post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

يواصل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله في هذا المجلس المنعقد يوم الأحد 24 صفر 1424هـ/27 أبريل 2003م سلسلة سيرة الصّحابة رضي الله عنهم، التي يحتفي فيها بسير هؤلاء الرجال الكرام الذين اختصهم الله تعالى وشرفهم بصحبة سيدنا محمد ﷺ، ويقف الإمام رحمه الله في هذا المجلس المبارك عند سيرة الصحابي الجليل سيدنا ثابت بن قيس بن شمّاس رضي الله عنه، وهو واحد من عظماء هذه الأمة وأشرافها.



ويبين الإمام رحمه الله في مستهل هذا المجلس ما للصحابة الكرام من فضل ميزهم به الله عز وجل، انطلاقا من قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ [الحجرات: 2]. فإن الأدب الواجب في حق الشخص الكريم ﷺ يستلزم الأدب التام مع أصحابه الكرام رضي الله عنهم ومع علماء هذه الأمة رحمهم الله. إلا نفعل تحبط أعمالنا. نعوذ بالله من الحور بعد الكور.



وقد نزلت هذه الآية الكريمة في سيدنا ثابت بن قيس بن شمّاس رضي الله عنه، الذي كان ذميم الخلقة وكانت زوجه ذات حسن وجمال، فأقبلت على رسول الله ﷺ تطلب الطلاق، فكان هذا أول خلع في الإسلام. وقد عرف سيدنا ثابت بين الصحابة رضي الله عنهم بكرمه وعطائه الجزل، وكان خطيبا بين يدي رسول الله ﷺ. وله رضي الله عنه مواقف كثيرة تبين شجاعته ورجولته، منها اختصاصه بصحبة رسول الله ﷺ في لقائه بمسيلمة الكذاب ورهطه، وشجاعته رضي الله عنه يوم أحد وذوده عن رسول الله ﷺ. وكانت له بشارات عظيمة، فقد &#8220;قيل للنَّبِيِّ ﷺ: ألم تَرَ ثابتَ بنَ قيسٍ لم تزَلْ دارُهُ البارِحَةَ تَزهَرُ بمصابيحَ، قال: فلَعَلَّهُ قرأَ سورةَ البقرةِ، فسُئِلَ فقال: قرأتُ سورَةَ البقَرَةِ&#8221;.



ولما نزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾، ندم سيدنا ثابت بن قيس أيما ندم، وأغلق عليه باب بيته باكيا لما كان له من صوت جهير وكان يرفع صوته في حضرة رسول الله ﷺ. فلما افتقده رسول الله ﷺ عرف ما غيّبه عنه بعث إليه، فقال ثابتُ بنُ قَيْسِ بنِ شَمَّاسٍ: يا رسولَ اللهِ إني أَخْشَى أن أكونَ قد هَلَكْتُ، فقال : وما ذاك؟ قال نهانا اللهُ أن نرفعَ أصواتَنا فوق صوتِكَ وأنا جَهِيرُ . فقال له ﷺ: &#8220;أَمَا تَرْضَى أن تعيشَ سعيدًا وتُقْتَلَ شهيدًا وتدخلَ الجنةَ&#8221;.



ولما جاء وفد بني تميم قام خطيبهم يتفاخر بقومه في حضرة رسول الله ﷺ، فقال:



أَتَيناكَ كَيما يَعلَمُ الناسُ فَضلَنا



إِذَا خَالَفونَا عِندَ ذِكرِ المَكارِمِ



وإنّا رُؤوسُ الناسِ في كُلِ مَعشَرٍ&#8230;وَأَن لَيسَ في أَرضِ الحِجازِ كَدارِمِ



فأشار رسول الله ﷺ على سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه أن يقوم ليجيب، فقال:



بَنِي دَارِمٍ لَا تَفْخَرُوا إِنَّ فَخْرَكُمْ&#8230;.يَعُودُ وَبَالًا عِنْدَ ذِكْرِ الْمَكَارِمِ



هَبِلْتُمْ عَلَيْنَا تَفْخَرُونَ وَأَنْتُمُ&#8230;.لَنَا خَوَلٌ مِنْ بَيْنِ ظِئْرٍ وَخَادِمِ



فقال رسول الله ﷺ: يا أخا بني دارم لقد كنت غنيا أن يذكر منك ما كنت ظننت أن الناس قد نسوه. فكان قول رسول اللهﷺ أشد عليهم من قول حسان رضي الله عنه.

الإمام عبد السلام ياسين

فيديو

من سيرة سيدنا ثابت بن قيس بن شماس

من مجالس الإمام

من سيرة سيدنا ثابت بن قيس بن شماس

أضف تعليقك (0 )

مقالات ذات صلة