مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

السياسة والحكم

التعاون مع ذوي المروءات

التعاون مع ذوي المروءات

التعاون مع ذوي المروءات:

أيَّ قَدْرٍ من الجاهلية نحتمل؟ أيَّ حِمْلٍ من أحمال الفتنة نحمل؟ على أية أرضية مشتركة –إن كان ثَمّ أرضية مشتركة- نلتقي مع الناس ونتعامل؟ أم نقطع الجسور ونبقى في البرج العـاجي نسبح في ملائكية عاجزة، نسب الجاهلية ونهتك بالشتم عِرْض الفتنة معزولين عن الناس؟ إنه لا بد لنا من تغيير نشارك فيه باليدين، لا بد من التشمير عن الساعدين والدخول في الوَحَل حتى الركبتَين. هنالك دَفْقٌ مِن الإمكانات في الشعب مكنوز، كيف نفجر ينابيعه ونجريه في جداول الثقة والتعاون لخدمة الشعب. هنالك دفق مطمـور تحت صخور الجاهلية ورمال الفتنة المائجة وركام الغثائية. هنالك الدين راسبا في الأعماق ومع المروءة، هنالك التدين الأجوف بلا مروءة، هنالك المـروءة مع قَدر ما من الدين، هنالك المروءة بلا دين.

الدين إسلام وإيمان وإحسان. درجات. ولا مناص من أن نتعامل ونتعاون في داخل المجتمع مع ذوي المـروءة على ما معهم من ديـن. لا ننتظـر حتى يكون الناس جميعا على مستَوَى أهل الكهف والرقيم من اليقظة الإيمانية. وفي خارج المجتمع مروآت بلا دين، وغياب المروءة والدين معا، ولا منـاص من التعامل الدولي والتعاون والتبادل. لا مناص من التعامل مع القُوى الحاقدة على الإسلام، مع القانون الدولي اللاأخلاقي ذي الوزنين، يزن بمعايير مزدوجة، يترك دولة اليهود تسخر مِن رُكام أربعين سنة من قرارات الأمم المتحـدة، ويهب لنصرة «القانونية الدولية» حاشدا كل قواه في منابع النفط إنْ لا نقبل التعامل والتعاون في الداخل مع كل ذوي المروآت على ما عندهم من إيمان وإسلام أعرابي وحتى تُخُومِ العقيدة التقليدية الصرفة، وإن لا نتحمل الإقساط والبِرَّ بجاهلية مُحيطةٍ هي آلةُ بَلائِنا، نتغاضى زماناً ونُعرض عن تحرشاتها وظلمها. إن لا نفعلْ فسنبقى على أحسن تقدير نخبة طليعية من المؤمنين المثقفين المتطهرين عاجزة معزولة في ملائكية حالمة.

الدين إسلام وإيمان وإحسان. درجات. والمروءة أيضا درجات. المروءة كما قال أهل اللغة هي كمال الرجولة. هي «البذل والعطاء وكَف الهمة عن الأسباب الدنيئة». هي كفاآت عملية. هي معلومات وتقنيات مُحَصَّلَة لا يُؤثر في الواقع غيرُها. لا يؤثر في الواقع النوايا الطيبة والتدين الأجوف العاجز. العدل، الإسلاميون والحكم، ص 599-600.

أضف تعليقك (0 )



















يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد