حقوق الإنسان: مقارنات
إن الله عز وجل خلق الإنسان وهيأه لكرامته في الدنيا باعتباره من بني آدم، كما هيأه للخلود في النعيم، أو العذاب في دار الخلود جزاء كسبه هنا. ومن عناية ربنا جل وعلا بالإنسان، وحدبِه عليه، أن بعث إليه رسلا بلغوه أنَّ له ربا، وأنَّ ربه لا يريد له أن يُشرك به شيئا، ولا أن يظلمَ الناس، ولا أن تستفزه الدنيا فينسى الآخرةَ، ولا أن تغرَّه قوَّتُه فيستعبدَ الضعيف، ولا أن تأخذَه الشهوةُ والحِسُّ والمتاعُ فينسى أنَّ له قلبا على صلاحه مدارُ سعادته في الدنيا والآخرة.
حبل الفطرة
جاءت الكشوفات العلمية والآلات العجيبة في عصرنا بصور السدائم في الأبعاد السحيقة للكون، وأخبرتها الرجَبِيَّات (الأميبات) بأن الحياة ظهرت بسيطة على هذا الكوكب الصغير، التافه بإزاء ملايير ملايير النجوم، منذ مليارين من الأعوام. وأنبأتها الحفريات أنه بعد مآت الملايين من السنين تطورت الرجبية وتركبت فظهر كائن معقد، تطور بعد كذا وكذا من ملايين السنين حتى صار سمكة، ثم زاحفة خرجت من البحر، ثم لَبونة تكيفت بالبيئة وصارعت التغيرات الحياتية حتى تسلقت الشجرة، وإذا على الشجرة قرد، وإذا القرد ينزل، أو ابنُ عمه، إلى الأرض، فإذا هو بشـري، ويتطور حتى يصبح أنا وأنت. هذه هي الخرافية التطورية التي تشكل قاعدة «الثقافة العالمية».
المسلمون والأقصى..شعور ووعي وفعل مؤثر
في البداية كان المسجد الأقصى، ولا نهاية للمشكل بدون استرجاعه، كل شيء استبيح يوم تسلل الصهاينة إلى فلسطين ودخلوا ثالث الحرمين، التآمر الأمريكي، الاجتياح السوفياتي، الغطرسة الإسرائيلية، سقوط الجولان، احتلال سيناء والضفة الغربية، ثم تدمير لبنان، فتفتيت الوحدة، وضرب الأوطان بعضها ببعض.
حب أحمد صلى الله عليه وسلم
يَا رَبْعُ هَلْ ذُكِرَ الحبيبُ مُحَمَّدٌ…بِذَراكَ أَمْ أَنَّ الربُوعَ فَلاَةُ
يا رَوْضُ هَلْ هَبَّتْ بِذكْرِ مُحَمَّدٍ…حِبِّي وَقُرَّةِ مُقْلَتِي نسَمَاتُ
يا فَجْرُ وَجْهُكَ باهتٌ مُتَجَهِّمٌ…لاَ تُسْتَبَانُ لِنُورِهِ وَمَضَاتُ
هَلاَّ اسْتَضَأْتَ بِنورِ وَجْهِ مُحَمَّد…فَسَنَاكَ مِنْ أَنْوارِهِ قَبَسَاتُ
يا بَدْرُ لَوْ أبصرْتَ نُورَ مُحَمَّدٍ…لأَضَاءَ وَجهُكَ حَوْلَهُ هَالاَتُ
مستقبل الإنسانية
أسمع في هذا الصباح -من شهر صفر 1403هـ – أخبار العالم: مجلس النواب الأمريكي يصوت على تمويل جيل جديد من الصواريخ النووية الهدف من صناعتها «ردع المنافسة الروسية» في هذا الميدان. النظام السعودي يقترح على فرنسا بضعة ملايير دولار قرضا لدعم الفرنك وإنقاذه. يقول المعلق: «لتطابق رأي الدولتين في قضية فلسطين». الدولة العنصرية في جنوب أفريقيا ووكلاؤها المكلفون بالتخريب والتآمر على الدول السوداء. عالم متحرك عنيف. مستقبل الإنسانية معلق على توازن الردع والردع المضاد النوويين. أموال المسلمين تصبح رشوة لمكافأة دول تؤيد العرب في صفقتهم الخاسرة. الأوربي المستعمر يعيث في الأرض فسادا. ولم تذكر الأخبار بحريق بيروت المهول وقد مضى عليه الآن أقل من خمسة أشهر. لم تذكر الأخبار فلسطين المحتلة والاحتلال الاستيطاني لـ«الأراضي المحتلة». هكذا سمي الجزء الذي لما تبتلعه عصابة اليهود كما ابتعلت بيت المقدس والأرض التي حوله، أرضا باركها الله وضيعها العرب فأصبحت تسمى إسرائيل.
حرية التعبير بين القهر والهدر
من الحريات العامة التي تنبني عليها الديمقراطية حرية التعبير. من شِنْشِنَةِ الحكم الظالم المغتصب المستبد أن يكم الأفواه ويمنع كلمة الناس من الرواج. فالفكرة واحدة، والاجتهاد واحد. على فكرة القائد الملهم الوارث الخالد يجتمع الناس، من أراد من الناس، ولأُمِّ الممتنع الهَبَلُ!
على الفكرة الواحدة الوحيدة المحتكرة للذكاء والبصيرة تتوحد جهود الصنائع الطامعين في المزيد من النَّوالِ والمزيد من السلطة والنفوذ. يُضطر النبهاء من النخبة المتعلمة أن ينضوُوا تحت لواء الفكرة الوحيدة، وأن يتظاهروا بالانخداع للإعلام الوحيد، عسى يجدون لمؤهلاتهم مَصْرِفاً، ولحياتهم منفعة.
حاجتنا للتربية
دعوة الإسلام تربية وتعليم، وبلاغ وتبليغ، تبشير وإنذار. فالتربية فعل فاعل بسلطان نموذجيته وسلطان بلاغه وصَوْلة دعوته. التربية تأثير يفرض نفسه على الناس يعلم عاطفتهم ويعلم عقلهم ثم يتناولهما من مجرى العادة إلى مساق الوعي الإرادي والسلوك الإرادي طاعة منتزعة لسلطان الرمز والنموذج. والتربية بهذا لا تنفك عن المربي بل هي إشعاع منه يتشربه المتعرضون له طواعية أو رغما. الفاعل المربي في فتنتنا الغالب على عواطفنا وعقولنا هو النموذج الجاهلي، إنه هذا القائد المنفتح على المذهبية الجاهلية وهذا الأب وهذا الأستاذ وهذه الأم الغارقون في تيار النفايات
المنظومة الوعظية بصوت الإمام
لعل الموعظة المكتسية حلة شعرية تنفذ إلى أعماق النفس. لعلها تطرق في ليل الغفلات أبواب القلب. لعلها تسري بالمستيقظ على ضربات التذكير بالآخرة من دار لدار، من حال لحال، من نمط عيش إلى حياة إيمان…
إسرائيل.. بداية الانهيار
لكن الدويلة المصطنعة المكشرة عن أنيابها يهددها شبح التدمير الذاتي. فهي ليست سوى عصابة من العشائر المتنافرة. كما تهددها ضخامة ترسانتها النووية التي قد تشعل فتيلها نزوة زعيم ذُهاني أو هيجان قادة عسكريين قد يحرضون الحكومة على التحرك، مما يعمق القلق الداخلي ويضاعف انزعاجنا.
عظمة الرسالة
رسول خاتم ورسالة خاتمة. لا تحتاج لتكميل ولا تطوير. نُزُلاً من حكيم حميد. لا يعني هذا أن العقل المؤمن، وهو أيضا خَلْقُ حكيم حميد، قد عطل، وأن تحديات العصور للمسلمين بمشاكلها المستجدة يمكن أن تواجه ببلادة حامل الأوقار الذي لا يعرف ما يحمل، ولا روح ما يحمل، ولا أهمية ما يحمل، ولا سرّ ما يحمل. نحن حاملو رسالة، لكن هل نقدر معنى أن معنا آخر كلمة خاطب بها الخالق خلقه، وأكمل رسالة أنزلها رب السماوات والأرض لعباده؟
دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة
دأب رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ فُرِضَ عليه القتالُ وعلى أصحابه عقِب خروجهم من مكة يُجَيِّشُ الجيوش، وأصبحت المدينة معقِلا وحِصْنا. منها تنبعث البُعوثُ والمغازي، وفيها يتحصَّن جند الله إذا هوجموا. بعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم السَّرايا من المدينة إلى كلِ بقاع الجزيرة، وغزا منها بنفسه. فكان عددُ مغازيه التي قادها سبعا وعشرين كما جزم بذلك ابن الجوزي والحافظ العراقي رحمهما الله.
طاب عيشي بصحبة الإخوان
طابَ عيْشي بِصحبة الإخوانِ …بعدَ أن كنتُ دائمَ الهيَمانِ
كُنْتُ في ظُلْمةٍ وغَيٍّ وجهلٍ …غائمَ القلبِ مستطيلَ اللِّسانِ
نوَّروا ظُلْمَتي وقاموا بأمري …آنسوا غُربتي وقَوَّوْا جَناني
علَّموني كيف الرجولة تُبْنى …لَبِناتٍ إلى تمامِ الكِيانِ
فأرى اليومَ أن ما كنتُ فيه …كان وصفاً للوَهْنِ والموْتان
أحمد الله حيثُ أحيى فؤادِي …بهمُ للجهادِ في ذا الزمان
حقوق الإنسان والمقصد الأسمى
ها هو الإنسان في دار مُتسعة الأرجاء بَرا وبحرا، كثير الأرزاق، وها هو مُنَعَّمٌ بحواسه وكمال جسمه وصحته، وها هو تُبْعَثُ إليه الرسل، وها هو تخبره الرسل أنه مدعُوٌّ لدار النعيم المقيم في الجنة، لكنه موحول في الدنيا، مُعلَّق بها بواسطة غرائزه، مفتون فيها بتربيته، بأسرته، بمجتمعه، بمكانته في هذا المجتمع، بأفكاره، بغرائزه، بطموحه الدنيوي، بما يقع عليه من ظلم، بما يظلم هو الناس. وحقُّ الإنسان في التحرر من كل هذا الذي يصرفه عن ربه، يلهيه عن مصيره إليه في دار البقاء، هو مَجْمَعُ حقوقه في الإسلام ومدارُها.
القيم المحورية لنظام الحياة المادية الاجتماعية
وقد صنفت في خصلة “البذل” خمس شعب من شعب الإيمان جعلتها للنظر في الجانب المادي للحياة وفهم التربية اللازمة لكيلا يستوعب الجانب المادي رغبات المسلم في المجتمع الإسلامي، ولكيلا يُظلم في الأرض مستضعَف في رزقه، ولكي لا يؤول فقر الفقير به إلى الكفر، ولكيلا يُطغيَ الغنى الأغنياءَ، فيُترفوا في النِّعم ويعيثوا في الأرض فسادا.
صور من محبة رسول الله ﷺ
قال مالك: «ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي ﷺ فيُنظَر إلى لونه كأنه نَزَفَ منه الدم، وقد جفَّ لسانه في فمه هيبة لرسول الله ﷺ. ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير، فإذا ذُكر عنده النبي ﷺ بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع. ولقد رأيت الزُّهري، وكان لَمِنْ أهْنَإ الناس وأقربِهم، فإذا ذكر عنده النبي ﷺ فكأنه ما عرفَك ولا عرفته. ولقد كنت آتي صفوان بن سُلَيم، وكان من المتعبدين المجتهدين، فإذا ذكر النبي ﷺ بكى، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه».
ما هو التخلف؟
أنت متخلف بالنسبة لمن تقدمك. فالتخلف صفة اعتبارية يتصف بها أحد طرفي المقارنة. وتطلق الكلمة في عصرنا على الشعوب والدول غير المصنعة إذا قورنت بالدول والشعوب التي سبقت إلى التصنيع. التخلف والتقدم مقياس وضعه الغربيون، فيعرفون أنفسهم بأنهم المتقدمون ومن سار على شاكلتهم، وكأنهم ركب الإنسانية الممثلون لها، لا حضارة إلا حضارتهم، ولا نجاة إلا في اقتباس نموذجهم وتقليده، والسير على آثارهم.