post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<h1 class="wp-block-heading">مقدمة</h1>



لقد اضطر النبي الله صلى الله عليه وسلم لأن يخرج من مكة المكرمة، ليكمل دعوته؛ إذ لم تدعه قريش من القيام بمهمته، فخرج منها والتفت لمكة وقال بأنها أحب البلاد إلى الله وإليه عليه الصلاة والسلام، ولولا قريش لما خرج منها.



وكانت للهجرة النبوية نتائج أثمرت بناء المجتمع الإسلامي، وكانت منطلق انتشار الإسلام، وبداية عزة المؤمنين. وكان للهجرة معنيان؛ فردي وجماعي، وهي في عصرنا هجرة معنوية، يقول الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله: “والهجرة المطلوبة في حق الفرد المؤمن والجماعة المجاهدة في عصرنا هجرة معنوية. أول خطوة فيها هجرة ما حرم الله. ثم فطع ما يربطنا بالماضي قبل التوبة. وبالتعالي على حاضر الفتنة. وترقب نصر الله بالتخطيط للمستقبل والاستعداد له&#8221;<a href="#_edn1" id="_ednref1">[1]</a>.



<h1 class="wp-block-heading">أولا: من ثمار الهجرة النبوية</h1>



&#8211; بناء المسجد النبوي: كان للمسجد النبوي أهميته في الإسلام، فقد كان بمثابة منبر إعلام وإشعاع فكري بالنسبة للمسلمين، وكان مقرًّا للشورى.



&#8211; تأسيس دولة إسلامية قوية؛ لها دستورها وقراراتها، وإنجاز العديد من الفتوحات الإسلامية، ودخول أعداد هائلة في دين الإسلام، وهذا يؤكد أنّ الصبر على المحن مؤذنٌ بظهور المنح، فقد خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة مكرها، وعاد إليها فاتحاً، ودخل النّاس في دين الله أفواجا.



&#8211; التكافل الاجتماعي: كان مجتمع المدينة طوائف مختلفة، فبدأ بالمهاجرين والأنصار وآخى بينهم، ونظم العلاقات بين المسلمين واليهود، فكتب كتابًا قرر فيه الحقوق والواجبات لكل شعب المدينة.



&#8211; بناء الاقتصاد الإسلامي: وجد النبي صلى الله عليه وسلم بأن اليهود قد سيطروا على الاقتصاد في المدينة، معتمدين على الاحتكار في تجارتهم واستغلال حاجة الناس، فقرر رسول الله تصويب الوضع وإقامة سوق إسلامية.



&#8211; تكوين قوة عسكريّة اهتم النبي صلى الله عليه وسلم ببناء جيش إسلامي، وذلك لمحاربة أعداء الدين الإسلامي.



&#8211; بث روح العزة لله ورسوله وللمؤمنين، في صفوف المجمع المسلم.



<h1 class="wp-block-heading">ثانيا: أسباب عزة المسلمين</h1>



<h2 class="wp-block-heading">1- من معاني العزة؛</h2>



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; العزة مأخوذة من العِز، وهو: ضد الذل. قال الراغب الأصفهاني: &#8220;العزة حالة مانعة للإنسان من أن يُغلَب&#8221;. وقولهم: أرضٌ عَزَازٌ، أي: صُلْبةٌ. وَالعَزيزُ هو الذي لا يُقهر. قال تعالى: &#8220;إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ&#8221;،(العنكبوت: 26)&#8221;<a href="#_edn2" id="_ednref2">[2]</a>.



قال ابن الجوزي: &#8220;ذكر بعض المفسرين أَن الْعِزَّة فِي الْقُرْآن على ثَلاثَة أوجه:



أَحدهَا: العظمة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الشُّعَرَاء: &#8220;وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ&#8221;، (الشعراء: 44)، وَفِي ص: &#8220;قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ&#8221;،(ص: 82).



وَالثَّانِي: المنعة. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي سُورَة النِّسَاء: &#8220;أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا&#8221; (النساء: 139).



وَالثالِث: الحمية. وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فِي الْبَقَرَة: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ} [البقرة: 206]. وَفِي ص: {بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ} (ص:2)&#8221;<a href="#_edn3" id="_ednref3">[3]</a>.



<h2 class="wp-block-heading">2- من أسباب عزة المسلمين:</h2>



&#8211; الولاء والبراء للمؤمنين: من الأسباب العظيمة للعزة، هو الولاء للمؤمنين وفي المقابل من الأسباب التي تؤدي إلى فقد العزة للأمة الإسلامية أن يطلبوا العزة من أعدائهم بعد توليهم ومحبتهم فيذلهم الله، قال تعالى: &#8220;بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا. الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعا&#8221; (النساء:138-139).



&#8211; التحاب بين المؤمنين والتناصح والتعاون على دين الله تعالى وعزته.



&#8211; العمل الجماعي المنظم على منهاج النبوة؛ لأجل نصرة دين الله، وعزة الإسلام والمسلمين، ولأجل مصيرهم الأخروي.



&#8211; ابتغاء العزة من دين الإسلام، كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه: &#8220;نحن قوم أعزَّنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزَّة في غيره أذلَّنا الله&#8221;.



<h2 class="wp-block-heading">ثالثا: الهجرة وتكوين شخصيات قوية تعتز بدينها، وتعمل له.</h2>



كانت الهجرة النبوية هجرة مكانية، لكن كانت لها –ولا تـزال- دلالات أخرى، فهي هجرات؛ هجرة &#8220;من دار الكفر إلى دار الهجرة، من عادات القعود إلى تشمير الجهاد، من حياة الحيوان الاجتماعي الذي يتمتع ويأكل كما تأكل الأنعام، إلى حياة المؤمن يأكل من الطيبات ويعمل صالحا، ليلقى به الله تعالى يوم القيامة. نقلهم القرآن من سجن الجهل بكنه الخالق وغاية المخلوق إلى معرفة أن لهم ربا خالقا بارئا مصورا، ومن آفاق الدنيا المغلقة إلى آفاق الأبد في دار الخلود&#8221;<a href="#_edn4" id="_ednref4">[4]</a>.



فمن خلال الهجرة تكوّن رجال مؤمنون مخلصون لربهم، ومعتزون بدينه؛ وهم الذين أثنى الله عليهم في القرآن الكريم (من المهاجرين والأنصار) وأظهر لنا الأعمال التي قدموها وأهلتهم لهذا المقام، حيث تركوا ديارهم وأموالهم وتجارتهم ومصادر عيشهم وأمتعتهم فرارا بدينهم بعد أن اشتد البلاء عليهم من طرف المشركين الذين أفرطوا في التعذيب والإيذاء والسخرية منهم، ونذروا حياتهم في سبيل الله؛ فكان منهم السابقون الأولون، ومنهم المقربون.



وأذكر هنا بعضا من هؤلاء الرجال<a href="#_edn5" id="_ednref5">[5]</a>:



&#8211; عبد الله بن أبي بكر: كان يأتي بأخبار مكة.



&#8211; عامر بن فهيرة: أمره أبو بكر لصديق بأن يرعى غنمه.



&#8211; علي بن أبي طالب: مكث رضي الله عنه في فراش النبي صلى الله عليه وسلم بأمرٍ منه، فلبس ثياباً للنبي عليه السلام، ونام مكانه؛ ليخدع رجال قريش الذين تآمروا على قتل النبي، ويردّ الأمانات التي كانت عند النبي صلّى الله عليه وسلم لأصحابها.



&#8211; عبد الله بن أريقط: أستأجره أبو بكر ليدّلهما على الطريق.



&#8211; سراقة بن مالك: فقد خرج من مكة، متقفيًا أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندما وجده وطلب منه كتاب الأمان، عاد إلى مكة، ولم يخبر قريشاً بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم.



&#8211; أسماء بنت أبي بكر: كانت تأتي بالطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر.



<h1 class="wp-block-heading">خاتمة</h1>



لقد أراد الله للمسلمين أن يصبحوا أمة، وأن تصبح لهم دولة، وأن يصبح لهم قوة وسلطان، وأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأن العزة للمؤمنين إنما تكون بمقدار اتصال القلوب بالله تعالى، وبقدر تشبث المسلمين بدينهم واعتزازهم به.



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp; فالمؤمن مطالب بأن يبرهن عن هجرته إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم بقطع حبل الجاهلية ما استطاع منها في كل مرحلة من مراحل الجهاد، ومطالب بأن يبرهن عن نصرته بالتعبير العملي عن فضائل الأنصار المذكورة في الآية الكريمة&#8230; والمؤمن اليوم مهاجر ونصير إن صدق في إيمانه&#8221;<a href="#_edn6" id="_ednref6">[6]</a>.



والحمد لله رب العالمين.



<hr class="wp-block-separator has-alpha-channel-opacity"/>



<a href="#_ednref1" id="_edn1">[1]</a> &#8211; ياسين؛ عبد السلام. المنهاج النبوي. (الطبعة الثانية: 1410ه-1989م). الصفحة: 170.



<a href="#_ednref2" id="_edn2">[2]</a> &#8211; الأصفهاني؛ الراغب. مفردات في غريب القرآن. تحقيق: محمد سيد كيلاني (طبعة دار المعرفة). الصفحة:333. ويُنظر أيضا:



ابن منظور. لسان العرب. (طبعة بيروت -لبنان). باب: ع ز ز. ج:5 / ص:374.



<a href="#_ednref3" id="_edn3">[3]</a> &#8211; ابن الجوزي؛ عبد الرحمان. نزهة الأعين النواظر في علم الوجوه والنظائر. (الناشر: مؤسسة الرسالة). ج:1 / ص:434.



<a href="#_ednref4" id="_edn4">[4]</a> &#8211; ياسين؛ عبد السلام. إمامة الأمة. (دار لبنان للطباعة والنشر. الطبعة الأولى: 1430ه-2009م). الصفحة: 87-88.



<a href="#_ednref5" id="_edn5">[5]</a>&#8211; يُنظر: الندوي؛ أبو الحسن. كتاب السيرة النبوية. (دار ابن كثير، دمشق. الطبعة: الثانية عشرة:1425هـ). الصفحات: 239-243.



<a href="#_ednref6" id="_edn6">[6]</a> &#8211; ياسين؛ عبد السلام. المنهاج النبوي. (مرجع سابق). الصفحة: 159. (بتصرف).



<h3 class="wp-block-heading"></h3>

الهجرة النبوية وعزة المسلمين

الصلاة عماد الدين

الفرح برسول الله ﷺ

حريص عليكم..

الحبيب صلى الله عليه وسلم

التزكية والدعوة

الهجرة النبوية وعزة المسلمين

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الهجرة النبوية وعزة المسلمين

تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم؛ محبة واتباعا

أسس الدعوة إلى الله عند الإمام عبد السلام ياسين

الصدق وأثره

البـذل وآثاره التربوية والاجتماعية.

منارات مقتبسة من فتح مكة

مقالات ذات صلة