post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

تحل اليوم الذكرى السابعة عشر لوفاة الداعية المجاهد الأستاذ محمد العلوي السليماني (1931ء2008) الذي قضى ما يزيد عن أربعة عقود في مدافعة الباطل وتربية وتكوين الرجال، واسترخص الغالي والنفيس في سبيل الدعوة إلى الله، وكان خير عون للإمام رحمه الله في وقت عز فيه الرجال. و في أجواء إحياء الذكرى الثالثة عشر لوفاة الحبيب المرشد،أواصل ما بدأته قبل عشر سنين حديثًا عن هذا الرجل الكريم، <a></a>من خلال نافذة الحج وما رافقها من بشاراتٍ ونفحاتٍ وصحبة.



كنت قد انتقلتُ إلى مدينة طنجة العالية سنة 2001، وبعد أعوام من الاستقرار هناك—أظن في سنة 2004—بلغني ما أكرم الله به أحبابًا لنا في مدينة تطوان من زيارة للحبيب المصطفى ﷺ، وعمرةٍ وحج. عندها عقدتُ العزم على العمرة، إذ لم تكن ظروفي المادية تسمح لي بالحج، واستشرتُ سيدي محمد العلوي رحمه الله في الأمر.



فكان جوابه مفاجئًا، حاسمًا، وبنبرة واثقة:



&#8220;ستذهب إلى الحج.&#8221;



لم أستطع الردّ. لم أقدّم له أعذاري ولا ضيق ذات اليد… كأن الكلمة ألجمت لساني، واستقرّت في قلبي تنتظر موعد تحققها.



ومرّت الأيام، ثم فاتحني سيدي حميدو—أحد الرجال الذين شرّفني الله بصحبتهم في طنجة—في شأنٍ جمع فيه بعضُ الأحباب الهمّة على التعاون لإرسال أحدنا وزوجه إلى الحج كل سنة(دارت المغربية).



وحلّ دوري في بداية سنة 2007، وبقي عليّ أن أشارك في قرعة الحج. كنت يومها في سفر إلى مدينة وجدة، فنابت عني زوجتي الغالية في الحضور.



كانت الساعات تمضي ثقيلة… حتى رنّ هاتفي. سمعت صوتها يرتجف من شدّة الفرح قبل أن تتشكل الكلمات:



&#8220;لقد قُبلنا… لقد قُبلنا!&#8221;



توقفت في مكاني. كأن الزمن انكمش والتفَّ حول تلك اللحظة وحدها.



تذكرت جواب سيدي محمد العلوي قبل ثلاث سنوات:



&#8220;ستذهب إلى الحج.&#8221;



وها أنا أرى الوعد يتحقق، لا بقوةٍ مني ولا بجهد، بل بفضل الله وبركة صحبةٍ صالحة.



مرّت الشهور سريعًا، وازداد الفرح في قلبي حين وصلني خبرٌ آخر: أنّ سيدي محمد العلوي سيكون معنا في موسم الحج. كانت بشرى عظيمة، كأنها تتمّة النعمة، فصحبته كانت عندي من أجلّ ما يرجوه المرء من رفقاء الطريق.



لكن الفرحة لم تكتمل.



مرض الرجل، وأقعده المرض، وتدهورت صحته، فلم يستطع الحج تلك السنة. حزنتُ يومها، لا فقط لأنني سأُحرم من صحبته، ولكن لأنني كنت أرى في وجوده معنا بركةً ورحمة.



وجاء اليوم الموعود، فسافرتُ مع ثلة من الأحباب، منهم سيدي الدغماوي، وسيدي عبد الخالق الأنباري، وآخرون كانت صحبتهم نورًا في تلك الرحلة.



كانت وجهتنا المدينة المنورة. وبعد وصولنا وزيارتنا للحبيب المصطفى ﷺ، أمسكتُ الهاتف لأجري أول اتصال.



كان قلبي يتجه إلى رجل واحد: سيدي محمد العلوي.



اتصلت.



– «ألو… سيدي محمد… أنا في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم…»



وما إن نطقت الجملة حتى سمعت بكاءه، بكاءً شديدًا خرج من أعماق محبٍّ لم يمكّنه الجسد من الخطوة، لكن الشوق سبق روحه إلى الديار المقدسة.



لم يستطع الإجابة.



كنت أكرر: «سيدي محمد… سيدي محمد…»



ولا يصلني إلا صوت بكائه. ثم انقطع الخط.



وقفتُ تلك اللحظة عاجزًا إلا من دعاء:



اللهم بلّغه من بركات هذه الزيارة ما بلّغت قلوب المحبين الصادقين.



رحم الله الأستاذ محمد العلوي السليماني، وبارك في زوجه وأبنائه وأحفاده.



اللهم آمين.

تدوينات

سيدي محمد العلوي السليماني رحمه الله… ذلك الأب الذي أحببناه

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

سيدي محمد العلوي السليماني رحمه الله… ذلك الأب الذي أحببناه

طلاق الدنيا والآخرة

التعليم في مشروع الإمام عبد السلام ياسين

مقالات ذات صلة