post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<h2 class="unitTitle"><a name="somm1"></a>لماذا الحديث عن الصحبة؟ </h2>
يقول الاستاذ المرشد رحمه الله تعالى: &#8220;يتصور بعض الناس ان دولة الاسلام يمكن أن تقوم بمجرد انتشار الفكر الاسلامي والالتزام بالصلاة و الأمر و النهي ثم الجهاد. ما نتحدث عن الرحمة و السكينة و معاني القلب و عن الكمال الروحي كما عاشها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه إلا لنؤكد أن تلك الاحوال الشريفة هي اللب و هي العماد&#8221; [ref]رجال القومة و الاصلاح ص 96[/ref]
<h2 class="unitTitle2"><a name="somm2"></a>أولا: مفهوم الصحبة</h2>
لغة: وردفي المصباح المنير :صاحب و صحبة الاصل في هذا الاطلاق لمن حصل له رؤية و مجالسة. و جاء في القاموس المحيط الصحبة بمعنى العشرة و الرؤية و المجالسة طالت او قصرت.
قال ابن فارس في معجم مقاييس اللغة : الصاد والحاء والباء أصل واحد يدلُّ على مقارنة شيء ومقاربته، من ذلك الصاحب والجمع الصحب ، أصحب فلان إذا انقاد وأصحب الرجل إذا بلغ ابنه ، وكل شيء لازم شيئاً فقد استصحبه .
اصطلاحا يرى الشيخ عبد القادر الجيلاني أن الصحبة تهذيب و نصح: &#8220;لا بد لك من شيخ حكم عامل بحكم الله عز و جل يهذبك و يعلمك و ينصحك&#8221;[ref]الفتح الرباني، ص 105[/ref]
و يشرحها الاستاذ المرشد بقوله: &#8220;ليست الصحبة تطبيقا مجردا لنصوص و امتثالا جافا عسكريا للأوامر إنما هي محبة تثبت و ترسخ و تنمو و تتجذر في القلب&#8221;[ref]الإحسان،1 /101[/ref]
<h2 class="unitTitle2"><a name="somm3"></a>ثانيا: تأصيل الصحبة</h2>
قال الله تعالى: محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ,يقول المرشد: &#8220;أتبع الله عز و جل في الآية بعثة محمد صلى الله عليه و سلم بذكر المعية له، و هي أولى صفات المؤمنين في ذلك الزمان و في هذا و في سائر الازمنة&#8221;.[ref]المنهاج النبوي، ص 122[/ref]
من رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الصحابة معاني الإيمان، ومن قلبه الطاهر سرت مادة الإيمان إلى من صحبه، ثم امتدت الصحبة وراثة فكانت رحمة بين الصحابة والتابعين ومن تبعهم بالإيمان، يقول المرشد رحمه الله: &#8220;صحبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم رفعتهم حاله، استفهم ونورهم قبل مقاله&#8230; في أحضان النبوة تربوا ومنها رشفوا واستقوا، حتى تفجرت في قلوبهم ينابيع الإيمان وكانوا أبر الناس قلوبا وأعمقهم علما. بالحب تربى الصحابة لا بالخضوع لسلطة حاكمة&#8221;[ref]الإحسان 1/103[/ref]هل نقل الصحابة الكرام علم التزكية ومعاني ترقيق القلوب إلى من بعدهم؟ وهل استمر هذا الاقتباس القلبي؟ هل هي سلسلة من أصحاب والمصاحبة انقطعت؟ أم الأمر ما يزال مستمرا من قلب لقلوب؟ وهل جاءنا الدين من الأوراق والكتب أم من قنوات القلوب المؤمنة ؟
1- قال الله تعالى: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه قال المرشد رحمه الله: &#8220;كذلك فعل صلى الله عليه وسلم، لا ليكتسب من رفقتهم وخلتهم إيمانا. كيف وهو نجي الرحمان &#8230; لكن أوصاه لتسمع فلانة وتتفقه وتطمئن الى أن صحبة جماعة حية بحياة الحب في الله شرط من شرائط السير الى الله والقرب من الله&#8221;[ref]تنوير المؤمنات 2/39[/ref]
2- قال الله تعالى :ولكل قوم هاد
3- قال الله تعالى.قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني يقول المرشد رحمه الله: &#8220;وكل تاريخ الإيمان يشهد بأن قلب الداعي إلى الله على بصيرة نبيا كان أوليا هو النبع الروحي الذي اغترفت منه أجيال الصالحين بالصحبة والملازمة والمحبة والتلمذة والمخاللة&#8221;[ref]المنهاج النبوي ص 124[/ref]
4- قال تعالى: من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا[ref]سورة الإسراء آية 17[/ref]. يقول المرشد رحمه الله في الآية: &#8220;لا تغلب الأنانية إلا بهداية ولا هداية إلا من الله فمن لم يكن له ولي مرشد فهو عرضة للضلال.
5- &#8211; روى أبو داوود و الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم : &#8220;المرء على دين خليله فل ينظر أحدكم من يخالل&#8221;قال المرشد رحمه الله: &#8220;أوصى حبيب الله أحدنا و إحدانا بالبحث والنظر عن خلة في الله وبيئة تربوية ممهدة إلى الله. ما أوصى بأن يزيد أحدنا كتبا إلى مكتبته، لأن القلوب إنما تقتبس من القلوب. اقرئي ما شئت، واسمعي ما شئت من محاضرات تنير العقل وتشرح وتصف. لكن من أين لنا بلمسة علوية تسري إلى مجامع القلب؟&#8221; [ref]تنوير المؤمنات 2/38- 39[/ref]
6- روى الشيخان عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يأتي على الناس زمان يغزو فيه فئام(جماعة)من الناس فيقال: هل فيكم من صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم، فيفتح لهم. ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقال هل فيكم من صاحب ‏ ‏أصحاب رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم، ‏ ‏فيقولون نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزو فئام من الناس، فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب ‏ ‏أصحاب رسول الله‏ ‏صلى الله عليه وسلم،‏ ‏فيقولون نعم، فيفتح لهم. وفي رواية : (هل فيكم من رأى من رأى) يقول الإمام المرشد رحمه الله: &#8220;المقصود دائما هذه الصحبة المباركة المتسلسلة بالتلمذة والمجالسة و التزاور والتحاب في الله. والله يحب الصادقين&#8230;[ref]تنوير المؤمنات 2 /24[/ref]
<h2 class="unitTitle2"><a name="somm4"></a>ثالثا : علاقة الصحبة بالجماعة</h2>
<h2 class="unitTitle2"><a name="somm5"></a>أ_ الصحبة و الجماعة :</h2>
هما مطلبان متلازمان لا يفترقان، حتى تقترن إرادتنا لطلب وجه الله و الآخرة بالإرادة الجهادية القائمة أسبابها على العمل الدنيوي. قال الأستاذ المرشد رحمه الله: &#8220;الصحبة تربي الفرد من أنانيته وتفتح له قابليات الاندماج في الجماعة&#8230; لهذا جعلنا الخصلة الأولى ذات طرفين لنلح على معنى وجوب أن تفضي الصحبة و التربية إلى بناء الجماعة. المؤمن الفردي قد يكون له ذكر وصدق وبذل وما إلى ذلك من الخصال التسع، لكن جهاده لا يعدو الجهاد الباطني في حلقة مصغرة من المريدين أو بين جدران الخلوة في أعلى الجبل، وذلك جهاد مع أوهام النفس وأحلامها. لكنه ليس الجهاد الأكبر الذي رجع اليه رسول الله لما عاد من إحدى غزواته، الجهاد الأكبر: جهاد النفس وسط الجماعة ومعها لهدف بنائها و الصبر معها و التواصي والرحمة&#8221;. [ref]الإسلام غدا ص: 47[/ref]
الغاية جمع ما تفرق و تشتت من معارف و علوم كانت مجتمعة في عصر التنزيل ثم تفرقت مع الانكسار التاريخي و بعده.
<h2 class="unitTitle"><a name="somm6"></a>لكن اقتران الصحبة بالجماعة هل له أصل و سند؟</h2>
&#8211; قال رسول الله صاى الله عليه و سلم &#8220;مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى&#8221; رواه الشيخان عن النعمان بن بشير .
&#8211; قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: و الذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تومنوا، و لا تومنوا حتى تحابوا. أولا أدلكم على شيء إن فعلتموه تحاببتم ؟أفشوا السلام بينكم. رواه مسام عن أبي هريرة
يعلق الأستاذ المرشد رحمه الله قائلا: &#8220;إفشاء السلام سبب ظاهر إذا اقترن بالأسباب الأخرى، فاجتمعت القلوب على طاعة الله و الوفاء بالعهود و التحزب لله و نصرة دين الله و اتباع سنة رسول الله حصل المقصود، فتراص الصف كالبنيان و استقرت أعضاء الجسد الواحد و تضامنت و تعاونت. فثبت خير الدنيا بحياة الإيمان الجماعي و ثبت خير الآخرة بإيمان التحاب في الله. و هنا نضع الأصبع على مفصل بل موصل من أهم مواصل بناء الجماعة بل أهمها إطلاقا: ألا و هو التواصل القلبي. الصحبة في الله المؤدية إلى جماعة في الله هي مبدأ الحركة و وسطها و معادها&#8221;[ref]الإحسان 1/189[/ref]
&#8211; وعن الصحابة رضوان الله عليهم: يقول المرشد رحمه الله: &#8220;كان الصحابة رضي الله عنهم في جهاد الذلة على المؤمنين والشدة على الكافرين و الإنابة لرب العالمين. و انحسر السادة الأماجد النورانيون من بعدهم عن الميدان الجهادي، جلهم لا كلهم فكانوا أحلاس بيوتهم، فرغوا من الشأن العام ليتفرغوا لشأن التربية الخاص&#8221;[ref]الإحسان 1/199-200[/ref]إذن أسمى المطالب هو ارتباط الفقه المغيب &#8220;علم الاخرة&#8221; بالجهاد، إنه ارتباط العدل بالإحسان.
<h2 class="unitTitle2"><a name="somm7"></a>ب_ الصحبة في الجماعة:</h2>
سر الصحبة سيظل في الجماعة و داخلها إن شاء الله تعالى كما كان على عهد جماعة المسلمين في عهد التنزيل، روى البخاري عن المسور بن مخرمة قال: ( لما طُعن عمر – رضي الله عنه- جعل یألم، فقال له ابن عباس &#8211; رضي الله عنھما- : یا أمیر المؤمنین لقد صحبت رسول الله &#8211; صلى الله علیه وسلم- فأحسنت صحبته، ثم فارقته وھو عنك راض، ثم صحبت أبا بكٍر- رضي الله عنه- فأحسنت صحبته، ثم فارقته وھو عنك راض، ثم صحبت صحبتھم، فأحسنت صحبتھم، ولئن فارقتھم لتفارقنھم وھم عنك راضون، قال: أما ما ذكرت من صحبة رسول الله-صلى الله علیه فإنما ذاك منٌّ منَّ الله تعالى من به عليَّ، وأما ما ذكرت من صحبة أبي بكٍر- رضي الله عنه- &#8211; ورضاه، فإنما ذاكَ منٌّ مِنَ الله جل ذكره منَّ به علَيَّ ، وأما ما ترى من جزعي، فھو من أجلك وأجل أصحابك، والله لو أن ليِ طِلاعَ الأرض ذھباً، لافتدیت به من عذاب الله – عز وجل- قبل أن أراه) .
<h2 class="unitTitle2"><a name="somm8"></a>رابعا: مميزات الصحبة في مشروع الأستاذ المرشد</h2>
<h2 class="unitTitle"><a name="somm9"></a>التأصيل على مستوى المفهوم:</h2>
يقول المرشد رحمه الله: &#8220;لست أدعو إلى التصوف. و لا أحب الإسم و الشكل لأني لا أجدهما في كتاب الله و سنة رسوله بعد أن اخترت جوار القرآن و الجلوس عند منبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه و سلم. لا و لا حاجة لي بالمصطلحات المحدثة فلي غنى عنها بلغة القران و بيان إمام أهل الإحسان&#8221;[ref]الإحسان 1/23[/ref]
فيسمي هذا النوع من الفقه بعلم التزكية أو الإحسان.
<h2 class="unitTitle"><a name="somm10"></a>التأصيل على مستوى الأسس:</h2>
يقول المرشد رحمه الله: &#8220;للتربية أصول وقواعد من كتاب الله وسنة رسوله. حفظها وحافظ عليها القوم رضي الله عنهم، واجتهدوا واجتهادهم فرع. ونحن، وإن استدللنا في طفولتنا بالفرع على وجود الأصل واقتبسنا والتمسنا نورا من الفروع، لا نبتغي بالأصل بدلا&#8221;.[ref]الاحسان 1/ 24- 25[/ref]و يقول رحمه الله أيضا: &#8220;شرف علمهم _أي الصوفية – لاعتمادهم على الشريعة، بدون هذا الاعتماد يصبح الحديث عن القلب و معانيه هوسا، علوم الحقيقة نتائج لعلوم الشريعة و تطبيقها، و إلا فهو الجهل و الخبط&#8221;[ref]الإحسان 1 / 34[/ref]
التجديد من خلال استحضار النموذج الصحابي الجامع للوراثة النبوية الروحية و الجهادية: يقول المرشد رحمه الله: &#8220;نحن همنا أن ندرج التربية الإحسانية في سياق جِهادي لكيلا تكون مَخْرَقَة&#8221;[ref]الإحسان 1 /141[/ref]
فهي صحبة سلوك و عمل لا صحبة تبرك و انغلاق. و يقول رحمه الله أيضا: &#8220;في حاضر الأمة ومستقبلها لن نلتفت إن شاء الله إلى ما تحت الصحابة رضي الله عنهم الذين جمعوا أطراف الإحسان وأقطار المجد الدنيوي والأخروي من كل جانب. كانت فاعليتهم في ميادين الجهاد ضمان بقاء الدين واستمراره حتى اغترف الصوفية من ينبوع كان للصحابة رضي الله عنهم فضل تلقيه وصيانته والذود عنه والجلاد من دونه بالمال والسيف، وفضل نشره وتبليغ دعوته، وفضل قتال الكفر حتى باد الكفر، وفضل نصرة الحق حتى ظهر الحق&#8230; يوتي الله عز وجل فضله من يشاء كما يشاء. وقد آتى سادتنا الصوفية خيرا كثيرا. لكن أساليب العزلة وتربية الصمت والمجاهدة المنفردة في زماننا نكوص وبيت المقدس محتل، والأمة نهب مقسم، وجودها المعنوي مهدد، ورسالتها منكرة في عقر دارها.. مطلب شريف ومطمح منيف أن تحدث نفسك بأن تلحق بالصالحين وتكون من أولياء الله. ثم أن تصارع نوازع النفس والهوى ونزغات الشيطان وتتجرد للعمل وتشمر وتهجر كل ما سوى الله عز وجل. تلك طريق سلكها ذوو الهمم الرفيعة من الرجال أمثال أبي حامد، تعطرت بأنفاسهم الأزمان. لم يكن الدين غريبا في أزمنتهم، بل كانوا ساكنين تحت مطارق الأقدار الإلهية التي حكمت بأن يعيش المسلمون في ظل ملك عاض وجبري إلى أن يرفع الله جل جلاله تلك الحوبة التاريخية. الآن عاد الدين غريبا كما بدأ، فطوبى لغرباء أزمنتنا إن شمروا للالتحاق بركب الأخيار على متن الجادة الجهادية التي سلكها الصحابة في غربة الإسلام الأولى، حتى نصروا الدين وأقاموا للإسلام دولة وصرحا شامخا. تلك الجادة أوسع وأبعد منالا وأوفر نورانية لأنها جمعت بين الجهاد لتحقيق مطالب الأمة وبين المجاهدة لتحقيق المطلب الإحساني الفردي&#8221;.[ref]الإحسان1/54-55[/ref]

رباطُ الوَلاية الإيمانية

في معاني الصحبة و علاقتها بالجماعة عند ذ. ياسين رحمه الله

يوم المؤمن وليلته

محبة الله ورسوله

الميلاد السعيد

السُّنَّةُ هي المنهاجُ

الرحمة المهداة

أصل ثابت يؤتي أكله كل حين

التزكية والدعوة

في معاني الصحبة و علاقتها بالجماعة عند ذ. ياسين رحمه الله

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

في معاني الصحبة وعلاقتها بالجماعة عند الأستاذ عبد السلام ياسين

القوامة والحافظية بين التراث التفسيري ونظرية المنهاج النبوي

في معاني الصحبة و علاقتها بالجماعة عند ذ. ياسين رحمه الله

مقالات ذات صلة