post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<h2>مقدمة</h2>
<p>يبدو أن الذين يتحدثون عن الاستثناء المغربي صادقون هذه المرة، فالمغرب هي الدولة الوحيدة في العالم – ربما &#8211; التي تحشد المئات من قواتها لتمنع دفن امرأة مسلمة في مقبرة من مقابر المسلمين، ويدوس جندها القبور بأحذيتهم ويعتدون على مواطنين مسالمين داخل المقبرة وخارجها. ما سمعت أن مثل هذا حصل يوما في أي مكان في العالم. لقد حقق بلدنا سبقا في هذا المجال. وهكذا يمكن التقاط العديد من الرسائل والإشارات في الحدث الذي صنعته الدولة المغربية يوم الخميس 05 جمادى الثانية 1436هـ الموافق لـ26 مارس 2015 م.  </p>
<h2>امرأة تقية خفية وفية</h2>
<p>نبدأ هذه الرسائل برسائل السيدة خديجة المالكي رحمها الله، التي لم تكن في حياتها تحب الظهور، فكانت من جنود الخفاء الذين يصنعون النصر والظفر، ثم يتولون إلى الظل. لم يصحب أحد الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله مثلما صحبته، وكانت معه في السراء والضراء، حتى لقي ربه. أولى رسائل هذه المرأة هي الوفاء؛ كانت وفية لزوجها رحمه الله في حياته، وبعد مماته، ومن تجليات هذا الوفاء رغبتها أن تدفن إلى جانبه، حتى تكون معه دائما في الدنيا وفي الآخرة. وثانية الرسائل الخفاء، فهي كما أسلفنا امرأة فضلت أن تعمل في صمت، لكن شاء الله تعالى أن يظهر فضل للا خديجة المالكي وجهادها في نصرة دعوة العدل والإحسان.  </p>
<h2>جماعة رفق ورحمة</h2>
<p>وفيما يتعلق بجماعة العدل والإحسان، فإن أقوى رسالة أرسلتها يوم الخميس أنها جماعة تتمسك بالرفق، وتنبذ العنف، سطرت هذا في أدبياتها، والتزمت به طيلة تدافعها مع من ظلمها، وأكدته في ساعات عصيبة أمام مقبرة الشهداء. لا يصبر على منعه من دفن فقيد له، وإبقائه تحت الشمس المحرقة ساعات طويلة إلا من كان الرفق في مشاش عظامه. إذ رغم الاستفزاز الأرعن الذي تعرضت له، أبانت الجماعة عن نضج كبير في التعاطي مع الحدث. أما الرسالة الثانية فالضبط والانضباط، والتمسك بالموقف، فالجماعة التي لم تغير من مواقفها قيد أنملة، بقيت متشبثة برأيها، واستطاعت أن تنتصر بصبرها وحلمها ورحمتها على المئات من قوات القمع.  </p>
<h2>أسرة وجماعة متلاحمتان</h2>
<p>بينت أحداث مقبرة الشهداء أن أسرة الراحلة الصغيرة، وأسرتها الكبيرة ممثلة في الجماعة جسد واحد متلاحم متراص، وصف واحد وكلمة واحدة تقول لا للظلم والقهر والعسف، أسرة صغيرة في حضن أسرة كبيرة لم تسلمها ولم تخذلها، بل أظهرت استعدادا لمواجهة الغطرسة المخزنية بالغالي والنفيس.  </p>
<h2>وقاحة بلا حدود</h2>
<p>عندما يتعلق الأمر بجماعة العدل والإحسان، فلا حدود للوقاحة والصلف، إذ لم تكتف السلطة بالتضييق على الإمام حيا، فقررت التضييق عليه ميتا، وعلى أهله وذويه، فمن تشميع للبيوت، إلى اختطاف الأبرياء وتلفيق التهم، ومنع لكل جمعية يشتم في أحد منتسبيها رائحة تعاطف مع الجماعة، إلى حصار المقابر، ومنع الدفن في سابقة لم يأت بها الأولون ولا الآخرون. ولئن حققت قوات القمع سبقا في اقتحام المساجد وإخراج المعتكفين منها بالقوة، فقد حققت ذات السبق في حصار المقابر ومنع دفن امرأة مسلمة بالقوة أيضا. الرسالة الثانية للمخزن هي الغباء السياسي، إذ حولت حدثا عاديا كان سيمر مر الكرام إلى حدث استثنائي. أما الرسالة الثالثة فهي الأوامر الفوقية، فلا يستطيع أحد أن يعرف من أعطى أمرا بتطويق المقبرة، ومع من يمكن أن تتحاور في مثل هذه المواقف؟ ليست هناك جهة مسؤولة واضحة، وهذا يعني أنه لا مؤسسات هنالك والسلام.  </p>
<h2>فتاوى تحت الطلب</h2>
<p>أرادت الدولة أن تظهر بمظهر الحريص على العقيدة الإسلامية، عندما بررت كل ذلك التجييش الذي حصل بكون قبر السيدة خديجة المالكي غير متجه للقبلة، ونتساءل &#8211; وقد رأينا المئات من القبور غير مستقبلة للقبلة في نفس المقبرة &#8211; &#8221; أين كانت جيوش المخزن عندما حفرت تلك القبور؟&#8221;، هل تحرص الدولة على احترام العقيدة إذا تعلق الأمر فقط بجماعة العدل والإحسان أو بأسرة الإمام عليه رحمة الله؟، وعلى كل حال فقبرها متجه للقبلة، ولم يصل إلى طريق المارة كما هو حاصل في الكثير من القبور هناك. <br />ولقد تبين مما حصل أيضا أن المجلس العلمي –الذي أريد إقحامه في هذا الموضوع- يعمل تحت الطلب، أين هي فتاوى المجلس العلمي الأعلى في قضايا الناس، ومتى صدر عنه شيء غير ما يطلب منه. فلقد بينت هذه الأحداث أن هذه المؤسسة تعمل تحت الطلب، وفيما لا يتعلق بالقضايا الحيوية للأمة.  </p>
<h2>رسائل متفرقة</h2>
<p>لقد أظهر البعض أنهم كانوا خارج التغطية، عندما نفوا وجود أي إنزال لقوات الأمن، ونفوا أن يكون ما حصل في علمهم، والبعض تصيد كلاما معينا وقام بتضخيمه، بعد بتره من السياق، والبعض سخروا أقلامهم وصفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي للنيل من الجماعة. وعلى كل حال فكل ميسر لما خلق له.  </p>
<h2>خاتمة</h2>
<p>رحم الله السيدة الشريفة الفاضلة التقية الخفية، خديجة المالكي، زوج الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، وألحقنا بها مسلمين تائبين طائعين لله رب العالمين، ورفع مقاماتها في القرب عنده. وجعلها مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا. وهنيئا لها جوار الإمام في الدنيا والآخرة.</p>


رسائل قبر في دولة قهر

أم الخفاء

المرأة والأسرة

رسائل قبر في دولة قهر

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

فقه الرحمة عند الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله (1)

رسائل قبر في دولة قهر

فقه الرحمة عند الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله (3)

فقه الرحمة عند الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله (2)

مقالات ذات صلة