post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

الحُبّ في الله عز وجل 
   بعد &#8220;<a href="https://wordpress-1153707-4083331.cloudwaysapps.com/%d9%85%d8%ad%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%88%d8%b1%d8%b3%d9%88%d9%84%d9%87-%d8%b5%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d8%b9%d9%84%d9%8a%d9%87-%d9%88%d8%b3%d9%84%d9%85/">محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم</a>&#8220;، يأتي &#8220;الحب في الله عز وجل&#8221; في المرتبة الثانية من بين شعب خصلة الصحبة والجماعة. يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله : ( الإيمان والتقوى في القلب منبعهما، والحب في الله في القلب منبته. فتربية القلوب على محبة الله ورسوله والمؤمنين أول خيط في حبل الله المتين. وقد جعلنا حب الله ورسوله وحب المؤمنين أهم شعب الإيمان المندمجة تحت الخصلة الأولى: &#8220;الصحبة والجماعة&#8221; )[1].
وفي كتابه <a href="https://siraj.net/ar/read?id=1075">&#8220;شعب الإيمان</a>&#8221; أورد الإمام من أحاديث هذه الشعبة ثلاثين حديثا، مؤداها أن الحب في الله هو شرط الإيمان وأوثَقُ عُراه، وبه يُذاق طعمُه ويبلغ منه المُحِبّ كمالَه وعُلاه.
ونجد فيها أن المتحابين في الله جلساء الله يوم القيامة، يُبعَثون ووجوههم نور على منابر اللؤلؤ والنور، يستظلون بظل عرش الله، ويغبطهم النبيون والشهداء.
وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المتحابين أن يُعْلِم بعضُهم بعضا بهذه المحبة، وحثَّهم على التنافس فيها، وبَشَّرهم بدوام الصحبة دنيا وأخرى.
ويبقى الجزاء الأعظم، والعطاء الأفخم، هو ما جاء به الحديث القدسي الذي أورده الإمام بثمان روايات، نختار منها الرواية الأولى :
عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلْتُ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَإِذَا فَتًى شَابٌّ بَرَّاقُ الثَّنَايَا[2]، وَإِذَا النَّاسُ مَعَهُ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَسْنَدُوا إِلَيْهِ، وَصَدَرُوا عَنْ قَوْلِهِ. فَسَأَلْتُ عَنْهُ، فَقِيلَ: هذَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ. فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ هَجَّرْتُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي بِالتَّهْجِيرِ[3]، وَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، قَالَ: فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، ثُمَّ جِئْتُهُ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قُلْتُ: وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ للهِ، فَقَالَ: آللَّهِ؟ فَقُلْتُ: آللَّهِ، فَقَالَ: آللَّهِ؟ فَقُلْتُ: آللَّهِ. قَالَ: فَأَخَذَ بِحُبْوَة[4]رِدَائِي فَجَبَذَنِي إِلَيْهِ وَقَالَ: أَبْشِرْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: &#8221; قَالَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ &#8220;[5].
هذا الحديث سمَّاه الإمام رحمه الله ( دستور الأخوة في الله وبرنامجها العملي )[6]، و( دستور الوفاق والوئام )[7]، و( دستور الصحبة وبرنامجها )[8].
قال مُعلِّقا عليه : ( قد يكون التحاب فاتِراً في البداية، فيُسخنه التجالس، ويُمَشّي عراه التزاور، ويقوي أواصرَه التباذلُ )[9].
الحب في الله هِبَة ربانية تُنال بالإلحاح في الدعاء، والاجتهادِ في الأخذ بالأسباب. يقول الإمام : ( الحُبُّ لله والحب في الله، رزق يرْزقه الله من يشاء، لا يفيد في ذلك تَفعُّل العبد إلا أن يدعوَ ربه )[10]، ويقول : ( واعلم أن &#8220;أفضل الأعمال الحب في الله والبغض في الله&#8221; كما أخرج أبو داود عن عمر بن الخطاب مرفوعا. وبهذا الاعتبار يكون حب المؤمنين وبُغض الأعداء في الله عملا بوسعك أن تكسبه وتَتَسبَّب في حصوله )[11].
الحب في الله شرط في بناء الجماعة، فهو ( لحم الجسد ودمُه )[12]. ولا ( جماعة إلا بتحابٍّ في الله وصحبةٍ فيه )[13].
وهو شرط في التغيير. يقول الإمام رحمه الله : ( جسم الجماعة إذا لم يكن يسوده الوئام الكامل، والوحدة الوجدانية العقدية والتحاب في الله عز وجل، لا يستطيع أن يؤثر في مجتماعتنا الفتنوية الفاسدة التي يسيطر عليها الحقد الطبقي، والخلاف الحزبي، والنعرات القومية)[14].
وهو أيضا ( الطاقة التي لا تغلب )[15]. به تُؤَلَّف قلوبُ المؤمنين الرحماء، وبه تتألَّف قوةُ الجهاد لدفع الأعداء. يؤكد الإمام على الربط بين الأمرين فيقول : ( الحب في الله والبغض في الله أوثق عرى الإيمان كما جاء في الحديث. وثاقة هاته العروة من وثاقة الولاء التام لله ولرسوله ولدينه. أفيمكن للأمة والجسد واه غثائي أن تستجمع قواها وتجاهد أعداءها وتعز على المستكبرين إن لم يصلح القلب وتتوثق عرى الإحسان؟ )[16].
وبلسان الناصح الأمين، يخاطب الإمام مَنْ غَفَل عن مَحاسن هذه الشعبة، وكان فيها من الزاهدين، فيقول : ( يا غافل! هذا عمرك يتصرَّم! فماذا أسست من صداقات، وماذا بنيت لآخرتك من معارف، وما شَغَفَ قلبك من أحباب؟ أنت مع أولئك يوم القيامة، وأنت من ذلك الصنف أيا كان. «فالأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» كما روى مسلم وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا. اهرُب من قرناء الغفلة، وارْتَمِ في أحضان قوم صالحين، وابك على ربك ليرزقك محبتهم، عسى أن تنجوَ من وَرطة الانحشار في زمرة الهالكين )[17].
وفي &#8220;المنظومة الوعظية&#8221; يُخَيِّر، ويُذَكِّر، ويُحَذِّر :
أنت في هذهِ الحياة نديمٌ[18]           لِرفيق الحانات[19] إلْفا[20] ألِفْتَه
أو جليسُ الأخيار في مَلَإِ الذِّك     ر جليسُ الرحمن مهما ذكرته[21]
تستوي عندك الشياطين في الح     انِ وجُلاَّسُ مَسجدٍ قد سَئِمْته !!![22]
سوف تلقى نتائِجَ الحب في الل     ـه وعُقْبَى الجِنان مَعْ مَنْ ودِدتَه[23]
أوْ تُلَقَّى يومَ الجزاء كِفاءً[24]          إن أطعتَ الهوى الهوانَ وَرِثْتَهْ
الأخِلاّء يَومها في عِداء[25]          أنْ جَليسٌ من التُّقاةِ جفَوْتَه[26]
وأباليسُ كنت عُمْرَك تغشى         وعشير من البُغاة[27] اصطفيته
&nbsp;
وقد نظم الإمام رحمه الله معانيَ الحديثِ &#8220;الدستور&#8221; في القطف 304[28]، فقال :
     ألاَ يَا طَالبَ الإحسانِ فاسمَعْ فإن الله حَبَّ المُحْسنِينَا
     أحبَّهُمُ ابتِداءً مِنْهُ نُعْمَى      وطالَبَهمْ بِحُبٍّ فيه دِينَا
     فإنّ الحُبَّ فِيهِ لِخِلِّ تَقْوى     يُرَسِّخُ حُبَّه حقّاً يقينَا
     فقَدْ وجَبَتْ محَبَّتُهُ لِجَمْعٍ      تَآخَوْا صَفْوَةً متواصلينا
     ويوصِي بَعْضُهُم بعْضاً بحقٍّ وَصَبْرٍ عازِمٍ متناصِحينا
     وَزَاروا في مجالسهِ خَلِيلاً     وَوَاسَوْا واعْتَنَوْا مُتباذِلينا
     فصلِّ إلهَنا أبَداً وسلِّم        علَى مَنْ كانَ للوَحْيِ الأَمِينَا
&nbsp;
[1] ياسبن، عبد السلام. المنهاج النبوي، الطبعة االرابعة 1422-2001، ص86. [2] أي أن ثناياه تلمع كالبرق إذا تبسّم، أراد وصف وجهه بالبشر والطلاّقة [3]  أي بكّرت فوجدته قد سبقني بالتّبكير إلى الصلاة. [4]  المحل الذي يحتبى به من الرداء. [5]  أخرجه مالك في الموطإ، كتاب الجامع، باب ما جاء في المتحابين في الله، رقم: 763، واللفظ له، وابن حبان، كتاب البر والإحسان، باب الصحبة والمجالسة، ذكر ايجاب محبة الله عز وجل للمتحابين فيه والمتجالسين فيه، رقم: 575. وهو حديث صحيح. [6]  المنهاج النبوي، ص86. [7]  المنهاج النبوي، ص107. [8]  المنهاج النبوي، ص140. [9]  ياسين، عبد السلام. تنوير المؤمنات، ج2، مطابع أفريقيا الشرق 2018، المغرب، ص23. [10]  ياسين، عبد السلام. الإحسان، ج1، مطبوعات الأفق، المغرب، الطبعة الأولى1998، ص187. [11]  الإحسان ج1، ص191. [12]  المنهاج النبوي، ص85. [13]  المنهاج النبوي، ص86. [14]  المنهاج البوي، ص85. [15]  المنهاج البوي، ص86. [16]  الإحسان ج1، ص26. [17]  الإحسان ج1، ص190. [18]  الذي يشارك غيره في الشراب. [19]  حانوتُ بيع الخمر. [20]  المألوف. [21]  روى الإمام البخاري في صحيحه والترمذي وأحمد عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: « يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني. فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي. وإن ذكرني في ملإٍ ذكرته في ملإٍ خير منه. وإن تقرّب إليَّ شِبْراً تقربْتُ إليه ذراعا. وإن تقرّب إليَّ ذراعا تقربت إليه باعا. وإن أتاني يمشي أتيتُه هَرْوَلَةً». [22]  ضَجِرَ. [23]  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب». أخرجه الشيخان عن أبي موسى الأشعري وأخرجه غيرهما. [24]  جزاءً. [25]  قال الله تعالى: &#8220;الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين&#8221; الزخرف67. [26]  أبغضته وهجرته. [27]  الطغاةُ. [28]  ياسين، عبد السلام. ديوان قطوف، ج4، 316/2000.

التزكية والدعوة

الحُبّ في الله عز وجل

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

البر وحسن الخلق

رعاية حقوق المسلمين والإصلاح بين الناس

إكرام الجار والضيف

القوامة والحافظية

الزواج بآدابه الإسلامية وحقوقه

الإحسان إلى الوالدين وذوي الرحم والصديق

مقالات ذات صلة