حَبْلُ الفِطْرَةِ
جاءت الكشوفات العلمية والآلات العجيبة في عصرنا بصور السدائم في الأبعاد السحيقة للكون، وأخبرتها الرجَبِيَّات (الأميبات) بأن الحياة ظهرت بسيطة على هذا الكوكب الصغير، التافه بإزاء ملايير ملايير النجوم، منذ مليارين من الأعوام. وأنبأتها الحفريات أنه بعد مآت الملايين من السنين تطورت الرجبية وتركبت فظهر كائن معقد، تطور بعد كذا وكذا من ملايين السنين حتى صار سمكة، ثم زاحفة خرجت من البحر، ثم لَبونة تكيفت بالبيئة وصارعت التغيرات الحياتية حتى تسلقت الشجرة، وإذا على الشجرة قرد، وإذا القرد ينزل، أو ابنُ عمه، إلى الأرض، فإذا هو بشـري، ويتطور حتى يصبح أنا وأنت. هذه هي الخرافية التطورية التي تشكل قاعدة «الثقافة العالمية».
العقل المسلم وقراءة التاريخ
من الخلل العميق في العقل المسلم المغزو قراءته للتاريخ ونظرته إلى المستقبل من وجهة النظر المادية. ذلك مما صبغ به الفكر الغافل عن الله وعن سنة الله، الجاهل بها، الجاهلي، تفكير المسلمين. قنوات الفكر الاستشراقي سكبت في عقولنا بواسطة المغربين. برامج التعليم الاستعماري سطحت في أعيننا التاريخ فلا نرى ماضيه ومستقبل توقعاته إلا صراعا بين البشر، وموازين قوى، ودنيا بلا آخرة، وغالبا ومغلوبا، وسعيا على الأرض لا معنى له لإنسان عبث وإنسانية مرمية في الأرض.
الرفق رسالتنا للعالم
الغرب يعتبر نفسَه الجوهرَ ونحنُ الفضولَ. وحياة الغربي الذي لا يرجو لقاء الله أعز ما عنده. فهو حريص على الحياة، أي حياة. وذلك من مواطن ضعفه. علَّمته فتنام بعد حروب التحرير الوطني أن المستضعفـين يقاتلون بشجاعة. تنشر التلفزيون صور الجرحى والموتى من الشعوب الملونَة ومن أطفال الحجارة فيعتاد الجمهور الغربيُّ. لكن يصيبه الهلَع لمشهد جثة رجل أبيض. فتقوم المظاهرات في نيويورك وواشنطون أنْ احبسُوا المجزرة.
فلسطين والاستعداد لموعود الله
يبدو المستقبل ملبدا بالسحب إذا ما اعتبرنا عجرفة وطيش الرئيس الحالي للحكومة الصهيونية نتنياهو واستنطقنا العقيدة اليهودية التي تجعل من “الأمميين” –غير اليهود- كائنات خلقت لتستغل بالإقراض الربوي خاصة، وبغيره من طرق الاستغلال. ” أمميون” مصيرهم -حسب التأويل المتطرف للتوراة- الإبادة، إن هم حالوا دون تنفيذ مشاريع الشعب المختار.
العدل قاعدة البناء الأسري والإحسان تاجه
إن العروج الروحي الذي قوّى النموذجين فاطمة وعليا على تحمل الشدائد ومجل الأيدي وإصابة الصدر ليس في متناول العامة من الخلق. ذاك كان بيت النبوة وجب أن يتألق مثالا في سماء الفضائل. لا تذهبنّ الحرفيّةُ بالمؤمنات والمؤمنين إلى اعتقاد أن الحصير ووسادة الأدم والليف وشظف العيش هي السر في فلاح من أفلح. إذا كان القلب فارغا من التعلق بالله تعالى فإن تساوِيَ الرجل والمرأة في شدة المعاش كتساويهما في رخائه، لا الشدة في حد ذاتها ولا الرخاء في حد ذاته يجلب السعادة الأخروية.
الله ابتعثنا
جهِل أولئك الوحي ومصدرَه ومعناه فقلبوا الحقائق. وعَلِم كلَّ ذلك، معاناة تاريخية، وتشربا قلبيا، واقتناعا عقليا، أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمسوا ما وقع في حياتهم من تغيير ونسبوا الأثر إلى مصدره. عمر بن الخطاب رضي الله عنه علم أن العرب ما عزوا إلا بالإسلام فقال قولته المشهورة : “إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام. فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله” قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين. عاش هو جاهلية العرب، قاسا منها،
عظمة الرسالة
رسول خاتم ورسالة خاتمة. لا تحتاج لتكميل ولا تطوير. نُزُلاً من حكيم حميد. لا يعني هذا أن العقل المؤمن، وهو أيضا خَلْقُ حكيم حميد، قد عطل، وأن تحديات العصور للمسلمين بمشاكلها المستجدة يمكن أن تواجه ببلادة حامل الأوقار الذي لا يعرف ما يحمل، ولا روح ما يحمل، ولا أهمية ما يحمل، ولا سرّ ما يحمل. نحن حاملو رسالة، لكن هل نقدر معنى أن معنا آخر كلمة خاطب بها الخالق خلقه، وأكمل رسالة أنزلها رب السماوات والأرض لعباده؟
كيف انتقض البناء النبوي؟
البناء الذي تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم في اكتماله البشرِيِّ النسبيِّ وحافظ عليه الخلفاء الراشدون المهديون بحفظ الله بدأ انتقاضه وانهدامه وانتشاره بعد ثلاثين سنة من موته صلى الله عليه وسلم. اغتالوا الإمامَ عليا كرم الله وجهه فكسـروا قبة البناء، بل أعْملوا المعول في أُسِّهِ لما حوَّلوها ملكا عاضا. كان الانقلاب الأموي الباغي ضربة في الكيان الإسلامي، ترجَّعتْ هزاتها على مدى التاريخ كما تترجع رجات الزلزال.
من يُسدِّدُ ديْنَ الغرب لليهود؟!
منذ رُنان داعية الحرب الصليبية التي تحمل اسم «الاستعمار» تعززت في الغرب ديانة القانون، وحقوق الإنسان، وحق التدخل العسكري. بعد الاستعمار المباشر استعمار اقتصادي ثقافي شامل. و«التسامح» الغيور على احترام الإنسان يعطيك حرية الاختيار بين أمرين: إما أن تتحول عن دينك وهويتك لتندمج في دين الأقوى وإما أن تمحق محقا.دين الأقوى يتلخص من وراء نفاق […]
المؤاخاة
كان الأنصار رضي الله عنهم إذن على بيِّنَةٍ من واجبهم بمقتضى البيعة، وعلموا أنها عداوةُ العرب، وأنها الحرب، وأنه الموتُ. واختاروا عن رِضىً الطاعةَ لله ورسوله مهما كانت النتائج، والتزموا بالتحرك في المنشط والمكره، والتزموا بالنفقة في العسر واليسر، والتزموا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أي بالقيام في بلدهم بفرض التحول الجذري، وإقامة المجتمع الإسلامي على قواعدَ مُنافية للمألوف.
كونوا قوامين بالقسط
يتخلص لنا من كل هذا وجوب إقامة ميزان العدل والقسط بين الأغنياء والفقراء، والأقارب والأباعد، بلا حلف، ولا هوى نفس، ولا رغبة انتقام. وسواء في وجوب ذلك العدل القضائي المتمثل في أداء الشهادة أمام القاضي، والقسط في القسمة. وفي الآيتين الكريمتين إسناد القيام لله عز وجل في قوله: ﴿قَوَّامِينَ لِلهِ﴾ وإسناد الشهادة له سبحانه في قوله: ﴿شُهَدَاء لِله﴾.
العرب وهوان التطبيع
لن يدوموا إن شاء الله. الدائم الله ووعد الله سبحانه العزيز العلِيّ لهذه الأمة أن عدوّها لن يستأصلها، وأن طائفة من المؤمنين لن يزالوا ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك. جاء الوعد العزيز في الأحاديث النبوية الصحيحة.
على أثر الصحابيات رضي الله عنهن
السؤال الحر ابتداءً، السامي أهدافاً وغاية، يصفني أنا أمةَ الله بأنني أنا وأُمتي حَمَلَةُ رسالة إلى الناس كافة، نتعبأ لذلك المرمى البعيد، ونُشرف على ذلك الجهاد الطويل النفَس البعيدِ الـمَدى، لا من زاوية مقهورية الأمة وتسلط الغرب وغزو الصرب، لكن من وِجهة نظر مَن هم قدَرٌ من قدر الله. من وجهة نظر إيجابية لا ردَّ فِعْلٍ. هجوما بكلمة الله لا مجرد دفاع عن هُوَيّة.
الرسول القدوة صلى الله عليه وسلم
إذا اتخذنا من الحبيب الذي اصطفاه الله قدوة، واستلهمنا سيرته الشريفة اكتسبنا المناعة من “داء الأمم” ومن التوجس الخائف الانهزامي، واكتسبنا القدرة على اقتحام هذه السدود المادية والمعنوية التي تجعل منا أمة محصورة مقهورة في الجهل والفقر والعجز.
يا قدس
يا قدس فَاوَضَ عنكِ أبطالُ الكلامِ…وتداعتِ الأعدا لعَقْدِ سلامِ
من بعد هَزَّاتٍ «وثورات» خلتْ…من بعد زعْقاتِ الزعيم ضِخَامِ
قام الصبي، بِكَفِّه مِلْءُ الحصا،…للنجدة الغَرَّا قيامَ هُمامِ
والمرأةُ العَزْلاءُ تَابىَ ذِلَّةً…رجمتْ لنا وَجْهَ العدو الرّامي
هذي المروءةُ شرَّفتْ جيلاً غدا…مُتَسمِّعا همساً عن الإسلامِ
أفق الجهاد
إن الله سبحانه ينصر من ينصره، وإن رسالة الله إلى عبده محمد صلى الله عليه وسلم لا تنحصر في زمان ولا مكان. إنها امتداد لرسالات إخوانه الأنبياء قبله. لكنها رسالة شاملة تستغرق الزمان إلى يوم القيامة، والمكان والأجناس والأقوام. إنها رسالة للإنسانية خالدة. فلهذا تسمو دعوة الإسلام على كل دعوة، وتنتصر ولا بد ولو بعد حين. وكيف لا يَنتصر من ينصرهم الله ويكون معهم ؟ حيثما يكون الله ربا يكون جنده في حِمَى مَلِكٍ قوي عزيز. إن الأرض والسماوات ومن فيهن في قبضته.