post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<h1 class="wp-block-heading">مقدمة</h1>



وظف&nbsp;الأستاذ&nbsp;عبد السلام ياسين مفهوم “المجموع” في بعض كتاباته، وخاصة في سياقات حديثه عن شعب الإيمان وخصاله وبناء الشخصية الإيمانية المتوازنة. فماذا يقصد بهذا المفهوم؟&nbsp;



المجموع لغة &#8220;اسم مفعول من جَمَعَ يجمع جمعا ومجموع ومجموعة وجميع، ومنه يقال جمع الأوراق المشتتة بمعنى لملمها، ومنها جمع الشمل وجمع الآراء. ومجموع السكان: اجتماع أشخاص كثيرين بحيث يؤلِّفون كُلاًّ، والمجموعُ: (في علم الرياضة): نتيجة ضم الأَعداد أَو الحدود الجبْريَّة المتشابهة. و&#8221;رجل جميعٌ: مُجْتَمِعُ الخَلْقِ&#8221;<a href="applewebdata://DE050D46-2A3D-4D65-AADB-0D95C293BB90#_ftn1">[1]</a>، و&#8221;قال الفراء: إَذا أَردت جمع المُتَفرّق قلت: جمعت القوم، فهم مجموعون، قال الله تعالى: ذلك يوم مجموع له الناسُ، قال: وإِذا أَردت كَسْبَ المالِ قلت: جَمَّعْتُ المالَ كقوله تعالى: الذي جَمَّع مالاً وعدَّده، وقد يجوز: جمَع مالاً، بالتخفيف. وقال الفراء في قوله تعالى: فأَجْمِعوا كيْدَكم ثم ائتُوا صفًّا، قال: الإِجماعُ الإِحْكام والعزيمة على الشيء، تقول: أَجمعت الخروج وأَجمعت على الخروج؛ قال: ومن قرأَ فاجْمَعوا كيدَكم، فمعناه لا تدَعوا شيئاً من كيدكم إِلاّ جئتم به. وفي الحديث: من لم يُجْمِع الصِّيامَ من الليل فلا صِيام له؛ الإِجْماعُ إِحكامُ النيةِ والعَزيمةِ، أَجْمَعْت الرأْي وأَزْمَعْتُه وعزَمْت عليه بمعنى. ومنه حديث كعب بن مالك: أَجْمَعْتُ صِدْقَه. وفي حديث صلاة المسافر: ما لم أُجْمِعْ مُكْثاً أَي ما لم أَعْزِم على الإِقامة. وأَجْمَعَ أَمرَه أَي جعلَه جَميعاً بعدَما كان متفرقاً&#8221;<a href="applewebdata://DE050D46-2A3D-4D65-AADB-0D95C293BB90#_ftn2">[2]</a>.



ومن هذه المادة يكون المجموع هو ما تم جمعه بعزيمة وإحكام بعدما كان متفرقا.



<h1 class="wp-block-heading">المجموع&nbsp;تحصيل فضائل العلم والعمل</h1>



مما&nbsp;يُقصد بــ&#8221;المجموع&#8221; في كتابات الأستاذ&nbsp;عبد السلام ياسين تحصيل فضائل العلم والعمل من جميع شعب الإيمان، على خطى الصحابة الذين تشربوا من صحبة رسول الله ﷺ والذين معه رضي الله عنهم شُعب الإيمان وخصاله في مجموعها؛ إيمانا وعملا صالحا، تربية وجهادا، عبادة ومعاملة، حيث لا ينفصل النظر عن العمل، ولا القول عن الفعل، ولا التزكية عن المشاركة في هموم الأمة والإنسانية، ولا أعمال الدعوة عن خدمة الأسرة، ولا التبتل عن التسوق&#8230;



وقد&nbsp;ذكر الأستاذ&nbsp;&nbsp;في حواراته أن علماءنا ممن ألف في طبقات الرجال كانوا يكتبون: &#8220;فلان فريد في مجموعه&#8220;، ويقصدون أن ما اجتمع فيه من فضائل العلم والعمل جعله ممتازا لا يماثله أحد في اجتماع تلك الفضائل.



ومما تفيده كلمة &#8220;مجموع&#8221;، أن المؤمنين يتفاوتون في الإيمان وفي خصال الخير، فلا ننتظر أن تعطينا التربية رجالا في نفس المستوى في كل الجوانب، ولا ننشد في إخواننا الكمال في كل الفضائل. هنالك الاستعداد والقابلية اللذان أودعهما الله عز وجل في فطرة كل منا، وهناك القدرة على الكسب على التعلم والعمل وبذل الجهد إلى ما هنالك.



<h1 class="wp-block-heading">المجموع&nbsp;تحقق بشعب الإيمان</h1>



ومجال اكتساب هذا المجموع هو الاجتهاد في التحقق بشعب الإيمان، التي هي نيات باطنة وأعمال قلبية وجوارحية وقيم أخلاقية وروحية واجتماعية، قال رسول الله ﷺ: &#8220;الإيمان بضع وسبعون شعبة -وفي رواية البخاري: بضع وستون شعبة؛ أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان&#8221;<a href="applewebdata://DE050D46-2A3D-4D65-AADB-0D95C293BB90#_ftn3">[3]</a>. وهذه الشعب هي مجموع الأعمال التي تثمر الإيمان، وأمُّ الشُّعب هي الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله)، ومن صميم المجموع خدمة الناس بإماطة الأذى عنهم، كما منها تنقية الباطن من آثام الكبر والأنانية والعُجب وحبّ التسيّد والتسلّط، وذلك بالتحقق بخُلق الحياء في شموله، وقد أورد الإمام آيات وأحاديث كثيرة في الثناء على المؤمنين والمؤمنات على الذين آمنوا ولم يرتابوا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والمستضعفين في الأرض(شعب الإيمان، 1/13).



يقول رحمه&nbsp;الله&nbsp;في اتخاذ النموذج النبوي والصحابي مثالا للتأسي باكتساب المجموع:&nbsp;



&#8220;شعب الإيمان كما فصلها رسول الله ﷺ وأكمنها إكمانا تربويا في عدد محصور أعمال تكيف منشأ الإيمان وتصريفه إلى حكمة. وتتضمن التزكية القلبية والفرض والنفل اللذين يقربان العبد إلى ربه فيحقق فردانيته داخل الجماعة. ولو لم يكن أمامنا نموذج بشري لحياة الإيمان لكان اجتهادنا في البحث عن شعب الإيمان عويصا بل محالا. وإن سنة رسول الله ﷺ وسيرته الطاهرة بين صحابته نقرأها فلا نجد وساطة فكرية ولا تعقيدا ولا اصطلاحات، بل نجد بساطة الدعوة وبساطة التصديق ويسر العمل. ومن هذه البساطة يتألف نموذج يبهرنا بمنجزاته وأخلاقيته وسمو مبادئه ومقاصده. نموذج مشخص في رجال ونساء بشر مثلنا. ولذلك يُتخذ المثال حيث المثال في اكتساب المجموع ببساطة الصادقين وصفاء فِطرهم وإقبالهم على العمل.&#8221; (شعب الإيمان، 1/15).



وهذه الشعب هي مجموع الأعمال التي تثمر الإيمان، وأم الشُّعب هي الكلمة الطيبة (لا إله إلا الله)، ومن صميم المجموع خدمة الناس بإماطة الأذى عنهم، كما منها تنقية الباطن من آثام الكبر والأنانية والعجب وحب التسيد والتسلط، وذلك بالتحقق بخُلق الحياء في شموله، والآيات والأحاديث كثيرة في الثناء على المؤمنين والمؤمنات على الذين آمنوا ولم يرتابوا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والمستضعفين في الأرض&#8221;(شعب الإيمان، 1/13).



<h1 class="wp-block-heading">المجموع توازن&nbsp;تربوي&nbsp;واعتدال&nbsp;سلوكي</h1>



قال&nbsp;الأستاذ&nbsp;عبد الكريم العلمي&nbsp;في معرض حوار من حوارات المنهاج: &#8220;هذا المجموع الذي ينبغي أن يحصل عليه الفرد قد أسميه تجاوزا بلغة العصر «معدل»، لست أدري هل أقرب من الصواب أو أبتعد في معنى هذه. لا يعقل مثلا على سبيل المثال حتى أكون عمليا أن يحصل مؤمن أو مؤمنة على معدل عالٍ جدا في أمر ما وأن يحصل على نقطة موجبة للرسوب في مجال آخر، فهذا ليس معدلا. المجموع أن يكون له حد أدنى وأن يكون لها حد أدنى من كل شُعب الإيمان. فالتربية على شُعب الإيمان وعلى كل شعب الإيمان السبع والسبعين، هذا هو الأصل المجموع، بمعنى أن يكون لكل واحد منا، نسأل الله ذلك، أن يكون له حظ وافر من الخصال العشر، من الصحبة والجماعة والذكر والصدق.. إلى الجهاد. فإذا قصُر وإذا قصُرت همة الفرد والعضو والعضوة على أمر ما في هذه الخصال فالمجموع غير مستقيم.&#8221;&nbsp;(حوارات مع الإمام، ص 174)



<h1 class="wp-block-heading">المجموع عمل الجماعة من الناس</h1>



أورد ياسين المجموع أيضا بمعنى عمل مجموع المؤمنين في الجماعة، الذين يتعاونون ويتكاملون في أعمالهم ذكورا وإناثا، محسنين ومؤمنين وعامة من المسلمين، حيث يُجزون في الدنيا جزاء المجموع، وفي الآخرة يجزى المحسنون منهم جزاء المحسنين لا جزاء عمل المجموع، ولا يضيع الله أجر من أحسن عملا، كلٌّ بحسب إسهامه في المجموع ودرجته في مدارج الإيمان والإحسان، والله يرزق من يشاء بغير حساب.&nbsp;



قال ياسين: &#8220;كما ينقسم المؤمنون الذين يعملون الصالحات إلى ذكران وإناث، وعد الله الذكران والإناث منهم بالحياة الطيبة، كذلك ينقسم المؤمنون والمؤمنات إلى صفوة إحسانية هي حاملة اللواء الصابرة على البلوى، وإلى عامة من اللاحقين. صفوة تعلقت همتها بالله والدار الآخرة فالدنيا عندها امتحان إثر امتحان، على هذا الأساس تعمل. وآخرون نصيبهم من الدنيا يشغل همه الحيز الأكبر في نفوسهم.



لكل من هؤلاء جزاء وحياة طيبة موعودة هنا وفي الآخرة ما عملوا صالحا. ما أحسنوا إحسان من يعبد الله كأنه يراه، وإحسان من يتقن عمله، وإحسان من غلب أنانيته وَوُقي شح نفسه. وعلى قدر نزول المجموع عن مرتبة الإحسان، بكل معاني الإحسان، يقل الجزاء هنا للمجموع، وإن كان كل فرد ذكر أو أنثى لا يضيع عمله في الآخرة، يُعطى جزاءه على قدر إحسانه هو، لا على قدر المجموع الذي عايشهُ في الدنيا.&#8221;( التنوير، 1/192)



<h1 class="wp-block-heading">خاتمة</h1>



المجموع إذن هو تحصيل المؤمن والمؤمنة للحد الأدنى من جميع شعب الإيمان، بحيث يكون له معدَّل من كل شعبة، وبعد ذلك يتنافس المؤمنون والمؤمنات عروجا في درجات التحقق بتلك الشعب والترقي في مدارج الإيمان والإحسان والولاية.



<hr class="wp-block-separator has-alpha-channel-opacity"/>



<a href="applewebdata://DE050D46-2A3D-4D65-AADB-0D95C293BB90#_ftnref1">[1]</a>&nbsp;&#8211; ابن منظور، محمد بن مكرم.&nbsp;لسان العرب، مادة ج م ع



<a href="applewebdata://DE050D46-2A3D-4D65-AADB-0D95C293BB90#_ftnref2">[2]</a>&nbsp;&#8211; المرجع&nbsp;نفسه.



<a href="applewebdata://DE050D46-2A3D-4D65-AADB-0D95C293BB90#_ftnref3">[3]</a>&nbsp;&#8211;&nbsp;أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب أمور الإيمان، رقم: 9. ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب شعب الإيمان، رقم: 35

المجموع: اتباع عملي متوازن

عقبات بناء الإنسان في ضوء القرآن الكريم

التزكية والدعوة

المجموع: اتباع عملي متوازن

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

مقالنا: بيان وبنيان

المجموع: اتباع عملي متوازن

الاعتكاف إقبال فردي جماعي على الله

الإمام الغزالي: المنقذ من ضلال السفسطة

الأستاذ أحمد الملاخ ثالث ثلاثة

همُّ الآخرة هو البداية الصحيحة

مقالات ذات صلة