شرط نصر الله تعالى للمستضعفين
اء الأمر العزيز بإعداد القوة، وهو اتخاذ الأسباب المادية الاقتصادية العسكرية التسليحية التصنيعية، بعد الأمر الموَجّه لمؤمنين ثبت إيمانهم أن يثبتوا في الميدان، وأن يذكروا الله كثيرا لعلهم يفلحون، وأن يطيعوا الله ورسوله، وأن لا يتنازعوا فيفشَلوا، وأن يصبروا ليكونوا في مَعيّة الله.
الثبات في الميدان، والصبر فيه، حركة جماعية، وسكونٌ واثق عازم، وإقبال مقتحم. لا ينفك ذلك عن ذكر الله الكثير. لا ينفك الدين والتعلّق بالله عن الصمود أمام العدو. ولا ينفك الصمود عن طاعة الله ورسوله. ولا ينفك الصبر، وهو مظهر شجاعة وقوة، عن الالتحام بين أفراد جماعة لا يتنازعون، بل يتناصرون.
حسنة الدنيا وحسنة الآخرة
أما أعمال المؤمنين، فإن كانت شبيهة في إعطاء النتائج السببية في الدنيا مع أعمال الكفار، فإن لها بقاء أبديا على صورة ثواب وجزاء ونعيم. أعمال المؤمنين سعي مَرْضِيٌّ في الدنيا إن حسَّنَه الإتقان، مرضِيٌّ في الآخرة إن زكّاه الإيمان وزكتهُ النية.
«الاحتقلال»
كلمة «الاحتقلال» التي عَنْوَنَّا بها هذه الفقرة هي من صياغة البطلِ الريفي المجاهدِ محمد بن عبد الكريم الخطابي. كلمةٌ مركبة تركيباً مزْجيّاً من «الاحتلال» و«الاستقلال». فهي بتركيبتِها وغرابَتها تدل على شك الخطابي في حقيقة ما حصَّل عليه المغاربة المفاوضون في إكس لبان، وتَدلُّ على إنكار الخطابي لاستحواذ الحزب الوحيد -الفارضِ وحدانيتَه بالعنف الذي قرأناهُ-، وعنفه.
عواقب الظلم والتظالم
الآخرة تنظم الدنيا. ومن يكدر آخرته لعاجل دنياه فنصيبه الخسران، وإن كان يظن أن ما يخوض فيه من متاع الدنيا قسمة له مقسومة.
والاستقامة في الدنيا تنظم الآخرة. فإن من لا يأوي إلى ركن أمين، ولا يجد من بدنه عافية تمكنه من الكسب، ولا يترك له هم القوت اليومي فسحة لتدبير عاقبته بعد الموت لفي كبد، يذهله تدبير دنياه المضطربة عن تدبير آخرته.
فتوة الغناء والبناء
لعلنا وقد عرَّجنا على منعطفات ومستقيمات من حياة الصحابة رضي الله عنهم نقرأ حياة عائشة وأسماء وسائر المجاهدات قراءة جديدة. نقرأهن على أنهن دروس تربوية تطبيقية مِن هُدَى الله وهَدْيِ المصطفى صلى الله عليه وسلم. دروس تتحدانا وتعلمنا وتقرِّب إلينا لنتحلَّى بالروح ونتحلى بالخلق وننبعث بالإرادة في بيئة أخرى أشد تعقيدا وأعظم ابتلاء من بيئتهن.
قضية فلسطين قضية مصيرية
ليست “قضية فلسطين” قضية محلية، بل هي قضية مصيرية. الآن أخذ العرب يدركون خطورة ما لا قِبل لهم به، واقترحوا تنازلاتهم للاعتراف بالكيان الصهيوني في “حدوده الآمنة”. والصهاينة اليهود والمهودون يحلمون بإسرائيل الكبرى، بإسرائيل ما بين النيل والفرات، بل بإسرائيل العالمية التي بشرت بها توراة اليهود.
قضية فلسطين بداية المواجهة الحاسمة بين الحق والباطل، بين الجاهلية والإسلام. مع الجاهلية تنَبؤٌ يهودي بمملكة صهيون الألفية. ومع الإسلام وعد الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بالنصر المبين، وبالخلافة على منهاج النبوة، وبظهور هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون.
من أصبح آمنا في سربه
تبصر رحمنا الله وإياك كيف ذكرت منَّتا الإطعام من جوع والإيمان من خوف بعد ذكر رحلة الشتاء والصيف، وما في ثنايا الرحلة من كسب، وتجارة، وتعب، واتخاذ أسباب، لتعرف مواقع الكلم، ومضارب الحكمة والأمثال، في كلام رب العالمين. ذلك أنه لا رخاء يرجى لإطعام، ولا أمن، ولا عافية بدن، لقوم كسالى نائمين. إنما بالسعي والحركة والعمران وغشيان الأسواق يأتي الرخاء. اقتصاد نشيط، زراعة تطعم، صناعة توفر السلاح، رجال تطب، وتعلم، وتربى.
الأسرة والاستقرار المادي
نطعم المؤمنات مثاليات ووعظيات إن رسمنا أفُق المطلوب المقصود في روح القرآن وكلمة الإسلام للمرأة دون أن نرسم خريطة المسافات بين وضعية النساء في مجتمع الفتنة والتخلف والفقر والتظالم والكراهية وبين وضعية يكون فيها عنصر الاستِقْرار في البيت المسلم -وهي الزوج الأم- متمتعا بوسائل الاستقرار المادي وفي مقدمتها السكنى…
المكارمة في الحياة الزوجية
إن العروج الروحي الذي قوّى النموذجين فاطمة وعليا على تحمل الشدائد ومجل الأيدي وإصابة الصدر ليس في متناول العامة من الخلق. ذاك كان بيت النبوة وجب أن يتألق مثالا في سماء الفضائل. لا تذهبنّ الحرفيّةُ بالمؤمنات والمؤمنين إلى اعتقاد أن الحصير ووسادة الأدم والليف وشظف العيش هي السر في فلاح من أفلح. إذا كان القلب فارغا من التعلق بالله تعالى فإن تساوِيَ الرجل والمرأة في شدة المعاش كتساويهما في رخائه، لا الشدة في حد ذاتها ولا الرخاء في حد ذاته يجلب السعادة الأخروية.
ترشيد الشباب
لا حاجة بنا أن نقف طويلا عند هذه الفرق البائد كثير منها. لكن نذكر أصول الخلاف الفكري الذي فصله الشهرستاني لأن المواضيع التي دار حولها الخلاف من طبيعة العقل المشترك الأصم الأبكم أن يضل فيها في كل عصر مثلما ضل عقل الأولين. ثم نرجع إلى أصل البلاء كله وهو ختم الله جلت عظمته القلوب، ومرضها. ومن مرضها أن تجد قوما في زماننا يتهمون كل مسلم لا يتطابق رأيه مع رأيهم أنه جهمي، وهو لم يسمع قط بما هي الجهمية ولا له نية ولا رأي ولا دراية بالخلاف في الصفات.
الأسرة مصدر قيام الأمم وانهيارها
هما مقتلان في هذه الأمة وفي كل أمة: الفطرة إن فسدت والحكم إن خبث. وما قامت إمبراطورية الرومان وحضارة أوربا الحالية إلا على استقرار وقوة في الأسرة التي تحفظ القيم وتورثها تقاليد رجولية، وعلى استقرار في الحكم ونظام. وانهارت روما لما أترفت الأسرة ثم تلا ذلك انهيار نظام الحكم وسقوط الإمبراطورية. وحضارة أوربا الآن في طريقها للاضمحلال، على مُكثٍ فلا يغررك تقلبهم في البلاد. علامات الاضمحلال فساد الأسرة مورثة القيم، وما يمسك هذه الحضارة إلا نظام الحكم المتمكن الديمقراطي، وهو إلى زوال.
الطلاق.. أحكام واجتهادات وإحسان
كنا في إصلاح ما فسد. فلنعد إلى تنوير طريق العقل والحكمة. تنقشِع مراهقة قيس وليلى، فلا يبقى ما يعَوّل عليه ويُعتمد إلا الثقة والميثاق الغليظ: وهما القِوام الديني الخلقي في الزواج. لذلك أحاط الشرع الزواج بضمانات ليتحكم العقل في بناء أركانه لا العاطفة، وليكون البناء من حَجر الاختيار العقلي وحديد الأمانة الإيمانية لا من طِلاء الإعجاب بالمظاهر.
سعد مثال الشباب المحمدي
هذا النموذج هو سيدنا سعد بن أبي وقاص، الذي أوصى إليه، مع خمسة من الرجال، أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يكون أمرُهم شورى بينهم، بعد أن طعنه العِلْجُ أبو لؤلؤة. وكان لعمر مِعيارٌ لمعرفة الرجال، كان يقول: «المرء وغَناؤُه في الإسلام، المرء وسابقته في الإسلام، المرء وحظه من الله». وانظروا كيف ينطبق المعيار العُمَري على سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه! فقد أسلم سعد في ريعان الشباب وهو في السابعة عشرة من عمره، فهو مثال الشباب المحمدي.
تفسيخ اللغة العربية وإقصاؤها
من مكر اللغة الأجنبية الدخيلة فينا، القويَّة الغنيةِ الجميلة بجمال محمولِها العلومي التكنولوجي، أنّها تُفَسِّخُ اللغة العربية وتستعين على تفسيخها وتعجيزها وشلها بالضرائر المحلية. حتى إذا خُنِقت اللغة العربية، وأدت الخادمات الضراتُ وظيفتهن، وبان عجز العربية عن إقامة شؤون الدنيا وترسيخ قدم حضارة عربية مسلمة…
عائشة في فجر شبابها
نقرأ عن عائشة المحدثة المكثرة التي تتقدم فتسامي أكثر الصحابة جمعا للسنة ورواية لها وحفظا وتعليما. نقرأ عن عائشة المجاهدة التي كانت تنقُزُ قِرَب الماء تجري بها سريعة لتسقي جرحى أحُد وتواسيهم. نقرأ عن عائشة الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر التي كانت تنتقد أمير المؤمنين عثمان، نقرأ عن عائشة قائدة الثورة على الإمام علي كرم الله وجهه لما اجتهدت فأخطأت، ثم ندمت على خطإها وتابت في آخر حياتها واستغفرت.
فتية الحق
لَيْسَ يَرْقَى بِكَ زُهْدٌ ….لاَ، وَلاَ لُبْسُ المُسُوحْ
إن تَرَكْتَ الشَّرْعَ نَهْباً….لِلْمَخازِي والفُضُوحْ
فِي حُدودِ الله قامَتْ….بِثباتٍ ووُضُوحْ
فِتْيَةٌ لِلْحَقِّ تدْعُو….تَرْفَعُ الصَّوْتَ الصَّدوحْ
يَعتَدِي كُلُّ عَنيدٍ….يَعْتلِي كُلُّ جَموحْ!