر

أضف تعليقك (1 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

د. عبد الرحمن حسين عبيد: الإمام عبد السلام ياسين كان واسع الاطلاع على ثقافة الآخر

مقالات ذات صلة