متابعات

نظّم موقع الإمام عبد السلام ياسين ياسين نت مساء اليوم السبت 27 محرم 1438هـ الموافق لـ29 أكتوبر 2016 بمدينة سلا، ندوة علمية في موضوع: “عبد السلام ياسين وجهوده في بناء المنظومة التربوية المغربية” أطرها ثلة من الباحثين في مجال علوم التربية، قدموا خلالها خمس مداخلات تناولت جوانب مختلفة من اهتمامات الإمام المبكرة بالقضايا التربوية والبيداغوجية وخاصة بين سنوات 1962 و1966.

فبعد تلاوة آيات مباركة من الذكر الحكيم من طرف القارئ الأستاذ عبد الإلاه بالقاري عرض منسق الندوة الأستاذ يونس محسن “فيديو” البرنامج العلمي لأشغال الندوة، كما يلي:

– المداخلة الأولى: المسار المهني والوظيفي للأستاذ عبد السلام ياسين

ذ. إدريس علمي – مفتش تربوي

– المداخلة الثانية: جهود الأستاذ عبد السلام ياسين البيداغوجية من خلال كتاب “مذكرات في التربية”

ذ. محمد الريـمي – مفتش تربوي

– المداخلة الثالثة: هندسة التكوين بالمنظومة التربوية المغربية من خلال “النصوص التربوية” و”كيف أكتب إنشاء بيداغوجيا”

د. طارق الفاطمي – مفتش تربوي

– المداخلة الرابعة: صناعة الكتاب المدرسي عند الأستاذ عبد السلام ياسين

ذ. خالد البورقادي – مفتش تربوي

– المداخلة الخامسة: مركزية التربية والتعليم في المشروع التغييري عن الأستاذ عبد السلام ياسين

ذ. نور الدين الملاخ – باحث تربوي.

بعد بسط برنامج الندوة ألقى المهندس إبراهيم الصقلي كلمة ترحيبية بالحضور ذكّر فيها بجهود الإمام في إرساء دعائم المنظومة التربوية بالمغرب، منبها إلى أن الجانب التربوي البيداغوجي لا يعرفه كثير من الباحثين؛ لذلك تأتي هذه الندوة لتسليط الضوء على هذا الجانب الذي نبغ فيه الإمام رحمه الله.

بعد ذلك تم عرض شريط وثائقي من عشرين دقيقة في موضوع الندوة، ومباشرة بعد الشريط تتالت المداخلات العلمية كما يأتي:

المداخلة الأولى: الأستاذ عبد السلام ياسين ومساره الدراسي التحصيلي والمهني التربوي “فيديو” ألقاها الأستاذ إدريس علمي، وهو مفتش تربوي وباحث في القضايا البيداغوجية بالمغرب.

ركز الأستاذ العلمي في مشاركته العلمية على المسار التكويني التحصيلي والمسار المهني الوظيفي في حياة مؤلف كتاب “نصوص تربوية”، من خلال مهامه الوظيفية المهنية وتكويناته التأطيرية وتكويناته التنظيرية وتآليفه المدرسية المتميزة، وأشار إلى مجموعة من التآليف المدرسية للإمام رحمه الله، ومنها:

ـ “أساطير أبنائي”، سلسلة قصص للأقسام الابتدائية، بمشاركة عبد الكريم حليم ومحمد شفيق.

ـ “الرياضيات”، بمشاركة الوليلي وعيوش.

ـ النصوص التربوية لمدارس المعلمين والمعلمات.

ـ “كيف أكتب إنشاء بيداغوجيا”، لمدارس المعلمين والمعلمات.

ـ “مذكرات في التربية”، لمدارس المعلمين والمعلمات.

ـ المطالعة الجديدة”، (54 أجزاء) للمدارس الثانوية ومعه آخرون.

المداخلة الثانية: جهود الأستاذ عبد السلام ياسين البيداغوجية من خلال “مذكرات في التربية” “فيديو“ للأستاذ محمد الريـمي وهو مفتش تربوي متخصص في الشأن التعليمي والبيداغوجي بالمغرب، وقد تحدث في ورقته البحثية بعد المقدمة عن:

– المحور الأول: كتاب “مذكرات في التربية ” وسياقات الكتابة ودلالات التآليف.

– المحور الثاني: خصائص الخطاب البيداغوجي عند الأستاذ عبد السلام ياسين.

الخاصية الأولى : الأصالة والتأصيل

الخاصية الثانية : الانفتاح والتجديد

الخاصية الثالثة : الواقعية والإجرائية

الخاصية الرابعة: التكامل والشمول

الخاصية الخامسة : الاستشراف والمستقبلية

المحور الثالث: معالم في النظرية البيداغوجية للأستاذ عبد السلام ياسين، أثار فيه الأستاذ الريمي أن الإمام رحمه الله مهد لمذكراته في التربية بوقفات تأصيلية حاول من خلالها التوقف مليا على المفاهيم المركزية المؤسِّسة للخطاب التربوي وقد اعتمد في ذلك منهجا متفردا في التعامل مع المفهوم البيداغوجي يمكن إجمال خطواته فيما يلي:

– تقديم سياق المفهوم

– الدلالة اللغوية

– المعنى التداولي

– تعاريف المتخصصين

– تأويل ونقد

– ترجيح وإغناء

ومن أهم المفاهيم التي خصها الامام بالدراسة والتحليل: مفهوم التربية، مفهوم المدرسة، مفهوم الطفولة، مفهوم علم النفس التربوي، مفهوم الأخلاق…

و ذكر الأستاذ الريمي أن الأستاذ عبد السلام ياسين قام من خلال “مذكرات في التربية ” أن يستجمع تراثا تربويا غنيا ومتنوعا كان قد نهله من مطالعاته الواسعة الغنية والمتنوعة، وأغناه بحصيلة تجاربه الميدانية الواسعة ولقاءاته التكوينية ومهاراته المتكاملة، مما يجعل القارئ للكتاب أمام مشروع رؤية متقدمة تؤسس لنظام تعليمي ونظرية بيداغوجية متكاملة العناصر، متناسقة الأسس متأصلة المبادئ والمفاهيم، واقعية الطرح والمقترح، وخلص الأستاذ الباحث في ورقته البحثية إلى أن الأستاذ المربي قد وضع اللبنات الأولى والأسس العلمية المعروفة في بناء المناهج الدراسية وصياغة مكوناتها، وذلك وفق تدرج منهجي وعلمي جمع فيه بين قوة الاستشهاد والإحالة، ودقة الملاحظة ووجاهة الانتقاد، بالإضافة إلى جدة الطرح ونجاعة الاقتراح، وهكذا يمكن تلمس، عبر ثنايا الكتاب، العناصر المعتمدة في خطاطة بناء وصياغة أنظمة التربية والتكوين كما هو متعارف عليها في السياقات التربوية العالمية.

المداخلة الثالثة: هندسة التكوين بالمنظومة التربوية المغربية من خلال: “النصوص التربوية” و”كيف أكتب إنشاء بيداغوجيا؟” “فيديو” للدكتور والمفتش التربوي طارق الفاطمي.

أبرز من خلالها أن الإمام رحمه الله انبرى للاجتهاد في المجال التربوي والبيداغوجي من موقع الخبرة والمسؤولية المهنية والتجربة الميدانية، وهو المفتش التربوي والمدير لمركز تكوين المدرسين ومركز تكوين المفتشين والمؤطر بهما. فكانت نظرته التربوية التي ظهرت إحدى تجلياتها وبعض معالمها في التفكير والاقتراح في هندسة التكوين بالمراكز التربوية لتلبية الحاجيات العلمية والتكوينية والتدريبية على المهارات المؤهلة لممارسة مهن التربية والتكوين، كما أشار الدكتور في ورقته البحثية إلى أن الإمام رحمه الله عبر عن الحاجيات التي رصدها في ميدان الممارسة المهنية في مقدمة الكتابين، وقد كانت الدافع الموجه لاختيار هندسة التكوين في مركز تكوين المعلمين بمراكش، وقت كانت فيه الحاجة ماسة إلى أطر تربوية مغربية مؤهلة تملأ الفراغ الذي عاشه المغرب مع بداية الاستقلال وتراجع عدد الأطر الأجنبية ورفع تحدي المغربة، والغياب التام لتصور تربوي متكامل يؤهل المدرسين للاطلاع بمهام التربية والتعليم الموكولة إليهم، فكان لابد من الاجتهاد واقتحام عقبة التأليف لسد الثلمة ورأب الصدع ومواجهة التحديات في واقع تتجاذبه المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى أن خلصالدكتور في نهاية ورقته البحثية إلى مجموعة من التوصيات.

وفي مداخلة الرابعة الموسومة بـ“صناعة الكتاب المدرسي عند الأستاذ عبد السلام ياسين” “فيديو“

ذكر الأستاذ والمفتش التربوي خالد البورقادي أن الأستاذ عبد السلام ياسين يعد أحد الأعلام الأوائل الذين بنوا المنظومة التربوية المغربية غداة الاستقلال؛ وأسهموا في النهوض بها من مختلف الجوانب، فقد تدرج في مختلف أسلاك التعليم وخَبَر خصوصيات كل سلك وحاجياته؛ كما تدرج في الإدارة والتسيير فاطلع على أهم الانتظارات التي تحتاجها الإدارة المغربية والإشكالات التي تعاني منها؛ علاوة على اشتغاله مؤطرا ومكونا للأطر المغربية من هيأة تدريس وإدارة وتفتيش تربوي، فكان أن أسهم بشكل كبير في هندسة التكوين بالمنظومة التربوية والتنظير لها من خلال ما كتبه من مؤلفات تربوية وبيداغوجية ( مذكرات في التربية – النصوص التربوية – كيف أكتب إنشاء بيداغوجيا وغيرها).

ويبقى التأليف المدرسي من أهم المجالات التي أبدع فيها الأستاذ ياسين؛ فجمع بين التنظير والتطبيق؛ بين الهندسة البيداغوجية والتنفيذ الديداكتيكي؛ مما يدل على شمولية التصور المنهاجي لدى الإمام، كما أثار الأستاذ البورقادي في مداخلته العلمية إسهام الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله في التأليف المدرسي في ثلاث مجالات رئيسة هي: اللغة العربية والأشياء ( النشاط العلمي أو العلوم) والرياضيات بالإضافة إلى التأليف القصصي للأطفال والناشئة. وهذا مشاركةٌ منه في مختلِف المواد الدراسية المشكلة للمنهاج التربوي المغربي غداة الاستقلال؛ مما ينم عن شخصيته الموسوعية؛ كما تظهر الرغبة الملحة للمؤلِّف في سدِّ الخصاص الذي كانت تعرفه الساحة التربوية في تأليف الكتاب المدرسي.

وقد خلص الأستاذ البورقادي إلى الإسهام الكبير للأستاذ عبد السلام ياسين في التأليف المدرسي وصناعة الكتاب المدرسي بالمغرب؛ وبجودة عالية وخبرة بينة؛ إذ اجتمع في الرجل التنظير والممارسة الميدانية؛ فنجده يؤلف كتبا مدرسية لوحده وبإتقان قل نظيره؛ وشارك في كتب رفقة زملاء له وأساتذة وتربويين. وأحيانا نجد له نصوصا قرائية بكتب مدرسية أخرى مثل كتاب “إقرأ” للأستاذ بوكمتخ رحمه الله، كل ذلك من أجل بناء مدرسة وطنية بقيم عربية إسلامية تماشيا مع الحماس الموجود يومئذ من لدن مختلف الفاعلين؛ وتماشيا مع شعار المرحلة: المغربة – التوحيد – التعريب – التعميم؛ فتعميم التمدرس يتطلب توفير منهاج تربوي متكامل ومنسجم يخدم الأهداف الوطنية المسطرة؛ ولتصريف المنهاج لابد من خوض غمار التأليف المدرسي تخلصا من ربقة الاستعمار وسبة استيراد الكتاب المدرسي من الخارج. كما أورد الأستاذ البورقادي أن الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله من أبرز الرجال الذين انبروا لحمل عبء الإنتاج التربوي بمختلف مستوياته. وبذلك تبقى المدرسة المغربية والمنظومة التربوية جملة مدينة لهذا العلم من أعلام المغرب المعاصرين بالشيء الكثير.

أما الورقة الخامسة فكانت في موضوع: “مركزية التربية والتعليم في المشروع التغييري عند الأستاذ عبد السلام ياسين” “فيديو” قدمها الأستاذ والباحث التربوي نور الدين الملاخ.

مؤكدا أن المشروع التغييري عند الإمام يرتكز على التربية والتعليم، يقتضي تغيير أساليب التربية والتعليم من جانب الإلقاء ومن جانب التلقي؛ ويقتضي تغيير الكتب المدرسية وبرامج الامتحانات ومناهج التكوين وتنظيم المدارس وآداب التعلم وعلاقات المعلم بالتلميذ والأستاذ بالطالب، ليعكس كل ذلك المضمون الايماني لمنهاج التربية، ولتشجع “جامعة” الصلاة والمسجد والقرآن والسنة، والولاية والشورى والعدل والبر ومسؤولية كل عن رعيته، ابتداء من المدرسة والجامعة والبحث العلمي ذي الأهمية القصوى، ووسائل الإعلام، ورجوعا إلى البيت والأسرة حتى تتزود الأسرة بزاد التقوى لتكون المحضن الفطري، تستعيد وظيفتها التربوية التي عرتها منها رياح الفتنة؛ ومنعتها من بث الإيمان والفضيلة وبترتها… وليخلص إلى التوصيات الآتية:

ـ إغناء البحث في فكر الإمام رحمه الله

ـ مد جسور التواصل بين مدرسة الإمام والمدارس التغييرية في العالم

ـ إبراز علاقة التربية والتعليم في المشروع التغييري عند الإمام رحمه الله

وعن مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين للأبحاث والدراسات “فيديو“

تحدث الدكتور زكرياء السرتي عن تقدير المؤسسة لهذا الجهد العلمي في مجال الكشف عن جوانب مغمورة في الإنتاج العلمي التربوي والبيداغوجي للأستاذ عبد السلام ياسين، كما أشار إلى عزم هذه الأخيرة على إطلاق مشاريع بحثية تهتم بإسهام الإمام في تأسيس نظام التربية والتكوين بالمغرب، ودعم جهود بناء النظام التربوي ببلدان عربية أخرى.

وفي حصة المناقشة تدخل العديد من الباحثين والمهتمين بالشأن التربوي والبيداغوجي للتساؤل والاستيضاح عن جملة من القضايا المتعلقة بموضوع الندوة. وقبل ختام أشغال الندوة ألقى الأستاذ العلامة محمد عبادي، “فيديو” كلمة بالمناسبة أشار فيها إلى قيمة الإمام وتفرده وندرة أمثاله في التاريخ.

حيث وصفه بالرجل النادر في زمننا المعاصر، كما ثمّن انعقاد هذه الندوة، معتبرا إياها منطلقا لمسيرة تربوية شاملة، مذكِّرا بحقيقة التربية ومركزيتها وعلاقتها بالتعليم. كما ألمع إلى ضرورة البحث في موضوع التربية بوصفها تشربا قلبيا متسلسلا إلى رسول الله صلى الله عليه، مع العناية بالبحوث النظرية في المجال التعليمي التربوي. ليتم رفع أشغال الندوة على أمل استئناف البحث والكتابة في الموضوع.