كل سَلاَمَى من الناس عليه صدقةٌ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل سَلاَمَى من الناس عليه صدقةٌ كُلَّ يوم تطلع عليه الشمسُ. قال: تَعدِل بين اثنين صدقَةٌ، وتُعين الرجل في دابته، فتحملُه عليها أو ترفع له عليها متاعَه صدقةٌ. قال: والكلمة الطيبة صدقة. وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقةٌ. وتُميط الأذى عن الطريق صدقة». رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
السُّلامى واحدة السُّلاميات، وهي مفاصل الأصابع. المعنى أن على المسلم والمسلمة في كل يوم تطلع عليهما فيه الشمس إلزام بالمشاركة في العمل الاجتماعي، أهمه المشي إلى المسجد للصلاة حيث تنعقد خمس مرات في اليوم أواصر الأخوة، ثم المساهمة في الإصلاح بين الناس، ومساعدة المحتاج، وإغاثة الملهوف، وتيسير العسير على المسلمين.
يخطئ المراقب السياسي الذي لا يبعثه على العمل إلا حساب الربح والخسارة السياسيين، حين ينسب إلى الإسلاميين نوايا نَفعية آنية سياسية. يُخطئ أو يدفعه الكَمد وعادة محاربة الخصوم السياسيين بطمس الحقائق وتشويه السمعة.
ما يدفع المسلمين لاهتبال كل فرصة سانحة، وللبحث عن مواضع لفعل الخير وأداء الصدقة اليومية المتنوِّعة المتعددة بتعدد مفاصل الجسد، هو اغتنام العرض الإلهي، والتعرُّض لرضى الله الذي يحب المتصدقين.
هذه الصدقات المتنوعة المتعددة مشاركة من كل مسلم ومسلمة، مبذولة من كل مسلم ومسلمة إلى كل مسلم ومسلمة وإلى جماعة المسلمين، ثم إلى الخلق أجمعين.
هذا البذل من المال والجُهد والعِلم والحيلة والقوة وطلاقة الوَجْه وطِيبِ الكلمة ينِم عن سخاءٍ متأصِّلٍ نمّاه الإيمان، أو عن تطبُّعٍ وتعَوُّدٍ علّمه الإيمان، وندَب إليه الله ورسوله.
ثم إن مردودهُ الاجتماعي، ووجههُ الأخلاقي هو إكرام المسلم والمسلمة، إكراماً عمليّاً حانيا حقيقيا، لاَ نفاقا اجتماعيا، وصَنْعَةً حضارية. ذلك أن إكرام المسلمين لنِسْبَتهم الشريفة إلى دين الله، ثم إكرام كلِّ ذي كَبِدٍ رَطْبَةٍ من خلائق الله خصلة من خصال الإيمان يحبها الله.
ونُشرف مِن نافذة السخاء والبذل المشارك على مَلْمَحٍ من ملامِح الشخصية المسلمة.
فإكرام المسلمين والتودد إليهم مظهر جماعي للوَلاَية الجامعة. وهو مظهر للخُلق الفردي المرغوب فيه: التواضع واللينُ والرفق على المسلمين. المؤمن لا يَحقِر المسلـمَ في قلبه ولا في معاملته، لأنّ احتقار المسلم إثم. لا ينافقه بالمجاملة الاجتماعية لأن ذلك كذب، والمؤمن لا يكذب. لا يتكبر عليه لأن الكِبر أخو النفاق، ولأنه لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة خردل من كِبْر كما جاء في الحديث.
وعلى أساس الصدق والبذل والتواضع تنبني السمات الخلقية المرغوب فيها، المندوبِ إليها شريعةً، المحَاسَبِ عليها في الضمائر المؤمنة التي ترعى حق الله في حقوق العباد. الشورى والديمقراطية، ص 160-162.
أضف تعليقك (0 )