عواقب الظلم والتظالم
الآخرة تنظم الدنيا. ومن يكدر آخرته لعاجل دنياه فنصيبه الخسران، وإن كان يظن أن ما يخوض فيه من متاع الدنيا قسمة له مقسومة.
والاستقامة في الدنيا تنظم الآخرة. فإن من لا يأوي إلى ركن أمين، ولا يجد من بدنه عافية تمكنه من الكسب، ولا يترك له هم القوت اليومي فسحة لتدبير عاقبته بعد الموت لفي كبد، يذهله تدبير دنياه المضطربة عن تدبير آخرته.
من يحمل رسالة الله إلى الإنسان؟
لا مناص لنا من أن ننهَج في العالم من حولنا مع الاحتفاظ بمعنانا وقيمنا وديننا. الحفاظ على ديننا رأس الأمر كله. العالم من حولنا هو مجالنا الحيوي، هو بحر الابتلاء الإلهي للعباد: فيه القوى المناهضة والمنافسة والمعارضة والمعادية والكائدة. توجيه كتاب ربنا وسنة نبينا للمُبحرين في لُجَج الخِضَمّ العالمي أن نعطي كل ذي حق حقه […]
حلم صهيون
ومر القرن التاسع عشر بتاريخ النصارى، خطا فيه اليهود خطوات عملاقة خارج الأسوار والعزلة، وهاجروا بأعداد كبيرة إلى العالم الجديد حيث تلقاهم “التَّسامح” و”النية السليمة” التي نعرف الآن مغزاها ومعناها. تلقاهم البروتستـانت الذين رأوا على هامة كل يهودي تاج “مجد الاضطهـاد”. ورأوا في هجرة شعب “إسرائيل” الحقيقي إلى الأرض الجديدة بركة من السماء توذن بقرب المملكة التي ستسيطر على العالم.
صور من محبة رسول الله ﷺ
قال مالك: «ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي ﷺ فيُنظَر إلى لونه كأنه نَزَفَ منه الدم، وقد جفَّ لسانه في فمه هيبة لرسول الله ﷺ. ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير، فإذا ذُكر عنده النبي ﷺ بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع. ولقد رأيت الزُّهري، وكان لَمِنْ أهْنَإ الناس وأقربِهم، فإذا ذكر عنده النبي ﷺ فكأنه ما عرفَك ولا عرفته. ولقد كنت آتي صفوان بن سُلَيم، وكان من المتعبدين المجتهدين، فإذا ذكر النبي ﷺ بكى، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه».
حقوق الإنسان: مقارنات
إن الله عز وجل خلق الإنسان وهيأه لكرامته في الدنيا باعتباره من بني آدم، كما هيأه للخلود في النعيم، أو العذاب في دار الخلود جزاء كسبه هنا. ومن عناية ربنا جل وعلا بالإنسان، وحدبِه عليه، أن بعث إليه رسلا بلغوه أنَّ له ربا، وأنَّ ربه لا يريد له أن يُشرك به شيئا، ولا أن يظلمَ الناس، ولا أن تستفزه الدنيا فينسى الآخرةَ، ولا أن تغرَّه قوَّتُه فيستعبدَ الضعيف، ولا أن تأخذَه الشهوةُ والحِسُّ والمتاعُ فينسى أنَّ له قلبا على صلاحه مدارُ سعادته في الدنيا والآخرة.
غرسات الثبات
لِــمَـنِ الــقِــــبَابُ الــنَّيِّرَاتْ….لِــمَـنْ المَـــغَــــانِــــي الــعالِــيَـــاتْ
لِــمَــــنِ الـعُــــيُونُ الــزّاخِــرَاتْ….لِــمَـــنْ الـريــاضُ الـزاهِــــرَاتْ
فِــــي أَقْـــصُــــرِ الخُلْـــدِ الـتــي….وُعِـدَتْ بِـــهِـنَّ المــــومِــنَــــاتْ؟
هُـــنَّ لِلَّـــوَاتِـــي لاَ تَــلِـــيــ….ــنُ لَـهُــــنَّ في الـدِّيــــنِ الـقَــنَاةْ
وَغَــرَسْــــنَ فــــي أرْضِ الجِها….دِ كَــــرِ يمَ أَقْــدَامِ الــثَّـبَـــاتْ
حسنة الدنيا وحسنة الآخرة
أما أعمال المؤمنين، فإن كانت شبيهة في إعطاء النتائج السببية في الدنيا مع أعمال الكفار، فإن لها بقاء أبديا على صورة ثواب وجزاء ونعيم. أعمال المؤمنين سعي مَرْضِيٌّ في الدنيا إن حسَّنَه الإتقان، مرضِيٌّ في الآخرة إن زكّاه الإيمان وزكتهُ النية.
كيف نُعلِي شأن القيم الإنسانية المُرُوئية؟
لن ينقذ الأمة من الهلاك الذي يتهددها، ولن يُبَلِّغَها الأملَ المعقودَ على منقذ يسعدُها إلا الاعتماد على الله والجهاد في سبيل الله. عصر المواد الخام والإنتاجية الصناعية والموارد المادية والتمويلية كاد يولي الأدبار ليخُصّ الاعتبار الإنسان ومستوى معارفه وذكائه وقدرته على الابتكار وتطويع المعلومات وخزنها وترويجها وتوظيف الأدمغة المتفوقة لتخطط وتُنشّط.
قومة الإمام الحسين السبط
كان عليه السلام ريحانةَ جده، وساعِدَ أبيه. شاركه في حروبه إلى جانب أخيه الحسن. فلما ولِيَ الحسنُ الإمامةَ بعد أبيه دخل في طاعته، وآزره، وحضر الشرط المشروط على معاوية عند الصلح. وبعد أنْ سَمُّوا الإمام الحسن بدأ اضطهـاد آل البيت. فقُتل أنصارُهم أمثالُ حُجْرِ بنِ عَدِيٍّ الصحابي. وقُطِعت أرزاقُ العَلَويِّينَ. وطُورِدُوا حين التفّوا حول الإمام الحسين بعد مقتل أخيه. فلما تولى يزيد بن معاوية الأمر عن بيعة كان فيها الإكراه، وانفتحت لِغِلْمة قريش أبوابٌ كان يُغلقها
صراط الآخرة ومهيع السياسة
ربما سألت عن حسن نية يأيها النظير الخلقي. فإليك في المكان الثاني قصدُنا بعد اهتمامنا بتنوير الطريق أمام أنفسنا. لكن تمام الاستماع إلينا يقتضي أن تنصِت كيف نطرح نحن الأسئلة. فربما فاتك إن لم تبذل الجُهدَ الأول في تحويل الموجة الفهمُ عنا والحوار الضـروري معنا، ضرورةً نحُسها ونسارع إليها كما تحس أنت وإن بقيت تتلكأ في ريبتك وانشطارك وحيرتك بين صلاة تخشع فيها لربك وبين نضالية تنسى فيها دين الله لتنخرط بدمك وعصبك وعقلك وعضلك في مَهْيَع السياسية الحزبية اللاييكية في أحسن أحوالها.
الصلاة على النبي ﷺ مفتاح الخير كله
صلاتنا على الرسول الكريم على الله عز وجل تبلغه، ويبلغه سلامنا، كما جاء في الحديث. فلنتأدب مع إمام الأنبياء وخيرة الخلق ﷺ. وأول هذه الآداب تعظيمه في أنفسنا، ومحبته الموصولة بمحبة الله لا تنفك. ومن الآداب أن نهدي ثواب صلاتنا عليه لروحه الشريفة. ومنها أن نكثر من الصلاة عليه يوم الجمعة.
ولنحذر أن نبعد عن رحمة الله إن ذكر عندنا اسمه الحبيب فبخلنا عن الصلاة عليه، ومن هذا البخل الشنيع صاد بعضهم الصماء.
الهجرة في حياة المؤمنة
على مدرجتهن تجد المؤمنات قُبّرات عمياوات مصابات بشتى أنواع العمى، وبدرجات من غَشاوَة البصيرة، وأصناف من غَشاوة الفكر، وطبقات من ركام الجهل بالإسلام أو الأحكام المسبقة المخطئة عن الإسلام، أو العِداء السافر للإسلام.
مستقبل الإنسانية
أسمع في هذا الصباح -من شهر صفر 1403هـ – أخبار العالم: مجلس النواب الأمريكي يصوت على تمويل جيل جديد من الصواريخ النووية الهدف من صناعتها «ردع المنافسة الروسية» في هذا الميدان. النظام السعودي يقترح على فرنسا بضعة ملايير دولار قرضا لدعم الفرنك وإنقاذه. يقول المعلق: «لتطابق رأي الدولتين في قضية فلسطين». الدولة العنصرية في جنوب أفريقيا ووكلاؤها المكلفون بالتخريب والتآمر على الدول السوداء. عالم متحرك عنيف. مستقبل الإنسانية معلق على توازن الردع والردع المضاد النوويين. أموال المسلمين تصبح رشوة لمكافأة دول تؤيد العرب في صفقتهم الخاسرة. الأوربي المستعمر يعيث في الأرض فسادا. ولم تذكر الأخبار بحريق بيروت المهول وقد مضى عليه الآن أقل من خمسة أشهر. لم تذكر الأخبار فلسطين المحتلة والاحتلال الاستيطاني لـ«الأراضي المحتلة». هكذا سمي الجزء الذي لما تبتلعه عصابة اليهود كما ابتعلت بيت المقدس والأرض التي حوله، أرضا باركها الله وضيعها العرب فأصبحت تسمى إسرائيل.
هل انقطعت الهجرة؟
ويمكن اعتبار كل مسلم ليس له نصيب من معاني الهجرة والنصرة أعرابيا بالمعنى القرآني. قال القاضي ابن العربي رحمه الله: «فمن دخل في الهجرة أو ترسَّم بالنصرة فقد كمُل له شرف الصحبة. ومن بقي على رسمه الأول بقيَ عليه اسمه الأول، وهم الأعراب.(…) إن كل مسلم كان عليه فرضا أن يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكونَ معه حتى تتضاعف النُّصرة، وتنفسح الدَّوْحَة، وتحتمي البيْضةَ.(…) وكان من سار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صار مؤَهَّلاً لحمل الشريعة وتبليغها، متشرفا بما تقلد من عُهْدَتها. وكان من بقي في موضعه خائبا من هذا الحظ، منحطا عن هذه المرتبة».
الهجرة ودرس البذل في سبيل الله
الهجرة عن عادات الجاهلية هي برهان الصدق وهي الحركة السلبية للإرادة التي تعدل عن الموقع العادي إلى الوضع الشرعي الإسلامي، وقد كانت الهجرة حادثة في عهد الرسول الكريم تاريخية من دار الكفر مكة إلى محضن الإيمان يثرب. طرح الرسول وصحبه أموالهم وأهلهم ورحلوا بإيمانهم. وتبقى الهجرة حركة إرادية دائمة في حياة المؤمن يطرح دائما عنه الرجس ويعدل إلى الحق.
نظرات في آيات الهجرة والنصرة
لا سبيل إلى بناء القوة الاقتحامية المؤهلةِ لمناجزَةِ الجـاهلية، القادرةِ على مطاولتها وحصارها وخنقها وطردها، وفي قلوبنا مَثْوىً لأم الفتن. نهض الرجل الأشقر الأزرق الطويل القامة في ألمانيا الإمارات المآت، وتوحد الجِرْمانُ على ثقافة ولغة وجنس وقوم. فانظر ما أججوا من حروب، وما اقترفوا من جرائم ضد الإنسانية. النازية زهرة القومية ونموذجها المتطرف. المتطرفُ حقا! أليست الحمية، حميةَ الجاهلية، عنفاً كلُّها وجهلا كلُّها؟