post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

الإيمان قبل الطوفان
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسولهﷺ : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ الله حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ الله الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ الله كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ الله وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾.
اللهم اجعلنا من الفائزين الفوز العظيم فضلا منك ومنة يا ملك يا وهاب.
بسم الله الرحمن الرحيم. ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾. اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقطاع عمري.
لقد بُنيت الأمم على تضحية أبنائها وبناتها. فكل نجاح أو تفوق هو نتاج عمل وصبر للرجال ونساء وجيل  أو أجيال. فساحة الجهاد إذن مدرسة، وعمليات الجهاد والعمل البناء مَفْرَزَةٌ ومصفاة ومحَك لتخليص الرجال الصادقين من أهل الإسلام ومن كل أمة على أي حال.
مرّ المسلمون، ولا يزالون في قاعات الامتحان، باختبار المواجهة السياسية. وأمامهم نصر من الله إن شاء الله لائح يرسم خطَّ الارتقاء في سلم الفلاح والصلاح.
وأول البناء قول رسول الله ﷺ: &#8220;أحبّ الجهاد إلى الله كلمةُ حق تقال عند إمام جائر&#8221;<a href="#_ftn1" id="_ftnref1">[1]</a>.
فواجب كل مسلم أن ينهض مستنكراً للجَوْر ويقول بلسان حاله مقالة الحق ونصيحة الصدق لله ولرسوله وللمؤمنين. فإذا أضاف إلى غضبه لله ورسوله ودينه القيامَ بواجب إعداد القوة، وتنظيم الصفوف، وتربية الرجال، فقد أشرف وأشرفوا على مطالع الإحسان بقدر ما تنطبق عليهم صفات من أمر الله عز وجل بنهوضهم في قوله الحكيم: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
يشرُفُ رجال هذه الأمة المرابطون على ثغور الأمة يصدون عنها ريح الوباء ويطالعون ويرتفعون إلى الفلاح والنجاح بقدر ما يلهمهم الله ربّ العزة من دراية بما هو المنكر، وما معقِده، ومن سدَنَتُه، وما سُبُل تغييره؟ وكيف انبرمت عُراه بانتقاض عُرى الإسلام؟ ويرتفعون بقدر ما لديهم من دراية، وخطَّة عملية يكلِّلُها التوفيق الإلهي، بما هو الجور المطلوب إبدال المعروف به، وبما هي القواعدُ التي يجب بناء صرح الحق عليها بعد هدم الباطل وتقويض دعائمه.
إن معركة بناء الأمة أصعب منالا وأشقُّ طريقاً وأحوج إلى خصال الصبر الطويل والمرابطة المستمرة والرفق من القتال الذي تهوِّنُ ريح الشهادة وكرامات التأييد الإلهي فيه صبرَ ساعة وصبرَ الإصابة.
كلا الجهادين مِرْقاة إحسانية ومدرسة تربوية وامتحان يوشِّح القرآن وتوشِّح السنة صدورَ مستحقيه بأوسمة الفلاح الأبدي.
ويبدأ المسلم المؤمن هذا بإخلاص النية، والنية عمل قلبي، وسلامة القلب عنوان الفلاح، وإن كان للقلب أمراض، ودون الصدق والإخلاص عقبات، وللقلب طب، ولاقتحام العقبات ضوابط.
وهكذا ترتبط ضرورة الجهاد بضرورة التربية، إذ إن إخلاص النية لله عز وجل هو الطابع الذي يطبع حركة المؤمن بميسم الجهاد. كل تحرك لا يحمل هذا الميسم فهو فتنة من الفتنة.
سألوا رسول الله ﷺ عن الرجل يقاتل شجاعةً، ويقاتل حَمِيَّة، ويقاتل رياءً، أي ذلك في سبيل الله؟ فقال ﷺ: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا»<a href="#_ftn2" id="_ftnref2">[2]</a>.
وإذا لم نتجاوز عقبات الهوى المتبع والغفلة عن الله، والكسل في العبادة، والإعراض عن الذكر&#8230; فإن الراية التي نقاتل تحتها ليست راية الإسلام مهما رُفِعت الشعارات.
أما إذا كان العدو متميزا فالتعبير الغضبي منجاة من الذل الذي يأباه الدين، وحيّى الله شباب فلسطين الذين أدخلوا الفرحة والحبور على الأمة وعلى أحرار العالم بدفاعهم عن حقهم المسلوب وأرضهم المغتصبة.
إن التميز على صعيد النية في بناء حاضر الأمة ومستقبلها والتبرُّؤ من الأساليب الجاهلية والنوازع النفسية لَهُوَ من الإحسان المطلوب العزيز الوجود الذي لا يُنال إلا بربط الحبال مع الله عز وجل بروابط المحبة والعبودية والطاعة والمتابعة للسنة المطهرة.
فمهمة كل مسلم أن يكون مساهما في بناء الأمة بنِية خالصة صادقة، ومنها قول كلمة الحق، مثل منافحة سيدنا حسان بن ثابت رضي الله عنه لأعداء الله ورسوله ، وقد دعا له رسول الله ﷺ بقوله: «إن روح القدس لا يزال يؤيدك كما نافحت عن الله ورسوله».
قال حسّان رضي الله عنه:
هجـوتَ محمدا فأجبتُ عنـه              وعـنـد الله فـي ذاك الجــزاء
هجـوتَ محمــدا بــرّا تقِـيّــاً         رســول الله شـيـمـتـه الوفـاء
فـإن أبـي ووالدَه وعِــرْضــي     لعـرض محمـد مـنـكـم وقــاء
ثَكلْتُ بُـنَـيَّـتي إن لم تَـرَوْهاتُـثـيـرُ النَّـقْـع مَـوْعِدُها كَـدَاءُ
يبـارين الأسـنـة مُـصعِــدات    على أكتـافِهـا الأسَـلُ الظِّمـاء
تظل جـيـادنــــا متمـطِّــرات   تُلَـطِّـمُـهُـنَّ بِالخُـمُــــــرِ النســـــــاء
فإنْ أعـرضتم عنا اعـتـمَــرنا        وكان الفتح وانكشـف الغطـاء
وإلا فـاصـبـروا لضـراب يـوم       يعــز اللـه فـيــه مـن يشــاء
وقال الله: قد أرسلـت عبـدا               يقــول الحـق لـيس به خفـاء
وقال الله: قد يسـرت جنـدا               هم الأنصـارُ عُـرضتُهـا اللقـاء
لنا في كـل يـوم من مَعَـدٍّ          سِـبـاب أو قـتــــــال أو هـجــــــاء
فمن يهجو رسول الله منكم              ويمـدحــــــه ويـنـصُــرُه ســــــواء
وجبريــــلٌ رســـــول الله فينــــا         وروحُ القـدْس ليس له كِـفــاء
&nbsp;
وفي السياق نفسه يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله:
لَنَــا بِمـحمَّــــدٍ في كُــــلِّ يـــوم         بِسنَّتــــــه وســـــــيرتـــــه اقـتِــــداءُ
وبِالصَّحب الكِرام لنا إسَــــــاءٌ     لَنِعْـمَ عِمـــــــادنا ذاك الإســــاءُ
فإنَّ اللّه رَبَّ العـــــرشِ يُعطِـي      ويُكـــــــرِم مَن يشــاءُ بِما يَشـاءُ
&nbsp;
&nbsp;
<a href="#_ftnref1" id="_ftn1">[1]</a> &#8211; رواه الإمام أحمد رحمه الله عن أبي أمامة رضي الله عنه بسند حسن. <a href="#_ftnref2" id="_ftn2">[2]</a> &#8211; رواه الشيخان رحمهما الله عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه

الإيمان قبل الطوفان

انتصار لا انكسار

خطباء الجمعة وقضية فلسطين

فلسطين جرح الأمة النازف

الجرح الفلسطيني

قراءة في مقدمة كتاب سنة الله

مستقبل‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬فكر‭ ‬الإمام‭ ‬عبد‭ ‬السلام‭ ‬ياسين

رجال المقاومة من الشهادة إلى الشهود

قضايا الأمة

الإيمان قبل الطوفان

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الإيمان قبل الطوفان

مقالات ذات صلة