بسم الله الرحمن الرحيم.
﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾.
اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام وسيِّئ الأسقام.
في أول سورة البقرة وأول سورة لقمان رتب الله عز وجل الفلاحَ مع شروط إيمانية أخرى وربطه باليقين بالآخرة. قال تعالى: ﴿الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.1 البقرة، الآيات: 1-5 وقال تبارك اسمه: ﴿الم تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.2 لقمان، الآيات: 1-5 الهداية بالقرآن، والإيمان بالغيب، وإقامة شرائع الدين تثمر يقينا بالآخرة وفلاحا أبديا.
وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر الآخرة فقال: “اذكروا هَاذِمَ اللذات”. رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن غير أبي داود عن أبي هريرة. وما لأحد أُسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يكن يَرجو الله واليوم الآخر يقينا واحدا. وفي الحديث: “من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه”. قالت عائشة رضي الله عنها راويةُ الحديث: “فقلت: يا نبي الله! أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت! قال: “ليس ذلك! ولكن المؤمن إذا بُشِّر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه”. أخرجه الشيخان.
لأحد أُسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يكن يَرجو الله واليوم الآخر يقينا واحدا. وفي الحديث: “من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه”. قالت عائشة رضي الله عنها راويةُ الحديث: “فقلت: يا نبي الله! أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت! قال: “ليس ذلك! ولكن المؤمن إذا بُشِّر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه”. أخرجه الشيخان.
الكافرون الجاحدون نُبُوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم آنذاك لم يكن كفرهم بالمعاذ كفرا مُطْبَقاً، إنما كانوا من الآخرة في شك مريب كما قال تعالى: ﴿بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمِونَ﴾.1 لذلك يكرهون لقاء الله. أما في عصرنا فالكفر بالله وباليوم الآخر سِمَةُ الحضارة المادية الحواسية الدوابية. وقد غلبت ثقافتها وخطابها الجهنمي وهيمنت حتى إنك تقرأ كتب الإسلام الثقافي من الدفة إلى الدفة فلا تجد ذكراً لله ولا لليوم الآخر إلا استثناء غير مقصود. وإن حاجتنا إلى العودة للخطاب القرآني والنبوي، وكلاهما ذكر لله والآخرة، لمن أمس الحاجات حتى لا نتيه وتضيع منّا مُسْكَة الإيمان بالغيب التي عليها مدار اهتدائنا وفلاحنا.
قرأنا في حديث التقرب بالفرض والنفل، في آخره، قول الله عز وجل، فيما رواه عنه عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم: “وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته”.
فالمؤمن كما قالت أمنا عائشة يكره الموت دون أن تخرجه هذه الكراهية عن مرتبة الكرامة المعطاة لمن أحب لقاء الله. يحب لقاء الله لكنه يكره الموت استصعابا لمقدماته وسكراته، أو لمفارقة الأهل والولد، إن كان ممن بقيت فيه بقية تعلق بالدنيا وأهلها لما يطلقها، أو استزادة للعمل الصالح، أو طلبا لاستصلاح أمره والاستغفار لذنبه. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عانى من سكرات الموت، فكان يقول: “إن للموت لسكرات!”. وقال عمرو بن العاص وهو يُحتضر: “كأني أتنفس من خرم إبرة، وكأن غصن شوك يجرُّ به من قامتي إلى هامتي”.
من الناس من يسهل انتقاله، وليس في سهولة موته ما يدل على ميزة سعادية. فإن كان من المؤمنين من يكره الموت فللأسباب المذكورة. وإلا فَ “الموت تحفة المؤمن” كما روى الطبراني بإسناد جيد من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا. الموت عند العارفين المحسنين الأولياء راحة، لأنها تخففهم من كثافة الجسم الترابي، فيُصبح لقاء الله أقرب، يسبحون في الروحانية حتى يبعثهم الله ويبعث من في القبور في أجسام الخلود التي بها يتنعم من يتنعم وفيها يعذب من يعذب، أجارنا الله وإياكم من عذابه. تابع القراءة في كتاب الإحسان، 1/320-322.
أضف تعليقك (0 )