مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

بوب البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه: “باب دعاؤكم إيمانكم”. وذهب الشراح يؤولون كلامه، فمن قائل إن كلامه ينظر إلى تفسير ابن عباس رضي الله عنهما قول الله تعالى: ﴿قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ ﴾1 بأن المقصود بالدعاء الإيمان. ومن قائل إن معناه دعاء الرسل للخلق هو السبب في إيمانهم، ومن قائل إن معنى الدعاء هنا الطاعة أو العبادة. والذي يظهر لي والله أعلم أن هذا من باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الإمام أحمد: “كَرَم المرء دينُه” أي أن دينَه يكون على مستوى كرم أخلاقه وكرم معدنه وكرم همته صعودا أو هبوطا. كذلك فذو الحظ العظيم من الدعاء ودوام الوقوف على باب الله أعلى إيمانا من قليل الدعاء. وتكفينا الآية الكريمة للدلالة على أن الله عز وجل لا يعبأ بمن يستغني عن دعائه ويلجأ إلى باب غيْره.

في حديث: “من عادى لي وليا” يُخبرنا الحق عز وجل أن العبد المتقرِّب بالفرض والنفل المحبَّ المحبوب إذا أدركته العناية الإلهية فكان الله سمعه وبصره ويده ورجله يصير دعاؤه مستجابا. وهذه مرتبة مقابلة لمرتبة الذين لا يدعون الله ولا يعبأ بهم الله، نعوذ بالله.

إن الله جلت عظمته فائضُ الكرم رحيمٌ بالخلق يحب من يدعوه ويغضب على من لا يدعوه كما جاء في الحديث: “من لم يسأل الله يغضب عليه”. رواه الترمذي عن أبي هريرة.

من كرم الرب عز وجل أنه يَعْرِضُ علينا فضله كل ليلة، فلا ينال من ذلك الفضل إلا الأيقاظ الذاكرون الداعون. روى الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ينزل ربنا إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: “من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأُعطيه، من يستغفرني فأغفر له؟”. أنعم به من رب كريم عظيم ينزل للعباد، ياحسرة على العباد، ناموا ومنادي الفلاح لا ينام!

في رواية لمسلم: “ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول فيقول: “أنا الملِكُ! أنا الملك! من ذا الذي يدعوني” الحديث. ويتجلى غضب الله الرب الملك على من لا يدعوه في الدنيا يوم القيامة. يوم القيامة يقول جل جلاله: “أنا الملك ! أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟”. فمن يكون بمنجاة من ذلك الغضب إلاّ المؤمنون والمؤمنات المتزلِّفون إلى الله، الداعون المتقربون في ظلمات الليل الدنيوي حين ينام الغافلون؟...إقرأ المزيد “كتاب الإحسان ص-287”

أضف تعليقك (0 )



















يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد