مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسينمدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين
مدرسة الإمام المجدد
عبد السلام ياسين

شهادات

شهادة البروفسور فرانسوا بورغا في الإمام عبد السلام ياسين

0
شهادة البروفسور فرانسوا بورغا في الإمام عبد السلام ياسين

شهادة البروفسور فرانسوا بورغا في الإمام عبد السلام ياسين

أدلى فرانسوا بورغا François Burgat -أستاذ العلوم السياسية ومدير الأبحاث في معهد البحوث والدراسات حول العالم العربي والإسلامي بفرنسا- بشهادته في الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، وقد كان هذا نص الشهادة:

«التقيت الشيخ عبد السلام ياسين في أكتوبر 1987م، وقد كنت مستقرا قبل ذلك في الجزائر بين سنتي 1973 و1980 وبعدها زرت تونس، هناك تعرفت من كثب على الحركات الإسلامية وتصوراتها وروادها.

بعد تونس والجزائر، كنت ملزما -في سياق عملية المقارنة بين البلدان المغاربية- بدراسة الحالة المغربية، ومحاورة محاورين متعددين على رأسهم الشيخ عبد السلام ياسين، فلما زرت الرجل استقبلني بحفاوة ولطف كبيرين، ومنحني وقتا مهما للحديث معه تجاوز ساعات طويلة في بيته بسلا؛  فكنا نجلس للحوار وقت الصباح ثم نأخذ وقتا للراحة، ونعود للحوارات المسجلة في فترة ما بعد الزوال. 

وقد كان لهذه الحوارات في هذه الفترة تأثير كبير وبشكل تدريجي في تصوراتي وحياتي عامة، كنت حينها أشبه ما أكون بإسفنجة؛ إذ كنت أتلقى مدخلات ستؤثر في تصوري لظاهرة معقدة شبه عالمية من خلال دراستي لها في نطاق إقليمي. ما هو هذا الذي نسميه -إجحافا أو صدقا- التيار الإسلامي؟ ولا أنكر أن حديث الشيخ أثر في كثيرا، لا أقول إن تأثيره هذا بسبب صدوره عن رجل يتقن فن السياسة، بل بسبب علاقة إنسانية عميقة ومشاعر طيبة عشتها معه، فقد كانت للشيخ عبد السلام ياسين شخصية تجيد التواصل وترسل بشكل سلس لباحث أجنبي -لا يشاركه معتقده الديني أو السياسي- مشاعر راقية جدا.

وكما كانت هذه المشاعر الطيبة تسود حواراتنا، كانت هناك أيضا بعض النقاط الحساسة، ودعني أسميها «النيران الصديقة» ؛ فكان مما قاله لي: “إنكم، أيها المراقبون من الخارج، عندما تقرأون إنتاجات الإسلاميين.. عندما تحللون خطابهم.. فأنتم لا ترون إلا هذا الجزء الضئيل من جبل الجليد، الجزء الذي يطفو على السطح، هذا الشيء المشترك الذي يمكننا رؤيته مباشرة ودون عناء؛ إدانة الهيمنة الثقافية الغربية واستنكار سوء التدبير ووجود هذا الظلم الاجتماعي… هذه أمور ترونها بوضوح.. أما الباقي أو بالأحرى غير المعترف بها، وهي هذا الجانب الروحاني ومعاني الإحسان، وهذه التوبة إلى الله عز وجل… وهي الأساس بالنسبة إلينا، هي «جهازنا» الروحي الذي لم يستأصل تماماً. وهذا ما يجمع بيننا”.

هذه بعض الأمثلة على الاختلاف المنهجي الذي كان يميزنا عن بعضنا، فلم يكن الشيخ يشاطرني مجموعة من المواقف، لكنه ترك إحساسا طيبا ومميزا لدي. من ذلك أن الشيخ عبد السلام ياسين كان يقبل -بل يعترف- بمشروعية أسئلتي، لكوني أنطلق من خلفية بحثية سياسية ولا علاقة في ذلك بمعتقداتي الدينية وثقافتي وتربيتي الكاثوليكية، كما أن الإيمان ليس من أدواتي التأويلية ولا أقبل ذلك. وهذا ما جعل الرجل يوجه إلي الخطاب: “إنكم -أيها الغربيون- تعتقدون أن المشكلة تكمن في أن الجزء المكلف بالدين داخل الدماغ البشري لم يعد له وجود”. عبّر عن ذلك بأسلوب جمع بين الحزم واللطف الشديدين.

كما أن الشيخ عبد السلام كان يجيبني عن كثير من القضايا المعقدة الإقليمية والمحلية حينها كالتصورات السياسية وقضية الصحراء وغيرها، وحتى تلك التي تتعلق بمساره الشخصي إبان فترة التحاقه بالتيار الصوفي، لكنه بين تشبثه بالجوهر الأصيل الذي يدعو إليه هذا التيار ونبذه للأشكال السطحية التي طرأت عليه لاحقا».

 

نشر الحوار بتاريخ: 16 ماي 2023

رابط الحوار على اليوتوب: www.youtube.com/watch?v=YbkwH0mo8pE

أضف تعليقك (0 )



















يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لضمان حصولك على أفضل تجربة ممكنة. تعرف على المزيد