وتسنح فرصة…
تنسل الحركة الإسلامية في هذا القطر أو ذاك إلى الحكم انسلالا تدريجيا عن طريق انتخابات لم تجد الديمقراطيات الـمُوَلّـدَةُ بُدا من شق بعض فجاجها للإسلاميين، فتلك فرصة للتناوُب على الحكم. وينبري الإسلاميـون حاملو شعار «البديل السياسي» ليدخلوا مع الناس في دوامة التنـاوب على الحكم صعودا وهبوطا، تناديهم أصوات انتخابية ملّت من عديلهم اللاييكي الدنيوي، لتلفظهم وتستبدِل بهم قوما آخرين بعد تجربة لن يألُوَ الناصبـون والنصابون جهدا في إفشالها. وتلك فرصة سرابية ما كان لمتعطش فاضل أن ينتظر منها حَسْواً لظَمْأته أو غَرْفةً لِرَيِّ الشعوب المالَّةِ القاحِلِ ساحُها من عَدْلٍ ونماء وخير تعد به الديمقراطيات الـمُوَلَّدَة ولا تفي.
أوْ تُزلْزَلُ الأرض الاجتماعية الاقتصادية زلزالها بالأنظمة الفاسدة الجاثمة على الرقاب وينتظر المسلمون تغييرا جذريا يُحق الحق ويبسط العدل. وتلك فرصة تاريخية تضيعُ بين أصابع الإسلاميين إن هم ربَطوا في طموح الشعوب المسلمة ومِخيالها بين حكومة إسلامية لا مناص لها من مُصانعـة واقع شديد المِراسِ وبين الدعوة الإسلامية التي تحيي القلوب وتنعش الإيمان وتعبّئ الأمة لجهاد إحيائي مستمر صامد في وجه التقلبات السياسية العالمية والمحلية. تَصـرَعُ عويصات المشاكل الحكومة الطـارئة ولو بعد حين، ويمَل النـاس، وتَشْـرئب أعناقهم إلى بديل. والمتربصون بالإسلام الدوائِرَ كُثْر.
البابُ مسدود إذا إلى أي تغيير يقيم العدل؟ إقامة الدين إذاً رهينة بالنجاح الاقتصادي للحكومة؟ إقامة الحكومة وتنصيب الدولة ما العمل لكيلا يصبحا هدفاً يُسابق إليهما الناجون من الزلزال بالقهر الجبري أو الكذب الانتخابي والتزوير والتلفيق؟
ما العمل لكيلا تنعكس الظروف التي يصل فيها الإسلاميون إلى الحكم على مسار الدعوة، ولكيلا تثبِّط الظروف الطارئة بعد الوصول عزائِم كانت معقد الآمال؟
العدل: الإسلاميون والحكم، ص: 607
أضف تعليقك (0 )