طريقة الشكر
يمر المريد من حيث نوعيةُ معاملتِه مع الله سبحانه بثلاث مراحل، قد يقف عند واحدة منها لا يتجاوزها، وقد تُطوَى له طيّاً كما يحدث للمراد الذي تحمله القدرة الإلهية على رَفْرَف العناية واللطف فلا يعرف مجاهدة ولا مراحل ولا غيرها إلا بعد الوصول، فيرجع وبصيرته نيرة ليستوفي آداب الطريق ويطَّلِعَ على معالم التوفيق.
كيف نتعلم من سنة الله في التاريخ؟
التاريخ عندنا مستمر من بعثة نوح عليه السلام إلى آخر ما نشاهد من تقلبات بني آدم في الأرض. قانون إلهي واحد لا يتخلف: تطغى القرى الظالم أهلها، ويُعجب الناسَ تقلبُهم في البلاد، ويبتلَوْنَ بزينة عابرة ونجاح مؤقت. ثم يأتي أمر الله صيحة أو خسفة أو حاصبا أو طوفانا. معنا في هذا العصر آليات فكرية «سوسيو-سياسية»، وفلسفية، وجيو-استراتيجية، وتحليلية نقدية، وما إلى ذلك من الطرح الاقتصادي الثقافي العَالميِّ الآن وقد أصبحت الأرض رُقعة أرض في قرية. وأعتذر للغة العربية عن إقحامات راطنة بلغة هجينة.
دلالة رسول الله صلى الله عليه وسلم
نزلت علينا دلالة الله في القرآن: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، وتنزلت فينا دلالة رسول الله ﷺ حية بيننا، نموذجا شاهدا حاضرا، معلِّما هاديا رؤوفا رحِيماً صاحبا أسوة: «ألا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم؟». لم تَكن دلالة الرسول ﷺ ودلالة إخوانه من قبله من النبيئين مجردَ تبليغ، وإن كان التبليغ ركنا من أركان الدلالة، وإنما كانت مُعَايشةً وسياسة وتلَطُّفا وخفضَ جناحٍ وقيادةً آلت إلى اتباع وإيمان، ورفع الاتباع إلى محبة الشخص الرسول، ورفعت محبة الرسول إلى محبة الله، وأوجبت محبة الله عبده المتقرب بالفرض والنفل، ومن الفرض الآكد اتباع الرسول وحبه، مراتب الاصطفاء والفلاح.
نظام جديد للعالم
مما فتحه العزيز العليم عليهم من فنون الابتلاء في هذا الطور التاريخي تسارُع الأحداثِ وجريانها بما لم يكن في حُسبان الحاسبين. فبعد نهاية القرن الرابع عشر الذي عرف الغزو الاستعماري، وعرف حربين كونيين، وعرف استقرار العالم على ازدواج المعسكرين الشيوعي والرأسمالي، وعرف بزوغ الصحوة الإسلامية، وعرف حركات التحرر الوطني، ها هو القرن الخامس عشـر يدُق طبولَ النصـر على رأس الرأسمالية المنتصرة في موكب أحداث تحمل بشائر تغيُّرٍ حثيث واسع هي في آخر المطاف بشائر النصر للإسلام. إن شاء الله العلي العظيم.
«الدائرة الصماء»
أطلق بعضهم اسم «الدائرة الصماء» على حَلْقةٍ من الدكاترة الجامعيين والكتاب الأدباء والصحفيين كانوا طليعة أنصار التغريب في مصر، مثل النصراني شبلي الشميل والنصراني سلامة موسى وزعيم القوم أحمد لطفي السيد وطه حسين وعلي عبد الرازق ومحمد حسنين هيكل ومنصور فهمي ومحمود عزمي وإسماعيل مظهر. طائفة من الشباب أُرْسِلوا إلى فرنسا وإنجلترا، فدرسوا في جامعاتها ردحا من الزمن ورجعوا مزهُوِّين بدبلوماتهم، أفندية يتيهون على أبناء الفلاحين الأزهريين، ويُشيدون بالحضارة البراقة التي احتضنت مُراهَقَتَهُم الشبابية ومراهقتهم الفكرية، ثم أرسلتهم دعاة مخلصين متعصبين للفكر الغربي والنمط الغربي للحياة.
المؤمنة والاقتحام..بناء وارتقاء
﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾. هكذا أجاب ابن آدم المحسود أخاه الذي هدده بالقتل غيرة وحسدا لما تقبل الله قربانه ولم يتقبل من أخيه، كما قص الله تعالى علينا قصتهما في سورة المائدة. ثم قتل أخاه فكان من الخاسرين. خسِر نَفسه كما خسرها أصحاب النار الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ﴾. تطغى على أبناء […]
شروط التربية
رأينا أن الإيمان يتجدد بالإكثار من قول لا إله إلا الله، فعندما تكون الصحبة صالحة، رجلا صالحا وجماعة صالحة، ويقبل الكل على ذكر الكلمة الطيبة النورانية حتى يخرجوا عن الغفلة، ينشأ جو إيماني مشع، ينشأ في الجماعة فيض إلهي، رحمة، نور تستمد منه القلوب بعضها ببعض. فتلك هي الطاقة الإيمانية، الجذوة الأولى التي تحرك القلوب والعقول لتلقي القرآن بنية التنفيذ كما كان يقول سيد قطب رحمه الله.
الفرح بنصر الله
ويفرح المؤمنون بنصر الله، ويكبرونه سبحانه، ويحمدونه على أن أظهر لنا وللعالم أن في الإسلام بقية بعد أن كان الجميع يظنون أن الإسلام قد أُنْهك واسْتُؤْصل، وأن ركب الحضارة الغربية قد انخرطت فيه الإنسانية كلها، وأن الكلمة كلمة الحضارة والصناعة وميزان القوى، وأن لا مكان تحت الشمس لهوية لا تنتمي إلى قيم الحضارة المادية العالية اللواء بمنتوجاتها، واختراعاتها، وطموحاتها إلى الفضاء، ورسوخ قدمها في الأرض.
حقوق الإنسان: مقارنات
إن الله عز وجل خلق الإنسان وهيأه لكرامته في الدنيا باعتباره من بني آدم، كما هيأه للخلود في النعيم، أو العذاب في دار الخلود جزاء كسبه هنا. ومن عناية ربنا جل وعلا بالإنسان، وحدبِه عليه، أن بعث إليه رسلا بلغوه أنَّ له ربا، وأنَّ ربه لا يريد له أن يُشرك به شيئا، ولا أن يظلمَ الناس، ولا أن تستفزه الدنيا فينسى الآخرةَ، ولا أن تغرَّه قوَّتُه فيستعبدَ الضعيف، ولا أن تأخذَه الشهوةُ والحِسُّ والمتاعُ فينسى أنَّ له قلبا على صلاحه مدارُ سعادته في الدنيا والآخرة.
حبل الفطرة
جاءت الكشوفات العلمية والآلات العجيبة في عصرنا بصور السدائم في الأبعاد السحيقة للكون، وأخبرتها الرجَبِيَّات (الأميبات) بأن الحياة ظهرت بسيطة على هذا الكوكب الصغير، التافه بإزاء ملايير ملايير النجوم، منذ مليارين من الأعوام. وأنبأتها الحفريات أنه بعد مآت الملايين من السنين تطورت الرجبية وتركبت فظهر كائن معقد، تطور بعد كذا وكذا من ملايين السنين حتى صار سمكة، ثم زاحفة خرجت من البحر، ثم لَبونة تكيفت بالبيئة وصارعت التغيرات الحياتية حتى تسلقت الشجرة، وإذا على الشجرة قرد، وإذا القرد ينزل، أو ابنُ عمه، إلى الأرض، فإذا هو بشـري، ويتطور حتى يصبح أنا وأنت. هذه هي الخرافية التطورية التي تشكل قاعدة «الثقافة العالمية».
المسلمون والأقصى..شعور ووعي وفعل مؤثر
في البداية كان المسجد الأقصى، ولا نهاية للمشكل بدون استرجاعه، كل شيء استبيح يوم تسلل الصهاينة إلى فلسطين ودخلوا ثالث الحرمين، التآمر الأمريكي، الاجتياح السوفياتي، الغطرسة الإسرائيلية، سقوط الجولان، احتلال سيناء والضفة الغربية، ثم تدمير لبنان، فتفتيت الوحدة، وضرب الأوطان بعضها ببعض.
حب أحمد صلى الله عليه وسلم
يَا رَبْعُ هَلْ ذُكِرَ الحبيبُ مُحَمَّدٌ…بِذَراكَ أَمْ أَنَّ الربُوعَ فَلاَةُ
يا رَوْضُ هَلْ هَبَّتْ بِذكْرِ مُحَمَّدٍ…حِبِّي وَقُرَّةِ مُقْلَتِي نسَمَاتُ
يا فَجْرُ وَجْهُكَ باهتٌ مُتَجَهِّمٌ…لاَ تُسْتَبَانُ لِنُورِهِ وَمَضَاتُ
هَلاَّ اسْتَضَأْتَ بِنورِ وَجْهِ مُحَمَّد…فَسَنَاكَ مِنْ أَنْوارِهِ قَبَسَاتُ
يا بَدْرُ لَوْ أبصرْتَ نُورَ مُحَمَّدٍ…لأَضَاءَ وَجهُكَ حَوْلَهُ هَالاَتُ
مستقبل الإنسانية
أسمع في هذا الصباح -من شهر صفر 1403هـ – أخبار العالم: مجلس النواب الأمريكي يصوت على تمويل جيل جديد من الصواريخ النووية الهدف من صناعتها «ردع المنافسة الروسية» في هذا الميدان. النظام السعودي يقترح على فرنسا بضعة ملايير دولار قرضا لدعم الفرنك وإنقاذه. يقول المعلق: «لتطابق رأي الدولتين في قضية فلسطين». الدولة العنصرية في جنوب أفريقيا ووكلاؤها المكلفون بالتخريب والتآمر على الدول السوداء. عالم متحرك عنيف. مستقبل الإنسانية معلق على توازن الردع والردع المضاد النوويين. أموال المسلمين تصبح رشوة لمكافأة دول تؤيد العرب في صفقتهم الخاسرة. الأوربي المستعمر يعيث في الأرض فسادا. ولم تذكر الأخبار بحريق بيروت المهول وقد مضى عليه الآن أقل من خمسة أشهر. لم تذكر الأخبار فلسطين المحتلة والاحتلال الاستيطاني لـ«الأراضي المحتلة». هكذا سمي الجزء الذي لما تبتلعه عصابة اليهود كما ابتعلت بيت المقدس والأرض التي حوله، أرضا باركها الله وضيعها العرب فأصبحت تسمى إسرائيل.
حرية التعبير بين القهر والهدر
من الحريات العامة التي تنبني عليها الديمقراطية حرية التعبير. من شِنْشِنَةِ الحكم الظالم المغتصب المستبد أن يكم الأفواه ويمنع كلمة الناس من الرواج. فالفكرة واحدة، والاجتهاد واحد. على فكرة القائد الملهم الوارث الخالد يجتمع الناس، من أراد من الناس، ولأُمِّ الممتنع الهَبَلُ!
على الفكرة الواحدة الوحيدة المحتكرة للذكاء والبصيرة تتوحد جهود الصنائع الطامعين في المزيد من النَّوالِ والمزيد من السلطة والنفوذ. يُضطر النبهاء من النخبة المتعلمة أن ينضوُوا تحت لواء الفكرة الوحيدة، وأن يتظاهروا بالانخداع للإعلام الوحيد، عسى يجدون لمؤهلاتهم مَصْرِفاً، ولحياتهم منفعة.
حاجتنا للتربية
دعوة الإسلام تربية وتعليم، وبلاغ وتبليغ، تبشير وإنذار. فالتربية فعل فاعل بسلطان نموذجيته وسلطان بلاغه وصَوْلة دعوته. التربية تأثير يفرض نفسه على الناس يعلم عاطفتهم ويعلم عقلهم ثم يتناولهما من مجرى العادة إلى مساق الوعي الإرادي والسلوك الإرادي طاعة منتزعة لسلطان الرمز والنموذج. والتربية بهذا لا تنفك عن المربي بل هي إشعاع منه يتشربه المتعرضون له طواعية أو رغما. الفاعل المربي في فتنتنا الغالب على عواطفنا وعقولنا هو النموذج الجاهلي، إنه هذا القائد المنفتح على المذهبية الجاهلية وهذا الأب وهذا الأستاذ وهذه الأم الغارقون في تيار النفايات
المنظومة الوعظية بصوت الإمام
لعل الموعظة المكتسية حلة شعرية تنفذ إلى أعماق النفس. لعلها تطرق في ليل الغفلات أبواب القلب. لعلها تسري بالمستيقظ على ضربات التذكير بالآخرة من دار لدار، من حال لحال، من نمط عيش إلى حياة إيمان…