post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

التعليم في مشروع الإمام عبد السلام ياسين 1/2
للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله في ميدان التعليم تجربة طويلة. التحق الإمام رحمه الله بمدرسة تكوين المعلمين بالرباط سنة 1947 م وهو ابن التاسعة عشرة من عمره، وعين بعد تخرجه مدرسا بالجديدة، ثم أستاذا للغة العربية بمراكش سنة 1952م. ثم عين سنة 1955م مفتشا للتعليم العربي بالبيضاء بعد نجاحه في مباراة التفتيش. ثم عين مديرا لمدرسة المعلمين بمراكش سنة 1959م. ثم مديرا لمركز المفتشين بالرباط سنة 1965م . إضافة إلى تأطيره  مشاركته في كثير من الأنشطة والدورات العلمية والتدريبية داخل وخارج الوطن( في أمريكا وفرنسا ولبنان وتونس والجزائر..) كان الإمام رحمه الله مع نخبة من الأطر التعليمية من الذين حملوا على كاهلهم مسؤوليات كبيرة غداة الاستقلال، فبذل رحمه الله جهودا مضاعفة في بناء المناهج وتأليف الكتب والإشراف على اختبارات توظيف المدرسين والسهر على تكوينهم ومواكبتهم بعد تخرجهم. والقيام بأعباء الامتحانات و المتابعة والمراقبة التربوية لأعداد غفيرة من المدرسين. كل ذلك بما يلزم من الصدق والأمانة والنزاهة والجدية.كل هذا يجعل رأي الإمام رأي خبير في موضوع التعليم و مبني على تجربة طويلة في الميدان.[ref]حوار مع محمد حمداوي أجراه موقع الإمام عبد السلام ياسين,التربية والتعليم في تراث الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله الجمعة الجمعة 11 شتنبر/أيلول 2015[/ref]
كما يكتسي رأيه أهمية كبرى لأنه ينطوي على بعد تجديدي أصيل ومنفتح على حكمة العصر في نفس الوقت.[ref]المرجع نفسه[/ref]
ورغم صعوبة الإحاطة بفكر الإمام عبد السلام ياسين في موضوع التعليم في هذه الصفحات، فلا أقل من طرح التساؤلات الآتية، ومحاولة الجواب عنها:
ما هي المعيقات التي تواجه التعليم في بلادنا خاصة، و أمتنا عامة؟ ما هي منطلقات المشروع التعليمي الذي يقترحه الإمام؟ ماهي أهم المقترحات التي يقدمها الإمام لقادة التغيير من أجل إنجاح المشروع التعليمي؟
<h2>المعيقات التي تواجه التعليم في العالم العربي</h2>
تحدث الإمام عبد السلام ياسين عن مجموعة من المعيقات المرتبطة بموضوع التعليم، وفيما يلي ذكر لبعضها:
<ul>
<li>تردد السياسة التعليمية،  بحيث لا تأتي حكومة من حكومات الاستقلال بمخطط إلا نسخته الحكومة التي تليها. ولا يستقر يَوما من له القرار السياسي النهائي على رأي في مشكلة التعليم إلا نقضَه غدا.[ref]ياسين عبد السلام، كتاب حوار مع صديق أمازيغي، مطبوعات الأفق، ط 1، 1997،  ص 100[/ref] </li>
<li>تردد لغة التدريس: فقد “كان التعريب شعارا وطنيا ما لبث أن تحول إلى سراب، وما لبثت الوطنية تمتسخ وقد غمروا منها نبع الإيمان، فانبجست ينابيع التغريب من هنا وهناك…”[ref]محمد ياسين العشاب, تحرير التعليم,الطبعة الأولى,2008م,ص: 55[/ref]، فما فشل جهود التعليم والتربية بالمغرب إلا لتردد لغة التدريس وعدم ثقتها بنفسها.</li>
<li>مناهج تعليمنا وضعها الاستعمار، فهي لا تزال امتدادا له. بل أشد الاستعمار وأنكره فينا هو الاستعمار الثقافي.[ref]ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا،  الشركة العربية للنشر والتوزيع، ط 1، 1989,ص 224[/ref]</li>
<li>التعليم عندنا حكر على الأغنياء والمحظوظين لدى الأوساط المستعمرة،  يعلمون أولادهم في مدارس هي المدارس، ويحصلون على شهادات هي الشهادات، وعلى تقنية تخولهم الاندماج في الطبقة الحاكمة.[ref] المرجع نفسه، ص 225[/ref]</li>
<li>نتائج فظيعة لتعليم غير ناجع، مضافة إلى نتائج أفظع لتربية،[ref]ياسين عبد السلام، حوار مع الفضلاء الديموقراطيين، مطبوعات الأفق، ط 1، 1994،  ص 164[/ref]بل لانعدام تربية، فالمدارس و الجامعات تفرخ شبابا تسلمهم للشارع والبطالة.</li>
<li>أجيال من النشء الفائض المتسكع الناتج من تخلي الأسرة عن وظيفتها التربوية، وانحلالالجهاز التعليمي المغزو.[ref]المرجع نفسه،  ص 121[/ref]</li>
<li>قلة كفاءة المعلم، وانعدام الباعث القوي لدى المعلم، ووضعية المعلم مع سائر الناس في دوامة السائبة العامة، ووضعية المعلم الاجتماعية غير المريحة.[ref]المرجع نفسه،  ص 169 [/ref]</li>
<li>غياب بنية تحتية للبحث العلمي و نزيف هجرة العقول من ديارنا إلى ديار الغربة.[ref] المرجع نفسه،ص 371[/ref]</li>
<li>عدم ملاءمة التعليم لأهداف التنمية، فارتباط التعليم بالعملية الاقتصادية ضروري ليتحول التعليم من تلقين نظري إلى تدريب عملي.[ref]المرجع نفسه،ص 183[/ref]</li>
<li>التعليم النظري المستعلي على المهمات المباشرة العملية، الذي يخرِّج فئات من الناس يأنفون عن الأعمال اليدوية والكسب الكاد.[ref]ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا،  الشركة العربية للنشر والتوزيع، ط 1، 1989,ص 245[/ref]</li>
<li>ذهنية المسلم الحرفي الذي ما كاد يخرج من الأمية الأبجدية،  فيزعم أن من معه القرآن والكتب الست فقد تعين عليه أن يأخذ لنفسه ويدع، مباشرة من النبع.[ref]ياسين عبد السلام، حوار مع الفضلاء الديموقراطيين، مرجع سابق،  ص 261[/ref]</li>
<li>الأمية الأبجدية التي يعاني منها جزء من الأمة، إضافة إلى الأمية التاريخية و الأمية الفقهية اللذان يعاني منهما كثير من [ref]مثقفينا،المرجع نفسه، ص 132 [/ref]مع عجز عن فهم الواقع،[ref]المرجع نفسه، ص 131[/ref] كل هذا يجعل الاستقاء من النبع على بصيرة تضع الأمور مواضعها أمر ممتنع.</li>
<li>تمكن اللاييكيين الحداثويين من الجهاز التعليمي في عدد من بلدان المسلمين.[ref]المرجع نفسه،ص 121[/ref]</li>
</ul>
<h2>منطلقات المشروع التعليمي الذي يقترحه الإمام</h2>
<ul>
<li>يمكن تحديد منطلقات المشروع التعليمي الذي يقترحه الإمام من أجل التغيير في النقط الآتية:</li>
<li>وضوح الأهداف الإستراتيجية للقضية التربوية التعليمية، فالسياسة التعليمية هي روح السياسة لأنها مفتاح الازدهار الإنساني.[ref]ياسين عبد السلام، كتاب حوار مع صديق أمازيغي، مطبوعات الأفق، ط 1، 1997،  ص 105 [/ref]</li>
<li>تعليم قرآني : فيكون القرآن محور العملية التربوية ومورد العلم وجامع العلوم، لاسيما في السنوات التسع الأولى حين يتكون النسيج الأساسي للشخصية.[ref]ياسين عبد السلام، كتاب تنوير المؤمنات، مطبوعات الأفق، ط 1، 1996، ج2 ص260[/ref]من محضن الصبيان، إلى مدارس الفتيان، إلى جامعات الرجال، يكون حفظ القرآن، والعمل بالقرآن، وتعليم القرآن، والاحتفال بالقرآن، صلب التربية والتعليم.[ref]ياسين عبد السلام، المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا،  الشركة العربية للنشر والتوزيع، ط 1، 1989,ص  226 [/ref]</li>
<li>الإنفاق على التعليم أهم عوامل النهضة بعد العزمة السياسية.[ref]ياسين عبد السلام، كتاب حوار مع صديق أمازيغي، مطبوعات الأفق، ط 1، 1997،  ص 105[/ref] </li>
<li>تعميم التعليم والقضاء على الأمية.[ref]ياسين عبد السلام، حوار مع الفضلاء الديموقراطيين، مطبوعات الأفق، ط 1، 1994،  ص 361[/ref]</li>
<li>لغة موحدة للتدريس، و إلاسيبقى المسلمون لقطاء متطفلين في عالم العلوم والصنائع مادام تعليمهم لايرتكز على لغة القرآن في المجالين التربوي القلبي والتعليمي الفكري، مسايرا هذا لذلك، موصولا به مستقيا من مبناه ولفظه ومعناه.[ref]المرجع نفسه: ص 611[/ref] لكن الإمام عبد السلام ياسين يؤكد على خدمة اللغة الشريفة، وتحميلها زينة الإفصاح عن المعارف الكونية كما هي مشرفة من قبل الحق من الوحي قبل أن تصبح لغة التعليم عامة، مع إتقان لغة أو لغات أجنبية لتعزيز القدرات التعليمية و المسابقة والمنافسة واستراق السمع العلومي.[ref]المرجع نفسه: ص 157[/ref]</li>
<li>أطر تربوية تعليمية مكرمة ومؤهلة ومتلقية لتكوين مستمر ومتواصلة وحاضنة للأجيال، مطلبنا معلم منسجم في نفسه، مرتاح في سربه الاجتماعي، سوي في بنيته النفسية الأخلاقية، كفء في مادته العلمية، مراقب لله تعالى في أمانته، مطمئن بالإيمان، صابر على معالجة النفوسالناشئة والعقول، زاهد فيما بأيدي الناس، ذو مروءة وعفة وهمة،[ref]ياسين عبد السلام، حوارمعالفضلاءالديموقراطيين، مطبوعات الأفق، ط 1، 1994،  ص 172[/ref]فالمعلم يجب أن يصبح محور نشاط الحي في المدينة والقرية، ومحطة إشعاع ثقافي، وعامل توعية سياسية، ومحرك تغيير.[ref]المرحع نفسه،  ص 173[/ref]</li>
<li>الاستفادة من التقنيات الحديثة في التعليم، فتعليم الأطفال، وتدريب الأطفال، وتربية عقول الأطفال، يصلحها الحرمة والروحانية، ويصلحها المبنى الصحي، والمجال الحيوي للرياضة والمشغل للتداريب العملية ، ووسائل التعليم التي أصبح الحاسوب آلة مهمة من آلاتها.[ref]المرجع نفسه، ص 151[/ref]</li>
<li>بناء القاعدة العلمية التقنية البحثية العملية التطبيقية»  للعمران الأخوي« و تطوير المنظومة التعليمية وتحويلها من طاحون يفرغ البطالة إلى كائن حي بحياة جديدة، هدفه اكتساب العلوم التطبيقيةَ النافعة[ref] المرجع نفسه، ص 178[/ref] و التدريب العلمي العملي الأخلاقي.[ref]المرحع نفسه، ص 183[/ref]</li>
<li>أسرة منخرطة فعليا في مساعدة المدرسة على تحقيق أهدافها.</li>
<li>إعادة علاقات المعلم بالمتعلم إلى نصابها الإسلامي. فيكون التوقير والحب والتبجيل تحية واجبة على المتعلم للمعلم. ويكون الرفق والنصيحة والرحمة واحترام الشخصية حقا على المعلم إزاء المتعلم.[ref]المرجع نفسه:  ص 151[/ref]</li>
<li>مشاركة الأمة جميعا في النهوض بأعباء التعليم بعد ومع تحمل الدولة لدورها الكامل في هذا المجال حتى لا يصبح التعليم أداة لإعادة إنتاج ما يكون سائدا من التخلف والاستبداد والتسلط، فإن استفهمنا التاريخ عن سر تقدم الغرب في العلوم وجدنا، من بين ما نجد من أسباب، استقلال التعليم عن الدولة واحتضان مؤسسات خاصة للمعاهد التي صبغت النبوغ والتفوق.[ref]ياسين عبد السلام، حوارمع الفضلاء الديموقراطيين، مطبوعات الأفق، ط 1، 1994،  ص 139[/ref]</li>
</ul>

السياسة والحكم

التعليم في مشروع الإمام عبد السلام ياسين 1/2

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

التعليم في مشروع الإمام عبد السلام ياسين 2/2

التعليم في مشروع الإمام عبد السلام ياسين 1/2

مقالات ذات صلة