الرحم الجامعة
هذا السبب هو جفاف القلوب من الرحمَةِ، وهي الرحِمُ الجامعة. نجد هذا السبب مطروحا واضحا إن قرأنا آيات الله عز وجل في القرآن وآياته في الكون وسنته في التاريخ قراءة ثُنائية قدَرية شرعيَّةً. القراءة التاريخية تشتغل بالنـزاعات في عالم الأسباب لا تتفتح عين قلبها لتُميّزَ مراتِب الـمُدْرَكَـات من آيات الله في الكون يقابِلُها ويكشف أسرارها آياتُه سبحـانه الشرعية الأمرية المنـزّلَة على رسله عليهم السلام. وإذاً فلا يكون القرآن دليلَ عمل لمن يقرأ هكذا.
الولد الصالح
إذا استقر لدينا، والحديث دليـل قاطع، أن الذريَّة -صالحةً أو فاسدةً- هي من عمل الإنسان، لا ينفي كونُها خلقا لله كونَها عمَلاً للإنسان، فقد توجّه أمامَنَا عِظَمُ مسؤولية الإنسان عن ذريته: تصلح إن أصلحها، وتَفْسُدُ إن أساء تنشِئتها. فيترتب على هذا المنطقِ المستنير بنور الوحي ونور التوجيه النبوي منهاج المسؤولية البشرية عن صلاح الأجيال وفسادها. لا يهدي للصلاح إلا الله، لكن الهداية الإلهية يقيض الله لها بشرا يهدون. والغَوَايَةُ تضليل من شيطان جن أو شيطان إنس.
بذكر الحبيب المصطفى الكونُ يعْبَقُ
بأعتابِك العُليا لواءٌ يُخَفِّقُ****وفي بابك السامي فؤاديَ يَطْرُقُ
رأيتُ إلهَ العرش أَغْدَقَ فَضْلَهُ****عليكَ، بِذَا آياتُ ربيَ تنطِقُ
أيا بَشَراً آتاه ربيَ حكمة****وَوُسْعاً، وعَقْلُ الناسِ أخْرقُ ضيِّقُ
ومن فضله آتى كتابا ومثلَهُ****من الوحي، فالسُّنَّاتُ بالكُتْبِ تُلْحَقُ
حقد بلا حدود
تجاوزنا من الكتاب الاستعراضي الخرافات التي تسكن الخيال لنتفرغ في هذه الفقرة للضغائن التي تسكن القلوب القاسية، والنوايا العنصرية التسلطية التي حاكت في الماضي مخططات الإفساد في الأرض ولا تزال تحيك. تجاوزنا “الشامير” تلك الحشرة الصغيرة التي تشق الصخر بمجرد النظرة، والوحش الضخم، “البهموت”، الذي يرعى كل يوم حشيش ألف جبل، ذلك الوحش الذي أخصاه الله ليمنع توالده حتى لا يفسد نسله الأرض كلها. وتجاوزنا أنثى “اللفْيَتَان” التي قتلها الله فأحاطت جثتها بالأرض.
إن الله اشترى…
رأينا كيف ولِمَ وعلى ماذا بايع الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم في العقبة. كانت مبايعة جامعة مانعة: الطاعة لله ورسوله التي تتفرع فتغطي المجالات الاقتصادية والاجتماعية والحربية والسياسية. كل لا يتجزأ، رمز ُ كليته أن تقاتل فتموتَ وتذهبَ كلُّك فداء لدينك. إنها بيعة صفق عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدي الأنصار، ويد الله فوق أيديهم. صفقة بمقتضاها اشترى الله تعالى وباع العبد وشهد النبي. صفقة بضاعتها الجنة ضمنها النبي…
القرآن محور تعليم الأطفال
ثم يكون القرآن محور العملية التربوية ومورد العلم وجامع العلوم. لاسيما في السنوات التسع الأولى حين يتكون النسيجُ الأساسي للشخصية. هل يستوي في فرص علوق الإيمان بالقلب مَن غذينه بالأغاني رضيعا ومن ألقمنهُ مع ثدي اللبن ثدي التغني بالقرآن؟ قلت: فُرص العلوق. وإلا فالهداية الإلهية والرحمة تصيب من شاء الله كما يشاء الله.
عظمة الرسالة
رسول كالرسل ما هو بدع منهم، لكنه خاتمهم وإمامهم. أُمِرنا أن لا نفرق بين أحد من رسل الله. أيْ أن نؤمن بهم جميعا، وأن نعتقد أن الإسلام دين الله دينهم جميعا. وجاءنا في الحديث النهي عن تفضيل محمد صلى الله عليه وسلم على يونس بن متى. كما جاءت أحاديث يذكر فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم إخوانه الأنبياء بحب وتقدير وتواضع.
شريعة الله وشريعة السوق
ميثاق الله والميثاق القانوني الدولي نقيضان في انطلاقتهما وأهدافهما. نقيضان في مقوماتهما وبواعثهما ووسائلهما. فشريعة الله وميثاقه وفاء بالعبودية له سبحانه، من استقام عليها وعدل وأحسن كانت له ضمانا لمصلحة الدنيا والآخرة. وقوانين المعاش البشرية ودساتير الدول الديمقراطية والمواثيق والعهود الدولية شرائع عمادها القوة لا التقوى. فهي شرائع وقوانين تضمن المصالح الدنيوية للأقوى. والآلة والحرية مقومان للقوة الاقتصادية الاجتماعية السياسية. للآلة جماع الصناعة والعلوم ولوازم ذلك من تمويل وتنظيم. والحرية ديمقراطية في الحكم ومبادرة حرة. لهم غُنْم ذلك وعلينا الغُرْم.
العيد أقبل
العيدُ أقْبَلَ والزّمانُ تَبَسَّما***والأَرْضُ أُمْطِرَتِ المَدِيحَ مِنَ السَّمَا
لَمَّا ثَوَتْ فِيهَا قلوبٌ بَرَّةٌ***هِيَ لِلْمَزيدِ مِنَ العَطَايَا في ظَمَا
وتنزّلَتْ أمْلاكُ رَبِّي، سَرَّهَا***أنْ تَقْسِمَ الأنوَارَ، جَلَّتْ مَقْسَمَا!
لمَّا تَوَافَدتِ الخلائقُ جَحْفَلاً***نَحْوَ المُصَلَّى والخطيبُ تَكَلَّمَا
اسْفَرَّ وَجْهُ البِرِّ بُشْرَى وانطَوَى***إبليسُ في كَمَدٍ وَوَلَّى أجْهَمَا
فلسطين كرامة المسلمين
ترتبط مشاعر المسلمين بفلسطين تلك الأرض التي بارك الله حولها، فجعل فيها المسجد الأقصى ليكون ذلك حافزا للمسلمين على إنقاذها مرة من الغزو الصليبي، وأخرى من الاستيطان اليهودي. وكل محاولة لعزل الشعب الفلسطيني عن التمسك بحقه، والدفاع عن مقدساته، والتعلق بدينه، إنما هي خيانة للقضية وتفريط فيها، ولا تغير الألفاظ المغلفة من الواقع شيئا.
الحج مطهرة وهداية
الحجُّ رُكْنٌ شَامِخٌ***مِنْ دِينِنا السَّمْحِ النّزِيهْ
هُوَ لِلْجِهَادِ تَدَرُّجٌ***مِنْ ذابِلِ العَيْشِ الرَّفِيهْ
فِيهِ النُّفُوسُ تَفَطَّمَتْ***بالْحَزْمِ عمَّا تَشْتَهيهْ
وتَزَهَّدَتْ وتطَهَّرَتْ***فالحجُّ لاَ أَرْجَاسَ فِيهْ
…
الحج تربية
جعل الحج ليشهد المسلمون -أي ليحضروا- منافع لهم. قال الله سبحانه وتعالى يخاطب إبراهيم عليه السلام: ﴿وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ الحج،27.
وأي منفعة أعظم للمسلمين من جمع شملهم ليتأتى لكل منهم ذكر الله ومعرفته، ليتأتى للأمة أن تسمع رسالة ربها للعالم، وتكون بوحدتها من القوة بحيث يحترم صوتها ويقدر؟
هلا استضأْت بنورِ وجه محمد
يَا رَبْعُ هَلْ ذُكِرَ الحبيبُ مُحَمَّدٌ….بِذَراكَ أَمْ أَنَّ الربُوعَ فَلاَةُ
يا رَوْضُ هَلْ هَبَّتْ بِذكْرِ مُحَمَّدٍ….حِبِّي وَقُرَّةِ مُقْلَتِي نسَمَاتُ
يا فَجْرُ وَجْهُكَ باهتٌ مُتَجَهِّمٌ….لاَ تُسْتَبَانُ لِنُورِهِ وَمَضَاتُ
هَلاَّ اسْتَضَأْتَ بِنورِ وَجْهِ مُحَمَّد….فَسَنَاكَ مِنْ أَنْوارِهِ قَبَسَاتُ
تقدم وجدد جهاد الرسول
لعَمْرُكَ ليس الفَتَى من عَثَرْ….فأَحْنَى قَفَاهُ لسوْطِ القَدَرْ
ولم يتصلب ولم يقتحم….إلى حينَ قال القضا : لا مَفَرّْ !
فيا فَيْلَقَ العدلِ قُم من رُفاتٍ….فأنتَ العديدُ وأنتَ الوزرْ
تقدَّمْ وجَدِّدْ جهادَ الرسولِ….كريمِ الجدودِ سليلِ مُضَرْ
تربية على الجهاد
قاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهاد بعد أن ألهب في النفوس حب الله ورسوله، حبا يفدي الإسلام الغاليَ العزيز بكل ما يملكه إن بَخِلَ المالكون. بدأت سرايا الجهاد ببعثة حمزة بعد ستة أشهر من الهجرة. كان قوامها ثلاثون رجلا. ثم السرايا والغزوات حتى بلغ الجند المؤمن ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا في غزوة بدر، ثم قُرَابَةَ ثلاثين ألفا في غزوة تبوك. بدأ الجهاد مناوشات مع وثنيي العرب، ثم مواجهةً مع الشرك والكفر والنفاق كافة في غزوة الخندق، ثم تفرُّغاً لليهود