post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

إن معرفة علل الحديث من أجل علوم الحديث وأدقها وأشرفها، وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب، وهي عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه، قال القزويني: &#8220;واعلم أن معرفة علل الحديث من أجل علومه وأدقها وأشرفها، وإنما يشعر بها أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب بعد إمعان الفكر الصحيح، ففي الحقيقة هو كالصرّاف الذي يعرف علة النقد، وقد لا يقدر أن يعبر عن كثيرٍ من صفاته، وهو نتيجة كثرة المباشرة&#8221;[1].
تعريف الحديث المعلّل:
الحديث المعلل هو ما اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن ظاهره السلامة منها.[2] وقد تكون العلة أحيانا في الإسناد، وتكون أحيانا في المتن[3]، فإذا وقعت العلة في الإسناد فإما تقدح في السند فقط أو فيه وفي المتن، أو لا تقدح مطلقا، وهكذا إذا وقعت العلة في المتن، فعلى هذا يكون للعلة خمسة أقسام[4]:
أولا: تقع العلة في الإسناد ولا تقدح مطلقا
مثاله: ما رواه المدلس بالعنعنة، فهذا يوجب التوقف عن قبوله، فإذا وجد من طريق آخر قد صرح فيها بالسماع تبين أن العلة غير قادحة.
ثانيا: تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه دون المتن
مثاله: ما رواه يعلى بن عبيد الطنافسي، عن الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم: &#8220;البيعان بالخيار&#8221;، فغلط يعلى في قوله: عمرو بن دينار، إنما هو عبد الله بن دينار كما رواه الأئمة المتقنون من أصحاب سفيان الثوري مثل: الفضل بن دكين، ومحمد بن يوسف الفريابي، ومخلد بن يزيد، وغيرهم.
ثالثا: تقع العلة في الإسناد وتقدح فيه وفي المتن معا
وذلك كأن يوجد في الحديث إرسال أو وقف، أو إبدال راو ضعيف براو ثقة.
مثال ذلك: ما وقع لأبي أسامة حماد بن أسامة الكوفي، وهو ثقة في روايته عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وهو من ثقات الشاميين قدم عبد الرحمن الكوفة فكتب عنه أهلها، ولم يسمع منه أبو أسامة، ثم قدم بعد ذلك الكوفة عبد الرحمن بن يزيد بن تميم وهو من ضعفاء الشاميين، فسمع منه أبو أسامة، وسأله عن اسمه فقال: عبد الرحمن بن يزيد، فظن أبو أسامة أنه ابن جابر فصار يحدث عنه وينسبه من قبل نفسه، فيقول:
حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، فوقعت المناكير في رواية أبي أسامة عن ابن جابر، ولم يفطن إلا أهل النقد فميزوا ذلك ونصوا عليه كالبخاري، وأبي حاتم، وغير واحد.
رابعا: تقع العلة في المتن ولا تقدح فيه ولا في الإسناد
مثاله: كل ما وقع من اختلاف ألفاظ كثيرة من أحاديث الصحيحين إذا أمكن الجمع رد الجميع الى معنى واحد فإن القدح ينتفي عنهما.
خامسا: تقع العلة في المتن وتقدح فيه دون الإسناد
مثاله: ما انفرد مسلم  بإخراجه في حديث أنس رضي الله عنه من اللفظ المصرح بنفي قراءة &#8220;بسم الله الرحمن الرحيم&#8221;[5] ، فعلل قوم رواية اللفظ المذكور لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه: &#8220;فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين&#8221; من غير تعرض لذكر البسملة وهو الذي اتفق البخاري ومسلم  على إخراجه، ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له، ففهم من قوله: &#8220;كانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين&#8221; أنهم كانوا لا يبسملون فرواه على فهم وأخطأ فيه؛ لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيها تعرض لذكر البسملة.
&nbsp;
[1]  ـ مشيخة القزويني، تحقيق عامر حسن صبري، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الأولى، سنة ١٤٢٦ هـ &#8211; ٢٠٠٥ م، ص: 212 [2]  ـ معرفة أنواع علوم الحديث، ابن الصلاح، تحقيق صلاح بن محمد بن عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى 1995م، ص: 71 [3]  ـ ينظر نفس المصدر، ص: 72 [4]  ـ  ينظر ماهر الهيتي، أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء، دار عمار للنشر، عمان، الطبعة الأولى، سنة ١٤٢٠ هـ &#8211; ٢٠٠٠ م، ص: 31 ـ 34 [5]  ـ مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الصلاة، باب حجة من قال لا يجهر بالبسملة، رقم: 399، ونص الحديث النبوي ما رواه أنس رضي الله عنه عن أنس، قال: &#8221; صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، وعمر، وعثمان، فلم أسمع أحدا منهم يقرأ {‌بسم ‌الله ‌الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1].
&nbsp;
&nbsp;

مصطلح الحديث

الحديث المعلّل

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

سنة التدافع ووعد النصر

رمضان شهر تجديد الصلح مع الله

عقبات بناء الإنسان في ضوء القرآن الكريم

إسرائيل ابتلاء مؤقت

الإيمان بالقضاء والقدر

ولذكر الله أكبر

مقالات ذات صلة