post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

على مدرجتهن تجد المؤمنات قُبّرات عمياوات مصابات بشتى أنواع العمى، وبدرجات من غَشاوَة البصيرة، وأصناف من غَشاوة الفكر، وطبقات من ركام الجهل بالإسلام أو الأحكام المسبقة المخطئة عن الإسلام، أو العِداء السافر للإسلام. 
لهذه القبرات لا تُعرض ابتداء عموميات ذكرناها في الفصول السابقة، وإنما يطرح عليهن بالأسلوب المناسب والصيغة اللائقة سؤال يهز أعماق من فيهن بقية حياة، واستعداد لحياة، ونبض من حياة. ومن لا يهزها هذا السؤال المطروح عليها محاضرةً كاملة، أوحديثا وديا، أو حوارا لطيفا، أو تلميحا متكررا، أو مجرد إحضار في محافل الخير، فتلك شبح هائم وجثة فارقتها الحياة ولو كانت كاتبة شاعرة مؤلفة دكتورة. لا يُضع المؤمنات جهدهن ووقتهن في خطاب الصم البكم الذين لا يعقلون. 
ما أنتِ في حقل الإنسانية؟ شوكة أنتِ أم زهرة واعدة؟ أم نبتة حائرة أنت؟ من أين جئت وإلى أيْنَ؟ ما الحياة وما الموت؟ وماذا بعد الموت؟ 
من هذا السؤال تبدأ الدعوة. فمن كانت تائهة في الغفْلة، قانعة بإسلام موروث يكتنفه الجهل بالدين، يأتيها السؤال من قِبَل الرفق والتذكير والتودد والموعظة. ولا حاجة ولا فائدة من النقاش الفكري والجدل العقلي. لا فائدة مع هذا الصنف ولا حاجة إلى التفلسف. غَبَرة من الغفلة تنفض، وركام من رَيْن المعاصي السالفة والغفلات الفارطة، نتوب جميعا من ذلك وإذا نحن على الفطرة والسلامة الأصلية. 
أما الصنف الثاني ممن تحاورهن المؤمنات فهو صنف المعاندات عن جهل، سجينات الثقافة العقلانية المادية. تحتاج المؤمنات معهن إلى جلسات للحوار بالحجة العقلية، ممزوجة بالسؤال الوجودي مَن أنت في هذه الدنيا، ملطفة بالود والتحبب والإكرام. 
وأما المعاندات عن كفر، والمندسات بنفاق، فالمؤمنات لهن الدليل في قوله تعالى مخاطبا نبيه ومخاطبا إيانا: ﴿وَمِنهُم مَّن يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُم مَّن لاَّ يُؤْمِنُ بِهِ وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِالْمُفْسِدِينَ وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُون وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يَعْقِلُونَ وَمِنهُم مَّن يَنظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُواْ لاَ يُبْصِرُونَ إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾.1 
للمؤمنات والمؤمنين في هذه الآيات النيرة دليل عمل ودليل حجة. لأن من ظلم نفسه وأوغل في الكفر والنفاق يطبع الله على قلبه فلا يَسمع الموعظة سمع القلب، ولا يبْصر آيات الله إبصار القلب، ولا تجدي معه المحاجة العقلية. 
المؤمنات بحاجة للتسلح بالحجة العقلية ليدفعن بها عن الغافلات الجاهلات شبه المشككين والمشككات. وهن بحاجة إلى الرفق والعاطفة والموعظة الحسنة. والناس أصناف.
<a href="https://siraj.net/ar/books/%D8%AA%D9%86%D9%88%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%AC-1/pages/200?q=%D8%B9%D9%84%D9%89%20%D9%85%D8%AF%D8%B1%D8%AC%D8%AA%D9%87%D9%86%20%D8%AA%D8%AC%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%AA%20%D9%82%D9%8F%D8%A8%D9%91%D8%B1%D8%A7%D8%AA%20%D8%B9%D9%85%D9%8A%D8%A7%D9%88%D8%A7%D8%AA%20%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA">تنوير المؤمنات، ج 1، ص 200-201.</a>

المرأة والأسرة

الهجرة في حياة المؤمنة

أضف تعليقك (1 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

سباق لطلب الزلفى

من شعب الإيمان الصوم

المؤمنة مشرفة مكلفة

رمضان وافى

من يحصي أنعما أوليتها؟

التوبة واليقظة