ولقد حدد الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله أُسُس الأدب مع رسول الله ﷺ ومُبتدأه ومُنتهاه، فقال بعد كلام: “فأدَبُ أتباعه ﷺ يبتدئ وينتهي عند اتِّباعه ﷺ فيما بلّغ عن ربه عز وجل، مع محبته وطاعته. فالأدب بهذا المعنى هو الدين كله، يشمل آداب القول والفعل والتخلق والنيّة. يشمل آداب المسلمين والمؤمنين والمحسنين السالكين، كلٌّ على حسب مدرجته وحظه من الله ومن العلم بالله، يشمل الأدب مع الله عز وجل ومع رسوله الكريم ومع الخلق كافة
نطرح على أنفسنا سؤالا واضحا وضروريا. ما هي العبرة التي يتعين علينا أن نتخذها جسرا ننتقل عليه من زمن ميلاد خير الخلق صلى الله عليه وسلم إلى زمن الملك الجبري الذي أذن الله تعالى بزعزعة أركانه على أيدي الشباب الذين ظلوا لعقود طويلة ضحية تجهيل وتخويف من الإسلام الحق وأهله؟
الحب في الله بنص الحديث، هو عمل وكسب المؤمن بل هو أفضل الأعمال، يبذل من أجله كل الأسباب ويستمطره بالدعاء والتضرع إن أنس من نفسه جفوة ويسعى إليه سعيا هروبا من كل كبوة. قال الإمام المجدد رحمه الله تعالى: “أهرب من قرناء الغفلة وارتم في أحضان قوم صالحين وابك على ربك ليرزقك محبتهم عسى أن تنجو من ورطة الانحشار في زمرة الهالكين فإن حب الصالحين يثمر حب الله وحب الله يثمر حب الصالحين
لا تكاد تجد – بل ولن تجد – في هذه الأمة إماما من أئمة الهدى والإصلاح إلا وله بكتاب الله تعالى عنايةٌ دقيقة وارتباطٌ خاص. يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله : ( أنا عبد الله المذنب ابن فلاح بربري نشأ في القلة والحرمان المادي، ثم قرأت القرآن فهو كان بحمد الله ولا يزال قراءتي الحقيقية الوحيدة ).
يحل فصل الصيف بما يحمله من خصوصيات ومظاهر تميزه عن باقي الفصول، فهو فصل الحر والعطلة، فصل الراحة والتخفف من روتين العام الدراسي وضغط العمل اليومي، كما أنه موسم السفر والتلاقي والتجمعات العائلية، حيث تمتلئ الأماكن العامة والمصايف بالحركة والحياة. وليس من الغريب أن يختار كثير من الناس فصل الصيف للاحتفال بالمناسبات السعيدة كالأعراس واللقاءات العائلية، حتى غدا يعرف عند الناس بـ”فصل الفرح بامتياز”.
كتب الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله في كتابه الإسلام غدا: «سنة الله في الكون أن تسري الهداية بالميراث الروحي كما تسري خصائص الجسم بالتناسل البيولوجي. ويسرى من المصحوب المقبور لتابعه نورانية ولا شك، إلا أنها لا تبلغ أبدا أن تعطيه الميلاد الروحي الذي يوجدك في عالم لا تولد فيه إن لم تكن لك أبوة، وإن لم تزرع في أرض نفسك فحولةُ الأب الروحي بَذْرَةَ الحياة.»[1]
والحج رحلة لها مضمون كما الرسالة لها مضمون، رسالة الحج هو التوبة إلى الله والإنابة إلى الله والافتقار إلى الله والانكسار بين يدي الله، فـ”أَنا عِندَ المُنكَسِرَةِ قُلوبُهُم” و﴿ إِنَّما الصَّدَقاتُ لِلفُقَراء ﴾، فينبغي أن تذهب فقيرا لتعود بالله غنيا، وتذهب ضعيفا لتعود بالله قويا، وتذهب لتعرض ذنوبك وعيوبك حتى تعود نقيا تقيا طيبا زكيا. ومضمونها الرحمة ﴿وَما أَرسَلناكَ إِلّا رَحمَةً لِلعالَمينَ﴾. فالإنسان يتزود في رحلة الحج برحمات يراها ورحمات يسمعها ورحمات يعيشها ورحمات يذوقها، فـ”الرّاحِمونَ يَرحَمُهمُ الرَّحمَن” و”ارحَموا مَن في الأَرضِ يَرحَمكُم مَن في السَّماء”. فإنت تتزود رحمة لتفيض بها على غيرك، وأنت تغرف بمغرفة قلبك من رحمات ربك، التي فيها هناك “ما لا عَينٌ وَلا أُذُنٌ سَمِعَت وَلا خَطَرَ عَلى قَلبِ بَشَر”، لتعود فتغرف بمغرفة لسانك وعملك وأخلاقك وسلوكك من تلك الرحمات خيرا تطعمه غيرها.
لو سألت خبيرا من الخبراء عن معنى التجارة مختصرا في كلمة، لقال: الربح. ولو سألت عالما من العلماء عن معنى الدين مختصرا في كلمة، لقال: الاستقامة. ولو سألت وليا من أولياء الله تعالى عن معنى السلوك مختصرا في كلمة، لقال: التخلّق. الرّبح يقتضي عملية البيع والشراء، والاستقامة تقتضي امتثال أمر الله عز وجل واجتناب نهيه، والتخلّق يقتضي التّخلي عن الرذائل والتّحلي بالفضائل. هذا باختصار، فما معنى الاستقامة وما معنى السلوك وما العلاقة بينهما؟
إنّ سنّة التدافع من السنن الحاكمة لحركة الحياة والأحياء، والتدافع مع الباطل يقتضي بناء بيئة منورة مجاهدة مقتحمة، فالله تعالى يدفع أهل الباطل بأهل الحقّ، ويدفع أهل الفساد في الأرض بأهل الإصلاح فيها ولولا ذلك لغلب أهل الباطل والإفساد في الأرض، وبغوا على الصالحين وأوقعوا بهم حتّى يكون لهم السلطان وحدهم، فتفسد الأرض بفسادهم، فكان من فضل الله على العالمين وإحسانه إلى الناس أجمعين أن أذن لأهل دينه الحقّ المصلحين في الأرض بمواجهة المفسدين فيها من المستكبرين الظالمين والبغاة المعتدين.
ويصف المساجد في غد الإسلام جامعا بين الشكل والمضمون فيقول: «لا يؤوي إسلامَنا إلا مساجد وظيفية في شكلها إنسانية بمضمونها، بمجالس الإيمان وبالمبايعة على الطاعة والتطوع والتعاون البناء. ولن نهدم هذه المساجد المشيدة المزوقة بل نعمرها، وعمارتها شيء غير هذا التزويق، إنما عمارتها بقلوب طاهرة وعقول مدبرة وجسوم نظيفة قوية وأخلاقية تعبق بأريج الروحانية العالية للمؤمنين المحسنين»
كان الصحابة رضي الله عنهم ومَنْ تَبعهم بإحسان يواظبون على النوافل مواظبتَهم على الفرائض، ولا يفرقون بينهما في اغتنام الثواب. روى مسلم عن النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّى لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلاَّ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ،
شهر رمضان من أعظم نفحات الدهر، فيه تتنزل الرحمات، وتضاعف الحسنات، ويجزل المولى عز وجل فيه العطايا والهدايا والمكرمات، كما بشرنا رسول الله ﷺ إن أقبل باغي الخير، وأقصر باغي الشر[1]، بالمسارعة للتوبة والصلح مع الله، والتحرر من دواعي النفس الأمارة بالسوء، ومن الغواية الشيطانية، والإقبال على الطاعات من صيام وقيام وتلاوة للقرآن وجميع القربات، فالمحروم من انسلخ الشهر الفضيل وقد حرم من بركاته استئهالا لرحمة الله ومغفرته بكرمه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: “رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه فلم يدخلاه الجنة” (أخرجه مسلم). ويبقى السؤال الجوهري هو كيف ننتقل من التوبة إلى الأوبة والإنابة والحضور الدائم مع الله تعالى في رمضان وبعده؟
رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران الذي أخبر فيه مبعوث الحق ﷺ بأن المحروم من أدركه ولم يغفر له، فالموفق السعيد من يسطر برنامجا يسير عليه في المدرسة الرمضانية ذات الأيام المعدودات، برنامج يشمل ما وجب تثبيته، وما وجب الاجتهاد فيه، وما وجب الامتناع عنه.
ما أشدَّ حاجة العبد المؤمن المخلص في مسيره إلى مولاه، إلى أن يختار الأزمنة الفاضلة ليخلو بنفسه، ويركن إلى زاوية الفكر والذكر يتأمل حاله، ونعمة الله عليه فيحمده ويشكره، في كنف أسرته وفي حضرة صحبة الصادقين الذاكرين المجاهدين في أوقاتٍ ومناسبات تُحيي فطرته وتُقوِّي صلته بمولاه. وإن مدار الأعمال على القلب، وأكثرُ ما يفسده تلك المشوشاتُ والشواغلُ التي تصرفه عن الإقبال على الله عز وجل من شهوات الطعام والشراب وفضول الكلام والنوم…
من أجل استشراف مستقبل الخلافة على منهاج النبوة يتعين على أبناء الحركة الإسلامية ربط الماضي بالحاضر مع استنباط الدروس و العبر من كافة الأحداث التي شهدها التاريخ.
من الأحداث العظيمة التي شهدها تاريخ الإسلام و المسلمين غزوة بدر الكبرى التي وقعت في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية للهجرة . و قد تناولت كتب السيرة هذه المواجهة العسكرية بالتفصيل نظرا لأهميتها في تحديد مسار المسلمين منذ ذلك الحين .
الاعتكاف في رمضان سنةٌ نبوية ماضية إلى يوم القيامة، حيث يواصل المعتكِف عكوفه في المسجد أو في غيره من الأمكنة الطاهرة إذا تعذر، زمنا محددا، ويكون في الغالب عشرة أيام بلياليها. ويبقى الاعتكاف في المسجد أولى وأفضل لقدسية المكان ولإقامة الصلوات والجُمع فيه، خلال شهر رمضان أو في غيره من الشهور، غير أنه في رمضان أفضل لفضل الشهر الكريم، وخاصة العشر الأواخر منه، لخصوصيتها وفضلها، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف كما اعتكف أصحابه وأزواجه والتابعون