post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

الإرادة إما هوى يتبع الشيطان، فالعقل المهتدي بهوى إمامه عدو حذرنا الله منه، مساره في الدنيا إلى الخراب الخلقي والمادي، وفي الآخرة إلى النار. وإما عزيمة إيمانية على اتباع أوامر الله المقتضية لقهر الهوى وعصيان الشيطان فالعقل المدعم لها المستنير بإشراقها يفضي به الصراط المستقيم في الدنيا إلى إقامة العدل وفي الآخرة إلى الجنة. قال الله تعالى: وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ (النور:21) والفحشاء والمنكر خراب في الدنيا وخسران في الآخرة.
قال عز من قائل: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (النور:21)، فهذه هي النفس حين تزكو بالإيمان من رحمة الله وتقطع حبال الخبيث الشيطان. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: &#8220;لا يومن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به &#8220;. فما جاء به الحبيب المصطفى هو ما سميناه النقل من كتاب وسنة وأثر، والعقل أداة تلقيه بالرضى والخدمة إن كان الهوى المسخر للعقل مضبوطا بأحكام الشرع تابعا خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالأمر سير إما إلى الخسران والنار إذا كان الهوى هو القائد أو إلى خير الدنيا والآخرة إن قمع الهوى وحل في مركز القيادة إرادة وِجهتها الله ورائدها كتاب الله وحاديها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. 
 حياة الفرد في الدنيا سير، وحياة الجماعات والمجتمعات، والموت نقطة انتقالٍ إلى إحدى دارَي السعادة أو الشقاء الأبديتين. لكن المصير بعد الموت مصير أفراد والمسؤولية يوم القيامة عن السير في الدنيا واتجاهه ومحصول الأعمال أثناءه مسؤولية أفراد. 
 المجتمعات ككل لا تلقى في الآخرة مصيرا جماعيا للاختلاف الممكن بين أفرادها، يكون منهم الصالحون والطالحون، الظالمون المرتدون المحشورون إلى جهنم والمظلومون &ndash; إن كانوا على هدى ولم ينحرفوا مع الفتنة- المحشورون إلى جنة النعيم. 
 لكن هذه المجتمعات لها سير دنيوي مشترك بين كل أفرادها ومصير دنيوي يرتبط فيه الحاكم والمحكوم، الغني والفقير، المتضامنون على ظلم من دونهم واستغلالهم والمتحملون في تضامن البؤس لذلك القهر الطبقي. 
 وفي الآخرة يكون مصير الظلمة أحلك، فالظلم ظلمات يوم القيامة كلما كان موقفهم أعتى وتجبرهم على الخلق أكبر. 
 لكن ذلك المصير أمره إلى الله، ولا يبرر بوجه أن يستقيل المؤمنون من واجب إيقاف مسيرة الطغيان والأخذ بضبع الظلمة فهذا واجب بل ركن من أركان الإسلام: ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. 
 الشريعة والمنهاج جاء بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا مزيد ولا اختراع. لكن السير عليهما &ndash; سير الأفراد والمجتمعات- ليس عملية بين العقل القابل والنقل المقبول خارج التاريخ، بل هو قبل كل شيء إرادة عازمة وجهاد. 
 وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما. 

<hr />
مجلة الجماعة العدد 4 السنة 1400 هجرية

رسالة في المنهاج النبوي (3)

نصيحة إلى الشباب

الحج تربية

الهجرة والنصرة

الهجرة

العلوم الشرعية في تراث الإمام عبد السلام ياسين اهتمام وإسهام

من مقالات الإمام

رسالة في المنهاج النبوي (3)

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

أفق النظام العالمي

التعلق برسول الله ﷺ

الخصال العشر في صرح السلوك الإحساني

أصل الرجولة الشجاعة والتُّقى

هكذا قال الإمام في حرية الصحافة

الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الكسب

مقالات ذات صلة