ذ. فرانسوا كلارنفال..راهنية ورحابة النظرية الإنسانوية عند الإمام عبد السلام ياسين
شارك الأستاذ فرانسوا كلارنفال، من المعهد الأوربي للدراسات الإسلامية بهولندا، في أشغال الجلسة الرابعة للمؤتمر العلمي الدولي الثالث “البعد الإنساني في الفكر الإسلامي المعاصر الإمام عبد السلام ياسين نموذجا”، والذي تنظمه مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات، بمناسبة الذكرى الثامنة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، اليوم الأحد 5 جمادى الأولى 1442هـ/ 20 دجنبر 2020م، بمحاضرة ألقاها باللغة الفرنسية، عنوانها : راهنية ورحابة النظرية الإنسانوية عند الإمام عبد السلام ياسين.
ابتدأها بتوصيف معالم الأزمة المعنوية الآنية التي يمر منها العالم، والغرب خصوصا، ومردها إلى الفزع العميق بخصوص مغزى الوجود البشري، والحاجة إلى بعث الحس الإنساني وبناء إنسانوية جديدة. لكن هذه الدينامية في بحثها قد همشت الدين عموما، والإسلام بالخصوص، باعتباره متعارضا مع مفهوم الإنسانوية كما تفهمها الفلسفات المادية المهيمنة.
ولدحض هذه القناعة قدم تعريفا لمصطلح الإنسانوية وجردا لتاريخ تطورها، ثم عرض المقترح الإنسانوي الإسلامي من خلال فكر الإمام عبد السلام ياسين، المستقى كليا من القرآن والسنة، لإبراز راهنيته وأبعاده في السياق العام الحالي.
وقال إن الإنسانوية تتحدد في كونها تيارا فكريا ظهر في القرن الرابع عشر خلال عصر النهضة، وامتد عبر فكر الأنوار ليصبح مقاربة للإنسان تلغي الإله من محاولات البحث عن الانسجام الاجتماعي والحكمة الفردية والارتقاء الشخصي. فولدت هذه الفلسفة انقلابا وجوديا حقيقيا أصبح بفعله الإنسان فاعلا مستقلا متحررا من كل تقليد، وأصبح الإله فكرة أنتجها العقل البشري واعتقادا آمن به الإنسان. ولذلك فإن وجود إنسانوية إسلامية قد يبدو غريبا بالنظر للتاريخ الغربي لهذا المفهوم وللسياق الحالي الذي نعيشه.
ثم بسط بعد ذلك الشروط والمعايير المطلوبة في تصور معين ليستحق وصف الإنسانوية، وعرض عليها التصور الإسلامي للإنسان وإنسانيته وموقه في الكون ومصيره، من خلال القرآن، ليخلص إلى القول إن القرآن يحقق الشروط الأربعة التي تنبني عليها كل إنسانوية، ومن ثم فإن الإسلام يقدم خطابا دينيا وروحيا وأخلاقيا وتشريعيا بجوهر إنسانوي حسب التعريف الفلسفي .
ولمركزية القرآن في نظرية المنهاج النبوي للإمام عبد السلام ياسين، فإن تصوره للإنسان في سائر مكتوباته ومؤلفاته يصطبغ بصبغة إنسانوية واضحة، لكنها على نقيض التصور الوضعي الغربي، يدل على ذلك موقفه من الحداثة ومشروعها الدوابي الطاغي الذي يستمد أصوله من رؤية معينة للإنسان وليس من نظام اقتصادي أو سياسي غربي .
فالحداثة تحبس الإنسان داخل جسده وذاتيته وغرائزه ومخاوفه. ومع زعمها أنها تحرره فهي تعمق استلابه وانغلاقه وتعاسته. لذلك فإن الخلاص في العمل على استرجاع النسق الوجودي للإنسان المتمثل في الفطرة، كشرط أولي لتأسيس حضارة عادلة وأخوية.
أضف تعليقك (0 )