post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

كلمة جامعة للأستاذ محمد عبادي في نصيحة الوفاء
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
رب إني أعوذ بك أن أقول زورا أو أغشى فجورا أو أكون بك مغرورا.
ليلة مباركة جمعنا الله سبحانه عز وجل عليه، لنتحاب فيه ونتناصح فيه ونتذاكر فيه، ونخرج إن شاء الله تعالى ونحن عازمون على أن نسلك الطريق إلى الله سبحانه عز وجل، وأن نسعى في أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ننشر فيها هذا النور وهذه الرحمة وهذا الخير الذي أكرمنا الله عز وجل به.
جزى الله تعالى عنا إخواننا وأخواتنا بما قدموا وأجادوا وأحسنوا، فتقبل الله منهم ونفعنا بما سمعنا منهم وزادهم علما. استوقفتني جملة ذكرها أخونا عما ورد في موضوع &#8220;سنة الله في التابع والمتبوع&#8221;، وهي قول الإمام المرشد رحمه الله: &#8220;المطلوب الآن وبعد الآن استجماع ما تفرق بعد زمان الصحابة، واكتساب الشخصية الجهادية الصحابيَّة، واستصحاب ما ترثه أجيالنا من علماء الدين الأولين والآخرين استئناساً به لا عبئا ثقيلا، اجتهادا نستضيء به نحن لنقول كلمتَنا من إزاء القرآن ومن مشارف الصحبة&#8221;[1].
ما المطلوب منا أيها الأحباب؟ ها نحن قد سمعنا الحديث عن الصحبة وفضائلها وثمراتها، ما المطلوب منا؟ كيف نكتسب هذه الشخصية الصحابية؟ ما مواصفاتها؟ وما السبيل إليها؟
يتحدث <a href="https://wordpress-1153707-4083331.cloudwaysapps.com/30-%d8%af%d8%ac%d9%86%d8%a8%d8%b1-1989-%d9%81%d8%b1%d8%b6%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%82%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%ac%d8%a8%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5/">الإمام</a> المرشد رحمه الله في كتابه إمامة الأمة عن مواصفات أخ العدل والإحسان، التي ينبغي أن يتصف بها كل واحد منا -أخا وأختا- فيذكر من الخصال العشر ما يميزها عن السواد الأعظم من الناس أنها:
&#8211;     شخصية مؤمنة ذات روحانية عليا تكسب بالصحبة والذكر؛
&#8211;     شخصية مندمجة في المجتمع يقودها حب الله وحب رسوله ﷺ إلى حب المؤمنين، لتتعاون معهم على أداء مراد الله عز وجل من عباده؛ من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر والسعي لإقامة شرع الله تعالى؛
&#8211;     شخصية صادقة مصدقة بغيب الله سبحانه وتعالى، ثابتة لا تتغير ولا تتزعزع؛
&#8211;     شخصية باذلة للمال وللجهد وللنفس في سبيل إرضاء الله عز وجل ولنصرة المستضعفين في الأرض؛
&#8211;     شخصية عالمة بعلم الحق وعلم الكون؛ فعلم الحق تصل به إلى مرتبة الاجتهاد، وعلم الكون تتفوق به على ما يتبجح به الغرب علينا من هذه العلوم التي أثلها المسلمون في البداية واستثمرها غيرنا. بضاعتنا يجب أن ترد إلينا؛
&#8211;     شخصية عاملة تبذل كل جهد في إرضاء الله عز وجل، وتَخِفُّ لكل عمل صالح؛
&#8211;     شخصية متميزة بِسَمتها -الظاهر والباطن، قلبا وقالبا، فكرا وعقلا- عن السمت الجاهلي عن الشخصية الجاهلية، ونحن نرى أن السمت الجاهلي هو الذي يسود المجتمع البشري، ونحن ضحية لهذا السمت فلا بد أن نسترجع هويتنا وشخصيتنا؛
&#8211;     شخصية صامدة أمام الأعاصير، بالتؤدة، فلا تُستخف، ثابتة على الحق؛
&#8211;     شخصية مقتصدة قاصدة إلى الله عز وجل، فالاقتصاد كما حدده الإمام رحمه الله يشمل معنيي القصد إلى الله تعالى والاقتصاد في تدبير المال؛
&#8211;     شخصية مجاهدة حاملة لراية الإسلام تنشرها في الآفاق.
هذه هي مواصفات أخ وأخت العدل والإحسان. فكيف نتربى عليها؟ لأن هذه الخصال العشر جامعة لشعب الإيمان، ونحن ننشد الإحسان، ومن جمع شعب الإيمان فقد ارتقى إلى مقام الإحسان. الإحسان ليس شيئا زائدا عن الإيمان والإسلام؛ فعندما نمارس الإسلام كما ينبغي أن يمارس بصدق ويقين فذاك هو الإحسان، وعندما نتصف بشعب الإيمان كلها فذاك هو الإحسان. عندما نؤدي الإسلام بإتقان فهو عين الإحسان.
من أين نستمد هذه القوة؟ المسألة -إذن- مسألة تربية، يوماً بعد يوم نترقى في سلم هذه الشعب، لكن المنطلق هو الصحبة.
ونحن نحتفل بذكرى وفاة الحبيب المرشد وبمرور أربعين سنة على تأسيس هذه الجماعة المباركة، الذكرى عبرة وعظة تُذكرنا بما كان عليه حبيبنا المرشد، وتذكرنا بما كان يأمله منا، وبوصاياه ونصائحه والأمل الذي كان يعقده علينا. يقول رحمه الله في كتاب سنة الله: &#8220;إن مهمتنا الأولى أيها الأحباب، اليوم وغدا وبعد غد، أن نكون روحا سارية في المجتمع موصولة بأجيال بعدنا إلى يوم القيامة تتحسن نوعية إيمانها وترتفع همتها الإحسانية جيلا بعد جيل، وتنتشر، وتعم&#8221;[2].
كيف نكون روحا سارية في المجتمع؟
 سمى الله عز وجل القرآن الكريم روحا، قال تعالى: ﴿وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا﴾. [الشورى: 52]. فإذا اصطبغنا بالقرآن وكانت أخلاقنا القرآن كنا تلك الروح. سمى الله عز وجل القرآن روحا لأنه به تحيا القلوب، وهو كالمطر الذي تحيا به الأرض، ومن ذلك قول رسول الله ﷺ في دعائه: &#8220;اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا &#8220;. فسمى الشيء بأبرز ما فيه، وجعل المطر ربيعا بما يكونه بعد الإنبات، وهنا تشبيه لطيف في كيف زرع الروح في الإنسان من خلال كلام الله عز وجل فيحيا حياة طيبة، وكيف ينزل المطر على الأرض فتنبت خيرها. روحا تسري في الأمة.
وقد كنا نسمع من توجيهات الإمام رحمه الله في معظم المجالس يوصينا بكتاب الله تعالى، لا أن نحفظه فقط، وإنما أن يكون كل واحد وكل واحدة منا مدرسة قرآنية متنقلة عبر الأجيال والأزمان والأمكنة، موصولة جيلا بعد جيل إلى يوم القيامة، مدرسة متنقلة عبر الأجيال إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ونحن نحمد الله أن أكرم الله المؤمنين والمؤمنات بصحبة الإمام المرشد وأسعدنا الله تعالى به فكيف نسعده؟
نسعده عندما يرى أبناء العدل والإحسان تخلقوا بأخلاق القرآن، وجمعوا شعب الإيمان، وانطلقوا بها في أمة رسول الله ﷺ للنهوض بها ورفع الظلم عنها، فعند ذلك يفرح الفرح الكبير. ونفرح نحن كذلك لأننا أخذنا وتشربنا من هذا النور النبوي الذي وصلنا بالسند المتصل إلى رسول الله ﷺ سنة الله في التابع والمتبوع.
المطلوب منا أن نكتسب هذه الشخصية لنتحرك في المجتمع، لنكون رحمة في العالمين، ليقتدي الناس بنا، ليروا فينا معاني الإحسان، في سلوكنا وأخلاقنا ومعاملاتنا ومواقفنا، بل بمجرد النظر إلينا يتأثر الناس بنا.. إن كنا ربانيين، إن كان الذكر يطفو على صفحات وجوهنا، فأفضلكم من إذا رؤي ذكر الله.
أيها الأحباب، إنها أمانة على أعتاقنا. الجماعة أمنة في أعناقكم. والمراد بالجماعة هو روح الجماعة، هو النور النبوي الذي بثه الإمام المرشد في الجماعة، هذا الروح هو أمانة في أعناقنا. نتشربه أكثر فأكثر لنكون -أن شاء الله تعالى- رحمة وخيرا وبركة على أمة رسول الله ﷺ.
أيها الأحباب، إنما نقوم به من أنشطة -وهي كثيرة والحمد لله ونسأل الله أن تكون خالصة لوجهه عز وجل- لا ينبغي أن تلهينا عن الغاية الكبرى والقصد، فأي حركة قمنا بها لا بد أن تكون الوجهة نيل رضى الله عز وجل عنا، الرغبة فيما عند الله ومعرفته، هذه هي الغاية الكبرى وهذه هي النعمة العظمى لمن أكرمه الله عز وجل بها، ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾. [الذاريات: 56]. إلا ليعرفون.
نسأل الله تعالى أن يتم علينا نعمته ويجعلنا وإياكم من أحبابه وأوليائه وأصفيائه، والمقربين عنده من عباده المصطفين الأخيار، إنه سميع مجيب.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
&nbsp;
<a href="https://siraj.net/ar/read?id=1060&amp;page=170">[1] . الإحسان، ج 1، دار لبنان للطباعة والنشر – بيروت، ط2، 2018، ص: 170.</a> [2] . سنة الله، مطبعة الخليج العربي – تطوان، ط2، 2005، ص: 265.

كلمة جامعة للأستاذ محمد عبادي في نصيحة الوفاء

السلوك إلى الله عند الإمام عبد السلام ياسين موضوعا لندوة الذكرى العاشرة

متابعات

كلمة جامعة للأستاذ محمد عبادي في نصيحة الوفاء

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الإمام والقرآن الكريم

عليكم بالرباطات | الإمام عبد السّلام ياسين

كيف نتدبر القرآن ؟ | ذ. محمد عبادي

رجال صدقوا || الإمام أحمد بن حنبل

La Palestine entre souffrance et héroïsme

استعد للرحيل | الإمام عبد السّلام ياسين

مقالات ذات صلة