مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

من سورة ص 2 | سلسلة تدبّر القرآن الكريم | الإمام عبد السّلام ياسين

يواصل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله في هذا المجلس المنعقد يوم الأحد 29 محرم 1425هـ/21 مارس 2004م تدبره في آيات سورة ص، فيذكر بما أورده الله عز وجل في مستهل سورة ق من تعجب الكافرين من النذير إذ جاءهم، قال تعالى: ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (1) بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ (2)﴾.

يتعجب الكافرون من البعث وما بعد الموت، وفي سورة ص مشهد قريب من هذا، يبين تعنت الكفار وجحودهم ورفضهم لتوحيد الله وإفراده بالعبودية الخالصة، ﴿وَعَجِبُوا أَن جَاءَهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5)﴾. وعلى هذين الأساسين العظيمين (توحيد الله تعالى والإيمان باليوم الآخر) مدار الأمر كله؛ فإن سلم لنا الإيمان بهذين الأساسين سلم ما بعدهما واستقام.

وفي لفظة «عُجَابٌ» التي تفيد المبالغة يمتزج معنى «التعَجُّب» بمعنى «العُجْب»، فهو استغراب واعتزاز بالنفس؛ فاستغرب الكافرون وتعجبوا من البعث بعد الموت والحياة بعد الفناء، وكان عَجَبهم أكبر في شأن التوحيد المفرد لله بالعبودية من دون ما كانوا يعبدون من آلهة فيظلوا لها عاكفين.

وإن أهم ما نتعلمه من هذه المعاني الكريمة، أن التنصل من آثار ما يتربى عليه الإنسان وينشأ عليه أمر بالغ الصعوبة. فإن تركت رواسب الماضي وترسبات الحاضر تستولي عليك وتملي عليك رغباتها، فلن تبلغ شيئا مما يبلغه الأخيار. ولهذا ما نفتأ نردد بأن شأننا هذا أساسه التربية ثم التربية ثم التربية. وليست التربية إملاءات تفرض عليك، بل هي هداية إلى رحمة الله وفضله، «الطريق من ههنا»، وعلى الطريق صوى واضحة المعالم لهذه التربية. فكيف لك -يا أخي ويا أختي- أن تتطهر من كل ما يغفلك عن الله واليوم الآخر؟ يكون ذلك بأن نستبدل بصحبة الغافلين والمفسدين المستبدين رفقة أخرى بأن نكون مع الصالحين، وفي المنهاج النبوي تتحدد معالم هذه الطريق اللاحبة، ومبدأ الأمر في «الصحبة والجماعة».

أضف تعليقك (0 )



















يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد