post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<p>إذا كانت القومة فعلا منهاجيا جماعيا جامعا وقاصدا بناء صرحٍ تحمل فيه الأمة عبء الحاضر والمستقبل وتشيد كيان الاستخلاف الراشد على منهاج النبيئين عليهم السلام أجمعين، وتبلغ رسالة الرحمة والرفق والرخاء للعالمين، فإنما هي إنجازات متناسقة متكاملة متداخلة تحملها مطالب كبرى يمكن عرضها كالتالي :</p>
<h2>1- مطلب التربية : </h2>
<p>ويتمثل هذا المطلب الأساس في إعداد رجال ونساء قرآنيين ربانيين يُحبون الله تعالى وبحُبون بحبه ويبغضون ببغضه &#8220;مِن الأمة وإليها ومعها، لا ليفعلوا بها، بل ليوقظوها ويربوها حتى تصبح فاعلة&#8221; [ref]&#8221;رجال القومة والإصلاح&#8221; عبد السلام ياسين، ص32[/ref] . إعداد رجال في الطليعة لا يعرفون الاعوجاج ، شعت نورانياتهم وسواعدهم في من حولهم من دوائر المؤمنين والمسلمين &#8220;كفوا عن اعتبار الدنيا، وهاجروا إلى الله عز وجل هجرة كلية لا يلتفتون&#8221; [ref]&#8221;المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا&#8221;، عبد السلام ياسين، ص 330[/ref] ، استقاموا على أمر الله جماعة، وطلبوا وجه الله وانخرطوا حسا ومعنى في جند الله تعرضا لرضا الله، متماسكين بلحمة الولاية الجامعة بينهم على هدى من الله، قال الله تعالى : <span class="quran">إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ</span> [ref]سورة الأنفال، الآية : 72[/ref] وقوله : <span class="quran">وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمؤْمِنَاتُ بَعْضُهمْ أَولِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ</span> [ref]سورة التوبة، الآية : 71[/ref] . &#8220;فالقومة لن تكون قومة ولا تكون إسلامية إلا بقدرة رجالها على التماسك فيما بينهم ليواجهوا الانحلال وإغرائه&#8221;. [ref]&#8221;رجال القومة والإصلاح&#8221;، عبد السلام ياسين، ص31[/ref]<br />
<br />فمطلب التربية هو تحقيق الاستقامة والولاية الإيمانية.</p>
<h2>2- مطلب التجديد : </h2>
<p>قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : <span class="hadith">&#8220;إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها&#8221;</span> [ref]رواه أبو داود والبيهقي والحاكم والطبراني[/ref] ، و&#8221;هذا الحديث يمد الأمة بشعاع قوي من الأمل، يطرد عنها ظلام اليأس، ويبعث فيها الروح والأمل في أن الله لا يدعها طويلاً لأنياب الضعف حتى تفترسها، ولا لدخان الهمود حتى يخنقها، ولا لمخالب التمزق حتى تقتلها، بل يهيئ لها بين قرن وآخر، من يجمعها من شتات، ويحييها من موات، ويوقظها من سبات، وهذا بعض معاني التجديد، فهو يجددها بالدين ويجدد بها الدين.&#8221; [ref]د- يوسف القرضاوي، www.islam-online.net[/ref] و&#8221;مَن&#8221; في لغة العرب عامة تدل على الجمع كما تدل على المفرد. جماعة وإمام، رجل مؤيد يدعو إلى التجديد والتغيير، حوله رجال ونساء صادقون يحملون هذا المشروع الشامل المتكامل بخطى حثيثة قاصدة مقتحمة مؤيدة مسددة. ففعل القومة الشامل شرف للأمة، وهو فعلٌ كما قلنا يعطي للعامل النفسي (تجديد الإيمان في القلوب) مكان الصدارة في التغيير. قبل ومع تغيير ما بالأمة من أدواء على مستوى الشأن العام (الحكم بما أنزل الله). إنه تجديد شامل وكامل يريد أن يقف بالفرد في موقف الفطرة، ويريد أن يقف بالأمة في موقف المسؤولية التاريخية، أي مسؤولية الشهادة على الأمم بإقامة النموذج الناجح، نموذج دولة القرآن الإنسانية. ومن شروطه أن يحصل، بعامل التربية والتعليم، في وعي المسلم أن مصيره الأخروي لا ينفك عن مصير أمته التاريخي.<br />
<br />فمطلب التجديد يروم التوبة والتعبئة.</p>
<h2>3- مطلب الحكم :</h2>
<p>إذ لا مندوحة عن آلة الحكم لإقامة العدل في الأرض، قال الله تعالى : <span class="quran">إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً</span> [ref]سورة النساء، الآية : 58[/ref] والحكم بالعدل يقتضي مما يقتضي سلطانا قويا، والقوة لا تفيد العنف والتسلط والإكراه، والحكم باعتباره لحظة من لحظات القومة ينهض بـ&#8221;إعادة شرع القرآن إلى الصدارة، والهيمنة على شؤون الأمة تحت دولة القرآن&#8221; [ref]&#8221;رجال القومة والإصلاح&#8221; ، عبد السلام ياسين، ص29[/ref] ، دولة الشورى والعدل والإحسان، التي تقطع مع حبال الجاهلية: حُكمها وحَميتها وظنها وتبرجها، بحكمة المنهاج النبوي تربية وتنظيما، وإعادة إبرام ما انتقض من عرى الإسلام. وإن لم تضمن الشورى آليات تنظيم الخلاف والاستقرار والتناوب السلمي على الحكم وإن لم تقبل بتعددية الرأي والتنظيم فلا حديث عن أية قومة إسلامية.<br />
<br />وهذا الفهم القرآني لا يروق أصحاب المشروع اللائيكي التغريبي، لأنهم أصلا لا يريدون أن يحكم الإسلام، بل لا يعتبرونه صالحا لهذا الزمان، وهم بذلك يسبحون ضد خيار سواد الأمة الأعظم. أما نحن فنريدها- كجميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها &#8211; &#8220;دولة القرآن&#8221;، وإن كان قد بخل علينا تاريخ المسلمين &ndash;باستثناء اللحظة النبوية ولحظة الخلافة الراشدة وبعض الومضات هنا وهناك- باجتهادات تذكر في هذا الباب، حتى أننا لا نكاد نعثر على كتاب يحدثنا عن الشورى أو عن العدل، رغم أن القرآن الكريم تحدث عنهما بكثرة، وتعد من قلتها وسطحيتها في حكم العدم تلك الرسائل السلطانية المحتشمة التي غالبا ما تُكتب إلا محاباة للسلاطين وفي حضنهم&#8230;<br />
<br />مطلب الحكم مطلب القوة والحكمة.</p>
<h2>4- مطلب المستقبل :</h2>
<p>تطلب القومة المستقبل، تصنعه لتنبعث فيه الأمة وتنهض بالواجب الرسالي الخالد وتصمد ضد كل أنواع البلايا والفتن وتعد العدة الإيمانية والعلمية والتقنية والتنموية والسياسية والفكرية لمغالبة قوى الشر والخمول والتقاعس المتربصة بها من كل جانب، القومة يقظة في الحاضر من أجل المستقبل، وقراءة للماضي من أجل المستقبل، بل هي عمل دءوب مستمر اليوم وغدا، وفي الغد يكون الحمل أثقل وتكون المسؤولية أجسم، نسأل الله تعالى جلت قدرته أن يهيئ لمستقبل المسلمين مددا به يكونون هداة بناة.<br />
<br />المستقبل استعداد واستمداد.<br />
<br />إلى هنا تجتمع مطالب القومة في: الاستقامة والولاية، التوبة والتعبئة، القوة والحكمة، والإعداد والاستمداد.<br />
<br />وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه وحزبه. والحمد لله رب العالمينتاريخ النشر : 6 مارس 2011</p>


مطالب القومة

رسالة الإسلام أو الطوفان

في الذكرى 50 لرسالة الإسلام أو الطوفان

الإيمان قبل الطوفان

التعليم في مشروع الإمام عبد السلام ياسين

السياسة والحكم

مطالب القومة

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

إخوان الآخرة

مقالنا: بيان وبنيان

المجموع: اتباع عملي متوازن

الاعتكاف إقبال فردي جماعي على الله

الإمام الغزالي: المنقذ من ضلال السفسطة

الأستاذ أحمد الملاخ ثالث ثلاثة

مقالات ذات صلة