نشتاق إلى وجوه فقدناها، عشنا معها حلاوة اللقاء وتقاسمنا هموم الدعوة والآمال والآلام، التقينا على الله الأحد، ونهلنا من معين الصحبة الدالة على الله والجماعة الجامعة الموحدة للجهود، المنهضة للهمم، الموقدة لفتيل المحبة الخالدة في الله.
نشتاق إلى أحباب لنا سبقونا إلى الدار الآخرة بعد أن خرجوا من سجن الدنيا إلى سعة الدار الباقية، سبقونا وقد أمضوا حياتهم في الدعوة إلى الله والاجتماع على هموم الأمة والتخطيط لغد انعتاقها.

كانت يد الإمام جدد الله عليه الرحمات، حبلا ممدودا يتشبت به غرقى، ظمأى، وحيارى في دروب الحياة وسراديب النفس القلقة، يبحثون بصدق عن ذواتهم، بل عن أرواحهم التي فارقتهم إلى حيث لا ملاذ إلا بين يدي الله تعالى المنان، نادى فيهم دالا على الله تعالى، ان من هنا الطريق، من هنا البداية.

فالسلوك إذن سير قاصد غايته الله تعالى، ووسيلته صحبة تسندك وتدلك…

عظيمة هي المعاني التي علمناها الإمام رحمه الله تعالى، ويكفيه فخرا وقربا وفضلا أنه دليلنا إلى الله تعالى الذي ما فتأ ينادي: “من هنا الطريق، من هنا البداية”، ويكفيه فخرا ووصلا وفضلا أنه جمعنا ضمن جسم قوي فاعل ومتحرك في واقع الأمة على الله الواحد وعلى التهمم بأحوال المستضعفين، فتعلمنا أن الإحسان، الذي هو مطلب غائي نتشوف إليه لا يستقيم بلا عدل، كيف والجائع يئن تحت وطأة الطوى والمظلوم يتجرع مظلوميته لا يكاد يستسيغها، والمحتاج يصير عبدا للحاجة وهم الخبز… فيحجب كل هؤلاء مطالب حياتية محضة عن معرفة معبودهم؛ فتعلمنا أن العدل عماد العمران، ومبادرة إلى هموم الأمة، واستقامة في الحقوق ونصفة في قسمة الأرزاق، وكما هو ضروري لضمان الاستقرار الاجتماعي في دولة القانون، ضروري لصيانة مسيرة العبد إلى آخرته حتى لا يفتنه عنها هم المعاش وظلم العباد.

إذا كانت الأسرة لحمة اجتماعية معتبرة نواة المجتمع، تنشأ برابطة زوجية شرعية بين رجل…

إذا كانت الأسرة لبنة المجتمع الأساس التي بصلاحها يعم الخير والصلاح المجتمع…