post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<h2>تمهيد: </h2>
<p>من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة وبشارته السارة لها بعد انتقال الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى أنه سبحانه وتعالى يبعث فيها من يجدد لها دينها بعد اندراس معالمه، ويحيي معاني الإيمان في القلوب بعد غفلتها، ويذكي روح العزم في إرادة أبنائها. <br />لقد كان أستاذنا المرشد عبد السلام ياسين تغمده الله بواسع رحمته من هذا المن الذي بشّر به الرسول صلى الله عليه وسلم حيث كان ممن جدّد الله به الدين في هذا القرن الهجري المبارك، وأحيى به منهاج السنة الكلّي، ونوّر بعلمه العقول، وأيقظ به العزائم والهمم، وهدى الله به ما شاء الله من الخلق في مشارق الأرض ومغاربها. <br />ووفاء لعلاّمتنا الفذّ رحمه الله ببعض حقه عليّ كمحب وتلميذ أبيّن دوره الريادي في مسيرة التجديد، ومساهمته المعتبرة في ترشيد العمل الإسلامي. أركز حديثي في عنوانين رئيسيين: إمام ورسالة.</p>
<h2>إمام</h2>
<p>لقد جسّد هذا الرجل المبارك رحمه الله معنى الإمامة أحسن تمثيل حيث كان إماما علَما من أئمة الدعوة الإسلامية المعاصرة، وجمع الله له خصالا رفيعة وصفات منيفة يندر أن تجتمع في رجل بهذا العمق والشمول والتكامل. سأحاول إبراز أهم الأبعاد الرئيسية لشخصية الإمام رحمه الله في ثلاثة محاور مبيّنا بإيجاز كل بعد على حدة.</p>
<h2>البعد التربوي الروحي</h2>
<p>كان الإمام المرشد عبد السلام ياسين رحمه الله عارفا بالله ربانيا يدلك على الله حاله قبل مقاله، شديد التعلق بالله جل وعلا، دائم الذكر له، لا يبرح محراب التبتل، ولا يصرفه شيء عن دوام الأنس بالله. قضى عمرا مباركا في عمل اليوم والليل، ووقف على باب المولى يستمطر رحمات الله، ويتعرض لنفحاته، مقبلا على ربه، فرحا بعطاياه، شاكرا لأنعمه، مؤذِّنا في الناس أن هلموا إلى مأدبة الله، وهبّوا إلى معرفة الله، وشمّروا للترقي في مقامات العرفان، وتنافسوا مع أهل الإحسان الذين يجعلهم الله في كنفه، ويكرمهم بهباته، ويلقي عليهم محبة منه، ويزيدهم من فضله.</p>
<h2>
<p>البعد العلمي الاجتهادي</h2>
<p>لقد أذاق الله عز وجل الإمام المجدد رحمه الله حلاوة الإيمان، وأنار عقله بالعلم النافع، ورزقه البصر السديد والنظر العميق في كتابه العزيز، والفقه الجامع في سنة وسيرة الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم. كما وفقه الله للإفادة الذكية من تراث علمائنا الأخيار، واعتبر اجتهاداتهم مكاسب ثمينة نسترشد بها في اجتهادنا العلمي دون أن تحجبنا عن النهل المباشر من المعين الصافي للوحيين الكريمين-كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم- متى كنا أهلا لذلك. فضلا عن ذلك انفتح أستاذنا رحمه الله انفتاحا متوازنا وواعيا على التراث الإنساني متناولا إياه بالدراسة والنقد والمراجعة، وأخذ منه ما أجمع عقلاء البشرية على صوابه وجدواه، وأعرض عما سوى ذلك كاشفا زيفه ومظهرا خطره على المسلمين والإنسانية جمعاء.</p>
<h2>
<p>البعد الحركي الجهادي</h2>
<p>كان الإمام المرشد رحمه الله شجاعا مقداما لايخاف في الله لومة لائم، صدّاعا بالحق، ناصحا للخلق و باذلا نفسه وما ملكت يداه في سبيل إعلاء كلمة الله. لا يبالي بالظلمة المستكبرين، ولا يحابي العامة المستضعفين. لم يكتف بالقيام بين يدي الله ذاكرا وقانتا في عزلة وخمول ودروشة، ولم يعكف فقط على طلب العلم مجتهدا ومنظّرا مع القعود والانتظار، بل كان قائدا محنّكا ينظم الصف، ويدير الحركة بحكمة ومرونة، ويسعى جاهدا لنصرة قضية الإسلام، وحماية ثغور العقيدة والشريعة، منافحا على كل الجبهات، معرّضا نفسه لكل المخاطر، مقتحما كل العقبات، ومخاطبا كل شرائح المجتمع بأبلغ خطاب وأقوى كلمة وأفصح عبارة راجيا من الله أن يستجيب لندائه سامعون واعون يهبّون لمعرفة الله واتباع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبذل الجهد لاستئناف الحياة الإسلامية الرشيدة.</p>
<h2>رسالة</h2>
<p>تروم رسالة الإمام رحمه الله إلى إحياء اعتصام الأمة بكتاب الله العزيز والاستجابة الكلية لتعاليمه. كما تهدف إلى تجديد النموذج الخالد-النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام- وذلك باتباع المنهاج النبوي في التربية والتغيير والبناء. <br />إن رسالة المنهاج النبوي التي حملها إمامنا الهمام بتفان وإخلاص، وبلّغها أحسن تبليغ كانت اجتهادا مجدِّدا لكيفية تنزيل تعاليم القرآن الكريم على أرض الواقع، وتجسيد النموذج النبوي في حياة الأمة. لقد تناول المنهاج النبوي الإسلام في شموليته والإيمان بكل شعبه، وأدمج مطالب الفرد والجماعة والمجتمع والأمة في نسق متكامل متماسك، وجمع المصير الفردي الأخروي مع المصير الجماعي التاريخي للأمة في خط واحد، وعالج المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية في نظرة جامعة موفقة، وبنفَس علمي منسجم، ووفق رؤية نسقية محكمة مستحضرا دروس الماضي وعبره، وفرص الحاضر وضغوطه، وطموحات المستقبل وبشائره التي ذكرها الشرع ونوه بها تحريضا وتحفيزا لنا للقيام لله وشهودا بالقسط، وتحقيقا للوحدة والشورى والعدل والإحسان.</p>
<h2>خاتمة</h2>
<p>لقد اجتمعت في الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله القيادة والمنهاج، العلم والعمل، الربانية والجهاد، النداء والاستجابة، الرحمة والحكمة، الرفق والقوة، العدل والإحسان فأثمرت بفضل الله إرثا مجيدا، ومدرسة مجدِّدة، ودعوة أبيّة. كان كل ذلك هدية طيبة مباركة من الله الملك الوهاب لهذه الأمة الخيّرة المرحومة. <br />أسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرحم الإمام المرشد رحمة واسعة، ويوفق أبناء الدعوة وجيل الصحوة للانتفاع بفقهه المنهاجي، ويوحّد أمتنا ويعزها، ويمكن لها في الأرض. إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد النبي الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه الغر الميامين. والحمد لله رب العالمين. </p>


العلوم الشرعية في تراث الإمام عبد السلام ياسين اهتمام وإسهام

إمام ورسالة

رسالة الإسلام أو الطوفان

في الذكرى 50 لرسالة الإسلام أو الطوفان

الإيمان قبل الطوفان

التعليم في مشروع الإمام عبد السلام ياسين

السياسة والحكم

إمام ورسالة

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

المنهاج النبوي وبعض قضايا الساعة

المنهاج النبوي والتيارات الفكرية المعاصرة

مطالب المنهاج النبوي

إمام ورسالة

قيادة ومنهاج

وظائف ومقاصد المنهاج النبوي

مقالات ذات صلة