الاستعداد للآخرة | الإمام عبد السّلام ياسين
يستهل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله هذا المجلس المنعقد يوم الأحد 10 رمضان 1425هـ/24 أكتوبر 2004م بخير ما يتزود به المؤمن والمؤمنة للآخرة وهو القرآن الكريم، حفظا وعملا وتخلقا. وإن الناس يوم القيامة لفي شغل، يتنادون ويبحث كل عن صاحب وشفيع، وخير ما يستشفع به المؤمنون يومئذ كتاب الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم، ومن لم يعرفهما في الدنيا أنى له أن يعرفهما في الدار الآخرة ويوم العرض على الله جل جلاله.
يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ [الحشر: 18]. وتدبر -رحمك الله- قوله سبحانه ﴿وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ ففيه من النظر والاعتبار لما قدمته من أعمال ستلقى بها الله غدا، وفيه من معاني الانتظار ليوم تجزى فيه كل نفس ما عملت من خير أو تفريط في جنب الله. فكل المعاني التي أثبتتها اللغة العربية ولا تتنافى مع الشرع فهي معان مقصودة بالخطاب القرآني.
وبالتقوى يوصي الله عباده، وبالتقوى يوصي في كثير من آي القرآن الكريم، يقول سبحانه ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ﴾ [النساء: 131]. وبالتقوى أوصى تعالى رسوله الكريم ﷺ وهو سيد المتقين، قال عز وجل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّه﴾ [الأحزاب: 1]. أمر من الله بلزوم التقوى والاستزادة منها. والتقوى أن تجعل بينك وبين الله عملا تتقي به غضبه وتستجلب رضاه، وأفضل العمل الصلاة لوقتها، ثم الإحسان إلى الوالدين والأهل وذوي القربى، ثم التخلق بالخصال العشر جميعها، وأولهن تحقيق معاني خصال الصحبة والجماعة والذكر والصدق والتخلق بها.
فهل تنفصم الصلة بيننا إن مات أحدنا وانتقل إلى جوار الله تعالى؟ ما يكون ذلك في جماعتنا أبدا، بل يجمعنا دعاء الرابطة. وهل ينفرط عقد اجتماعنا إن مت أو مات فلان أو علان؟ الخير في شباب هذه الجماعة دائم رجالها ونسائها. ولله در الشاعر:
وحقيق بنا أن نلزم ذكر الموت والتواصي بالتقوى لنتذكر الله تعالى ونستعد للقائه، وأن نتعاون على صنائع الخير والمعروف، إقامة لدولة العدل في الأرض والتماسا لمسالك الإحسان مع من أمرنا الله بصبر أنفسنا معهم، حتى نلقى الله وهو عنا راض
أضف تعليقك (0 )