post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

تعريف الحديث العزيز:
ذكر العلماء أن العزيز لغة مأخوذ إما من العزة، يعني قلة وجوده وندرته، من عز يعِزّ، وإما من عز يعز بفتح العين، يعني صار قويا بمجيئه من طريق أخرى، وكلا الأمرين متحقق فيه من حيث الندرة، والقوة، قال ابن حجر: &#8220;سمّي بذلك إما لقلة وجوده، وإما لكونه عزّ أي: قوي بمجيئه من طريق أخرى&#8221;[1]
وفي اصطلاح أهل الحديث: هو الحديث الذي لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين[2].
ومعنى ذلك أن العزيز ما ينقله اثنان عن اثنين في أي طبقة كان من طبقات السند، فإذا كثرت رواته بعد ذلك سمّي عزيزا مشهورا، قال الحافظ السيوطي: &#8220;قد يكون الحديث أيضا ‌عزيزا ‌مشهورا، قال الحافظ: العلائي فيما رأيته بخطه: حديث «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» الحديث عزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم، رواه عنه حذيفة بن اليمان، وأبو هريرة، وهو مشهور عند أبي هريرة، رواه عنه سبعة: أبو سلمة بن عبد الرحمن، وأبو حازم، وطاوس، والأعرج، وهمام، وأبو صالح، وعبد الرحمن مولى أم برثن&#8221;[3].
ـ مثال للحديث العزيز: ومثاله: ما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ومن حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: &#8220;لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده&#8221;[4]. قال صاحب الغرامية: &#8220;رواه عن أنس قتادة، وعبد العزيز بن صهيب، ورواه عن قتادة شعبة، وسعيد، ورواه عن عبد العزيز إسماعيل بن علية، وعبد الوارث، ورواه عن كل جماعة&#8221;[5].
ـ تعريف الحديث المشهور:
المشهور (أو المستفيض): سمّي بذلك لاشتهاره، وسمي مشهورا، لوضوح أمره، يقال: شهرت الأمر أشهره شهرا وشهرة فاشتهر، وهو المستفيض على رأي جماعة من أئمة الفقهاء والأصوليين وبعض المحدثين، سمي بذلك لانتشاره وشياعه في الناس، من فاض الماء يفيض فيضا وفيضوضة؛ إذا كثر حتى سال على ضفة الوادي. وقيل إن المشهور أعم من المستفيض[6].
وقد يكون المشهور صحيحا وقد يكون حسنا وقد يكون ضعيفا، وقد لا يوجد له إسناد أصلا، مثل: «‌علماء ‌أمتي أنبياء بني إسرائيل»، و «ولدت في زمن الملك العادل كسرى»، وتسليم الغزالة، فقد اشتهر على الألسنة وفي المدائح النبوية.
ومنه قول الإمام أحمد، كما أخرجه ابن الجوزي في آخر الجهاد من موضوعاته: أربعة أحاديث تدور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأسواق، ليس لها أصل، وذكر منها: «من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة»، و«نحركم يوم صومكم». ولكن قد قيل: إن هذا لا يصح عن أحمد؛ لأن الحديثين المطويين أحدهما عنده في مسنده، وسنده جيد مع مجيئه من طرق أخرى، وثانيهما عند صاحبه أبي داود بسند جيد أيضا، هذا مع نظم العلامة أبي شامة الدمشقي المقدسي لهذه المقالة فقال:
أربعة عن أحمد شاعت ولا … أصل لها من الحديث الواصل
خروج آذار ويوم صومكم … ثم أذى الذمي ورد السائل
وقد يشتهر بين الناس أحاديث هي موضوعة بالكلية، وذلك كثير جدا. ومن نظر في الموضوعات لابن الجوزي عرف الكثير من ذلك[7].
ـ أمثلة الحديث المشهور:
ومن أمثلة المشهور الصحيح ما رواه ‌عبد الله بن عمرو بن العاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله لا يقبض ‌العلم ‌انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالما، اتخذ الناس رؤوسا جهالا، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا»[8].
وقوله صلى الله عليه وسلم: «‌المسلم ‌من ‌سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه»[9]. ومن المشهور الحسن ما رُوي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌طلب ‌العلم ‌فريضة على كل مسلم، وواضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب»[10].
 والمشهور عند الحنفية هو الذي يكون خبر آحاد في العصر الأول، حيث يرويه عن الصحابة عدد لا يبلغ التواتر، ثم يتواتر في عصر التابعين وتابعي التابعين. وحكمه عندهم انه لا يكفر جاحده ولكنه يفيد الظن القوي فوق الظن الذي يحصل من أخبار الآحاد.
ومن أمثلته ما روي عن عمرو بن شعيب، أن أبا قتادة &#8211; رجل من بني مدلج &#8211; قتل ابنه، فأخذ منه عمر رضي الله عنه مائة من الإبل ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة، فقال: أين أخو المقتول؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «‌ليس ‌لقاتل ميراث»[11].
وقول النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: &#8221; الثلث ‌والثلث كثير&#8221;[12].
[1]  ـ ابن حجر، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، تحقيق نور الدين عتر، مطبعة الصباح، دمشق، الطبعة: الثالثة ١٤٢١ هـ &#8211; ٢٠٠٠م، ص: 48. [2]  ـ ابن فرخ الإشبيلي، الغرامية في مصطلح الحديث، شرح مرزوق الزهراني، دار المآثر، المدينة المنورة &#8211; المملكة العربية السعودية، الطبعة الأولى ١٤٢٤ هـ &#8211; ٢٠٠٣ م، ص: 97 [3]  ـ السيوطي، تدريب الراوي في شرح قريب النواوي، تحقيق الفاريابي، مكتبة الكوثر، الرياض، الطبعة الثانية 1415ه، 2/637. [4]  ـ صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان، رقم: 14، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد، والوالد والناس أجمعين، وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة، رقم: 44 [5]  ـ ابن فرح الإشبيلي، الغرامية في مصطلح الحديث، ص: 97 [6]  ـ السخاوي، فتح المغيب بشرح ألفية الحديث للعراقي، تحقيق علي حسين علي، مكتبة السنة – مصر، الطبعة الأولى ١٤٢٤هـ / ٢٠٠٣م، 4/10 [7] ـ نفس المصدر، 2/13 ـ 14 [8]  ـ صحيح البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم، رقم: 100، صحيح مسلم، كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه وظهور الجهل والفتن في آخر الزمان، رقم: 2673 [9]  ـ صحيح البخاري، كتاب الرقاق، باب الانتهاء عن المعاصي، رقم: 6484، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان تفاضل الإسلام، وأي أموره أفضل، رقم: 41 [10]  ـ سنن ابن ماجه، كتاب في الإيمان وفضائل الصحابة والعلم، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم: 224 [11]  ـ سنن ابن ماجه، كتاب الديات، باب القاتل لا يرث، رقم: 2646 [12] ـ صحيح البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصية بالثلث، رقم: 2744، صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، رقم: 1629

مصطلح الحديث

الحديث العزيز والمشهور

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

سنة التدافع ووعد النصر

رمضان شهر تجديد الصلح مع الله

عقبات بناء الإنسان في ضوء القرآن الكريم

إسرائيل ابتلاء مؤقت

الإيمان بالقضاء والقدر

ولذكر الله أكبر

مقالات ذات صلة