من سورة ص 3 | سلسلة تدبّر القرآن الكريم | الإمام عبد السّلام ياسين
في هذا المجلس المنعقد يوم الأحد 29 محرم 1425هـ/21 مارس 2004م يتابع الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تدبر آيات سورة ص، انطلاقا من قوله تعالى: ﴿وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6)﴾. انطلق الكافرون من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول بعضهم لبعض: أن امشوا أي: امضوا على ما كنتم عليه ولا تدخلوا في دينه واصبروا على آلهتكم، فإن ما يقع مؤامرة على آلهتكم.
وأما قولهم ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَٰذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7)﴾، فلمعرفتهم المسبقة باليهود والنصارى والمشركين وتعدد معبوداتهم، وقد كان لكل قبيلة أصنامها وآلهتها المشتراة من بلاد اليونان والشام، فوصفوا ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاختلاق والابتداع. ومن شدة تعنتهم وحنقهم قالوا: ﴿أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَل لَّمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)﴾، غشّى أعينهم حجاب المثلية والمعاشرة والمعاصرة. فالناس أعداء ما جهلوا. فتوعدهم الله بالعذاب المقبل إن لم يتوبوا إليه ويرجعوا. تطاولوا على الله تعالى وشككوا في حكمة اختياره عبدا من عباده، لا يسأل عما يفعل يعطي ما يشاء لمن يشاء، هو الوهاب ذو العزة المكين، وهم الفقراء من الحول والقوة، ﴿أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9) أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ۖ فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ (10)﴾.
وفي قوله سبحانه: ﴿جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِّنَ الْأَحْزَابِ (11)﴾. أشار المفسرون إلى فتح مكة وغزوة الأحزاب، والأمثل أنها إشارة إلى غزوة بدر الكبرى. وقد جاءت «مَّا» هنا للتنكير والتهويل أيضا، هزمت جند الكافرين ونصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بجند من عنده، ورجال مؤمنين ونساء مؤمنات وفّوا ما عاهدوا الله عليه، رضي الله عنهم وأثبت في قلوبنا محبتهم والاهتداء بهم. ولنحذر من كل ما يشوش تعلقنا برسول الله وآله وصحبه ومحبتهم.
وفي كتاب «نظرات في الفقه والتاريخ» حديث عن الطائفة الشيعية وتفصيل لقضية الانكسار التاريخي، بما يجعلنا نفهم أسباب هذا الشرخ الذي في جسم الأمة. نسأل الله الكريم أن يلم شعثنا ويقرب شقتنا. آمين…
أضف تعليقك (0 )