العلوم الشرعية في تراث الإمام عبد السلام ياسين اهتمام وإسهام:
ترك الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله تراثا علميا عظيما، مؤلفات ورسائل متنوعة تربو على الأربعين في مجالات متنوعة تربوية وتعليمية وسياسية واقتصادية، ومحاضرات عديدة في قضايا مختلفة تهمّ الفرد والمجتمع والأمة، يدرك الباحث المنصف من خلال الاطلاع على هذا الميراث و دراسته وسبر أغواره أن الرجل كان علما من أعلام هذه الأمة، مهتما بقضاياها آناء الليل وأطراف النهار، داعيا إلى الله تعالى برحمة ورفق مجاهدا في سبيله لا يخاف في الله لومة لائم، وهو أيضا العالم الذي حاز قدرا عظيما من العلوم والمعارف، ولجها من أبوابها الواسعة، بدءا بتعلمه القرآن الكريم وحفظه في سن مبكرة، وإحكامه علوم الآلة والعلوم الشرعية على شيوخه من أهل القرآن والعلم، واطلاعا على الفلسفات المختلفة، والمذاهب المتعددة، وثقافات عصره، باللسان العربي المبين، وبغيره من ألسن الناس. ويأتي هذا المقال المختصر بحول الله وعونه لتسليط الضوء على أمر مخصوص نبيّن بمقتضاه مدى تمكّن الرجل من العلوم الشرعية وضبط مناهجها ومسالكها ومباحثها، وتثمين ما خطه أصحابها، ومراجعته الفاحصة لما يحتاج منها إلى اجتهاد وتجديد في ضوء الواقع المعاصر الذي يعجّ بالوقائع والنوازل المستجدة.
ـ في علم أصول الدين:
يُعرَّف علم أصول الدين بأنه “علم يقتدر به على إثبات العقائد الدينية المكتسبة من أدلتها اليقينية”،[1] بإيراد الحجج عليها، ودفع الشبه عنها، وسمي أصولا، لأن الدين يبتني عليه، فالإيمان بالله تعالى أساس الإسلام بفروعه المختلفة، وقد جاء هذا العلم ليواجه جملة من التحديات والإشكالات التي واجهت العقل المسلم على مستوى العقيدة، لذلك ثمن الإمام رحمه الله جهود علماء الكلام التي قصدت “تحرير العقيدة من الخلط الفلسفي، والدس الزندقي، والشعوذات المحلية والرسوبات الجاهلية”،[2] وقد وصف رحمه الله المتكلمين أول نشأة علم أصول الدين بكونهم “فئات من جند الإسلام يدفعون عن العقيدة عوادي الفلسفة المادية الإغريقية، وغوائل السحر المشرقي، ووثنية الهند والسند، وضلالات الفرس”،[3] لكن في مقابل تثمينه لجهودهم الخادمة لعقيدة التوحيد، انتقد رحمه الله طائفة منهم حين كفروا عوام المسلمين بسبب عدم معرفتهم لعلم الكلام.
وقد أورد رحمه الله في هذا السياق نصا نفيسا للإمام الغزالي، يتحدث فيه رحمه الله عن داء قديم في الأمة استفحل أواره ودواره في عصرنا:
” فصل: من أشد الناس غلوا وإسرافا طائفة من المتكلمين كفروا عوام المسلمين، وزعموا أن من لا يعرف الكلام معرفتنا، ولم يعرف العقائد الشرعية بأدلتها التي حررناها، فهو كافر، فهؤلاء ضيقوا رحمة الله على عباده أولا، وجعلوا الجنة وقفا على شرذمة يسيرة من المتكلمين”.[4]
وحتى لا يكون بعض المتكلمين سيفا مصلتا على رقاب عوام المسلمين دعا الإمام رحمه الله أن يسلك هؤلاء في حجاجهم عن العقائد الإيمانية مسلك الرحمة والرفق بالمسلمين والناس أجمعين؛ قال رحمه الله: “أما في علم أصول الدين علم الكلام، علم الجدال عن الدين –وهو علم إما يكون لنا أو علينا- فمجاله مجال ترتبك في منعرجات المخلف منه عقول، فتتشكل من ارتباك الذهنيات السطحية فيه عناصر التشكيك والتعسير والتبديع والتفكير، وقد جعل الله هذا الدين يسرا وتعليما وتيسيرا وتبشيرا. يكون لنا علم الجدال عن الدين والتبصير بالدين لا علينا إن كان مع الاستدلال العقلي والاستشهاد النقلي نية الهداية والدعوة والرفق بالمسلمين وبالناس أجمعين، لا قصود التعجيز والنبذ”.[5] وهذا انتقاد دقيق منه رحمه الله لأرباب الكلام ـ الذين عسروا أمر العقيدة ـ لأن تحصيل الإيمان وصفاء العقيدة لا يكون بضبط الأدلة المحررة والتقسيمات المرتبة والتمكن من قواعد الجدال، بل الإيمان نور يقذفه الله عز وجل في قلوب عباده منحة وعطية من عنده سبحانه.
ـ في تفسير القرآن الكريم: عني الإمام عبد السلام ياسين عناية كبيرة في مشروعه التغييري ـ الذي يروم بناء الفرد وإصلاح المجتمع وإحياء الأمة ـ بالنص القرآني تفسيرا وتأويلا واستنباطا، وإن مما ينهض شاهدا صادقا على محورية النص القرآني في تراثه رحمه الله، انعقاد المؤتمر العلمي الدولي الأول الذي فصّل القول في مركزية القرآن الكريم في نظرية المنهاج النبوي.[6]
ومما يجدر التنبيه عليه في هذا المقام، أن الإمام رحمه الله على كبير تثمينه لجهود السلف في تفسير النص القرآني كان ينبذ التقليد ويرد أقوال بعض المفسرين التي تتسم بضيق الفهم وتتعارض والرؤية القرآنية الكلية، يقول: “إن قراءة الكتاب والسنة قراءة من جانب واحد ومن أسافل التقليد وعبر منظار من عاش في زمانه ومكانه وأحواله ومات، ما هي القراءة الصحيحة”.[7]
لقد كان الإمام رحمه الله يحرص على أن يكون النظر في القرآن نظرا جامعا يأخذ بعين الاعتبار الترابط بين معانيه، والتعامل مع آياته بنية التنفيذ والتطبيق.
ـ في علم الحديث النبوي:
كان الإمام ياسين حريصا على اتباع السنة النبوية فهما واقتداء، كثير الترحم على أهل الحديث لأنهم تركوا لنا حسب تعبيره: “أثمن مادة وأرفعها مكانة في السرادق الفخم، سرادق علوم الإسلام”، [8] وقد عكف رحمه الله على دراسة السنة المشرفة، فكان من ثمار ذلك كتابه القيم الذي صنفه في السجن والمسمى بـ “شعب الإيمان” [9] جمع فيه الأحاديث حول الأعمال و الأخلاق الإيمانية التي عبّر عنها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الحديث المشهور المتفق عليه بكلمة “الشعبة”، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : “الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ أَو بضع وَسِتُّونَ شُعْبَة، فأفضلها قَول لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَدْنَاهَا إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق، وَالْحيَاء شعبةٌ من الْإِيمَان”.[10]
وقد وضع رحمه الله الكتاب على ترتيب جديد يختلف عن منهج الإمام الحليمي والإمام البيهقي وغيرهما ممن كتب في هذا الباب، حيث رتب مصنّفه الحديثي ترتيبا عمليا يحتاج إليه الفرد والجماعة، رتّبه تحت الخصال العشر، ثم فرع تحت كل أصل أعمالا وأخلاقا، وتلك الخصال العشر كما يلي:
1: الصحبة والجماعة 2: الذكر 3: الصدق 4: البذل 5: العلم 6: العمل 7: السمت 8: التؤدة 9: الاقتصاد 10: الجهاد.
إنه اعتمد في هذا الاختيار على ما تيسر له من مصادر في السنة النبوية في السجن، وهي: رياض الصالحين للإمام النووي، والترغيب والترهيب للمنذري، والإتحافات السنية للمناوي، والتاج الجامع للأصول للشيخ منصور علي ناصف، وحياة الصحابة للشيخ الكاندهلوي.
ـ في علم السلوك إلى الله:
اهتم الإمام ياسين كثيرا بعلم السلوك إلى الله تعالى، والمطلع على مؤلفاته المتنوعة القضايا يلفي النفس التربوي الأصيل والعميق بين ثناياها كلها، ويمكننا القول إنه أفرد لهذا العلم كتاب “الإحسان” في جزأين اثنين، وهو كتاب سلوك جهادي جماعي مرماه الدلالة على الله سبحانه وحبه ومعرفته ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم والصالحين من خلق الله عز وجل، وقد أثنى رحمه الله على ما تركه الصالحون من معاني حب الله والتعلق به، وحافظوا عليه جيلا بعد جيل مع تنبيهه رحمه الله أن التعلق بتلك المعاني القرآنية النبوية التي ترقق القلوب يلزم ألا تفضي بصاحبها إلى الانزواء والابتعاد عن قضايا المجتمع والأمة التي يعبث بها المستكبرون في الأرض، قال رحمه الله: “ننظر في علم السلوك لنأخذ أحسن ما خلفه الصالحون من معاني التعلق بالمولى جل وعلا، ومن معاني ترقيق القلوب، ومن معاني تهذيب النفس والأخلاق، ومن معاني الصدق في طلب وجه الله عز وجل، ومن معاني العزوف عن دار الغرور، ومن معاني الإنابة إلى الرب الكريم وإلى الدار الآخرة. نأخذ المعاني والروح لا الأساليب الزهادية التي كانت مظهرا من مظاهر الانزواء تركت الباغين في الأرض في عربدة لا مراقب عليها، والأمر لله”.[11]
ـ في علم أصول الفقه:
يصف الإمام ياسين علم أصول الفقه بالآلة المنهاجية التي اعتدّها لنا علماء السلف الصالح، قال رحمه الله: “آلة علم أصول الفقه، لهي أساس عقلي بعد الأصليين النقليين” [12] أي بعد القرآن الكريم والسنة النبوية، وقد دعا إلى اعتماد المنهج الأصولي لمواكبة القضايا والمستجدات التي تنزل بالناس في الواقع المعاصر، قال رحمه الله: “لا نكون إلا مبذرين سفهاء إن لم نعتمد على المتين منه وإن لم نكمل ونؤصل للمستحدث من القضايا والظروف قياسا والتماسا واستئناسا”. [13]
كما تحدث كثيرا عن بعض الأدلة التي تندرج ضمن علم أصول الفقه، ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر، دليل الاجتهاد، فقد بين رحمه الله مراحل تطور الاجتهاد منذ عصر الصحابة الكرام إلى زماننا هذا، قال: ” كان العالمُ الواحدُ يجمع نصيبا من القرآن ومن الحديث، ومعرفةً عميقةً باللغة وأسرارِها، ومخافةً لله عز وجل، فيَصْلُحُ للاجتهاد. هذا كانَ شأن الصحابة رضي الله عنهم. ومن بعدهم احتاج العلماء إلى اجتهاد أشقَّ للتثبت من صحة الحديث، وتعقدت مآخذُ الحكم بذلك كما تعقدت الحياة الاجتماعية فأصَّلوا أصولا عامة للاجتهاد لا بد للعالم من معرفتها. لكنَّ الرجلَ الواحدَ كان يستطيع أن يجتهد في كل أو جل أبواب الفقه، لا يكاد يفتقر، بعد رُواة الحديث، إلى من يساعده. على أنهم كانوا يُبيحون تفرُّدَ العالم بالاجتهاد في باب واحد من أبواب الفقه”،[14] ليخلص رحمه الله إلى تأكيد القول بأن الاجتهاد في زماننا يتعين أن يكون جماعيا نظرا لما يعرفه الواقع المعاصر من النوازل المشتبكة والمعقدة التي تحتاج إلى اجتهاد جماعي من العلماء ذوي الاختصاصات المتعددة، قال رحمه الله: “وإلى جانب المفسر المحدث، والأصولي الناظر، والفقيه المتخصص، لا بد من خبراءَ في جميع مجالات الحياة ليساعدوا رجال الشريعة على تحقيق مناط الأحكام، وابتنائها بالصيغ الصالحة للتطبيق بما يؤدي للمصلحة”،[15] فلا بد إذن حسب الإمام ياسين من اجتهاد جماعي تتكامل فيه الخبراتُ العملية مع العلم بالنصوص، والتخصص الفقهي، وبعد النظر الأصولي.
ــ في علم الفقه:
مما انتقده الإمام في موضوع التراث الفقهي غلبة الفقه الفردي على الفقه الجماعي، ذلك أن الاجتهاد الفقهي في الماضي ركّز على الأحكام المتعلقة بالفرد في مختلف القضايا، في حين كان الميراث الفقهي في الأحكام المتعلقة بالجماعة ضعيفا، يقول رحمه الله: “ونقارن بين البحار الزاخرة من فقه الفروع التي كانت ضرورية ومسموحا بها، وبين المقالة في حقوق الله وحقوق الأمة في الشورى والعدل، فنجد هذه نزرا يسيرا خجولة ساكتة عن كثير من الحق، ناطقة ببعض الباطل كالفتوى بإمامة المستولي بالسيف”. [16]
وقد بيّن الإمام ياسين أن السبب الذي كان وراء هذا الميراث الفروعي الهائل الذي لا يستغنى عنه، بقوله: “ما نزل إلينا من اجتهاد حافل لا يكاد يتجاوز الفقه العبادي الفردي والمعاملات الاجتماعية. عكف فقهاؤنا رحمهم الله على ذلك بعد أن عزلهم السلطان عن الحياة العامة، وأفردهم للفتوى في شؤون الناس اليومية. جل ما عندنا من فقه سلفنا الصالح فقه فروع لا نستغني عنه”.[17]
لكنه ينبه إلى قضية أساسية في كيفية التعامل مع هذا التراث الفقهي الفروعي، إذ نجده رحمه الله يتحدث عن نسبية هذه التركة الفقهية لأن الذين: “اجتهدوا قبلنا كانوا يدافعون عن قضايا ربما تكون الآن اندثرت، كانوا يتفاعلون مع واقعهم بنيات معينة، في مواجهات معينة، بوسائلهم الممكنة، لأهداف ممكنة. كانوا يجتهدون في نسبية تضع اجتهادهم مواضعه في الزمان والمكان والأهمية، ويضعه المقلدة في مكانة المطلق، في المكانة التي لا تنبغي إلا للقرآن وللسنة المبينة”.[18]
وإن المطلوب فعله إزاء هذا الميراث الفقهي في نظر الإمام ياسين هو الاجتهاد بنظر كلي يجمع شتات الفقه الفردي في سلك مشروع متكامل ينهض بالأمة، يقول: “لكن الذي نحن بحاجة إليه هو الفقه الكلي الذي يشمل كل العبادات الفردية والمعاملات الجزئية، في نسق واحد يؤدي وظيفة إحياء الأمة وإعادتها إلى حضن الشريعة وصراط الله”.[19]
خاتمة
إن ما تم الحديث عنه في هذا المقال على سبيل الإجمال والاختصار، يحتاج إلى تفصيل وتشقيق ومزيد بيان، فهذه لمحات يسيرة جدا تبين مدى عناية الإمام ياسين ببعض العلوم الشرعية تثمينا ومراجعة وتجديدا، ولا يستطيع نخل ونقد التراث الإسلامي وتجديده كما هو معلوم عند أصحاب العقول الراجحة إلا من كانت قدمه راسخة في علوم الشريعة الإسلامية، وكذلك كان الرجل رحمه الله تعالى.
[1]حمد بن محمد العدوي، شرح الخريدة البهية في علم التوحيد، تحقيق عبد السلام بن عبد الهادي شنار، بدون رقم طبعة، بدون سنة، دار البيروتي ص: 28
[2]ـ عبد السلام ياسين، تنوير المؤمنات، الطبعة الأولى، السنة 1996، الناشر: مطبوعات الأفق ـ الدار البيضاء، 1/267،
[3]ـ عبد السلام ياسين، الرسالة العلمية، الطبعة الأولى، السنة 2001م، ص: 18
[4]ـ نفس المرجع، ص: 16 ـ 17.
[5]ـ نفس المرجع، ص: 15 ـ 16
[6]ـ انظر كتاب أعمال المؤتمر العلمي الدولي الأول في موضوع: “مركزية القرآن الكريم في نظرية المنهاج النبوي عند الأستاذ عبد السلام ياسين” استانبول 17- 18 محرم 1434هـ/1- 2 دجنبر 2012م.
[7]ـ عبد السلام ياسين، تنوير المؤمنات، مرجع سابق، 1/282.
[8]ـ عبد السلام ياسين، نظرات في الفقه والتاريخ، الطبعة الأولى، السنة 1989م، الناشر دار الخطابي للطباعة والنشر، ص: 19
[9] عبد السلام ياسين، شعب الإيمان، تخريج الدكتور عبد اللطيف آيت عمي، تعليق الدكتور عبد العالي المسئول، الطبعة الأولى ـ السنة 2017م.
[10]ـ أبو إسماعيل البخاري، الجامع الصحيح، كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان، رقم: 9، أبو الحسين مسلم، الجامع الصحيح، كتاب الإيمان، باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها وفضيلة الحياء وكونه من الإيمان، رقم: 35
[11]ـ عبد السلام ياسين، نظرات في الفقه والتاريخ، مرجع سابق، ص: 19
[12]ـ عبد السلام ياسين، الرسالة العلمية، مرجع سابق، ص، 15″.
[13]ـ نفس المرجع، ص، 15 ،
[14]ـ عبد السلام ياسين، إمامة الأمة، الطبعة الأولى، السنة 2009م، الناشر: دار لبنان للطباعة والنشر، ص،237
[15]ـ نفس المرجع، ص، 238
[16]ـ عبد السلام ياسين، نظرات في الفقه والتاريخ، مرجع سابق، ص: 19
[17]ـ عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا، الطبعة الثالثة، السنة 1994م، ص: 202.
[18]ـ عبد السلام ياسين، نظرات في الفقه والتاريخ، مرجع سابق، ص: 23
[19]ـ نفس المرجع، ص: 202.
أضف تعليقك (0 )