تقديم:
الشباب عماد الأمة وسواعدها القوية وقلبها النابض وفكرها الوقاد ورأسمالها البشري ومخزونها الاستراتيجي وباني حاضرها ومستقبلها، لكونه يمتاز بالقوة والحيوية والنشاط والاقتحام والمبادرة والإنجاز لتوسطه فترة الطفولة والكهولة، لذا كانت مرحلة الشباب[1] المرحلة المناسبة لبعثة الأنبياء والرسل والتي وصفت في الخطاب القرآني بالفتوة.
ولقد اعتنى الإسلام بالإنسان منذ نشأته، وندب المكلفين إلى تربية الخلق الجديد، وتعهد فطرته السليمة بدءا من الوالدين كما جاء في الحديث الشريف: “ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه كما تنتج بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء. ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه “فطرة الله التي فطر الناس عليها”. وهذه الفطرة هي الإسلام”[2]، وأوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشباب في وصايا عديدة منها ما ورد عن سيدنا أبي سعيد الخدري، أنه كان إذا رأى الشباب قال: “مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نوسع لكم في المجلس، وأن نفهمكم الحديث فإنكم خلوفنا، وأهل الحديث بعدنا “[3].
ولئن كان حفظ مقاصد الدين بحوط الشباب في دينهم وأنفسهم وعقولهم وأموالهم وأعراضهم واجب الدولة، فإن على الدعوة بمقتضى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانة حماية الشباب واحتضانهم في بيئات تربوية إيمانية، يتلقون من خلالها تربية تهذب الوجدان وتقوم السلوك وتنور العقول وتبعث الإرادات. فما الاحتضان التربوي؟ وما أهميته في بناء الشخصية المتوازنة للشباب؟ وما طبيعة المحاضن التربوية وكيف يمكن أن تسهم في التربية الإيمانية للشباب؟ وما المعالم الكبرى للاحتضان التربوي للشباب؟ هذه الأسئلة مدار الحديث في هذا المقال.
1. مفهوم الاحتضان التربوي وأهميته في بناء شخصية متوازنة للشباب:
الاحتضان مصدر فعل احتضن، ويحمل معاني الضم والحُنُو والحماية والحياطة، فيقال: احتضان الأم لابنها: حضنه وضمه إلى صدرها، واحتضان الطير لبيضه: ترخيمه واحتواؤه بجناحيه على البيض، وكان احتضانه لأفكار عقيدته عن اقتناع: تبنيها والدفاع عنها.[4]
ونجد لمفردة الاحتضان ذكرا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعن سيدنا ابن عباس رضي الله: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع، فلما اتخذ المنبر، ذهب إلى المنبر، فحن الجذع، فأتاه، فاحتضنه، فسكن. فقال: لو لم أحتضنه لحن إلى يوم القيامة”[5]. سبحان الله جذع يحن ويئن ألما لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحتضنه الحبيب مواساة وتطبيبا وتصبيرا لنعلم يقينا أن الرحمة القلبية يعم نفعها الحجر والشجر قبل البشر.
الرحمة القلبية والعطف والحنان والمودة والحب من سمات الاحتضان العاطفي، وهي ركيزة أساسية في عملية التربية، لكن مفهومها يتعدى البعد القلبي للإنسان إلى مخاطبته في كلياته. فماذا يقصد بالتربية؟ وما دورها في بناء الشخصية المتوازنة للشباب؟
التربية في اللغة معناها: التنمية والزيادة والتقويم والإصلاح وإيصال الشيء إلى كماله، ومفهومها في كتاب الله وسنة رسوله سلى الله عليه وسلم يتمثل في تغيير باطني لنفس الإنسان وتزكيتها، وتجديد إيمانه وتنميته، وتقويم سلوكه وتهذيبه، وتنوير عقله وترقية فكره، وبناء على ذلك فإن وظيفة التربية تتمثل في استيعاب كل أبعاد الإنسان مع العناية بتنمية الجوانب الفطرية لديه، يقول الشيخ سعيد رمضان البوطي رحمه الله في هذا الصدد:” إننا لا نعدو الحقيقة عندما نقول: إن جل مشكلات مجتمعاتنا الإسلامية اليوم إنما يكمن في غياب هذه التربية الوجدانية التي هي العمود الفقري في جوهر الإسلام”[6]، ذلك أن شبابنا الإسلامي أصبح على حد تعبير بعض العلماء يعاني من الخواء الروحي، ما انعكس سلبا على استقراره النفسي، وسلوكي الفردي والجماعي.
وبما أن مرحلة الشباب تعرف تغيرات نمائية ومعرفية ووجدانية واجتماعية وثقافية بشكل متسارع، فهي تتطلب احتضانا ومصاحبة وتربية تمليها أيضا ما يتعرض له من مؤثرات خارجية تستهدفه من خلال أفكار هدامة وانحرافات عقائدية وسلوكية خاصة مع انتشار العولمة وهيمنة المعلوميات، يضاف إلى ذلك المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وما تخلفه من بطالة وجهل وهشاشة في النسيج المجتمعي.
أمام هذه التغيرات الذاتية التي تطرأ على الشباب، والتحديات الموضوعية التي يعيشها ويتأثر بها، فإن الحاجة ماسة إلى التربية الإيمانية الإحسانية بوصفها مناط تغيير ما بالنفس وتطهيرها وتزكيتها، وتغيير ما بالمجتمع، مصداقا لقوله تعالى: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم﴾ (الرعد: 11)، فكمال التربية هي امتلاك النفس، وغايتها معرفة الله تعالى، ومن ثم فالعامل الذاتي حاسم في تغيير ما بالأنفس لاكتساب شخصية متوازنة لا يمنع بلوغ هذا المراد كون مسار التغيير طريقا وعرة وعقبة كؤود تتطلب احتضانا ورفقا وصبر ا ومصابرة في بيئات إيمانية حانية.
2. المحاضن التربوية ودورها في التربية الإيمانية للشباب:
تتعدد المحاضن التربوية المؤثرة في تربية الشباب، لكون الإنسان كائنا اجتماعيا يتفاعل مع بيئته مؤثرا فيها ومتأثرا بها، بدءا من الأسرة ومرورا بالمدرسة والمسجد والإعلام والرفقة الصالحة.
أ. الأسرة: هي الخلية الأولى في المجتمع، تنشأ عبر ميثاق شرعي غليظ بين الزوجين يترتب عنه حقوق وواجبات، أهمها القوامة والحافظية حيث تعتبر رعاية الأبناء من مقتضياتها، فعن سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع ومسؤول عن رعيته”.[7] وتربية الولد الشاب على الإيمان ومكارم الأخلاق من صميم عمل الإنسان، يموت ويجري أجره عليه إلى يوم القيامة، لأنه عمل صالح يتعدى فضله إلى الخلق أجمعين، فعن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”.[8]
وللوالدين مسؤولية الرعاية المشتركة للأبناء، يتكاملان وظيفيا ويتعاونان في أدائها لتخريج أجيال نوعية تسلم من الغثائية، ذلك “إن كمال المرأة الوظيفي وكمال الرجل، أبوين مسؤولين مربين، هو غاية ما يراد منهما تحقيقه حفظا لفطرة الله، ونشرا لرسالة الله وخدمة لأمة رسول الله. ما يرفع المرأة إلى القداسة إلا أمومتها، وما يرفع الرجل إلا أبوته، يذكر حقهما بعد حق الله مباشرة في قوله تعالى: ﴿وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا﴾ (الإسراء: 22) وما من أمومة تستحق اسمها وتنال من الله عز وجل نوالها إن كان العمل فاسدا، إن أنجبت غثاء كغثاء السيل، إن أساءت تنشئة نسلها، وأسلمته إلى غيرها من وسط منحل، وإعلام مفسد، وشارع سائب، ورفقة مضلة”.[9]
ب. المدرسة: هي البيت الثاني للشباب يقضون فيه جل أوقاتهم، فيها تنور عقولهم بطلب العلم والمعرفة، وتعلم قواعد التنشئة السليمة، وأساسيات العقيدة السمحاء على يد مربين معلمين ربانيين، صدق فيهم قول الشاعر: قم للمعلم ووفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا
فللمدرسة وظيفة سامية تجمع بين مهمتي التعليم والتربية، وهي وظيفة استمدت قدسيتها من المسجد حيث كان المعهد الأول لحلقات العلم، والتربية الإيمانية، ثم ظهرت الجامعات الإسلامية العريقة أخرجت علماء أفذاذ إلى أن جاء الاستعمار وأنشأ المدارس العصرية بقصد فرض سياسة تعليمية تخدم مخططاته، ومع السياق العولمي وما نتج عنه من تحولات اجتماعية وتغيرات قيمية أصبحت المدرسة مرتعا لبعض السلوكات المنحرفة، والأخلاق الرديئة، ما انعكس سلبا على القيام بدورها التعليمي التربوي الذي يشكل رافعة لكل نهضة مجتمعية ركيزتها شباب صالح يرفع لواء التغيير والإصلاح، يقول الإمام عبد السلام ياسين: “في الشباب خير كثير نرجو من كرم الملك الوهاب سبحانه أن يقيض في الجيل طليعة تتلقى الربانية من أهل الربانية، وتتلقى العلم من أهل العلم، والحكمة من أهل الحكمة، والهمة الجهادية من أهل الهمة، حتى تكون رسول الأجيال النيرة من سلفنا الصالح إلى أجيال القومة والإصلاح والخلافة على منهاج النبوة”[10].
ت. المسجد: قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب﴾ (النور: 36-37-38)، قال قتادة: هي هذه المساجد أمر الله سبحانه ببنائها ورفعها، وأمر بعمارتها وتطهيرها، لأن المسجد من المقدسات الإسلامية التي لها عدة وظائف، أبرزها الوظيفة التربوية المتمثلة في ذكر الله وإقام الصلوات والجُمَع، وتعليم العلوم الشرعية وحفظ القرآن، لذا وجب ربط الشباب بالمساجد منذ نعومة أظفارهم، والاحتفاء بحفظهم القرآن، وحضورهم للصلوات والجُمَع والأعياد بما يساعد على بناء شخصيتهم ويحقق اندماجهم في المجتمع، وهو ما كان عرفا سائدا في المجتمع من خلال مراسيم سلطان الطلبة، وعقد قران الزواج، ومواكب الشموع في المولد النبوي الشريف، فمن آكد الواجبات “أن يكون المسجد مكان اللقاء بالشعب، ومدرسة التربية العامة، ومجالس الإيمان”[11] لمركزيته في البناء المتوازن لشخصيات الشباب.
ث. الإعلام: يقوم الإعلام بدور بارز في المجتمع، وقد صارت له أهداف واضحة للعيان-دون تعميم- تتجلى في نشر ثقافة التفاهة والرذيلة وإلهاء الشعوب عن حقوقها وواقعها البئيس، كما لم يعد يخفى تأثيره القوي في حياة الشباب خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، فثمة إحصائيات دالة على إدمان بعض الشباب على مواقع مفسدة للفطرة، لذا تدعو الحاجة إلى تشجيع الطاقات والمواهب الشابة لصناعة محتوى إعلامي بديل ومسؤول عن أداء رسالته النبيلة في تربية النشء، وتحرير إرادته، وبناء شخصية مستقيمة فاعلة ومؤثرة.
ج. المحاضن التربوية الرافعة: عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان يوم القيامة أمر الله منادي ينادي: ألا إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم فأبيتم إلا أن تقولوا: فلان بن فلان خير من فلان بن فلان، فأنا اليوم أرفع نسبي، وأضع نسبكم أين المتقون؟[12].فكيف نرفع نسبنا إلى الله تعالى ونوطد صلتنا الروحية برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كيف نرتقي في مدارج التقوى ونترقى في مراتب الإيمان؟ كيف تلقى الجيل الفاضل من الشباب التربية الإيمانية الإحسانية؟ تلك أسئلة مصيرية تستوجب البحث عن أجوبة شافية آنية.
في الحديث الذي رواه جندب بن عبد الله رضي الله عنه مفتاح العلم والعمل، قال: ” كنا مع النبي ونحن فتيان حزاورة، فتعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، ثم تعلمنا القرآن، فازددنا به إيمانا”[13]، تعلم الصحابة الإيمان على يد رسول الله في مجالس إيمانية كانت في دار الصحابي الجليل الأرقم بن الأرقم في مكة حين كانت الدعوة محاصرة، ثم تحولت إلى المسجد لما تأسست دولة الإسلام، وعلم الصحابة التابعين الإيمان، وما زالت سنة الله في التابع والمتبوع قائمة فينا إلى قيام الساعة، فيبلى الإيمان في القلوب ويصدأ كما يبلى الدين في الأمة، فيبعث من يجدده على يد علماء هم ورثة الأنبياء، فلنلزم صحبة الأخيار الصادقين لنتشرب من معين قلوبهم الحية جداول الإيمان ونتعلم ونقتدي لنهتدي.
3. المعالم الكبرى للاحتضان التربوي للشباب:
إن التربية معادلة صعبة وثلاثية الأبعاد تتمركز حول المربي والمربى والعملية التربوية، ولئن كان مدار الحديث في المحورين السابقين عن المربى الشاب وحاجته لتربية إيمانية تسعى لخلاصه الفردي وخلاص أمته الجماعي، وعن البيئات الإيمانية وحلقاتها المتكاملة ودورها في تربية شباب الأمة، فإن المحور الأخير يتركز الحديث فيه عن خصائص التربية الإيمانية الربانية ومواصفاتها لاكتساب الشخصية الإيمانية المتوازنة.
أـ تربية رفيقة ومتدرجة: تربية رفيقة متدرجة وحانية على منهاج النبوة هي المطلب والأسلوب، وليست تربية متشددة ومتجهمة منفرة كما تعرض في بعض وسائل الإعلام، تربية على خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ما أرسل إلا رحمة للعالمين، متمما لمكارم الأخلاق، بشهادة زوجه العالمة، عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يحب الرفق في الأمر كله”، وفي رواية البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال: “يا عائشة عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش”.[14]
وفي مقام الإيضاح يحسن استقاء قصة مستوحاة من أعالي التاريخ الإسلامي تمثل نموذجا للتدرج في تنزيل الأحكام الشرعية، بطلها خليفة المسلمين المجدد سيدنا عمر بن عبد العزيز، لما حثه ابنه الشاب عبد الملك للإسراع في الإصلاح قائلا: “ما بالك يا أبت لا تنفذ الأمور؟ فو الله ما أبالي لو أن القدور غلت بي وبك في الحق” فأجابه قائلا: “لا تعجل يا بني فإن الله ذم الخمر في القرآن مرتين، وحرمهما في الثالثة. وأني أخاف أن أحمل الناس على الحق جملة فيدعوه جملة”[15].
ب. تربية متوازنة ومستمرة: التربية النبوية الحكيمة تخاطب الإنسان في كليته، تخاطب العقل والوجدان والجوارح، فمن سماتها التوزان بين مطالب الروح والنفس والجسد، وهي تربية مستمرة، ترتقي بالشباب إلى التعلق الدائم بالله عز وجل ومراقبته والإنابة إليه في كل الأحوال، لأنه “يجب أن لا تكون السمة الغالبة على جند الله زهادة بدعوى الروحانية، ولا إغراقا في الفكر ولا تقصيرا ولا إسرافا في الحركة”.[16]
ث. تربية مستقبلية وقيادية: الأمة الإسلامية في ورطة ومأزق، استضعفتها الأمم القوية وتداعت عليها كما تداعى الأكلة إلى قصعتها لما أصابها داء الوهن لتعلقها بالدار الفانية وتركها فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لذا لابد من تربية الشباب تربية إيمانية إحسانية تستشرف إعداد أجيال التغيير والتحرير لمستقبل الأمة المشرق، بإعادة الخلافة على منهاج النبوة الموعود النبوي الصادق.
باسم الله رب الغلام: وختام المقال التذكير بقصة أصحاب الأخدود وبطلها شاب، وللقارئ النبيه قراءة ما وراء سطورها: “روى الإمام أحمد ومسلم قصة أصحاب الأخدود والساحر والراهب والغلام (انظرها عند مسلم في كتاب الزهد) مؤدى القصة أن الملك أراد أن يهيئ غلاما لخدمته في منصب الساحر وكان ساحر هرم وخاف عليه الموت. فانبرى الراهب ودعا الغلام إلى الله ورباه على الإسلام.
الدولة تريد إفساده والدعوة تنازعها. الملك يريد من الغلام أن يعبده ويكذب على الشعب ليبرر طاغوته، ورجل الدعوة يوجه العبيد إلى الله. فكان أن كشف الملك علاقة الغلام بالرجل الصالح، وفتنه ليرجع عن دينه وحاول قتله.
هنا بذل الغلام نفسه ليموت هو وتحيى الدعوة فأوصى الملك، وقد عجز عن قتله لأن الله كان ينجيه من المكائد، أن يجمع الناس ويقتلهم أمامهم. ففعل الملك، ومات الغلام، ودخل الشعب كله في الدين لما رأى من موقف الفتى الشجاع.
قصة طرحها لنا المربي الأعظم صلى الله عليه وسلم لنتأملها ونسترشد بها، لا أن نقراها ونسلى بقراءتها. كل شخص في القصة النبوية، وهي الحق، يرمز إلى موقف ووظيفة متكرر متجدد في الصراع الأبدي بين الحق والباطل. علماء السوء وحكام الجبر من جانب الباطل، ورجال الدعوة وفتيان الجهاد من جانب الدعوة.”[17]. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه.
[1]. يختلف في تحديد مرحلة الشباب، لكنها عموما تبدأ من مرحلة البلوغ إلى سن الأربعين أو الخمسين.
[2]. أخرجه البخاري في صحيحه..
[3]. أخرجه البيهقي في الجامع لشعب الإيمان.
[4]. معجم المعاني الجامع.
[5]. أخرجه ابن ماجة في سننه.
[6]. محمد سعيد رمضان البوطي، الحكم العطائية شرح وتحليل.
[7]. أخرجه البخاري في صحيحه.
[8]. أخرجه مسلم في صحيحه.
[9]. عبد السلام ياسين، تنوير المؤمنات، ج 2، ص: 103.
[10]. عبد السلام ياسين، سنة الله، ص: 260.
[11]. عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي، ص: 53.
[12]. أخرجه الحاكم في المستدرك.
[13]. أخرجه ابن ماجة في سننه.
[14]. رواه الشيخان.
[15]. ابن عبد ربه في العقد الفريد.
[16]. عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي، ص: 59.
[17]. المرجع نفسه، ص: 177ـ 188.
أضف تعليقك (7 )