مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

متابعات

افتتاح الرباط التربوي الجامع والمفتوح عن بعد

1
افتتاح الرباط التربوي الجامع والمفتوح عن بعد

افتتاح الرباط التربوي الجامع والمفتوح عن بعد

تحت أنوار قول الله تعالى:﴿ َإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ [البقرة: 186] افتتح الدكتور عمر أمكاسو الرباط الجامع المفتوح للعشر الأواخر من رمضان لعام 1441هـ.. وقد استهلت الجلسة الافتتاحية بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها القارئ أحمد بن بنسعدون. وكلمة افتتاحية ذكر فيها الأستاذ أمكاسو بأهمية الرباط والعكوف على باب الله تعالى والتقرب إليه، والتزود لما بعده وما بعد رمضان إن شاء الله، حتى نخرج إلى الناس بروح الارتباط بالله عز وجل فتكون حياتنا كلها رباطا في سبيل الله. كما ذكر بأن هذا الرباط سيكون مرنا وسلسا في برنامجه، بسبب الظروف التي نعيشها جميعا في ظل الحجر الصحي عافانا الله منه ورفع عنا الوباء.

 

وإن مما ينبغي للمؤمن والمؤمنة لزومه تعظيم النية في هذا الرباط، لموافقته العشر الأواخر من شهر رمضان الخير، وما اختصه الله به من سنة الاعتكاف، اوإن كان الأصل فيه أن يكون في المساجد، لكن ظروف الحجر الصحي تلزمنا بالاعتكاف في البيوت. فحري بنا أن نستحضر النية ونعظمها، وألا ننسى آلام أمتنا والإنسانية جمعاء فنعرضها بين يدي الحنان المنان، متوسلين إليه أن يمن على الأمة والخلق أجمعين برفع الوباء وأن ينشر رحمته وفضله.

عقب ذلك ألقى فضيلة الأمين العام الأستاذ محمد عبادي كلمة توجيهية ذكَّر فبها بالحرص على الانجماع على الله تعالى، استمطارا لفضله ورحمته. فـ”من أصبح وهمّه الآخرة جمع الله شمله وكفاه الله كل هم يشغله”. ولنا في دعوات رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، فكان من دعائه قوله: “اللهُّم لا تجعل الدُنيا أكبر همنا ولا مَبلغ علمنا”. فبأي عمل نلقى الله؟ وبأي وجه نلقاه؟ وأضاف بأنه في الرباط وفي رمضان تعيش القلوب فترة الانجماع على الله تعالى، فيتحرر القلب من التشتت والغفلة. ونرجو أن يكون عكوفنا في المساجد، حيث تجتمع القلوب على الله، ولظروف الحجر حيل بيننا وبين ذلك، لكن، ما لا يدرك كله لا يترك جله، فنجعل بيوتنا مساجد نستقبل فيها القبلة ذكرا ومذاكرة وقراءة للقرآن، وقياما بالفرض والنفل آناء الليل وأطراف النهار. ورحم الله الإمام المجدد القائل: “خُلوتنا جَلوة”، ففي الرباط لا ترى العين ما يشغلها عن الله، وفي الرباط لا يجد المؤمن إلا الكلم الطيب. فحقيق بنا أن نلزم الإكثار من ذكر الله، مع الاستغراق والاسترسال فيه، حتى تصبح اليقظة حال القلب، والحضور مع الله تعالى شأن ملازم لحياتنا، وقد أوصانا الحبيب الإمام رحمه الله باغتنام خير الرباطات، لوظيفتها في الانجماع على الله وتحقيق الرجولة الإيمانية في الحياة كلها، سعيا لنكون ممن قال فيهم الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 201].

في إثر ذلك تم عرض شريط “سلامة القلب”، الذي بيّن فيه الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله السبيل المفضية إلى تحقيق المؤمن لسلامة القلب، فيجمع بين الخوف والرجاء؛ يلازم الخوف تقريعا للنفس أن تميل به في مزالق الخراب، ويحتمي بالرجاء طلبا لرحمة الله وعطفه. وحتى يبقى الإيمان حيا في القلوب، ينبغي التخلق بالأخلاق وخصال الخير، والتمسك بصحبة الصالحين ومجالس الإيمان معهم تعاونا على الخير وسلوكا يرتقي بهم في درجات العبودية لله سبحانه.

وقد علق الدكتور عز الدين ناصح عضو الهيئة العامة للتربية والدعوة في مداخلته على ما جاء في كلمة الإمام رحمه الله، بأن القلب السليم هو القلب الصحيح الخالص من الأوصاف الذميمة، قلب تخلص من الآفات التي تبعده عن الله والتقرب إليه. والقلب السليم دائم الاتصال بربه؛ فلا يغتاب ولا يظلم ولا يبخس الناس أشياءهم، وإن سلامة القلوب لمقياس يتفاضل به المؤمنون ويتمايزون، وإلى الله مسافات لا تقطع بالأقدام وإنما بالقلوب. فطوبى لم كان له من سلامة القلب حظ عظيم، ووقاه الله شر قساوة القلب وغلظته.

 وهنا أورد ناصح وصفة نبوية لعلاج قسوة القلوب بثها الإمام رحمه الله في كتاب المنهاج النبوي: “ذكر المعصوم المحبوب صلى الله عليه وسلم أن لا إله إلا الله، الإكثار من قولها، هي الكيمياء التي تجدد الإيمان، وتقويه، وتبعثه. كما ذكر الله سبحانه أن القرآن شفاء لما في الصدور وهدى ورحمة. فخذ لنفسك من طب الكتاب والسنة إن كنت من الموقنين”.

بسلامة القلب نجتنب سوء الظن ونطلب الجلاء في الكلمة الطيبة والعكوف على القرآن الكريم تلاوة وتدبرا وذكرا. وبسلامة القلب يكون التماس الخير عند أهل الخير بمجالستهم، فإن المجالسة تكون بالمجانسة، نصيحة وتعاونا على اقتحام العقبات إلى الله، والتضرع دعاء بين يديه، والدعاء دعاءان، دعاء المرء لنفسه وأهل بيته والأقربين ودعاؤه لإخوانه بظهر الغيب. والموفق من تفحص قلبه ﴿بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾، وغاص في أعماق قلبه فأصلح ما استطاع، ودعا الله أن يرزقه قلبا يعينه على ذكره والتقرب إليه.

وفي ختام هذه الجلسة الافتتاحية ضرب الأستاذ عمر أمكاسو للمؤمنين موعدا للالتقاء في الثلث الأخير من الليل على الذكر والتهجد والقيام بين يدي الله تعالى.

 

أضف تعليقك (1 )



















1
يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد