فساد المنظومة التعليمية:
يقر الأستاذ عبد السلام ياسين بأن “الجهاز التعليمي فاسد ببلدنا” [ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا) 722.[/ref]، ولا يتورع عن تأكيد حقيقة أن” التعليم المغربيّ كارثةُ إفلاس”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع صديق أمازيغي)104.[/ref]، بل إن ثمة إجماع على إفلاسه، يقول: “على إفلاسِ التعليم وسياسته بالمغرب إجماع من الشهود.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع صديق أمازيغي)106.[/ref].
وحتى لا يكون حكمه هذا مجانيا ولا متعجلا ولا سطحيا وسَاذَجًا، فقد عمد إلى حشد صور ومشاهد هذا الفساد:
1_الفساد الإداري: من مشاهد الفساد الإداري شيوع “المحسوبية والرشوة واللامسؤولية”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع الفضلاء الديموقراطيين)180.[/ref]، وينطلق الأستاذ من تجربته الْمِهْنِيَّة الشخصية ليدلي بشهادته عن فساد إدارة التعليم، يقول: “أعرف من مديري المدارس من يعطي العطلة الدائمة لمعلميه، ويقاسمهم الراتب آخر الشهر، وآخرين يأخذون نصيبا مفروضا من كل معلم لقاء التغاضي أو ضريبة حالة”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا)722.[/ref]، ومن مظاهر فساد الإدارة المركزية كونها “مثقلة بمكتبيتها وتنازع رؤسائها وخبرائها”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع الفضلاء الديموقراطيين)179.[/ref] إضافة إلى اختلاس “الأموال التي ترصدها الدولة للإنفاق على التعليم. يتبخر شطرها ما بين وزارة مركزية متأججة بالحركة الصورية، وما بين إدارة محلية تعطيك صورة التعليم ولا تعليم.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع الفضلاء الديموقراطيين)179.[/ref]
2_المراقبة التربوية: يشهد الأستاذ بأن جهاز المراقبة التربوية لم ينج بدوره من “فيروس” الرشوة الخبيث، يقول: “وأعرف مراقبين تربويين يوظفون بالرشوة، ويعطون رتب الاستحقاق بالرشوة”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا)722.[/ref].
3_فساد مباريات التوظيف: من مشاهد فساد المنظومة الخروقات التي تعرفها مباريات التوظيف، يقول: “وأعرف من نجح في مدارس المعلمين ونجح في الامتحان المهني، ورجلاه لم تطأ قط مدرسة المعلمين ولا مجلس الامتحان.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا)722.[/ref]
4_مخرجات التعليم: من مظاهر أزمة التعليم وفساده ما يسم أجيال الخريجين من تفاهة وتدجين وأنانية وفساد، هكذا صارت المدرسة “مؤسسة للترويض والتدجين وتغذية الطموح الفردي المستأثر المستعلي في خدمة الجهاز”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا)724.[/ref]
5_الهدر المدرسي: يعطي الأستاذ أرقاما دقيقة وصادمة تؤكد خطورة الهدر المدرسي على المنظومة التعليمية، يقول: “من كل 1000 تلميذ يدخلون المدرسة الابتدائية في أحد أقطارنا يتبخر منهم 904 قبل نهاية السنة السادسة، فلا يكمل الدراسة في ست سنوات إلا 96 من ألف”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا) 724.[/ref].
6_المشهد البيداغوجي: البيداغوجيا “لفظ عام ينطبق على ما له ارتباط بالعلاقة القائمة بين مدرس وتلميذ بغرض تعليم أو تربية الطفل أو الراشد.”[ref]_ الفارابي، عبد اللطيف وآخرون، (معجم علوم التربية: مصطلحات البيداغوجيا والديداكتيك)، مطبعة النجاح الجديدة، سلسلة علوم التربية:9 و10، ط1، 1994، ص: 255.[/ref]، ومن مظاهر فشل المنظومة ما يَسِمُ العلاقات بين المعلم والمتعلم من نفور وجفوة وصراع واستهتار، يقول الأستاذ ياسين: “العلاقة الحالية لها عيبان، أولهما في نفس المعلم وعقليته التي يؤدي بها وظيفته، إنه موظف مأجور لا يشعر أن له في العملية كلها مسؤولية إلا المسؤولية الإدارية المتآكلة، والثاني عيب ناشئ عن الأول وهو الجفوة العاطفية بين المعلم والتلميذ ويعبر الطلبة المهتزون المعارضون عن هذه الجفوة وعن العقلية المأجورة وما يصحبهما من فشل بنفورهم من استعلاء الأستاذ وبعنفهم عليه، حتى يرغموه على سلوك إنساني يحترم كرامتهم.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا) 741.[/ref] .
7_المعلم: تبدو صورة المعلم في هذا البناء المهترئ الآيل للسقوط والانهيار التام باهتة مشوهة، فقد صار مجرد شكل وأثاث بلا فاعلية ولا إنتاج، يقول الإمام: “والمعلم نفسه في هذا التعليم المتخلف شكل وأثاث”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا) 743.[/ref]
8_مناهج التعليم: ينعت الأستاذ هذه المناهج بالثقل والعشوائية والقصور، يقول: “مناهج التعليم المترجمة تخدم قضية التغريب والتكفير مع قصورها عن تحقيق الأهداف التعليمية، وهي مناهج ثقيلة عشوائية”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا) 744.[/ref]
9_الازدواجية اللغوية: نجح كل من الاستعمار الفرنسي والتيار القومي في تهميش لغة القرآن، وفي إقناع الأجيال بعجزها وقصورها، وكانت النتيجة هذه الإزدواجية بين لغة الرسالة التربوية ولغة المضمون التعليمي العملي التي يسميها الأستاذ ياسين السِّكِزُفْرينيا[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع الفضلاء الديمقراطيين) 159.[/ref]، تجسدت هذه الإزدواجية في شكل صراع دام بين العربية والفرنسية أثمر “أجيالا منفَصمَة توجهاتُهم: قليل جدا منهم من نبغ في العربية، وقليل من نبغ في الفرنسية”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع صديق أمازيغي) 99.[/ref].
10_الأمية أميات: يوظف الأستاذ عبارة “تعليم أفقي” للإشارة إلى تلك الجهود الرامية إلى تعريب التعليم وتعميمه ومجانبيته، ويؤكد أن كل تلك الجهود باءت بالفشل، فما تزال شرائح واسعة من الجماهير تعاني من الأمية الأبجدية ف “في القاعدة الشعبية الأميةِ، ونصفِ الأميةِ، تتفاعل الغثائية العتيقةُ مع أفيون الشعوبِ الإعلامي المائج المارج.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار الماضي والمستقبل) 143. [/ref]وما تزال شرائح واسعة تعاني من أميات بألوان متعددة: فقهية، تاريخية، سياسية، تقنية…وغيرها.
11_هجرة الأدمغة: من أخطر وأفدح ثغرات المنظومة التعليمية هجرة المادة الرمادية و”يقصدون بالعبارة أدمغة النابغين، هذه التي تهاجر من ديارنا، نصرف على تنشئتها وتعليمها الأموال الطائلة ونحن الفقراء لتصب آخر الأمر في حصيلة الأغنياء.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع الفضلاء الديمقراطيين) 137.[/ref]
12_انفصام التعليم عن التنمية: من ثغرات المنظومة التعليمية انفصام التعليم عن التنمية، يسجل الأستاذ أن من “الاحتباسات العائقة للتنمية عدم ملاءمة التعليم لأهداف التنمية.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (حوار مع الفضلاء الديمقراطيين)183.[/ref]
13_فلسفة التعليم: يرفض الأستاذ أن تكون فلسفة التعليم عندنا “نقلا وترجمة لفلسفة التعليم الجاهلي، وإلا خرج لنا من المدرسة والجامعة أعداء للإسلام مثل الذين يخرجون.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (الإسلام غدا)762.[/ref]
14_أساليب التقويم والتوجيه: أساليب التقويم والتوجيه عقيمة فاشلة فارغة من كل معنى، لأنها قائمة أساسا على العقاب ممثلا في الرسوب والطرد، أو النجاح المغشوش ممثلا في الحصول على شهادات بدون جدوى، فهي عموما عبارة عن “تجميع» الموارد البشرية«وترتيبها وامتحانها الإداري وعقابها وتخريجها بعدُ لسوق شغل غير موجودة.”[ref]_ ياسين، عبد السلام، (تنوير المؤمنات)2/225.[/ref]
أضف تعليقك (0 )