مركزية الأخلاق في المنهاج القرآني النبوي موضوعا لمجلس النصيحة في ذكرى الوفاء السابعة
انطلقت فعاليات الذكرى السابعة لرحيل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، بمدينة سلا مساء يوم السبت 17 ربيع الآخر 1441ه الموافق لـ14 دجنبر 2019م، حيث افتتحت بمجلس للنصيحة التربوي والذي اتخذ “نصيحة الوفاء” شعارا له، وقد استهل المجلس بتلاوة آيات عطرة من الذكر الحكيم، تلاها القارئ عبد الإلاه بلقاري، بعد ذلك قدم الدكتور عبد الصمد الرضى أرضية في المسألة الأخلاقية ذكَّر فيها بمعاني ارتباط الجماعة بذكرى الوفاء ارتباطا يحيي معاني وأخلاق المحبة والتواصل القلبي الذي لا تحبسه برازخ الموت.

أعقب ذلك عرض شريط مرئي بعنوان «رسالة حُسن الخُلق»، يبسط معاني الأخلاق الإيمانية وتجلياتها في حياة المؤمن والمؤمنة، بما هي معيار لكمال الإيمان ودعوة إلى التخلق بأخلاق أهل الإحسان مع الناس أجمعين، وذلك من خلال رسالة كان قد خطها الإمام رحمه الله بعنوان “المروءة”.

وفي حصة التفسير كانت مداخلة الدكتور رشيد العموري، الذي ألقى عرضا علميا في تفسير قوله تعالى:﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾. (آل عمران:159)، وقد بين أن وصية الله تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم بلين الجانب لصحابته الكرام والرفق بهم والعفو عنهم ومشاورتهم في الأمر، هو رفعة لهم وتعليم للأمة إلى يوم الدين؛ فلم يكن صلى الله عليه وسلم فظا غليظ القلب قط، بل كان هينا لينا رحيما مُحبا محبوبا. كما أكد الدكتور العموري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعفو ويصفح وفي هذا تخلق بخلق الله تعالى، فالرحمة والعفو من صفات الله تعالى وبها تخلق حبيبه صلى الله عليه وسلم.

وإن مما نستفيده من معاني وصية الله لرسوله صلى الله عليه وسلم بلِين الجانب والعفو والاستغفار للناس، ما يعلمنا كيف نكون رحمة في العالمين ونحن نغشى مختلف مجالات حياة الناس ومعاملاتهم، أسوتنا في ذلك “حِلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأناته وصبره وتحمله وشفقته على الخلق، ليكون ذلك لنا نموذجا يحتذى. فإننا لن نسع الناس، ولن ينفتح لنا الناس، إن تقدمنا إليهم بالوجه العابس والتشديد والتعسير. وفي السيرة المطهرة أمثلة رفيعة لرفق رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليم الناس دينهم، وتدرجه بهم، وحلمه على ذوي الطباع الخشنة وقليلي الفقه.”[1]. المنهاج النبوي، ص 317.

وفي مداخلة للأستاذة نادية بلغازي تناولت موضوع «الكمال الخلقي» من كتاب “تنوير المؤمنات”، فـ”بالخلق الكريم أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وأحبابه. قال عالم الصحابة معاذ بن جبل رضي الله عنه: “كان آخر ما أوصاني به رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وضعت رِجلي في الغرز أنْ قال: “يا معاذ! أحسن خُلُقكَ للناس”” [1] . تنوير المؤمنات، ج2، ص 55.
فحري بالمؤمن والمؤمنة التخلق بمكارم الأخلاق؛ إذ “رأس الخُلق الكامل امتلاك النفس، وقمعها تحت طائلة التقوى. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغضبُ إلا إذا انتُهكت حُرُمات الله. امتلاك النفس وحملها على الحق منزجرةً أبدا محكومةً. هذا يعني القدرة على سياسة القوة الشهوانية، وكبح جماح القوة الغضبية بالشرع لتكوني أنت المتصرفة لا الهوى والنزوات ومِزاج الساعة”.[1] . المصدر نفسه، ص 53-54.
وأشارت الأستاذة بلغازي إلى أن المؤمن والمؤمنة ينبغي أن يصبرا على ما يجداه من الناس من معاملة سوء وأذية، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم”. […] أما الواجب على المؤمنين والمؤمنات فهو الصبر على الشدائد بعد استنفاد وجوه الاجتهاد، والسياسة، ومصانعَة الواقع، واحترام سنة التدرج. وبعد استفتاح أبواب رحمة الله، واستمطار نصر الله، ومدد الله”.[1]. المصدر نفسه، ص 58.
وبعد استيفاء المداخلتين للوقت المحدد لهما، فتح باب المناقشة للحضور من أجل إثراء النقاش؛ إضافة واستدراكا وتوجيها وتقويما. ليختتم المجلس بدعاء ختم القرآن من طرف الأستاذ عبد الهادي بلخيلية حفظه الله.



[1]. سنة الله، ص 282.
[2]. المنهاج النبوي، ص 317.
[3] . تنوير المؤمنات، ج2، ص 55.
[4] . المصدر نفسه، ص 53-54.
[5]. المصدر نفسه، ص 58.
أضف تعليقك (0 )