post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

&nbsp;رمضان شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران الذي أخبر فيه مبعوث الحق ﷺ بأن المحروم من أدركه ولم يغفر له، فالموفق السعيد من يسطر برنامجا يسير عليه في المدرسة الرمضانية ذات الأيام المعدودات، برنامج يشمل ما وجب تثبيته، وما وجب الاجتهاد فيه، وما وجب الامتناع عنه.



<h1 class="wp-block-heading">ما وجب تثبيته في شهر الغفران</h1>



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;من جلائل أعمال الإسلام وأركانه التي وجب تثبيتها في المدرسة الرمضانية:



&#8211; صوم شهر رمضان وقيامه إيمانا واحتسابا كما جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله ﷺ قال: &#8220;مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا،&nbsp;غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ&#8221; (رواه الشيخان)، وقد بيَّن الإمام الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن المراد بصومه إيمانا&nbsp;الاعتقاد بفرضية صومه، واحتسابا&nbsp;طلب الثواب من الله تعالى<a href="applewebdata://159730A6-8F83-427F-BFDC-9D2CD11A1892#_ftn1">[1]</a>.&nbsp;&nbsp;



&#8211; الصلاة لوقتها لأنها كانت على المؤمنين كتابا موقوتا، مع الإكثار من النوافل.



<h1 class="wp-block-heading">ما وجب الاجتهاد فيه&nbsp;في شهر القرآن</h1>



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;إن هذا الشهر الفضيل هو فرصة عظيمة للقرب من المنان ورفع الدرجات بأعمال يسيرة الفعل عظيمة الأجر والأثر، ومن أهمها:



&#8211; لزوم كتاب الله تعالى قراءة وحفظا وفهما وتدبرا ومدارسة وتعليما&#8230; فشهر الصوم اختاره سبحانه لتنزيل كلامه فيه.



&#8211; ذكر الله سبحانه وتعالى من تسبيح وتحميد وتهليل، وتصلية وتسليم على من جاء رحمة للعالمين، فلا يفتر اللسان عن الذكر، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله في ﷺ: &#8220;أَلَا أُنَبِّئُكم بِخَيْرِ أعمالِكُم، وأَزْكاها عِندَ مَلِيكِكُم، وأَرفعِها في دَرَجاتِكُم، وخيرٌ لكم من إِنْفاقِ الذَّهَب والوَرِقِ، وخيرٌ لكم من أن تَلْقَوا عَدُوَّكم، فتَضْرِبوا أعناقَهُم، ويَضْرِبوا أعْناقكُم؟! ، قالوا: بَلَى، قال: ذِكْرُ اللهِ&#8221; (أخرجه الترمذي وابن ماجة).



&#8211; الدعاء: مخ العبادة بل هو العبادة كما قرر الرسول ﷺ، ومن أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه، يقول تعالى:&#8221;قُلْ&nbsp;مَا يَعْبَأُ&nbsp;بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُم&#8221;&nbsp;(الفرقان: 77)،&nbsp;ويقول عز من قائل:&nbsp;&#8220;وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ&#8221;&nbsp;(البقرة: 185)، فلتدع لنفسك ولكل من&nbsp;&nbsp;تربطك به صلة إيمانية وآدمية، وبهذا تكون قد انخرطت في سلسلة نورانية من لدن سيدنا آدم عليه السلام إلى آخر الزمان. وقد أرشد الإمام عبد السلام ياسين إلى التأسي بسيد الخلق ﷺ في تعظيم الطلب من الله عز وجل، قال رحمه الله في إحدى أشرطته: &#8220;نطلب من الله عز وجل الفضل الأعظم في الشهر الأعظم شهر رمضان وهو بعد طلب الأجر طلب القرب من الله عز وجل&#8221;.



&#8211; الإخلاص تحسينا للنية ليكون صومك صوما مقبولا عند ربك سبحانه، لأنه ليس لك وإنما لله جل وعلا كما جاء في الحديث القدسي الذي يرويه أبو هريرة عن رسول الله ﷺ فيما يرويه عن ربه:&nbsp;&#8220;كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به، والصِّيَامُ جُنَّةٌ&#8230;&#8221; (رواه الإمام البخاري في صحيحه)&nbsp;فليكن&nbsp;صومك صوم خصوص الخصوص أي صوم القلب عما سوى الله سبحانه من الهمم الدَّنِيَّةِ وَالْأَفْكَارِ الدُّنْيَوِيَّةِ<a href="applewebdata://159730A6-8F83-427F-BFDC-9D2CD11A1892#_ftn2">[2]</a>، ذلك أن القلب هو محل التقوى، ومحط نظر الله عز وجل كما جاء في الحديث الصحيح الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي&nbsp;ﷺ قال: &#8221;&nbsp;إِنَّ اللهَ تعالى لَا ينظرُ إلى صُوَرِكُمْ وَأمْوالِكُمْ، ولكنْ ينظرُ إلى قلوبِكم وأعمالِكم&#8221; (رواه مسلم)، وكمال العبادة تكون في جَمْعِ القلب على الله تعالى وإقباله عليه وقطع كل ما يشغله عنه. فمن صام حق الصوم سلم قلبه، ومن سلم قلبه سلمت جوارحه واستقامت على طاعة الله تعالى، وتحقق الصدق و الإخلاص في القول والعمل امتثالا لأوامر الله واجتنابا لنواهيه، وبذلك يتحقق أبرز مقصد من مقاصد الصيام وهو التقوى.



<h1 class="wp-block-heading">ما وجب اجتنابه في الشهر المطهر</h1>



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;أما ما يجب اجتنابه فهو ما نهى عنه الحبيب المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه في الحديث&nbsp;&nbsp;الذي يرويه أبو هريرة رضي الله عنه: &#8220;مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والعَمَلَ به، فليسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ &#8221;&nbsp;(أخرجه الترمذي في سننه)،&nbsp;فمن مقاصد الصيام الابتعاد عن قول الزور لأنه مائل عن الحق، ومن الزور الذي يلزم الكف عنه الكذب والشهادة بالباطل، وادعاء ما ليس لك، والتزيي بزي أهل العلم ولست منهم، والتظاهر بالفقر ولست من الفقراء..، فالزور من أكبر الكبائر لقول رسول الله ﷺ فيما رواه أبو بكرة نفيع بن الحارث: &#8220;أَلا أُخْبِرُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ قالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ. [وفي رواية]: وكانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ، فقالَ: ألَا وقَوْلُ الزُّورِ، فَما زالَ يُكَرِّرُها حتَّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ&#8221;&nbsp;(رواه البخاري في صحيحه).



<h1 class="wp-block-heading">ماذا اكتسبت من المدرسة الرمضانية؟</h1>



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;أما وإن رمضان قد مرت جل أيامه و شارف على الرحيل، فما حالك مع ما تزودت به وما تدربت عليه في هذه المدرسة؟ أتحافظ على العهد فيما تبقى من أيامه وبعده أم تنقضه فتصبح كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا؟



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;تخبرنا أمنا عائشة رضي الله عنها في الحديث الذي يرويه عنها التابعي علقمة قُلتُ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: &#8220;هلْ كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْتَصُّ مِنَ الأيَّامِ شيئًا؟ قالَتْ: لَا، كانَ عَمَلُهُ دِيمَةً، وأَيُّكُمْ يُطِيقُ ما كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُطِيقُ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول &#8220;أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل&#8221;&nbsp;(رواه البخاري ومسلم)، فالمطلوب هو الاستمرار على الأعمال التي ثبتناها واجتهدنا فيها فعلا واصطبارا، والأعمال التي امتنعنا عنها كفا وانزجارا، فلندم على الهدى والتقى، ولنحرص على أن نحيى بأعمال رمضان بعده، وتحيى معنا طوال حياتنا؛ فالصوم لا يتوقف، والقرآن لا يهجر ، والمسجد لا يترك، والصدقة لا تنقطع&#8230;، قال جل وعلا:&nbsp;﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾&nbsp;(الحجر: 99)، فرمضان موسم من مواسم الخير أتى وسينصرف، نسأل الله تعالى أن يجعل عملنا فيه في ميزان حسناتنا، ويعيده علينا أعواما عديدة.&nbsp;



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;إن العبادة عند المؤمن والمؤمنة ليست مرتبطة بشهر من الشهور أو أيام خاصة أو ليال معينة، وإنما هي ديمة كما جاء في حديث الصديقة رضي الله عنها في وصفها لعمل الحبيب المصطفى&nbsp;ﷺ الذي كان مستمرا غير منقطع، فالبركة والحكمة في المداومة على العمل الصالح و الزيادة فيه وتحسينه، والله يحب المحسنين، فيكون الحرص على الصيام والصلاة والقيام والذكر والدعاء والقرآن وفعل الخير نفعا للغير وكف الأذى باللسان واليد وكبح جماح الشهوات وترك المنهيات أثبتَ بعد رمضان ابتغاء مرضاة الله وسيرا على هداه.



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;ولتجعل زكاة ما تعلمت وتربيت عليه من طاعات عظيمة وخصال حميدة في المدرسة الرمضانية، تمريرها لمن حولك من أبنائك وذوي رحمك وجيرانك وكل من لك صلة بهم في العمل، في الطرقات، فأينما كنت كن آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، فتسهم في بناء مجمتع تقي نقي، تأسيا بمعلم البشرية ﷺ القائل: &#8220;إن الله لم يبعثني معنتاً ولا متعنتاً ولكن بعثني معلماً وميسراً&#8221;&nbsp;&nbsp;(رواه مسلم).



<hr class="wp-block-separator has-alpha-channel-opacity"/>



<a href="applewebdata://159730A6-8F83-427F-BFDC-9D2CD11A1892#_ftnref1">[1]</a>. فتح الباري على صحيح البخاري، ج 1، ص 138.



<a href="applewebdata://159730A6-8F83-427F-BFDC-9D2CD11A1892#_ftnref2">[2]</a>.&nbsp;أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين، ج 1، ص 234.

إجعل عملك ديمة

كيف نحافظ على ميراث الصحبة والجماعة ونبلغه؟

الحج رسالة

عقبات بناء الإنسان في ضوء القرآن الكريم

التزكية والدعوة

إجعل عملك ديمة

أضف تعليقك (3 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

إجعل عملك ديمة

مقالات ذات صلة