post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

<p class="interligneP"><span class="text">الصبر من أكثر المواضيع التي تم تناولها دراسة واستحضارا في تاريخ الحركة الإسلامية، لمواجهة عنف الأنظمة الغاشمة منذ أتاتورك إلى جنرال تونس الهارب من العدالة، مرور بالعبد الخاسر وجرائمه في حق دعاة الحركة الإسلامية المتآمر عليها عالميا. <br />ولكنك حين تدقق النظر في موضوع الصبر تجده ينقسم إلى صبر على البلاء بالمرهوب، وصبر عن الابتلاء بالمرغوب. <br />وقلما تجد حركة إسلامية رسبت في امتحان الصبر &#8220;على&#8221;، وبالمقابل قلما تجد حركة إسلامية نجحت في امتحان الصبر &#8220;عن&#8221;. </span></p>
<p>فمازال الطغاة يسلكون منطق القوة كلما أعوزتهم قوة المنطق في جدالهم مع الدعاة، وقد رأينا نموذج فرعون إمام كل طاغية يعبر عن هذا المسلك بعد عجزه عن الحوار ومقتضياته من وفاء بالالتزامات كما تقتضيه مروءات بني آدم، قال الله تعالى حاكيا عن هذا الطاغية: <span class="quran">﴿<strong>وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ، أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ</strong>﴾</span><span class="text"> <a id="_ednref1" href="#_edn1"><sup>[1]</sup></a><br />ثم يصدر أمره كما أخبر الله تعالى عنه في قوله: </span><span class="quran"> ﴿<strong>فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ، إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ، وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ، وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَذِرُونَ</strong>﴾</span> <a id="_ednref2" href="#_edn2"><sup>[2]</sup></a><br />فكانت عاقبته ومن اتبعه آية للعالمين! <br />ومن عموم ما قصه علينا العليم الخبير سبحانه وتعالى من قصة سيدنا موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام وبلاءه مع فرعون يتمايز لنا خطان متناقضان، الخط الرسالي المستميت المستمسك ب &#8220;مبادئه&#8221;، وخط الاستكبار العاض على &#8220;مصالحه&#8221;!</p>
<p>فاعلين واتجاهين متناقضين، مستكبرون اتجاههم مصالحهم لا يهمهم ما بذروا من كنوز الأرض وخيراتها، أو دمروا من عمرانها، أو أراقوا من دماء عمارها حتى تسلم لهم هذه المصالح الملخصة أساسا في الاستعلاء على خلق الله. <br />وفي المقابل حملة رسالة الله اتجاههم مبادئهم تمليها عليهم رسالة الله التي انحازوا إليها عبودية لله وتقربا!</p>
<p>لقد تبينت لنا بعض معالم &#8220;خط الاستكبار&#8221; من الآيات السابقة، ونحتاج الآن لعرض بعض خصائص &#8220;الخط الرسالي&#8221; ليتبين لنا أهمية الصبر على طول الخط إلى آخر الشوط، أي اجتياز اختبار الصبر &#8220;عن&#8221; بعد اجتياز اختبار الصبر &#8220;على&#8221;، فإن الصبر على التعذيب والاضطهاد يعطي للمعَّذب المظلوم شعورا بالتميز عن الظلمة المعتدين فيعي ذاته من خلال التناقض معهم في معادلة: مستضعف/مستكبر، لكن إذا كان هذا هو المصدر الرئيسي للشعور بالكينونة والوعي بالذات، فيوشك هذا الواعي أن يقع في فخاخ الظالمين المتمرسين بمكر الليل والنهار، فيتحول مع طول المخالطة من التضاد الكلي معهم إلى التماثل الجزئي، وهاهنا تأتي أهمية &#8220;الصبر عن&#8221;!</p>
<p>الصبر عما تلقي به &#8220;بنيات الطريق&#8221;<a id="_ednref3" href="#_edn3"><sup>[3]</sup></a> من المُغرِيات الخلابة، التي تعشقها النفوس الرعناء، تموه على العوام بدعوى جلب المصالح وغير ذلك من الدعاوى العريضة، غير أن الناظر في تاريخنا يجد مثل هذه الاجتهادات من أكبر الجرائر التي ارتكبت في حقة رسالة الله وأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم الله صلى الله عليه وسلم.</p>
<p>بإمكاننا أن نغوص في أحداث التاريخ لنقف على كيف ساهمت شخصيات وشخصيات في كسر المد الإسلامي، ولكن نكتفي بما جاء عرضا في بعض هذه الحلقات، فإنما المقصود توضيح الرؤية بأنها عقبة كؤود تقتحم، ومحجة لاحبة تسلك، وخط سياسي واضح لا يلتبس، وإلا فإنه الضياع، بل استمرار الضياع لا قدر الله. <br />قال الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله: <span class="citation">&#8220;المرحلة التاريخية التي نعيشها مرحلة تصفية. ولئن كانت ضرورة اقتباس علم أوربا وتكنولوجيتها تتراقص في ضمائر الأمم المغلوبة على أمرها فإنما هو ولوع الطفولة الحضارية بالوسائل الظاهرة القوية. وأسبق من اقتباس العلم والتكنولوجيا استعادة الذات، الكينونة، الوجود المتميز، الروح. أكون قبل أن أفعل. فإن تصديت للفعل ووجودي مبتور فالهزيمة محققة&#8221;</span> <a id="_ednref4" href="#_edn4"><sup>[4]</sup></a><br />اما عن ثبات الإمام رحمه الله على مبادئ رسالة ربه فتغني شهادات الفضلاء من شتى ألوان الطيف السياسي والإسلامي في أنه ثبت على مبادئه على طول الخط لم يداهن ولم يناور. <br /><span class="quran"> ﴿<strong>وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين</strong>﴾</span> <a id="_ednref5" href="#_edn5"><sup>[5]</sup></a></p>
<p>جهاد صادق في ذات الله تعالى، تقابلها هداية وتوفيق ربانيين، وتتوجها معية رب كريم! <br />تلخيص مركز للمسلك الإيماني!</p>
<p>قال الإمام رحمه الله: </p>
<div class="chi3r" align="center">
<div class="chi3r" align="center">
<div class="chi3r" align="center">
<div class="chi3r" align="center">
<div>يَا رَبِّ شَقَّ النُّزلُ شَقَّ الْمُقَام *** قَدِ اغْتَرَبْنَا بَيْنَ قَوْمٍ لِئَامْ</div>
</div>
<div class="chi3r" align="center">
<div>هُم أَذَلُّوا أُمَّةَ الْمُصْطَفَى*** وَرَكِبُوا وَأَمْسَكُوا بِالزِّمَامْ</div>
</div>
<div class="chi3r" align="center">
<div>يَا رَبِّ نَصْرَكَ عَلَى جَمْعِهِمْ *** وَمَنْ تَكُنْ لَهُ فَلَيْسَ يُضامْ <a id="_ednref6" href="#_edn6"><sup>[6]</sup></a></div>
</div>
</div>
</div>
</div>


<p><a href="#_ednref1"><sup>[1]</sup></a>سورة الزخرف، الآيتين: 51-52.<br><a href="#_ednref2"><sup>[2]</sup></a> سورة الشعراء، الآيتين: 53-55<br><a href="#_ednref3"><sup>[3]</sup></a>يكنى به عن كل ما يحرف المسار من طوارئ خلال السير، من مساومات واستدراجات وغيرها!<br><a href="#_ednref4"><sup>[4]</sup></a>الإسلام والقومية العلمانية، ص: 86.<br><a href="#_ednref5"><sup>[5]</sup></a>سورة العنكبوت: الآية: 69<br><a href="#_ednref6"><sup>[6]</sup></a>ديوان شذرات للإمام عبد السلام ياسين رحمه الله</p>


الصبر على… والصبر عن

صورة تخيلية للإمام الغزالي بالذكاء الاصطناعي

الإمام الغزالي: المنقذ من ضلال السفسطة

معالم منهجية في قراءة كتب الإمام

الإمام الغزالي بيداغوجيا : تعريف وملاحظة وتمرين

قضايا فكرية

الصبر على… والصبر عن

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

الصبر على… والصبر عن

خطوات على منهاج النبوة..استقلالية الإرادة

مقالات ذات صلة