داء الأمم
مقدر على هذه الأمة أن تتناوشها عوامل الانحلال الخلقي والاجتماعي على قدر انسلاخها عن الدين وابتعادها عن مثله العليا واتباعها في ذلك سنن اليهود والنصارى. من تدخين الفتن على القلوب والعقول تحقق اللقاء بين سنة الله وفعله المتعالي عن كل تحليل وبين تحرك العصبية الجاهلية، وهي من نزغات شياطين الجن والإنس ومن كسب الناس، فأنتج اللقاء أمراضا وعاهات تردّت بالأمة في مهاوي الانحطاط.
فضل نساء النبيء صلى الله عليه وسلم
يا نساءَ النَّبيءِ كُنتُنَّ أَهْلاً….أنْ تُخَاطَبْنَ في الكتابِ المُبِين
يا نساءَ النَّبيءِ لستُنَّ مِثْلاً….لنِساءِ الوَرَى بِعَقْلٍ ودِينِ
جاءَ تَخْيِيرِكُنَّ في الوَحْيِ يُتْلَى….بَيْنَ دُنْيَا وَبَيْنَ وَعْدٍ مَكِينِ
فَنَبَذتُنَّ زينةً لحياةٍ….ونبذتُنَّ عَيْشَ خَفْضٍ وَلِينِ
وأَرَدْتُنَّ وَجْهَ ربٍّ كريمٍ….وَحِمَى مُرْسَلٍ مُحِبٍّ حَنُونِ
وأَردْتُنَّ دَارَ أَجْرٍ عَظيمٍ….بِجِوارِ الزَّوجِ الحبِيبِ الأمينِ
يا قدس
يا قدس فَاوَضَ عنكِ أبطالُ الكلامِ…وتداعتِ الأعدا لعَقْدِ سلامِ
من بعد هَزَّاتٍ «وثورات» خلتْ…من بعد زعْقاتِ الزعيم ضِخَامِ
قام الصبي، بِكَفِّه مِلْءُ الحصا،…للنجدة الغَرَّا قيامَ هُمامِ
والمرأةُ العَزْلاءُ تَابىَ ذِلَّةً…رجمتْ لنا وَجْهَ العدو الرّامي
هذي المروءةُ شرَّفتْ جيلاً غدا…مُتَسمِّعا همساً عن الإسلامِ
المصطفى لنور الله
افْهَمْ إذا أَسْمَعْتُ فِـطْ…رَتَـكَ العـميقَةَ يـا بُـنَـيّْ
ما في الوجودِ معظَّمٌ…بـعـدَ الإلاه أجَــلَّ شـيّْ
إلا الـرسولُ مـحـمَّـدٌ…أنْـشَاهُ من نـسْـلِ قُصَيّْ
ثُـم اصطفـاه لـنـوره…روَّاه مــنــه أبَـــلَّ رَيّْ
فإذا مَحَضْـتَ لـذاتِـه…حُبًّا سُـقـيتَ على يَـدَيّْ
وغدوتَ من أحـبابِـهِ…وبرأتَ من رَيْنٍ وغَـيّْ
صـلى عـلـيه إلاهُـنا…ما دام في الأكوان حيّْ
محبة رسول الله هي العروة الوثقى
إن تَوَلِّي رسول الله ﷺ، والصلاة عليه الدائمة، وحب آل البيت المطهرين، وتولي صحابته، لَمِمَّا يقرب المسافات للمريد الطالب. واختلف العلماء فيمن هم أهل بيته الذين جاءت في محبتهم وموالاتهم أحاديث صحيحة تذكرنا الله وتناشدنا الله فيهم وفي القرآن. فمن قائل إنهم الآل الذين تحرم عليهم الصدقة من بني هاشم. ومن قائل إنهم ذريته وأزواجه. ومن قائل إنهم أمته عامة. ومن قائل إنهم أتقياء أمته خاصة. وحديث الترمذي يخصص عليا وفاطمة والسبطين الكريمين الحسن والحسين.
الرحمة المهداة صل الله عليه وسلم
يفتتح الإمام عبد السلام ياسين رحمه في هذا المجلس المنعقد يوم الأحد 12 ربيع الأول…
كيف نقرأ بشارة القرآن بوعد الآخرة؟
قال المفسرون من القرون الماضية، ولم يكن أمام أعينهم ما نشاهده من باهر الحقائق: إن المقصود بالعباد الذين جاسوا خلال الديار هم بُخْتَنَصّر وجنوده، وقيل جالوت، وقيل جند من فارس، وقيل جند من بابل. وفسروا المرة الأولى التي أفسد فيها بنو إسرائيل في الأرض وعلوا علوا كبيرا هي حين قتلوا نبي الله أشعياء، وقيل حين حبسوا نبي الله أرْمياء، وقيل حين خالفوا أحكام التوراة.
حديث المعنى في عالم مهووس
فإن ذهبت إلى ندي الناس، وسوق الناس، ومجمعات الأقوام أنادي بإسلام هو في قلبي خرق ومزق فمن يسمع مني. أنادي إلى الصلح مع الله وحبل إيماني خلق. أنادي إلى التوبة إليه وأنا سادر!
يا أهل السوق! هذه أمة مسلمة إسلامية طبقت «الحل الإسلامي» فتعالوا يا عطشى إلى الري، تعالوا إلى الامتلاء يا غرثى، تعالوا إلى الشبع يا جياع الروح ومفتوني الدنيا.
الزواج: عدل وإحسان
وإن الله تعالى أمر بالعدل والإحسان. فالذي كان يمسك البيت النموذجي والزوجين الفاضلين والمجتمع الأول ضوابط العدل والحقوق المؤداة، ثم الإحسان بهذا المعنى الأول للإحسان. قَلع المؤمنات والمؤمنين الإيمانُ والتطلعُ إلى مقامات الإحسان من أرض المشاحّة والمخاصمة على الحقوق. توَّج الإحسانُ العدلَ وتخلّله وسكن بين ضلوعه. فالمرأة الزوج تصبر عن بعض حقها إحسانا واحتسابا، والزوج الرجل يجتهِد ليوفيها حقها ويزيد خوفا من الله ورجاء في مثوبته وقربه.
أسئلة جوهرية لا تجيب عنها الحداثة
أظن أني كنت أول من استعمل منذ ما يقرب من عشرين سنة، صيغة «تسليم الحداثة». العبارة أخذها آخرون منذ ذلك الحين. أعيد الكرة لا لاجترار شعار، ولكن لأواجه الحداثة بالأسئلة التي لا تهتم بها إطلاقا، وليس لأتباعها الوقت لطرحها على أنفسهم : من أنا ؟ وما أكون، وإلى أين أسير؟ وماذا أصير إذا مت وحنطت جثتي في تابوت من سنديان أو ركمتها الجرافة في حفرة جماعية في البادية الجزائرية أو الغابة الرواندية؟
سباق لطلب الزلفى
جَــنّـَـةُ الــخُــلْــدِ أُزْلِــفَــتْ….لِــتَـــقِـــيٍّ بِـــهِ هُــيَــــامْ
شــاقَــهُ الـوَصْـفُ إِذْ تَــلا….آيـــةً تَــنْــعَــتُ الــمُــقَـامْ
فــي بِــسَــاطٍ مُــنَــمْــنـَــمٍ….بـزُهـورٍ لَـهَــا ابـتِــسَــامٍ
وَانْــعِــطَــافٍ لِــكَــاعِــبٍ….وَكُــؤوسٍ مِــنَ الــمُــدامْ
شَـاقَـهُ الوَصْـفُ فـانْـبَـرَى….في صِــيَـامٍ وفِـي قِـيَــامْ
يَـــــسْــــأل اللــهَ أجْــــرَهُ….يَـبْـتَـغِـي دَارَة الـســلامْ
كيف أحب الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
امتاز الصحابة رضي الله عنهم بتعلقهم الشديد بشخص الرسول ﷺ. لم يكن عندهم ولا عند كل تقي أوّاهٍ من هذه الأمة مجرد مبلغ أدى رسالته ومضى، بل كان رسول الله. كان الشخص الذي اصطفاه الله. القرآن رسالته والبيان بيانه. تسمو بهم المحبة العميقة للشخص المكرم عند الله، ويسمو بهم القرآن، ويرفعهم البيان إلى ذُرى الإحسان. السلوك القلبي منجذب بمغناطيسية الروح الشريفة، والعقل يتغذى بالآيات البينات، والجوارح تنضبط بأوامر الشارع الحاضر بين ظهراني
سؤال تخليق الديمقراطية
تَنادِي الديمقراطيين إلى تخليق الديمقراطية طلبٌ لمستحيل في بلاد المسلمين. فالديمقراطية الأصيلة في بلادها هي عندها مُستورَدٌ هجين. والقانونية الحقوقية الديمقراطية في بلادها رادع قوي لوجود مروءاتٍ فردية، ووعي سياسي، وأياد نظيفة في صفوف القضاء. هذه القانونية، والذهنية المصاحبة لها، وتشبث الفرد بمصالحه، ووعي الناس بحقوقهم، وتكتل الناس للدفاع عن حقوقهم القانونية الديمقراطية، هي عندنا حُلْمٌ لا يتحقق في نظام الصنائع والزبائن والرشوة وسائر الأوبئة.
الرحم الجامعة
هذا السبب هو جفاف القلوب من الرحمَةِ، وهي الرحِمُ الجامعة. نجد هذا السبب مطروحا واضحا إن قرأنا آيات الله عز وجل في القرآن وآياته في الكون وسنته في التاريخ قراءة ثُنائية قدَرية شرعيَّةً. القراءة التاريخية تشتغل بالنـزاعات في عالم الأسباب لا تتفتح عين قلبها لتُميّزَ مراتِب الـمُدْرَكَـات من آيات الله في الكون يقابِلُها ويكشف أسرارها آياتُه سبحـانه الشرعية الأمرية المنـزّلَة على رسله عليهم السلام. وإذاً فلا يكون القرآن دليلَ عمل لمن يقرأ هكذا.
حبل الفطرة
جاءت الكشوفات العلمية والآلات العجيبة في عصرنا بصور السدائم في الأبعاد السحيقة للكون، وأخبرتها الرجَبِيَّات (الأميبات) بأن الحياة ظهرت بسيطة على هذا الكوكب الصغير، التافه بإزاء ملايير ملايير النجوم، منذ مليارين من الأعوام. وأنبأتها الحفريات أنه بعد مآت الملايين من السنين تطورت الرجبية وتركبت فظهر كائن معقد، تطور بعد كذا وكذا من ملايين السنين حتى صار سمكة، ثم زاحفة خرجت من البحر، ثم لَبونة تكيفت بالبيئة وصارعت التغيرات الحياتية حتى تسلقت الشجرة، وإذا على الشجرة قرد، وإذا القرد ينزل، أو ابنُ عمه، إلى الأرض، فإذا هو بشـري، ويتطور حتى يصبح أنا وأنت. هذه هي الخرافية التطورية التي تشكل قاعدة «الثقافة العالمية».
خطاب الله تعالى للإنسان
خاطب القرآن الكريم الأميين المستجيبين للداعي خطابا قويا في هذا الأمر. خاطب الإنسان من حيث إنسانيته، خاطبه من حيث فطرته ومخلوقيته. ولا يزال يخاطبه. الفرق بين الأميين الأولين وبين الناس أجمعين إلى يوم القيامة يتمثل في كون أولئك كانوا عارين أو شبه عارين عن العوائق الخارجية الحضارية التي تشوش على السمع، بينما الإنسان في عصر كعصرنا مكتظ الآفاق الحسية والعقلية بطفيليات صنعه وفلسفته وشغله وثروته وغناه وبؤسه وفاقته التي يلهبها منظر المترفين وآلات ترفهم.