post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

&nbsp;لا شك أن أمتنا الإسلامية تحتاج إلى من يقودها على بصيرة إلى بر الأمان، سيما في الوضعية الحرجة التي تمر منها، حيث تواجه تحديات سياسية، اقتصادية، اجتماعية، عسكرية وأخرى أخلاقية.



هذه الوضعية تجعل الأمة العربية الإسلامية تائهة لا ترى بشكل واضح معالم الطريق بين الأمم، التي تكالبت وتداعت عليها كما تداعى الأكلة إلى قصعتها. فما مواصفات القيادة التي ينبغي أن تقود الأمة؟ وما المهمات التي ينبغي التصدي لها وكيف، في المرحلة التي نعيشها من تاريخ العروبة والإسلام؟ وما هو المجتمع الذي ينبغي إنشاؤه للخروج من الفتنة في زمن الهرج؟



<h1 class="wp-block-heading">1 إمامة الأمة:&nbsp;ضرورة ورهان</h1>



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;دور القيادة أساسي في التوجيه والإرشاد والتصويب في كل مرحلة من مراحل التكوين والبناء. فلا ينبغي أن يترك جند الله هذا الدور لتيارات لائكية غارقة في الفتنة، تنهل من مرجعيات مادية لا تتناسب وطبيعة الفطرة البشرية التي خلق الله عليها بني آدم وفطرهم عليها.



فلطالما خاب ظننا في قيادات علمانية وقومية كانت الأمة تعقد عليها آمالا كبيرة في التقدم والانتصار وتحقيق الأماني، ولكن النتيجة كانت انتكاسات وهزائم متتالية جعلتنا نولي الأدبار ناكسي الرؤوس جارين أذيال الهزيمة، غير واثقين من أنفسنا.&nbsp;



ونذكر من هذه الهزائم على سبيل المثال لا الحصر، هزيمة الجيوش العربية في يونيو 1967 بقيادة الجنرالات المصرية أمام العدو الصهيوني، بعدما زعم التيار القومي العربي آنذاك أنه سيخلص الأمة من إسرائيل ويعيد لنا مجدنا الغابر. لكن الخيبة كانت كبيرة والنكسة أكبر.. لا تستطيع أحداث اليوم أن تنسيناها.



&nbsp;في هذا السياق يؤكد الإمام المجدد عبد السلام ياسين على أن &#8220;المهمة الأولى للجماعة أو الرابطة الإسلامية المتصدية للحكم بعد تقوية صفها، وتربية رجالها وتنظيمهم، هي مغالبة الأحزاب ودول الجور على إمامة الأمة&#8221;<a href="applewebdata://22F8D111-E174-4524-A598-99066EE9571F#_edn1">[1]</a>.



&nbsp;يولي الإمام ياسين أهمية خاصة لقيادة الأمة وإمامتها بعد عمليتي التربية والتنظيم اللازمتين لبناء أمة قوية راشدة ومتماسكة. فهو رحمه الله يؤمن بإعداد القوة لأنها سلاح فعال في مواجهة الأعداء، قوة تتماشى مع وسائل العصر. بمعنى ينبغي -بل من الآكد- أن يكون لدينا قوة اقتصادية وفكرية وعسكرية وعلمية وتكنولوجية ورقمية.. إن نحن أردنا أن يكون لنا ذكر وصيت بين الأمم، في هذا العالم الذي يعرف كل يوم تحولات عميقة على جميع الأصعدة.



<h1 class="wp-block-heading">2 مجتمع العمران الأخوي</h1>



&nbsp;&nbsp;&nbsp;&nbsp;لا يجب أن نترك قيادة الأمة للأحزاب والهيئات التي تنهل من مرجعيات أرضية تنظر إلى المجتمع على أنه طبقات، وتزعم أن التاريخ كان ولا يزال تاريخ صراع بين هذه الطبقات. يردف الإمام ياسين قائلا:&#8221; فلا يعرف الإسلام نخبوية المثقفين، ولا يعترف بالتنظيم الطبقي الذي يقسم الأمة او يبقيها كما قسمتها الفتنة&#8221;<a href="applewebdata://22F8D111-E174-4524-A598-99066EE9571F#_edn2">[2]</a>.&nbsp;



إذا كانت التنظيمات اللائكية تنظر إلى المجتمع على أنه طبقات، فإن هدف الإسلام يتمثل في بناء مجتمع العمران الأخوي، الذي تنمحي فيه الطبقات ويسود فيه الحب والوئام بين الناس، ويكون معيار التفاضل بينهم هو التقوى ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13].



سبحان الله، ميزان الخيرية والأفضلية عند الله هو التقوى، التي عرفها الإمام علي رضي الله عنه على أنها: &#8220;الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل&#8221;.



يقول الإمام ياسين معلقا على هذه الآية من سورة الحجرات: &#8220;الناس شعوب وقبائل وفئات يريد الله عز وجل لها أن تتعارف، فإذا تعارفت أنكرت المنكر، ونصبت ميزان التقوى وميزان الإيمان، وهو نفسه ميزان العدل في القسمة. لسانه الحاد كلمة &#8220;إنما&#8221; الفاصلة بين الناس في مراتب الآخرة ومسؤوليات الأمة. لكن الأمة واحدة بأعرابها ومسلميها ومؤمنيها ومجاهديها&#8221;&nbsp;<a href="applewebdata://22F8D111-E174-4524-A598-99066EE9571F#_edn3">[3]</a>.



<h1 class="wp-block-heading">3 ثقة السواد الأعظم بجند الله&nbsp;&nbsp;&nbsp;</h1>



لا يعدّ الإمام هذا الوضع المتردي الذي تعيشه الأمة قدرا محتوما لا يمكن تغييره ويرجى التعايش معه، بل يرى أن التغيير ممكن جدا؛ إذا ما اتخذت الأمة الأسباب اللازمة وإذا ما توفرت الإرادة والشروط الضرورية للنهضة والقومة. وعلى رأس هذه الشروط نذكر: توفر الأمة على قيادة حكيمة تقود العمل في مرحلة الدعوة والدولة بالحكمة والرشد والثقة في موعود الله عز وجل.



جند الله -إذن- مدعوون لكسب ثقة السواد الأعظم من الأمة. يقول الإمام رحمه الله: &#8220;دخول جند الله إذن وسط السواد الأعظم لاستعادة ثقته يقتضي منا أن نهيئ نفوسنا للتنازل عن كل ما علق بنا من مخلفات الماضي. فإن السواد الأعظم من الأمة لا يثق بكثير من المثقفين ولا بالحكام، لأنه عانى من احتقارهم وظلمهم. ونحتاج لرفق كبير حتى تصغي إلينا الأذان وتتفتح لنا القلوب والأبواب&#8221;<a href="applewebdata://22F8D111-E174-4524-A598-99066EE9571F#_edn4">[4]</a>.



بعدما خاب ظن الأمة في مثقفيها وحكامها جاء دور جند الله لمساعدة الشعب على تجاوز العقبات وتحدي الظلم لإحقاق الحق وإبطال الباطل، ولو كره الكافرون والمشركون والجاحدون.



<h1 class="wp-block-heading">4 التواصل مع السواد الأعظم&nbsp;</h1>



نريد أن تصغي إلينا الآذان وتتفتح لنا القلوب. إذا تحقق هذا المستوى من التواصل استطعنا تبليغ دعوة الله تعالى ورسالتنا إلى السواد الأعظم من الأمة الذي ينتظر منا الشيء الكثير. هذه المهمة المتمثلة في مخالطة الشعب وصحبته مهمة ليست بالسهلة ولا بالهينة. ففي هذه المرحلة ينبري جند الله لتربية الشباب واكتشاف طاقاته ومهاراته، من أجل تجاوز عقبات الحاضر وبناء المستقبل المنشود بجهود الصادقين من أبناء الأمة، ذوي التجربة والخبرة الذين لديهم استعداد للعمل في كل واجهات المجتمع.&nbsp;



يقول الإمام ياسين رحمه الله: &#8220;في فترة الإعداد والزحف نربي العامة، ونجند الشباب، ونختار الرجال، ونساعد كل ذي استعداد لصعود مراقي الإيمان والهجرة والجهاد. وبعد القومة لن نجد قوة على مغالبة مشاكل الحكم والبناء إلا في السواد الأعظم.&nbsp;&nbsp;ولا غناء في هذا السواد إن لم نرفعه بالعدل وضمان العيش الكريم إلى آدميته وإن لم نحرر نفسه وعقله من الخرافات، والنفاق، والغزو الحضاري، و&#8221;دين الانقياد&#8221;<a href="applewebdata://22F8D111-E174-4524-A598-99066EE9571F#_edn5">[5]</a>.



بعد القومة وبعدما تؤول دواليب الحكم للمؤمنين ينبغي أن يفسح جند الله المجال للسواد الأعظم من الأمة ليشارك في عملية البناء. الشرط في ذلك الصدق والخبرة والأمانة. فيجب أن يوضع في مراكز التنفيذ كل من له خبرة ودراية في علم الإدارة والتخطيط والتسيير والتدبير.&nbsp;



والحمد لله رب العالمين.



<hr class="wp-block-separator has-alpha-channel-opacity"/>



<a href="applewebdata://22F8D111-E174-4524-A598-99066EE9571F#_ednref1">[1]</a>. عبد السلام ياسين، إمامة الأمة، بيروت: دار لبنان للطباعة والنشر، ط2، 2018، ص: 15 [2]. المصدر نفسه، ص: 15 [3]. المصدر نفسه، ص: 16 [4]. المصدر نفسه، ص: 16 <a href="applewebdata://22F8D111-E174-4524-A598-99066EE9571F#_ednref5">[5]</a>&nbsp;. المصدر نفسه، ص: 16

قضايا الأمة

من يقود الأمة إلى بر الأمان؟

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

من يقود الأمة إلى بر الأمان؟

الإيمان بالله شعور وشعار وسلاح

وقفة مع النصر في غزوة بدر

في ظلال المهاجرين والأنصار

فكر الإمام عبد السلام ياسين بين الأصالة والمستقبلية