post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

نصيبك من الدنيا
قال عز من قائل حكاية عن قول قوم قارون لقارون: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}. (القصص: 77)
وأربأ بك يا ولي الله أن تفهم النصيب من الدنيا ذلك الفهم العامي، فهم الغرة بالله، الذي يزين لبعض الناس أن يبرروا توسعهم في الدنيا، بل توغلهم فيها واستسلامهم، بأن ذلك نصيب من الدنيا يندب القرآن الكريم الناس أن لا ينسوه.
هذا قارون غني مترف يدعوه قومه للإيمان وبذل بعض ماله لله. لكنهم لا يريدون إزعاجه عن الدنيا، وهو ابن من أبنائها، إزعاجا يكره إليه الإيمان والبذل في سبيل الله، فلوحوا له بنصيبه من الدنيا.
ولكل مسلم حق في الدنيا: ما به يصلح شأنه، وما به يؤدي الحقوق المشروعة، وما به يمهد لآخرته، فإن الدنيا مطية المؤمن إلى الآخرة كما جاء في الأثر.
أما جند الله فنصيبهم من الدنيا، بعد الكفاية الكريمة على مستوى الاقتصاد بكل معاني الكلمة، أن يحيوا كل يوم من أيام حياتهم جادين في السعي ابتغاء وجه الله والدار الآخرة، في جهاد يتوتر فيه كيانهم، قلبا وفكرا وحركة، نحو الله عز وجل. نعوذ بالله من الجهة التي تتوهم في كلمة «نحو». وإنما الجهة في حقنا. نصيب جند الله أن يحيوا كل لحظة بكامل الحضور مع الله –الكمال الممكن للطبيعة البشرية المفطورة على الغفلة– وبكامل العناية بالزمان وأهميته، والمكان وقاعدته، والواقع وضغوطه.
أن نبتغي فيما آتانا الله من عمر وأرض ووسائل وجه الله والدار الآخرة يعني أن نجمع، في غير تناقض ولا تزاحم، بين الاشتغال بالله تعالى ومرضاته، وبين الاشتغال النشيط في بذل الجهد، في تنسيق الجهود، في جمعها، في تعبئتها، في توجيهها، في الجهاد على كل المستويات والواجهات. وهذا يتنافى تماما مع الانزواء بحجة الإعراض عن الدنيا. ينافي الهروب من المعركة والرخاوة في الكسل. ينافي الرهبانية والتبخر في عالم الأماني. في الأثر: «رهبانية أمتي الجهاد».
المصدر: الإمام عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي، الطبعة الثالثة 1994م، ص: 331 ـ 332

التزكية والدعوة

نصيبك من الدنيا

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

كرامة المرأة العاملة

سباق لطلب الزلفى

من شعب الإيمان الصوم

المؤمنة مشرفة مكلفة

رمضان وافى

من يحصي أنعما أوليتها؟

مقالات ذات صلة