post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

هذا النموذج هو سيدنا سعد بن أبي وقاص، الذي أوصى إليه، مع خمسة من الرجال، أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يكون أمرُهم شورى بينهم، بعد أن طعنه العِلْجُ أبو لؤلؤة. وكان لعمر مِعيارٌ لمعرفة الرجال، كان يقول: «المرء وغَناؤُه في الإسلام، المرء وسابقته في الإسلام، المرء وحظه من الله». وانظروا كيف ينطبق المعيار العُمَري على سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه! فقد أسلم سعد في ريعان الشباب وهو في السابعة عشرة من عمره، فهو مثال الشباب المحمدي. وكانت له سابقة، يقول عن نفسه في حديث صحيح، رواه البخاري رحمه الله: لقد رأيتُني وأنا ثلث الإسلام). وكان له غَنَاءٌ ظَهَر يوم أحد، يقول في حديث رواه الشيخان والترمذي: جمع لي النبي ﷺ أبويه يوم أحد). وفي حديث آخر رواه الشيخان في صحيحيهما والترمذي يقول سيدنا علي كرم الله وجهه: ما سمعت رسول الله ﷺ يُفدِّي أحدا غيرَ سعدٍ، سمعته يقول له: «ارم فداك أبي وأمي»! أظنه يوم أحد). وهذا معنى جَمَع لي أبويه، وهذا في لغة العرب غاية الإعجاز والتكريم والتشجيع! وروى البخاري عن سعد رضي الله عنه قال: نَثل لي رسول الله ﷺ كنانته يوم أحد، فقال: ارم فداك أبي وأمي)، أي أن رسول الله ﷺ نثر بين يدي سعد ما كان معه في جُعبته من سهام، وقال له ارم الأعداء! وذلك عندما كان المسلمون في ضِيق وفي هزيمة، وقد شُجَّ رسول الله ﷺ، وكُسرت رَباعيتُه، وشُقَّت شفتُه السفلى، ودخلت حلْقة المِغفر في وجنته الشريفة، وسقط في حفرة! في وقت الضيق هذا ظهر غَناء سعد رضي الله عنه، لما قال له رسول الله ﷺ: ارم فداك أبي وأمي! وعند الإمام الترمذي رحمه الله قال له: اِرْمِ أيها الغلام الحَزَوَّر! والحَزَوَّر الشديد، وهو ولد الأسد. وإن الذي كسر رَباعيةَ رسول الله ﷺ أخو سعدٍ الكافرُ، عتبة بن أبي وقاص! كانت لسعد رضي الله عنه سابقة وكان له غَناء، وظهر غَناؤه أيضا في السنة الرابعة عشرة من الهجرة، بعد وفاة رسول الله ﷺ، حيث قاد جندَ الإسلام في غزوة القادسية. وكان رسول الله ﷺ يفتخر به يقول، كما جاء في حديث صحيح عند الترمذي: هذا خالي فليرني امرؤ خاله ! فسعْدٌ خالُ النبي ﷺ من الخُؤولة العليا، لأنه من بني زهرة، وأمُّ رسول الله ﷺ أيضا من بني زهرة. كان له غناء، وكانت له سابقة، وكان له حظ من الله! فهو من العشرة المبشرين بالجنة، وأيُّ حظٍّ هذا؟! وكان مجابَ الدعوة، دعا له رسول الله ﷺ فقال: اللهُمَّ استجب لسعد إذا دعاك)، وهذا حديث صحيح عند الحاكم وعند الترمذي.



عبد السلام ياسين، أحاديث في العدل والإحسان، ص: 83-85.

التزكية والدعوة

سعد مثال الشباب المحمدي

أضف تعليقك (1 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

«الاحتقلال»

عواقب الظلم والتظالم

فتوة الغناء والبناء

قضية فلسطين قضية مصيرية

من أصبح آمنا في سربه

الأسرة والاستقرار المادي

مقالات ذات صلة