
انطلقت اليوم 08 دجنبر 2024 على الساعة 10:30 أشغال الندوة الفكرية حول موضوع: “الشباب ورهانات البناء والتحرير”، ضمن فعاليات الذكرى الثانية عشرة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله بالدار العامرة بسلا المغربية.

استهلت الندوة الفكرية بكلمة افتتاحية للسيد الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الأستاذ محمد عبادي حفظه الله، الذي شكر الحاضرين والحاضرات على احتفائهم بالذكرى وصاحبها رحمه الله، الذي عمر حياته كلها لبناء قواعد متينة لأمة رسول الله ﷺ، وكانت فئة الشباب أول ما اهتم به فهم الركن الأساس للتغيير، وقد كان الإمام رحمه الله يشحذ عزائم الشباب ويبث فيهم الأمل ويشجعهم على حمل هم الأمة. كما ذكر السيد الأمين العام بما تعيشه الأمة من أهوال شديدة، وفي طليعة الأمة إخواننا في فلسطين وغزة على الخصوص الذين أوشكوا أن يصبحوا أثرا بعد عين بعد أن طغى عليهم الصهاينة وأزلامهم في الغرب وأتباعهم من العرب بين ظهرانينا.

بعد ذلك قارب الأستاذ زياد بومخلة الكاتب والباحث السياسي نائب الأمين العام للائتلاف العالمي لنصرة القدس وفلسطين قضية الشباب اليوم بالتأكيد على أن الاستبداد أصل كل داء ولا فرصة للتعايش معه، وحري بالعاملين في ميادين الفكر والسياسة تعزيز النقاش حول كيفية تغيير الأوضاع بأشكال مختلفة توافق مستجدات الساحة اليوم. ومحاربة -ما أمكن- الطائفية التي تنخر مجتمعاتنا العربية. والتأسيس لتيار جامع في الأمة ومقاربة جامعة لقوى الأمة، من خلال صياغة مشروع حضاري يجمع الأمة ويبني مستقبلها. بدءا من طريق الأقصى الذي هو الطريق الأساس لهذا المشروع. كما أكد الأستاذ زياد أنه يلزمنا التفكير في تحقيق الوحدة في حدها الأدنى، وتجاوز إكراهات الدولة القطرية، والعمل على أن نبني للشباب دورا مهما في المرحلة القادمة من مستقبل هذه الأمة لنخرج من استهلاك المعرفة إلى بناء المعرفة والعمل الميداني.

أما الصحفي المقتدر والناشط الحقوقي سليمان الريسوني فقد وقف عند الأزمات التي يتخبط فيها الشباب المغربي، وما الأرقام الصادرة عن المؤسسات الرسمية وغير الرسمية إلا نزر يسير من واقع البطالة البئيس الذي يتجرع مرارته شبابنا اليوم، وما مشاهد الهجرة غير الشرعية مؤخرا والدعوات إلى الهجرات الجماعية للحدود الشمالية إلى نتيجة من نتائج هذا التهميش والتفقير الممنهج. كما أشاد الريسوني بما تبذله الجماعة من مبادرات للحوار مع باقي القوى الحية في المغرب والتنسيق الميداني في كل المناسبات النضالية، وليس ذلك بغريب عن جماعة العدل والإحسان، كيف والفضل كله لصاحب الذكرى الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله، الذي كان رجل تربية ورجل حوار. ودعا الريسوني في ختام مداخلته إلى العمل على إنشاء إطار يجمع المكونات السياسية والمجتمعية الحرة، بما يسعف في التقدم إلى الديمقراطية المنشودة وصناعة الجماهير الفاعلة وتحقيق إرادة الشعوب.

أما الأستاذ محمد قنجاع الباحث في قضايا الفلسفة والفكر السياسي فقد وقف عند التحديات التي يعانيها الشباب المغربي خاصة والعربي عموما، تحديات هي صنيعة استبداد يغتال الإرادات ويخنق كل نسمة حياة! كل ذلك في واقع اجتماعي واقتصادي مرير يتحكم في أوصاله عبر آليات التجهيل والتفقير. زيادة على هدم القيم الإسلامية والإنسانية الكونية، واستهداف الفطرة السليمة والهوية الراسخة من خلال حملة ممنهجة للإلهاء والتمييع والتطبيع مع سيل التفاهة وجراثيم الإفساد. وأشار الأستاذ قنجاع أن الاحتلال لم يغادرنا حتى ترك ذراريه تنوب عنه في إفساد الأمة وشبابها. لأجل ذلك، دعا إلى ضرورة الوعي الرقمي وقدرة الشباب على التفاعل مع التطورات التكنولوجية واستثمارها الاستثمار الأمثل لخدمة القضايا الراهنة، التي تخدم مصالحنا الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والتغييرية، وحث الباحث في قضايا الفلسفة والفكر السياسي إلى بذل كل الجهود في سبيل التنسيق مع كل القوى الشبابية الحية في البلاد.

وفي المداخلة الأخيرة تطرق الأستاذ رشيد العدوني الباحث في القانون الدولي والأمن والجيوبوليتيك إلى قضية «صراع الأجيال» التي تم تحميلها من الحمولات السياسية والإيديولوجية ما لم تحتمله، بغية العدول عن حقيقة الصراعين السياسي والاجتماعي اللذين لا يخدمان مصلحة الاستبداد، ومن هم في فلكه من أصحاب الثروة والسلطة. مؤكدا أن «صراع الأجيال» شكل وجها من أوجه التفاعل بين الشباب والشيوخ، المبني على نقل الأعراف وتوريث التجارب وصقل الخبرات، وهو ما يتطلب الاعتراف بفضل السابقين والتأسيس على إرثهم. وأبرز الأستاذ العدوني أن الغاية المرجوة من الرهان المنوط بالشباب هو بلوغه أفق التحرير والبناء، ولا يمكن بلوغ هذه الغاية السامية إلا بالانطلاق من تحرير المفاهيم، تحريرا معرفيا يؤسس لما بعده من آفاق وتحديات. وأولى الخطوات العملية تكمن في موجة التدين لدى فئات الشباب ومشاركتهم في الفضاء العمومي والحقوقي، تديّن يكون -إن شاء الله- لبنة أساسية وثمرة مباركة تنفع بها مجتمعاتنا.

وفي كلمة ختامية شكر نائب الأمين العام لجماعة العدل والإحسان السيد فتح الله أرسلان الحضور الكرام، بمختلف مشاربهم السياسية والإيديولوجية، وتلبيتهم دعوة الجماعة ونداء الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، الذي كان يلحّ على الحوار والمشاركة الفاعلة مع كل الفضلاء الديمقراطيين وأطياف المجتمع في كل قضايا الأمة. وأكد الأستاذ أرسلان أن مسألة الحوار ليست بالهيّنة، لأن للشركاء تصورات وإيديولوجيات ونيات مختلفة، لكننا نؤسس ما هو مشترك فيما بيننا وهو كثير. كما أشار إلى ما يعانيه الحقوقيون والصحفيون الأحرار في المغرب من تضييق وسلب للحريات، وما يزال الكثير منهم في غيابات سجون الاستبداد.
كما شكر الأستاذ فتح الله أرسلان الشعب المغربي على دعمه إخواننا في فلسطين، وثمن الأشكال التي أبدعها للاحتجاج على ما يقع في تلك البقعة المباركة، وندد بكل أشكال التطبيع. مؤكدا أن إشكالنا في المغرب ليس التطبيع فحسب.. بل نحن أمام احتلال للصهاينة للمغرب في كل مناحي الحياة. فالمطلوب إلينا -الآن وغدا- أن نؤسس لتحالف عالمي ضد الصهيونية العالمية، حتى تسقط أركانها وتخبو نارها.

ثم كان دعاء الختم لفضيلة الأستاذ عبد الهادي بالخيلية الذي ترحم على صاحب الذكرى الإمام الجليل عبد السلام ياسين رحمه الله، وعلى شهداء فلسطين وأهلنا في غزة، وبالنصر والتمكين لأمة رسول الله ﷺ في مشارق الأرض ومغاربها.



أضف تعليقك (2 )