post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

&#8211; لا يمكن فهم الواقع العالمي المريج اليوم إلا بالتعالي عن أحداثه، وقراءته في سياقات تتجاوز ظرفياته، ولا يحصل ذلك إلا برؤيته من أعلى، ولا يمكن ذلك إلا أن يتأتَّى لك ما به تسمو وترتفع على كل هذه الفجاج من الأحداث والدماء، فتقعد في مرتفع ترى من علوه&nbsp;&nbsp;غيبا مضى وغيبا آت، ويستحيل ذلك إلا أن يكون الوحي دليلك وبوصلتك.



&#8211; وقد حدثنا الوحي الإلهي في سورة الحشر أن الدعوة النبوية ستَقتلع الذين كفروا من أهل الكتاب الياهوود بعد أن يكونوا قد ألقوا في روع الجميع أن حصونهم مانعتهم من الهزيمة، لكن الله أتاهم من حيث لم يحتسبوا.



&#8211; ثم دخل اليااااهود في حقبة طويلة من التيه في العالم، وقد ضربتهم الذلة والمسكنة، ولا شك أن المسلمين طيلة قرون كانوا يعجبون كيف يخصص الله في كتابه المحكم هذه القومية ونسلها بآيات&nbsp;كثيرة وهم لا يرى لهم أثر في واقعهم حينها.



&nbsp;&#8211; لكنه الإعجاز القرآني الذي أعلن مسبقا أن تاريخ المسلمين سيعيش انكسارات مفصلية في مساره، وأن من مآلاتها أن الله سيعيد الكرة لكيان روح الشر على المسلمين، بعد أن يمدهم بأموال وبنين ويجعلهم أكثر نفيرا.



&#8211; وأما المال فإنهم الماسكون اليوم بشرايين الاقتصاد العالمي. وأما البنين فنرى سباق رؤساء دول غربية كيف يعلنون أنهم وإن لم يكونوا ياهههودا فإنهم يفخرون أنهم صهاااينة، وكيف أن جيش الاحتلال يقاتل فيه قوميات عدة. وأما النفير فمن ينكر أنهم أكثر الأقوام قدرة على الحشد من خلال الإعلام بكل ألوانه&nbsp;وأطيافه.



&#8211; ثم إن الله تعالى أوضح بسابق علمه مكان الحرب الحاسمة مع كيان روح الشر، وبعد أن كانوا منتشرين يسكنون في كل بقاع الأرض يسر لهم من سبل الاجتماع في الأرض التي باركها بالمسجد الأقصى وما حولها: &#8220;وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً&#8221;.



&#8211; ثم إن الله بين أن فسادهم وإفسادهم بعد أن يخرجوا من الذلة التي ضربت عليهم لا يكون اعتمادا على قوة ذاتية، بل &#8220;بحبل من الله وحبل من الناس&#8221;. وقد كنت أتوقف عند هذه الآية ثم أتساءل: لماذا قال تعالى: &#8220;حبل من الناس&#8221; وليس حبلا من الكفار، أو المشركين، أو المنافقين أو ما&nbsp;شابه&#8230; حتى رأيت جلاء الآية فيما وقع بعد &#8220;الطوفان&#8221;، وكيف أن الإمداد لكيان روح الشر لم يقتصر على طائفة من الناس بعينها، بل إن إمداد الكيان بالسلاح، والغذاء، وكل المتاع يصل من كل جهات العالم بمن فيهم أنظمة دول عربية وأخرى إسلامية، ففهمت عندها أن &#8220;الناس&#8221; هي الكلمة الأوفق للتعبير عن هذا الخليط، المريج من كل فاقدي قيم الإنسانية في دعمهم لكيان روح الشر في إفساده، وعلوه الكبير. وإن تعجب فاعجب معي كيف يقرأ مسلمون كتاب الله ثم يتواطأون مع كيان روح الشر ضد مسار التاريخ وقدر الله عز وجل.



&#8211; وكما أن الله عز وجل حدثنا عن كرَّة معادة لكيان روح الشر ينتصر فيها على المسلمين في زمن لم تكن كل القراءات حينها تجد أدنى إشارة لهذه الكرة، حتى إنك إذا قرأت تفسير الآيات عند المفسرين وجدت كلاما أكثره لا يفيد، فإن الله عز وجل أخبرنا أيضا أن بعد كرَّتهم سينهزم مشروعهم شر هزيمة في معركة طويلة عنوانها: المسجد الأقصى: &#8220;فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا&#8221;.



&#8211; إن الكلم القرآني يعلو على التاريخ ويحدد مساراته، ومن غفل عن القرآن أعمته تفاصيل الأحداث اليومية على أن ينظر إلى ما هو أبعد من الفساد والإفساد والعلو. بل إنك&nbsp;&nbsp;تستغرب كيف يأتي من يدعون الإيمان بالقرآن الكريم بأفعال هي عكس ما هو مطلوب منهم، فإذا بهم من الحبال الممدودة لكيان روح الشر ليزيد في إفساده، وعلوه، وتهجيره، وإبادته، ومذابحه، وعربدته في المسجد الأقصى.



نعوذ بالله من غضب الله

تدوينات

وحبل من الناس

أضف تعليقك (1 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

وحبل من الناس

الاستراتيجيات الكبرى والتفكير القزمي

الشهيد العملاق

أمة ميتة!!

مقصد حفظ الدولة في فكر عبد السلام ياسين

أصل ثابت يؤتي أكله كل حين

مقالات ذات صلة