post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

[ قسوة قلب ينْتشي بالإفساد في الأرض: صورة “اليهود” في كتابات الأستاذ ياسين]



كتبَ المفكرُ المغربيُّ الأستاذُ عبد السلام ياسين ـ رحمه الله ـ حول اليهود واليهودية ومُتعلّقاتهما في مُناسبتين اثنتين؛ الأولى عام 1988م حين ألّف كتاب “سنّة الله”، ونشره عام 2005م، والثانية عام 1998م، لمّا نشر “الإسلام والحداثة” ترجمةً لكتابه بالفرنسية الموسوم بـ”أسلمة الحداثة”.



في الكتاب الأوّل تحدّث باستفاضة عن “القاسية قلوبهم”، وعن “روح الجاهلية” وعن حقد اليهود الذي ليس له حدود، وعن تسلّلهم إلى شرايين المجتمعات الغربية المعاصرة وتجذّرهم فيها، وتقمّصهم لأجسادها، حتى غدت المسيحية متسامحة معهم بعد أن كانت إلى عهد قريب ترفع في وجوههم ـ أينما ارتحلوا ـ تُهمة “قاتلي الرّب”، وبعد أن كانوا يشكّلون لهم مشكلة حقيقية في بلدانهم ما قبل الحرب الثانية، حتى أنهم أطلقوا على هذه المشكلة اسم “المسألة اليهودية”، ولم يجدوا لها من حلّ سوى بتشجيعهم على الهجرة إلى فلسطين لتأسيس وطن قومي بعيدا عن أوروبا التي أصبحت متوجّسة منهم إلى حدّ الهلع.



في هذا الكتاب خاطب الأستاذ ياسين العرب والمسلمين، وألحّ على أبناء “الصحوة الإسلامية” بضرورة فهم ما جرى منذ أن “ظهر” هذا الجنس البشري “المتميّز” بقدرته على المحافظة على “الذّات” رغم كلّ الأهوال التي قرّعتهم دون أن تُفنيهم لأمر جلل يحتفظ به القدر للبشرية جمعاء؛ ضرورة ملحّة لفهم عقليته وذهنيته وأسلوبه في الحركة والفعل، فبدون ذلك لا أمل في التغلّب عليه وإيقاف مسار إفساده.



في “سنّة الله” سمّى الأشياء بأسمائها دون وجل، واتّكأ أثناء ذلك على مصادر “غربية” أصيلة، أهمها كتاب هنري فورد المعنون بـ”اليهودي العالمي”، مع إعطاء كامل الأولوية والأهمية لكلام الله خالق اليهود والأعلم بهم وبتشكيلهم النفسي والعقلي. من أجل ذلك لم يعط كبير أهمية لذلك التقسيم الذي ظهر فيما بعد بين اليهود والصهاينة؛ فهو يهاجم اليهود دون مواربة، وهذا ما عوّدنا عليه الأستاذ ياسين في كل كتاباته؛ الوضوح، وتسديد الرّمي.



وهذا عين ما فعله في الفصل الرابع القصير من “الإسلام والحداثة”، والموسوم بـ”الجرح الفلسطيني” ولكن بلغة وأسلوب مختلفين، لأن الكتاب موجّه في الأصل إلى “الغربيين”. فقد دخل عليهم من باب “الفلسفة” و”القانونية” و”الحقوقية” و”الإنسانية”، وقلّل إلى حدّ كبير من استدعاء الآيات القرآنية. لقد كان واضحا جدا وبشكل مؤلم لكلّ “غربيّ” صاحب ضمير وأذن، فحمّلهم جزءا معتبرا من مسؤولية ما جرى ويجري من علوّ وفساد وقسوة.



إنّه فصل جدير بالقراءة، وسيكتشف القارئ أن الأستاذ “مُستشرف” كبير، وسيندهش كيف تغيب رؤيته وتصوراته عن التّداول بين الفلاسفة والمفكّرين، وإنها ـ بالفعل ـ لخسارة حقيقية. في الكتابين رحمةٌ كبيرة بخلق الله، فهو في نهاية المطاف أستاذٌ ومربٍّ، وتهّمم واسع بكيفية التقليل من المخاطر التي تبدو له قريبةَ العَصْف بالعالم إذا لم يستفقِ العقلاء ليوقفوا “علوّ بني إسرائيل وفسادهم”، وهو ما تبدّى جليّا في ندائه العالي بضرورة فصل روح الجاهلية عن جسمها قبل الصّدام الكبير.

المسخ التطبيعي مع الصهيونية

تدوينات

صورة اليهود في كتابات الأستاذ ياسين

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

صورة اليهود في كتابات الأستاذ ياسين

الصهيونية بين رؤيتين..المسيري وياسين

قسوة قلب ينْتشي بالإفساد في الأرض: صورة “اليهود” في كتابات الأستاذ ياسين

تأملات في مسار جماعة العدل والإحسان (6)

تأملات في مسار جماعة العدل والإحسان (5)

تأملات في مسار جماعة العدل والإحسان (4)

مقالات ذات صلة