post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

الدكتور عبد الحكيم حجوجي : رئيس الائتلاف العالمي للأخلاق والقيم الإنسانية



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;يسر إدارة مواقع الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تخليدا للذكرى 12 لرحيله، إجراء حوار مع الدكتور عبد الحكيم حجوجي في موضوع:&nbsp;التضامن الشبابي مع غزة: الأبعاد العقدية والحضارية والقيمية.



<ol class="wp-block-list">
<li>صرنا نشهد منذ انطلاق طوفان الأقصى حضورا قويا للقضية الفلسطينية في مختلف الأوساط والشرائح، في نظرك، كيف يتجدد وعي الشباب بالقضية عقديا وتاريخيا وحضاريا على ضوء الرؤية المنهاجية للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله؟&nbsp;</li>
</ol>



الجواب:&nbsp;



من بركات طوفان الأقصى، وكله بركات -وإن صاحبه قدر كبير من الألم والتضحيات الجسام- من بركاته عودة القضية الفلسطينية بقوة لتتصدر الساحات والأحداث الوطنية المغربية والدولية، وبين مختلف الفئات العمرية والشبابية منها على الخصوص. وبالطبع كل انتصار له ثمن. ومما يبشر بالخير أن طوفان الأقصى صاحبه وعي شبابي واسع متجدد بالقضية الفلسطينية وبحق المقاومة، وفرضية الجهاد وضرورة التكتل والتنسيق ومناهضة التطبيع.



وقد أبلى الشباب البلاء الحسن في تصدر الأشكال التضامنية مع طوفان الأقصى؛ تجسد هذا في وقفات مسجدية منتظمة ومسيرات وندوات ومطويات وتغريدات، وكان الإبداع هو القاسم المشترك فيها.&nbsp;



وقد كان الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله من المنظرين القلائل الذين تهمموا بجرح فلسطين ونكبتها الكبرى، وخصص للقضية فصولا من كتاباته، كما خصها بمكانة مرموقة في مشروعه التغييري.&nbsp;



كان الإمام يرى أن القضية الفلسطينية جرح غائر في جسم الأمة العربية والإسلامية، وسنة ماضية تجسد الصراع بين الحق والباطل. ونجده خصص الفصل الرابع من كتابه: الإسلام والحداثة للقضية الفلسطينية تحت عنوان: &#8220;الجرح الفلسطيني&#8221; مؤكدا على مركزية القضية، ونعتها ب: فلسطين الابتلاء: من مصيبة لنكبة لغزو بعد غزو لخذلان وتواطئ من الحكام المسلمين المستبدين.&nbsp;



أما في كتاب&#8221;سنة الله&#8221; فقد خصص فصلا طويلا بعنوان &#8220;روح الجاهلية&#8221;، خصصه لبسط القضية الفلسطينية وتغول اليهود واستقوائهم بأموال وحكام العرب قبل الغرب. وختم الكلام مستبشرا بالنصر قائلا:&#8221; كذلك وعد سبحانه أن تكون بعد الكبوة التاريخية نهضة، أن تكون بعد الحكم العاض والجبري خلافة ثانية. من الفتنة ينقذنا المولى القوي العزيز كما أنقذ أسلافنا من الجاهلية، إن سمعنا ما أنزل إلينا كما سمعوا، وعبدناه سبحانه العبادة الكاملة كما عبدوا، وغيرنا ما بأنفسنا كما غيروا، واحترمنا ناموسه وسنته وأسبابه الموضوعة في الكون كما احترموا&#8221;.



ولن تتحرر فلسطين بالكامل في مفهوم الرؤية المنهاجية للإمام حتى تتحرر الأقطار العربية من الاستبداد السياسي والتخلف الاقتصادي والتبعية للغرب ولأعداء الأمة شرقا وغربا. وتميزت الرؤية المنهاجية لقضية فلسطين بوضع الإمام رحمه الله الإصبع على مكمن الداء وأصل مشكلاتنا، ألا وهو الانكسار التاريخي والفصل النكد بين الدعوة والدولة وفساد الحكم في بلاد المسلمين. يقول الإمام رحمه الله في كتاب &#8220;العدل&#8221;: &#8221; فعدوُّنا الأول مناّ.&nbsp;وما أُتِيَ المستضعفون من جهة هي أنكى فيهم من أنفسهم، من حكامهم المجرمين، أجرموا وعتـوا في الأرض واستكبروا استكبارا وتحالفوا مع المستكبرين لقعود المسلمـين عن الطلب ولهبّتهم الطفولية مع كل ناعق&#8221;.



تأسيسا على ما سبق، وللإجابة عن سؤالكم، فإن وعي الشباب بالقضية الفلسطينية على ضوء الرؤية المنهاجية للإمام عبد السلام ياسين، يتجدد من خلال الجمع بين الأبعاد العقدية والتاريخية والحضارية التي شدد عليها الإمام رحمه الله: فمن خلال البعد العقدي ينبغي توعية الشباب بأن قضية فلسطين ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية عقدية ترتبط بالعبودية لله وبمفهوم الخلافة في الأرض ومفهوم الأمانة الإلهية في حفظ المقدسات الإسلامية، خاصة المسجد الأقصى.&nbsp;ومن خلال البعد التاريخي، ينبغي التذكير المستمر للشباب بجذور القضية الفلسطينية ومظلوميتها، منذ وعد بلفور مروراً بالنكبة والنكسة، مع تسليط الضوء على دور الأمة الإسلامية في الدفاع عن أرضها وكرامتها ومقدساتها. ثم يأتي البعد الحضاري للتأكيد على مركزية الأمة الإسلامية ودورها في تحرير الأرض واستعادة سيادتها وحريتها، مع بناء وعي شامل يربط القضية الفلسطينية بالمشروع الحضاري الإسلامي.



وختاما نشير إلى أن الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، كان يؤكد على ضرورة تربية الفرد المسلم الذي يحمل همّ الأمة، ويعمل ضمن رؤية جماعية لتحقيق التغيير الشامل، مما يجعل القضية الفلسطينية جزءًا من مشروع نهضوي متكامل.



<ul class="wp-block-list">
<li>2 &#8211; لا يقل البعد العملي في نصرة القضية الفلسطينية عن الأبعاد التي تفضَّلت بإضاءتها، كيف يكون للشباب فعلٌ ميداني شاهدٌ في التضامن مع غزة؟</li>
</ul>



الجواب: بدأ البعد العملي في نصرة القضية الفلسطينية أولا بتوسيع مدارك الشباب حول القضية وأبعادها المختلفة ثم نقل الوعي بالمظلومية الفلسطينية إلى الآخرين. بعد هذا، تأتي أهمية الدفاع والترافع عن القضية من خلال التوعية الإعلامية من قبيل إنشاء المنصات الرقمية وتوعية العالم بما تقترفه آلة القتل الإسرائيلية عن طريق تنشيط مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. كما يمكن للشباب أن يسهموا في محاربة التضليل الذي تمارسه الكثير من وسائل الإعلام، وذلك بالكشف عن تهاوي الرواية الإسرائلية، وهذا جد متاح لكثرة الصور والوثائق الشاهدة. كما أن هناك واجهات متعددة للفعل الشبابي من أجل دعم القضية الفلسطينية منها المشاركة الواسعة في مختلف المظاهر الاحتجاجية سواء في الشارع أو الجامعات والمعاهد، وكذا الإسهام في مقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال. كما لا ننسى ما يمكن أن يقوم به الشباب من أدوار طلائعية في إطلاق المبادرات الإنسانية كجمع التبرعات والمشاركة في حملات الدعم الطبي والغذائي ومختلف أشكال العمل الإنساني.



<ul class="wp-block-list">
<li>3 &#8211; يلاحظ المتابع المنصف يقظة الضميرين الإيماني والإنساني لدى الشباب الغربي (من الطلبة وغيرهم) في ميادين التضامن مع غزة، ما تقييمك لهذه اليقظة؟&nbsp;</li>
</ul>



الجواب:



إن يقظة الضمير لدى الشباب الغربي تجاه القضية الفلسطينية ظاهرة لافتة تعكس ما يطرأ على المجتمعات الغربية من تحولات عميقة على مختلف المستويات، وهذا يرجع -في تقديري- إلى أسباب متعددة ومتداخلة منها ما هو شخصي مرتبط بإيمان الشباب الغربي، خاصة المسيحيين والمسلمين، حيث تمثل نصرة الفلسطينيين تعبيرًا عن القيم الإيمانية المشتركة التي تدعو لنصرة المظلومين بغض النظر عن عقائدهم وأجناسهم وانتماءاتهم. ومنها ما يرتبط بتأثير وسائل الإعلام &#8220;المواطنة&#8221; التي تعتبر بديلا عن قنوات الإعلام الرسمية، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تمثل النافذة التي يطل من خلالها الشباب الغربي على حقيقة ما يجري على الأرض بعيدا عن الروايات الزائفة&nbsp;&nbsp;التي تروجها أغلب وسائل الإعلام التقليدية. وفي هذا الإطار رصدنا العديد من المبادرات الإعلامية التي قادها مؤثرون غربيون شباب.



من جهة أخرى، هناك دينامية قوية تشهدها الجامعات التي أصبحت ساحات للتضامن مع القضية الفلسطينية. هذا دون أن ننسى نزوع الأجيال الجديدة في الغرب نحو قيم العدالة وحقوق الإنسان.&nbsp;



<ul class="wp-block-list">
<li>4 &#8211; ما مدى تأثير الصوت الشبابي المتضامن مع غزة في دوائر القرار الجامعية وغير الجامعية بالغرب؟&nbsp;</li>
</ul>



الجواب:



لقد كان التأثير كبيرا حيث نتج عنه تغيير بعض الحكومات الغربية خاصة الأوروبية لسياساتها، وأصبحت مواقفها أكثر توازنا تجاه القضية الفلسطينية. كما أن بعض البرلمانات الأوروبية تأثرت بشكل واسع بالأصوات الشبابية الداعمة للقضية الفلسطينية. وبفعل هذه الضغوط اضطرت بعض البلديات في الغرب إلى الانصياع للأصوات الداعية لمقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال.&nbsp;



إضافة إلى المقاطعة الاقتصادية، نجحت حملات الشباب في الغرب في فرض المقاطعة الأكاديمية لمشاريع الشراكة التي تربط المؤسسات الجامعية الغربية بمؤسسات دولة الاحتلال. هذا دون أن ننسى أن الأصوات الشبابية في الغرب استطاعت إحداث دينامية سياسية توسعت بفضلها دائرة الداعمين السياسيين للقضية الفلسطينية.&nbsp;



<ul class="wp-block-list">
<li>5 &#8211; بصفتكم رئيس الائتلاف العالمي للأخلاق والقيم الإنسانية، ما القيم التي ترون ضرورة حضورها في عالم اليوم؟ وكيف يُسهم الشباب في تعزيز المشترك القيمي؟</li>
</ul>



الجواب:



نحن في الائتلاف العالمي للأخلاق والقيم الإنسانية، نؤمن أن هناك الكثير من القيم الإنسانية المشتركة التي ينبغي تعزيزها والدعوة إلى احترامها وتقديرها بغض النظر عن النزعات العرقية أو الاختلافات الإيديولوجية أو السياسية أو الانتماءات الجغرافية. وأهم القيم المشتركة التي تجمع بني البشر، والتي ينبغي الاستماتة في الدفاع عنها باعتبارها مشتركا إنسانيا، هي قيم ثابتة ومتأصلة في الضمير الإنساني، ومنها قيمة&nbsp;العدالة&nbsp;وما تقتضيه من&nbsp;ضرورة نشر العدل بين الشعوب والمجتمعات، وضمان تطبيق القوانين الدولية على الجميع بخلاف ما نشهده من ازدواجية في المعايير.



ثم هناك قيمة&nbsp;الحرية&nbsp;التي&nbsp;&nbsp;تؤكد على&nbsp;&nbsp;حق الشعوب في اختيار من يحكمها وفي تقرير مصيرها وفي مقاومة الاحتلال. ثم هناك قيمة&nbsp;التسامح&nbsp;التي تعزز روح التواصل بين الثقافات المختلفة، وتسهم في تقليل الصراعات والنزاعات المحلية والإقليمية والدولية. ثم هناك قيمة&nbsp;الإنسانية&nbsp;وما تقتضيه من ضرورة&nbsp;التضامن مع كل مظلوم. وينبغي أن ترافق كل تلك القيم، قيمةُ&nbsp;المسؤولية&nbsp;بشقيها الفردية والجماعية: المسؤولية الفردية التي تكبح جماح الحرية الفردية من المساس بحقوق الآخرين، والمسؤلية الجماعية التي تعزز&nbsp;&nbsp;الشعور بالمسؤولية تجاه الأزمات العالمية.



أمّا دور الشباب في تعزيز هذه القيم المشتركة فيتمثل في ضرورة حرصهم على التواصل مع الآخرين للتعرف على ثقافاتهم بما يعزز قيم التسامح والتعايش بنية التبليغ بالحال قبل المقال، وفي إبداع طرق وقوالب مختلفة لنشر هذه القيم النبيلة عبر مختلف الأجناس الأدبية والفنية الحاملة لرسائل أخلاقية، وكذا بالانخراط في قضايا وهموم الإنسانية بشكل عام. وبكلمة جامعة: ينبغي أن يكون الشباب سفراء للقيم الإنسانية&nbsp;&nbsp;لبناء عالم أكثر عدلا.



وبما أننا بصدد الحديث عن القضية الفلسطينية، وهي أم القضايا الإنسانية، فإنه يجدر بنا أن نذكر الشباب أنهم، باعتبارهم العمود الفقري لأي نهضة، فإن بوعيهم وإيمانهم بقضية فلسطين يمكن أن نخطو خطوات كبيرة في طريق العدالة والكرامة الإنسانية. كما نذكرهم أن التضامن مع غزة لا يتوقف عند حدود الدين أو العرق أو الجغرافيا، بل يمثل اختبارًا لقيم العدالة والإنسانية في عالم اليوم والغد.

الدكتور عبد الحكيم حجوجي

حوارات

الشباب والأبعاد القيمية للقضية الفلسطينية | حوار مع د. عبد الحكيم حجوجي

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

جماعة العدل والإحسان تبارك للشعب الفلسطيني النـصر الاستراتيجي المظفر

توجيهات

15 يناير 2011 | ذكرى وفاة السيد أحمد الملاخ

كلمة الإمام عبد السلام ياسين إلى الأمازيغ

13 يناير 1990 | اعتقال مجلس إرشاد الجماعة

10 يناير 1990 | السلطة تقرر حل الجماعة

مقالات ذات صلة