بفضل الله وتوفيقه انطلق حفل التأبين في الذكرى الأولى لوفاة الإمام رحمه الله على الساعة السابعة من مساء اليوم 10 صفر 1435هـ، 14 دجنبر 2013م، والذي نسق فقراته الدكتور عبد الحكيم الحجوجي، وحضرته نخبة من العلماء والدعاة والمفكرين والسياسيين والحقوقيين والفنانين، من المغرب والجزائر وتونس ومصر وفلسطين والسودان والسينغال وتركيا والنيجر والكوت ديفوار وموريطانيا وفرنسا وأمريكا…
افتتح الحفل بتلاوة آيات بينات من كتاب الله تعالى، تلتها كلمة سيدي محمد عبادي الأمين العام لجماعة العدل والإحسان حفظه الله ترحَّم فيها على الإمام المُربي رحمه الله تعالى وعدّد من خصاله الكريمة، ومما قاله: “اسمحوا لي في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل شكر اعتراف وامتنان لعائلة الفقيد زوجة وأبناء وبنات وأصهارا، فقد وقفوا إلى جانبه وتحملوا معه في سبيل هذه الدعوة الشيء الكثير، أُوذوا فصبروا حوصروا مدة عشر سنوات، قُطعت صلة الرحم بينهم، أووا دعوة الله سبحانه وتعالى، فتحوا قلوبهم قبل بيوتهم لهذه الدعوة، احتضنوها بكل ما أوتوا من قوة، فنقول لهم جزاكم الله تعالى عن هذه الجماعة وعن الإسلام والمسلمين خيرا…وأتوجه بالشكر والامتنان إلى كل الحاضرين والحاضرات الذين تجشموا عناء السفر من الداخل والخارج وأبوا إلا أن يشاركون هذه الذكرى الأولى لوفاة الإمام المجدد رحمه الله تعالى ..نتشرف بحضوركم ونعتز به” وأضاف: “كنا نزوره في هذه البيت الكريم…يقوي عزائمنا ويرفعنا من الأرض إلى السماء فدعوته كانت دعوة ربانية…يُعرف هذه الجماعة المباركة بقوله: “نحن جماعة نتوب إلى الله وندعو الناس أن يتوبوا إلى الله عز وجل)…وحبيبنا المرشد نشهد له بأنه ممن انقطع لله عز وجل، لا يشغله شاغل عن الله تعالى عاش الشوق لله والأنس بالله متذللا مستمطرا رحماته، عاش بالله ولله ولأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاش يفكر في طريق الخلاص، كيف تعود الأمة إلى مكانتها مكانة السيادة والريادة والقيادة. حبيبنا عاش بالقرآن وللقرآن، في كل مجلس كنا نجلس معه كان يعاهد الحاضرين أن يكون كل واحد مدرسة قرآنية متنقلة عبر الأزمان والأمكنة.)
بعد ذلك ألقت الدكتورة مريم ياسين بنت الإمام رحمه الله كلمة عن الأسرة الكريمة جاء فيها: ما عساي أقول وما مثلي يقول؟. أرحب بالحضور الكرام في هذا البيت وهذه الحديقة التي جالسنا فيها والدي الحبيب وغمرنا بحبه، أبدأ حديثي ببيت من الشعر لأبي فراس كان والدي الحبيب يواسيني به في آخر أيامه):
أبُنيتي لا تجزعي…..فكلنا إلى ذهاب
أبُنيتي صبرا جميلا…..للجليل من المصاب
كان يقول لي :أنت ماذا ستقولين إذا جاء ملك الموت لوالدك؟ … قولي: “إن والدي اشتاق إلى الله عز وجل”). فمنَّ الله عليه باللقاء وحقق له الرجاء وذلك حق الرجاء.. وختمت كلمتها المؤثرة داعية الله تعالى “أن يجمعنا معه في الآخرة، وأن نكون من المحسنين الذين دعا الله تعالى أن يكتبوا في صحيفته بما كان سببا في سلوكهم إلى الله تعالى”)(شاهد الكلمة مسجلة)
بعد ذلك صعد المنصة الأستاذ مولاي عمر بن حماد عن حركة التوحيد والإصلاح المغربية مذكرا بمناقب الإمام المجدد رحمه الله قائلا: “ليست الدكتورة مريم هي من فقدت والدها، لكننا فقدناه جميعا، كلنا أسرة الفقيد، كلنا فقدناه ولنا جميعا حظ مشترك في الشيخ عبد السلام ياسين رحمه الله، لكل واحد منا حظ من الشيخ المجدد عبد السلام ياسين. أنقل لكم تحية إخوانكم في الحركة خاصة من الرئيس المهندس محمد حمداوي الذي يعتذر عن الحضور وأرجو أن تقبلوا عذره، وأقف معكم على بعض ما ذكره الإمام المجدد في وصيتة، أُذكر نفسي والحاضرين بمقتطف من وصية شيخنا رحمه الله تعالى.”)، وتلا مقتطفات مؤثرة من الوصية وترحم على الفقيد.
ومن بعده أخذ الكلمة السيد أشرف عبد الغفار عن حركة الإخوان المسلمين بمصر أبدى من خلالها انبهاره بالمستوى العلمي والتجديدي للإمام رحمه الله قائلا: “أُبهرتُ انبهارا كبيرا بما كتبه الشيخ، وتباحثت مع الإخوان كيف ننشر فكره حتى يستفيد منه الناس في مشارق الأرض ومغاربها، تلك هي الصدقة الجارية. نسأل الله أن يسكن الفقيد فسيح جناته، ويجعله في منازل الشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا” وأضاف: “عزاؤنا أن العطاء لا ينقطع، وأن الكتابات لن تنقطع. عزاؤنا أن الرجل ترك مكتبة من كتب وترك أعمالا ورجالا، المدرسة ليست مدرسة كتب فقط ولكنها وسيلة ومنهاج حياة..الإنسان يعجز عن الكلام، فقد أُبهرتُ اليوم في الصباح وأنا أسمع عن فكر الإمام رحمه الله، حزنت أنها كانت جلسة واحدة من ثلاث ساعات، وما أحوج الأمة إلى هذا المنهج، نقول الحمد لله أن أئمتنا تركوا لنا طريقا نسير عليه. وجدنا من يحاول أن ييسر لنا كتاب الله في العصر الحديث. … ما أحوجنا إلى هذا الرجل في هذه اللحظات، ونحن نهاجم هجمة عاتية من أعداء الإسلام الذين لا يريدون ان يقر للمشروع الإسلامي أي قرار”.)
وبعد هذه المداخلة المصرية أتحف الحضور الفنان الكبير رشيد غلام بلحن أبياتٍ شعرية للشاعر المغربي ياسين العشاب بعنوان لحن الوفاء جاء فيه:
بِرُوحِيَ أَفْدِيكَ مِنْ نَاصِــــح…..وَأنْهَلُ مِنْ سِرِّكَ الْأَقْــــدَسِ
وَأشْفِـــــي فُؤَادِي مِنْ نَبْعِـهِ…..وَأَجْـمَــعُ مِنْ دُرِّكَ الْأَنْفَــسِ
لَكَ اللَّهُ مِن نَـــاصِـحٍ رَغِبَــتْ…..إِلَيْـهِ الْقُلُــوبُ فَلَـمْ تَـبْــأَسِ
وَفَجْرٍ تَسَلَّلَ نَحْوَ الصُّدُورِ……فَأَبْصَرَتِ النُّورَ فِي عَسْعَسِ
كَأَنَّ عَلَى الْأُفْقِ منْ هَدْيِهِ…….سِرَاجًا بِكُلِّ الْجَمَلِ كُسِي
ثم تناول الكلمة الدكتور والأكاديمي عبد الله ساعف قائلا: “من الطبيعي أن تتذكر العائلة الأستاذ عبد السلام ياسين وأن تحيي روحه، ومن الطبيعي كذلك أن يحيي من صاحب عبد السلام ياسين خلال مسيرته وحياته وإنتاجاته. وأظن أن أي مغربي يجب أن يحيي روح عبد السلام ياسين. أحيي فيه المناضل السياسي بنضاله وأفكاره التي غدت نقاشات واسعة شاركنا فيها في عدة مجالات، في الملفات الكبرى التي عشناها في المغرب، في التسعينات وحتى آخر إنتاجاته قبل سنتين أو ثلاثة. أحيي عبد السلام ياسين المفكر، كتاباته معروفة عند المثقفين المغاربة، كان لكتاباته أثر يتجاوز دواسر المفكرين المغاربة حوار مع الفضلاء الديموقراطيين، مع صديق أمازيغي … كلمة حوار أساسية، كان منفتحا ومستعدا للحوار والنقاش. أحيي كذلك رجل التعليم الذي أعطى الكثير للمنظومة على عدة مستويات، وقد تابعت ذلك بشكل دقيق في الستينات وجزء من السبعينات، أتاحت لي المسؤولية التي كنت أتحملها في حكومة التناوب (وزير التربية الوطنية) فرصة الاطلاع على رصيده، في بني ملال بخط يده، وأكثر من ذلك الصورة التي بقيت في الأوساط التعليمية، أستاذ ثم مفتش، الصورة التي وجدتها عند من لازال يتذكر أنه أستاذ جدي ملتزم بالرسالة التعليمية، كان يتميز دائما بمحاربته للمحسوبية والرشوة، والانتهازية, تحية صادقة للمرحوم، وأظن أن الآثار المكتوبة ستعطي الكثير في المستقبل”)
أما عن حركة النهضة في تونس فقد اعتبر السيد محمد العكرود أنه “لشرف كبير أن نقف للترحم على رجل ليس ككل الرجال. وقد ترك هذا الرجل شيئا كثيرا لا يمكن أن نحصيه، لا يمكن أن نتحدث عن مؤلفاته فقط، لكن عن أبنائه من الأسرة الصغيرة والكبيرة، كما كتب كتبا وكتب رجالا أيضا، نسأل الله أن ينير فكر هذا الرجل العالم كله وليس المغرب أو شمال إفريقيا أو الأمة فقط”.)ننطلق في وحدة مشاعرية عقائدية تؤهل لما هو أفضل، تأسيا بحديث المصطفى:)“إن من الناس من ليسوا بأنبياء… قوم تحابوا بروح الله بينهم”. الحديث. ورسالتنا للناس كافة، نقول لمن يتحكمون اليوم في رقاب الشعوب، لو أن ما تنفقونه اليوم للفساد والدمار، لو أنفقتم ربعه لكان العالم الآن يعيش في سلام. وكفانا حقدا وتباغضا، فالأرض تسعنا جميعا. وأدعو إخواني من ابناء هذا الرجل العظيم، أن يستثمروا في كتبه، لن هذه انطلاقة حقيقية لغرس فكر جديد”.)
أخذ الكلمة الشيخ إبراهيم كمال وهو من مؤسسي الحركة الإسلامية بالمغرب: وذكَّر ببعض خصال الإمام رحمه الله، ومما جاء في كلمته : “سنة 1954حين عُين الأستاذ عبد السلام مفتشا بالدار البيضاء، كنا مجموعة من المعلمين بقي لنا امتحان شفوي، عين لي تاريخ الإجراء، يوم الاثنين، دخلت إلى المدرسة فلم أجد أحدا، جاءت لجنة يرأسها الأستاذ عبد السلام ياسين، وكان التوفيق محالفا لي في المرة الثانية، وكان هذا اللقاء فرصة للارتباط به سنتين، شهدنا فيه من النزاهة ما لم نعهده في أمثاله من قبل. رجل متدين يؤدي الصلاة في وقتها، وكنا نشاركه في لجان الشفوي ويحرص أن يكون الممتحن كفؤا لا مغرورا”.)
وعن المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي تحدثت النائبة البرلمانية حسناء أبو زيد قائلة: “سعدت بتشريفي بالمساهمة في هذه الذكرى…يشرفني اليوم لأقول كلمة حق في رجل مختلف آمن بالسلمية بالعلنية، رجل آمن بفعل سياسي حقيقي لعلَّه يجد داخل الوطن وطنا يسع الجميع…” معتبرة أن هذه مناسبة لاستذكار “روح لها من الإسهامات القوية الصادقة الحقيقية في وضع تصور لوطنٍ مشترك، وطن الاختلاف الطبيعي، وطن المساهمات والحوار ما يغنيه ويغيننا ويغنيكم، عن أن نجتمع فهو حاضرمن خلال إنتاجات كبيرة مهمة، لعل ما أريد أن أختم به هو أن مد الأيدي هو نقطة بداية لمصار حقيقي لبناء هذا الوطن”.)
بعد ذلك ألقى الأستاذ الشاعر منير الركراكي عضو مجلس الإرشاد قصيدة طويلة ورائعة بعنوان إمامُ الصِّلاتِ) “في تأبين الإمام المجدد، الوالد المرشد، في يوم إحياء ذكرى موته بعد عام من رحيله رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته”، عدّد فيها من خصال الإمام رحمه الله وواقع الأمة الإسلامية ومستقبلها وحاجة الأمة إلى جميع أبنائها، كان مطلعها:
الموت ذكرى، وذِكْرُ الموت لِلفَطِنِ***هَدْمٌ لِلَذَّاتِ عُمْرٍ في مُنَى الْهُدَن
مَعَ الهوى، مَعَ ما يَهوي بِهِمَّتنا***في سُحقِ وهْنٍ عنِ العيش الكريم يَني
والموت تُحفتُنَا إن كانَ يُتحِفُهُمْ***جَمْعُ المظالم بالأموال في قَرَنِ
والموت سَلْوَة ُأنفاسٍ لها شَغَفٌ ***برؤية الوجه بعد الموت والظَّعَن
إلى لقاء نبيٍّ ذكْرُهُ سَكَنٌ***وحبه من فؤاد الصّبّ في سَكَنِ
الموت موعدنا مَعْ مَنْ نَهِيمُ بِهِمْ***حُبًّا وشوقا ولو في سَكرةِ الوَسَنِ
والموت يسعدهُ تكريم ذاكره***وأكثرُ الناس يرمي الموت بالظَّنَنِ
مصيبة، وصوابٌ كيف يُدركُهُ***مَنْ لم يُفِدْ منه إلا فِعْلَ مرتهِنِ
مصيبة هي موت الحِبِّ وَالَهَفِي***على قويٍّ من الأخيار مُؤْتمَنِ
على إِمَامِ صِلاَتٍ كُلُّها شَهِدت***له بأخلاق مَجْبُولٍ على الحَسَنِ
مصيبة صَبْرُنا بالله يدرَؤها***وليس إلا الرضى يُجدي لَدى الِمحَنِ
وبعد الإلقاء والإصغاء قدم الوفد التركي هدية إلى جماعة العدل والإحسان تلقاها السيد الأمين العام محمد عبادي حفظه الله، عبر فيها الدكتور آدم يريند (الأستاذ بكلية الإلهيات باسطنبول بتركيا) عن تحيته الطيبة الصادقة إلى روح الفقيد الإمام عبد السلام ياسين قائلا: “أنا لا أعتقد أن الإمام ممن يترحم عليهم، بل ممن يرجى لقاؤهم في دار البقاء، نسأل الله أن يجمعنا في ظل الله يوم لا ظل إلا الله”) . مضيفا أنه تعرف على الإمام عندما ترجم كتابه “سنة الله” إلى اللغة التركية، مما لفت نظره إلى بعض أفكار الأستاذ، المهمة، والتي تغيب على الكثيرين ممن يتحدثون ويكتبون عن الإسلام وهم يخلون بالشرط الجهادي ولا يعطون الأسباب حقها، لذلك رفض الإمام رفضا تاما التواكلية العاجزة عن فهم الواقع..مثلما رفض توصيف المجتمعات المسلمة بالمجتمعات الجاهلية واعتبرها مجتمعات مفتونة.
ومن علماء ومشايخ موريطانيا اتصل الدكتور الشيخ العلامة الحسن ولد الددو -عبر الهاتف- ليعبر عن تقديره الكبير للإمام المرشد رحمه الله وخصاله التربوية والعلمية والفكرية والسياسية، قائلا:“…وإن من ورثة رسول الله صلى الله في زمننا سماحة شيخنا الوالد الشيخ عبد المرشد رحمة الله عليه وقد كان من ورثة رسول الله الذين لم يهتموا بالجانب العلمي وحده وإنما اهتموا معه بالجانب السلوكي والتربوي والدعوي، ولذلك نفع الله بدعوته فشقَّ لها الطريق في مشارق الأرض ومغاربها وانتفع به المسلمون في مختلف القارات. ولقد كان الشيخ مثالا للصبر والأناة والتحدي والسعي للتغيير والإصلاح، لم يكن من الذين يتَّكلون على سابقة القدر وإنما كان من الذين يزاحمون القدَر بالقدَر. لم يكن من الذين يهتمون بالشأن المحلي ويتركون الشأن العام، بل كان مهتما بأمة الإسلام. لم يكن من الذين يهتمون بجانب بالتأليف والنشر فقط بل كان من الذين تآليفهم إنما هي شخصيات حية وكلمات متحركة، إذا قرأنا أي كتاب من كتبه نجد هذا الأثر واضحا فيه هذا النور بارزا عليه باديا نفع الله بهذا الكتب سواء ما كان منها باللغة العربية واللغة الأعجمية.إن سماحة شيخنا المرشد عبد السلام جبلا من جبال هذه الدعوة ومجددا من مجددي هذه الملة، …وليس من الذين خلقهم الله ليموتوا وينقطع ذكرهم، بل من الذين خلقهم الله للبقاء ألقى الله عليه القبول في القلوب وصدق فيه وعد الله سبحانه تعالى): إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً (مريم96) … (شاهد الكلمة مسجلة)
وبعد تلاوة قرآنية خاشعة للقارئ المغربي محمد بهلافي ألقى الصحفي علي أنوزلا كلمة جاء فيها: “كان الشيخ رجلا في زمن ) عز فيه الرجال، ما أحوجنا إلى رجال أمثال الشيخ عبد السلام ياسين الذين يقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم، كان رحمه الله قوة هادئة في جماعة قوية ما نال منها الظلم والسجون شيئا”.
..
ومن دولة النيجر تحدثت السيدة الحاجة الحواء مامادو سونا عن الإمام رحمه الله وحاجة الأمة الإسلامية إليه وخاصة منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، وعبرت عن إعجابها بكتاب “تنوير المومنات” و”الإسلام والحداثة”، واعتبرت أنه من الخيانة عدم ترجمة كتبه وخاصة كتاب المنهاج النبوي.
بعدها ذكر مولاي محمد الخليفة الزعيم الاستقلالي السابق “أن الإمام كان نجما مضيئا وهاجًا مر في سماء المغرب لأنه قبل الحديث عن إنتاجاه) الفكري…سيدي عبد السلام كان هدفه في هذه الحياة الدنيا أن يمر ليلقى ربه)هو الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ، يجب أن نستفيد من إقبال هذا الرجل على الله )الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا…الآية، وأضاف: وشيخنا كان يدفع بأسلوب المربي الحكيم على أن الذي يجب أن يربي يجب أن يكون مستقيما…لم يكن فقط ذلك الصوفي بعمق الصوفية المغربية بل إنسان وظف المعاني الكبرى التي طبعت حياته من أجل أن يشتغل في الدنيا..كان يبشر بمنهج تربوي بإخلاص وعطاء عظيم، كان ينتظر جزاء الآخرة. ولكن الفكر والكتابة ومخلفاته الفكرية والأدبية وسيرته الشخصية وكارزميته المفقودة في عالمنا اليوم هذا ما يجعل الإنسان يقبل بالفعل على الله…لا بد أن المغاربة أجمعين وقد ظهر في سمائهم نجم مثل عبد السلام ياسين بالعمل الذي يراد به وجه الله..عشنا اليوم مع امتدادات فكره على الدنيا في إفريقيا وآسيا)…” مستخلصا أن “الإمام أيقونة المغاربة جاء في هذا العصر ليكون مجددا لهذه الأمة، وعلينا أن نهتدي بهديه)“.
بعد ذلك تم عرض شريط وثائقي قصير بعنوان “قبسات من سيرة الإمام عبد السلام ياسين” يختصر سيرة الإمام رحمه الله في محطات كبرى.
ثم قدم الوفد السوداني كلمة جاء فيها “شكرنا وامتناننا لجماعة العدل والإحسان على دعوتنا لنكون جزء من الاحتفاء والعرفان لرمز من رموز الإسلام فخامة الشيخ الفقيد الشيخ عبد السلام ياسين رحمه الله، شعور غريب يغمرنا ونحن نيمم صوب المغرب، التي نرى فيها للتاريخ عبق وللمستقبل أمل”.) معبراً عن اعتزازه بالتجديد العلمي والتربوي عند الإمام المربي ومنه التجديد المتعلق بقضية المرأة المسلمة والذي يظهر جليا من خلال كتابه “تنوير المؤمنات”.
وتحدث وفد السينغال برئاسة السيد المختار كيبي (عن التجمع الإسلامي السينغالي): عما عُرف به الإمام من الصفاء الروحي واليقظة الفكرية وإدراك المنهج في كل ملامحه. والإمام فصل المنهج وعاشه وربى عليه جيلا يمثلون ثمرة هذا المنهج، فثمة مدرسة متميزة متفردة. عندما نلتقي الإخوة ممن ربَّاهم الإمام نقول أي منهج ربى هؤلاء؟ كان لهم بُعد عميق من حيث الربانية فعرفنا السر في هذا التكوين…القِبلة الحقيقة هي القِبلة الحضارية للمسلمين.
وعن الوفد الفلسطيني تحدث الدكتور مصطفى اللداوي عن مناقب الإمامين عبد السلام ياسين وأحمد ياسين رحمهما الله وعن جهادهما وابتلائهما وصبرهما في سبيل الله وعزة هذه الأمة، الرجلان حملا دعوة ربانية، هذا الذي نحتفي بذكراه اليوم أنشأ جماعة العدل والإحسان، والشيخ أحمد ياسين أنشأ حركة حماس، كلاهما يتطلع لرفعة الأمة، ويبكي لضياع فلسطين، كلاهما قد رأى ألا رفعة ولا تحرير إلا إذا تحررت نفوسنا…
من الكوت ديفوار عبر الوفد الديفواري مع السيد أرناكو لاتي عن شرفه بالانتساب إلى هذا الإمام فقيد الأمة الإسلامية، مذكرا أنه “ولما تلقينا خبر وفاته تأثرنا تأثرا كبيرا وترحمنا على فقيدنا وقرأنا القرآن وتحدثنا عن سيرته رحمه الله، إنه رجل تقوى ولا يخاف في الله لومة لائم، حامل منهج في التربية وفي التغيير وفي قضية المرأة كان على بصيرة. الرجل عرف الغايات التي ينشدها في هذه الحياة وعرف كيف يسعى إلى تهديفها…والدنا ومربينا الشيخ عبد السلا م ياسين منَّ علينا بتراث غني جدا جدا جدا ومنَّ علينا بتربية الرجال. ونتضرع إلى المولى الكريم أن يجعل وقوفنا على المنبر قنطرة يتجدد بها الصلات بين هذا البلاد والبلدان الإفريقية عامة والكوديفوار خاصة.
عن حركة البناء الوطني الجزائرية تحدثت السيدة بهية سالم الشريف عن مسؤولية الدعوة إلى الله عز وجل وإخراج الأمة من غفلتها، وهذا لن يتحقق إلا من خلال الفهم الصحيح للمنهج الإسلامي السلمي، وعبر العمل المنظم المستمر والعمل في كل القطاعات والتبني العملي للقضايا المصيرية للأمة والقيام بواجب الدعوة إلى الله عز وجل الذي هو فرض عين على كل مسلم ومسلمة. ولا يفوتني الترحم على ضحايا الظلم في جميع بقاع الأرض.
وذكر الدكتور والباحث الأكاديمي عبد الغني أبو العزم شجاعة الإمام المربي وفضله على الحركة الإسلامية عموما، حيث قال: “عشتُ شخصيا مع أستاذنا الكبير من 1961 إلى 1970م عرفته أستاذا مُربيا مُرشدا، عندما التحقت بمدرسة المعلمين بمراكش، التقيت بالأستاذ، فضله علي كثير جدا، في الكتب والمعاجم التي ألفتها الأستاذ عبد السلام ياسين علَم وقوة هائلة كنت دائما أشير إلى أعماله وفضائله)“.
وعن مجتمع السلم بالجزائر أشارت السيدة فاطمة السعيدي إلى أنه يمضي الرجال ويبقى النهج والأثر، مضى الرجل، وبقي أثره، الشيخ أحمد ياسين صنع فكر المقاومة في فلسطين، والإمام البنا في مصر، ومحفوظ نحناح في الجزائر، ورغم ما أصابنا يبقى الإمام شمعة مضيئة في سماء الجزائر)…
بعد ذلك تلا الشاعر المغربي الصادق الرمبوق قصيدة في حق الإمام المربي أعلى الله مقامه في الصالحين، جاء فيها:
ثم اختتم اللقاء الحافل بكلمة ختامية للأستاذ فتح الله أرسلان نائب الأمين العام للجماعة والناطق الرسمي باسمها شكر من خلالها الحاضرين من أقطار شتى للمشاركة في الذكرى الأولى لوفاة هذا الرجل الأمة، الرجل العالم المربي الذي كان يمد يده للجميع من أجل التعاون على إخراج هذه الأمة مما تعاني منه، وقال: ” كان بودنا أن نفتح المجال لأكبر عدد من الكلمات… كثير من) الناس الذين نتصل بهم يحذروننا أن نحتكر الإمام عبد السلام، وحتى لو أردنا ذلك فلن نستطيع، لأن الرجل خاطب الجميع بلغته، لذلك نريد أن نقتسم هذا الرجل مع الجميع، حرقتنا ألا يتعرف الناس على هذا الرجل “.. وانتهى الحفل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، ودعاء للأستاذ عبد الهادي بلخيلية عضو مجلس إرشاد الجماعة على الساعة الحادية عشر ونصف مساء (بتوقيت غرينتش).
ولا يفوتنا التذكير بحضور نخبة من العلماء والدعاة والمفكرين والباحثين والسياسيين والفنانين والصحفيين من داخل المغرب ومن خارجه.
وللاطلاع على جميع المداخلات سننشرفيديوهاتها في موقع “بصائر” تباعا إن شاء الله.
والحمد لله رب العالمين.
أضف تعليقك (0 )