post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<h2>ثانيا: النقد المعرفي للحداثة عند الأستاذ عبد السلام ياسين.</h2>
  انتقد الأستاذ عبد السلام ياسين الحداثة في رؤيتها وأسسها وتصورها للإنسان والكون بحيث  اتجه في تحليله لطبيعة التصور الذي تحمله الحداثة عن الإنسان والكون نحو مواجهة &#8220;الحداثة بالأسئلة التي لا تهتم بها إطلاقا، وليس لأتباعها الوقت لطرحها على أنفسهم: من أنا؟ وما أكون، وإلى أين أسير؟ وماذا أصير إذا متُّ وحُنطت جثتي في تابوتٍ من سنديان.&#8221; <a id="_ednref1" href="#_edn1">[1]</a>
<h2>الحداثة وسؤال الوجود: لم الحياة؟</h2>
    نلامس قضية الوجود المحورية حين يصدمنا مشهد السؤال الفطري &#8220;عن مغزى الحياة –السؤال المخنوق المكبوت- وهو يبحث عن جواب في المكاتب المتخصصة وبين أحضان الطوائف السرية التي وهبت نفسها للشيطان. الإنسان الحداثي ..الذي طبعته تربية الإلحاد الحركية ويموت دون أن يدري &#8220;لماذا&#8221; ويتساءل عن &#8220;لماذا &#8220;. اغتيال روحي يمارسه المجتمع ضد أعضائه أو انتحار روحي لمن يتشبث بمواقفه الإلحادية، منكرا البديهة، معلنا إيمانه بالمسلمات الدوابية.&#8221;<a id="_ednref2" href="#_edn2">[2]</a>
     انطلاقا من مشروع الأستاذ عبد السلام التأصيلي التصحيحي البنائي يسمي &#8220;الفرضية الدروينية &#8220;مسلمة دوابية &#8220;انطلاقا من التعبير القرآني، تصحيح التصورات السابقة التي اعتبرها العقل مسلمات كمبدأ لم يبرهن على صحتها ولا يمكن التدليل عليها &#8221; وقد ركز على بعضها في نقده للعقلانية الغربية كمسلمة العدمية &#8220;كمذهب فلسفي يقوم على مبدئ مؤسس هو التسليم بأن لا معنى للحياة ولا أساس للأخلاق &#8220;. والدوابية المسلمة المتنكرة  للأصول و المتشبث بالحضارة الإغريقية اليونانية  &#8220;عودة إلى الداروينية تصحبها عودة إلى الوثنية الإغريقية الرومانية، ورفض أطروحة الإله البشر التي تدعو إليها الكنيسة، وتعويضها بالمجمع المأهول بالآلهة وأنصاف الآلهة والأبطال الذين تمتزج في عروقهم دماء الآلهة والبشر.&#8221;<a id="_ednref3" href="#_edn3">[3]</a>هذه  الدروينية&#8221; المسلمة الدوابية&#8221; التي  تأتي في سياق الانتقام من الكنيسة ومن إله الكنيسة&#8221; وفي سياق تأليه الإنسان &#8221; أصبح الإنسان إله نفسه. تلك هي الكرامة التي أرادها داروين للإنسان. لم لا والكنيسة تعبد بشرا والجذور التاريخية لأوربا وحضارتها زاخرة بالآلهة المتنوعة؟ لم لا والإنسان والإله وجهان لعملة واحدة في عقيدة أوربا النصرانية ؟
      هكذا عاش القرن التاسع عشر الأوربي &#8220;ازدهار مذهب الارتقاء في جميع الميادين خاصة بعد أن حملت لواءه ثلاثة أسماء لامعة: أغست كونت الفرنسي وتشارلز داروين الإنجليزي وكارل ماركس الألماني&#8221;<a id="_ednref4" href="#_edn4">[4]</a>هذه النظريات  الفلسفية  الحداثية الحديثة المبشرة بتأليه العقل والكفر بما سواه فـ&#8221;من منطق المسلمة الدوابية يصر المراقبون والمعارضون والأعداء على أن للإسلاميين قضية مع المرأة، وعلى أن المرأة مظلومة . ويعرفون القضية ويرافعون عنها في محكمة الحريات والمتعة، ويلصقون بالإسلام وشريعته وتاريخه والناطقين به تهمة التضييق على المرأة ومصادرة حقها الطبيعي وحقوقها الإنسانية&#8221;<a id="_ednref5" href="#_edn5">[5]</a>للوصول إلى الأسرة الحداثية المنفصلة عن الأخلاق وعن الدين بصفة عامة &#8220;بأن نترك التوجه في تصورنا وتصرفاتنا إلى الإله ونقتصر فيها على التوجه إلى الإنسان.&#8221;<a id="_ednref6" href="#_edn6">[6]</a>تقضي هذه المبادئ طرح أسئلة جوهرية  يسائل فيها الحداثة وانفصالها عن الإله :
ألا يمكننا الحديث عن الله تبارك وتعالى إلا إذا تخلينا عن الوسائل العلمية والتقنية التي تسخرها الحداثة؟
  هل نحن ملزمون بالتبرؤ من عقيدتنا وتبني منهجية الشك وأسطورية التلاشي لننفذ إلى عالم الحداثة ؟<a id="_ednref7" href="#_edn7">[7]</a>
&#8220;ولأن الضغوط قوية، اضطر الفيلسوف الفرنسي الكبير غيتون إلى التترس بالعبقري باستور، العلامة البار بالإنسانية، ليتكلم بصراحة وإن على استحياء عن الله عز وجل.&#8221;<a id="_ednref8" href="#_edn8">[8]</a>
في كتابه الله والعلم  يصدره بحكمة باستور &#8220;قلة العلم تبعد عن الله وكثرته تدني منه&#8221;  رؤية منفلتة من حضارة اللامعنى، حضارة العقلانية  أو كما يصفها الأستاذ رحمه الله: &#8220;لوثات الفلسفة وعجمات الحذلقة الثقافية&#8221;<a id="_ednref9" href="#_edn9">[9]</a>ومن كل هذا &#8220;إننا نعتقد أنه لا بيان يرجى، ولا بلاغ، ولا مسلك إلى قلوب العباد، ولا أصالة للخطاب الإسلامي إلا بالأسلوب القرآني السني&#8221;،<a id="_ednref10" href="#_edn10">[10]</a> أي في الوحي وحده يمكننا طرح الأسئلة الوجودية الكبيرة والإجابة عنها: لماذا وجدتُ؟ ما مصيري بعد الموت؟ ما واجبي؟ كيف أستعد للحياة الأخرى؟ بأية أخلاق أسير في المجتمع؟&#8221;<a id="_ednref11" href="#_edn11">[11]</a>
 نجد جواب هذه الأسئلة في  متضمن القرآن الكريم، في  الأربع موضوعات الرئيسية التي تبين إبداع مفكرنا الجليل  في تعامله مع القرآن المجيد:
1 صفات الخالق. 2 رجعة الإنسان بعد الموت. 3 ومهمة الأنبياء عليهم السلام. 4 مكابدة الإنسان في الحياة الدنيا واستحقاقه بعدها للجزاء والعقاب.<a id="_ednref12" href="#_edn12">[12]</a>
&#8220;لا بديل إذن من قراءة متأنية متواصلة للنص القرآني لمن يبحث عن العلم والفهم في خبايا الوحي بعد فشل العلوم والفلسفات البشرية في هدايته&#8221;<a id="_ednref13" href="#_edn13">[13]</a>
من كل ما تقدم يتبين أن مشروع الأستاذ عبد السلام ياسين  في نقده للحداثة الغربية يتمحور على مركزية الوحي، وتعد رؤيته التجديدية مساهمة في النقد المعرفي للحداثة الغربية،  فقد قام بتعديل جذري في توجيهات الحداثة وإعادة بنائها على أسس قرآنية لا مفر لها منها بمنهج يعتمد  التحليل والتركيب النقدي البنائي لتحيط بجميع مجالات الحياة تنظيما وتأطيرا، بمنهجية ومرجعية إسلامية تضاهي قوة وسعة الفكر الغربي، وتشكل إضافة للفكر الإسلامي والإنساني، لتكون ثمرة من ثمار التجديد  التي يشتغل عليها  العالم  والمفكر الإسلامي اليوم . وإسهامه في البناء والتجديد من خلال قدرته على مواجهة التحديات والقضايا المعاصرة التي تطرحها ساحة التدافع وفق رؤية  شمولية و إبداع حضاري . فيبقى السؤال المطروح  هل استطاع مشروع الأستاذ عبد السلام ياسين وضع بناء متكامل لحداثة إنسانية عالمية أم محلية ؟ وهل هناك  توازن وتوازي في بناء الدوائر الإنسانية الشرعية الكونية بمنهجية حوارية تتسع لمقتضيات الواقع الإنساني بمنطق الاستيعاب ثم التجاوز لكل الإسهامات والمقاربات؟ والى أي حد نجحت هذه القراءات؟.
<a id="_edn1" href="#_ednref1">[1]</a>الاسلام والحداثة  ص9 الاستاذ عبد السلام ياسين <a id="_edn2" href="#_ednref2">[2]</a>الاسلام والحداثة ص 157 <a id="_edn3" href="#_ednref3">[3]</a> المرجع السابق ص159 <a id="_edn4" href="#_ednref4">[4]</a>المرجع السابق ص 162 <a id="_edn5" href="#_ednref5">[5]</a>تنوير المؤمنات ص 161 <a id="_edn6" href="#_ednref6">[6]</a>روح الحداثة ، طه عبد الرحمان ،ص 101 <a id="_edn7" href="#_ednref7">[7]</a> الاسلام والحداثة ص175 <a id="_edn8" href="#_ednref8">[8]</a>الاسلام والحداثةص176 <a id="_edn9" href="#_ednref9">[9]</a>العدل ، عبد السلام ياسين ، ص 23 <a id="_edn10" href="#_ednref10">[10]</a>العدل   ص 23 <a id="_edn11" href="#_ednref11">[11]</a>الاسلام والحداثة  ص 182 <a id="_edn12" href="#_ednref12">[12]</a>الاسلام والحداثة ص 187 <a id="_edn13" href="#_ednref13">[13]</a>المرجع السابق ص 187

العلوم الشرعية في تراث الإمام عبد السلام ياسين اهتمام وإسهام

معالم التجديد عند الإمام وسؤال الحداثة 2/3

صورة تخيلية للإمام الغزالي بالذكاء الاصطناعي

الإمام الغزالي: المنقذ من ضلال السفسطة

معالم منهجية في قراءة كتب الإمام

الإمام الغزالي بيداغوجيا : تعريف وملاحظة وتمرين

قضايا فكرية

معالم التجديد عند الإمام وسؤال الحداثة 2/3

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

معالم التجديد عند الإمام وسؤال الحداثة 3/3

معالم التجديد عند الإمام وسؤال الحداثة 2/3

معالم التجديد عند الإمام وسؤال الحداثة 1/3

مقالات ذات صلة