post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

القرآن في حياة الإمام | 
(1) على القرآن تربى الإمام عبد السلام ياسين
كان <a href="https://wordpress-1153707-4083331.cloudwaysapps.com/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d8%a2%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%b1%d9%8a%d9%85-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a8%d9%88%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%ad%d9%8a%d8%a7%d8%a9-%d8%a7/">القرآن الكريم</a> أول مشرب للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله وأنيسه طيلة حياته، وفي مدرسة الأستاذ المختار السوسي رحمه الله درج وتربى وشق الوحي سمعه وفؤاده. طفل في سن الرابعة أو الخامسة يجلس على حصير مدرسة قرآنية في حي الرميلة بمراكش، غايته النهل من القرآن الكريم وعلومه واكتساب فنون العربية وآدابها.   
يحدثنا الإمام رحمه الله عن هذه المرحلة بلسان الاعتراف بالفضل والترحم على معلميه ومن تتلمذ على أيديهم -وفي مقدمتهم المختار السوسي &#8211; رحمهم الله جميعا:&#8221; أنتَسِبُ إليه بالتلمذة وإن كنت لم أحضر إلا بعض مجالسه العلمية العامة في مسجد الرميلة بمراكش بعد رجوعه من المنفى. أنتسب إليه وأعتز بالانتساب إليه اعترافا بالفضل، لا عصبية شلحية. رحم الله الوالد قادني إلى مدرسة المختار السوسي بالرميلة صبيا في الرابعة أو الخامسة من العمر كان جُل معلمي هذه المدرسة الحرة من شلوح قبائل الحوز وسوس. حفظونا القرآن ومبادئ العربية ومع الحفظ والتعليم علمونا إقامة الصلاة التي كانت جزءا من البرنامج اليومي في أوقاتها. رحمهم الله وأجزل لهم الـمَثُوبة ولأستاذنا الذي كانوا يتلَقَّون عنه دروسهم في أصناف العلوم. فكان منهم أدباء وفقهاء. كان رحمه الله مدرسة علم وقدوة تقوى&#8221;.[1]
 ما يفتأ الإمام رحمه الله يثني على هؤلاء الرجال الذين تلقى على أيديهم كلام الله عز وجل، وكان التلقي منهم ممزوجا بآداب التلمذة والاغتباط بخدمة الكتاب العزيز والسعي الحثيث لإتقان علومه وتذوق فنونه والاسترواح بلطائفه ورقائقه.
كانت المدرسة القرآنية -التي كانت فيما قبل زاوية- تعبق بأنفاس الذكر وأدب أهل القرآن، وكان ارتباطه بها طلبا للقرآن الكريم وعلوم اللغة العربية، كان المختار السوسي قطب رحا المدرسة، و&#8221;كان النجباء من تلامذته يأخذون عنه العلم، علم اللغة والتفسير والحديث. يعلموننا، نحن الصغارَ، مبادئ اللغة العربية والنحو والصرف، ولا يزال ذلك الزاد الذي تزودتُه منهم، رحمهم الله، منه أمتح وإليه أرجع وإليه أفيض&#8221;.[2]
وقد أثرت شخصية الأستاذ المختار وسمته أيما تأثير في طفولة الإمام، وكانت المجالس الأدبية التي حضرها في رياض مسجد الكتبية علامة مائزة في حياته. فعند قدوم الأستاذ المختار السوسي إلى مراكش مطلع ثلاثينيات القرن العشرين، انطلق في مشروعه القرآني، فـ&#8221;قام في الحمراء على قدَم وساق، وأسس مدرسته بالرميلة، ودأَبَ على عقد لقاءاتٍ وندوات يتبارى فيها تلامذتُه وأصدقاؤُه في اقتطاف زهور جنانه الأدبية، ويُحْضِرُ الصبية من أمثالي دون السابعة ليُعَرِّضوهم في السنِّ الغضَّة «لغيوثه الهامعات السواكب»، وليعلموهُم بالمثال الحيِّ سَمْتَ المتخلقين بأخلاق الإسلام.
حضرت مرة أو أكثرَ مجالسه رحمه الله في عرصَةٍ بظهر مسجد الكتُبية ­لا أذكرُ فلعل سني يومئذ دون السابعة­ فلم يبق في ذاكرتي إلاَّ سَمْتُ الفقيه في سلهامه الأبيض، وجدِّيّةِ ملامحه، ثم عَطفُه الرقيق علينا نحن الكتاكيت&#8221;[3].
كانت هذه المجالس مائدة علمية وأدبية وتربوية تشرب منها الإمام بالمثال الحي محبة أهل القرآن والعلماء والشعراء والأدباء، حتى إذا انفض الجمع أقبل الصبية على معلمهم الفقيه «السوسي» واستبقوا إليه، كيما ينالهم بعض عطفه وبره وبركته وعطائه.
أحداث من الطفولة الأولى رسخت في ذهن الإمام و&#8221;انطبع في الذاكرة الغضة صورة «الفقيه» النظيف اللطيف البشوش. انطبع في العقل الطري أن «الفقيه» شخصية ودود. كنا نتحلق حول الفقيه صبية مَرِحين ضاحكين صارخين آبّانا! فيدخل الفقيه في اللعبة ويجيب: آوْلِداتي! لا أذكرُ هل كان يَنْفحنا أيضا ببعض الحلوى ولعله كان يفعل رحمه الله. رحمه الله وأغدق عليه من كرامته، ورحم تلامذتَه أساتِذتَنا البَرَرة. آمين&#8221;.[4]
على هذه الرحمة الأبوية تربى الإمام بين يدي خدام القرآن الكريم، وعليها ربى أبناءه وحفدته الذين يروون مشاهد كثيرة كان يحضنهم جميعا بسلهامه، يرددون بعض آي القرآن ومقاطع من شعر المديح بالأمازيغية، ويختار لكل منهم اسما لطيفا محببا يختصه به، ويسألهم عن محفوظهم من القرآن الكريم ويحثهم على تعهده، ويسألهم عن الشعر ويوجههم إلى قراءته ونظمه. ولا ينصرفون من بين يديه إلا وقد نال كل منهم حظه من قطع الصلصال والحلوى.
ظل الفتى عبد السلام يتعلم في مدرسة المختار السوسي على أيدي تلامذته، ويكتسب منهم فوائد جمة معرفية وتعبدية وسلوكية. تراه مذكرا بفضل من كان لهم الفضل عليه، فلا يغير لهم قصدا ولا يفوت فرصة للترحم عليهم وذكر نصائحهم التي انحفرت في الذاكرة، وكانت موجهة ولها بالغ الأثر.
وها هو رحمه الله يذكرنا بنصيحة وقرت في قلبه منذ زهاء خمسين سنة، من أحد أهل القرآن، الذين كان لتوجيهاتهم أثر سلوكي كبير في كتعلمي المدرسة القرآنية. يقول: &#8220;أذكر رجلا منهم رحمه الله في عنقي له دين كبير يسمى عبد الرحمن بن فارس، كان شابا من الشباب الذين يحلقون حول محمد المختار السوسي، هذا السيد عبد الرحمن بن فارس أذكر جيدا يوما أنه وعظنا نحن الصغار موعظة -ونحن على أعتاب المراهقة نكون يومئذ في العاشرة أو الحادية عشرة- قال إنكم ستشعرون في جسمكم بقوة وبحيوية جديدة -وكأنه يشير رحمه الله إلى البلوغ وإلى المراهقة- فاتقوا الله فيما تفعلون. كانت هذه الكلمة ذات أثر بليغ جدا في حياتي وفي مستقبلي. كان هناك من لقنونا القرآن رحمهم الله، هؤلاء لهم عليّ الفضل الكبير&#8221;.[5]
على القرآن تربى الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله وبه تخلق، وإليه يفيض في كل مرحلة من مراحل نشأته وتعلمه وخطه لمشروع المنهاج النبوي. ولأهل بيته قصص كثيرة تروى عن ملازمته لكتاب الله وتعهده اليومي، في كل حال من أحواله، لما كان يجده من أنس بكلام الله عز وجل فكان يدعو كل الناس إلى سماع كتاب الله إليهم، وتلقيه والعمل به حفظا وفهما وسلوكا.
&nbsp;
[1] . ياسين، عبد السلام (1997) <a href="https://siraj.net/ar/read?id=1071&amp;page=227">حوار مع صديق أمازيغي، (ط. 1). الدار البيضاء: مطبوعات الأفق، ص: 226.</a> [2] . برنامج مراجعات مع الأستاذ عبد السلام ياسين (2008) قناة الحوار، الحلقة الأولى. [3] . ياسين، عبد السلام (1997)، ص: 276. [4] . المصدر نفسه، ص: 277. [5] . منير الركراكي والعلمي عبد الكريم، عبد السلام (2014) حوار شامل مع الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين، (ط. 1). الولايات المتحدة الأمريكية: مطبوعات JSPublishing، ص: 11.

القرآن في حياة الإمام

الإمام عبد السلام ياسين

من منطق التصوف إلى منطق المنهاج

الكتابة عند الأستاذ عبد السلام ياسين رحمه الله تعالى

عشر ساعات مع الإمام رحمه الله

صفحات من سيرتي |5| الوصايا.. ولقاء رب البرايا

مقالات في سيرة الإمام

القرآن في حياة الإمام

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

أهلا رمضان

في شروط تحرير فلسطين عند الإمام عبد السلام ياسين

من دروس غزوة الخندق

رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان

أبواب الخير في رمضان 2/2

أبواب الخير في رمضان 2/1

مقالات ذات صلة