من أنظمة الإسلام الخالدة نظام أسرى الحرب. العبد والأمة، الفتى والفتاة، تعابير قرآنية تُعرف الأسير والأسيرة تارة باسم العبودية المذلة وتارة باسم الفتوة التي ترفع من شأنهما. وفي الحديث النبوي سمي الفتى والفتاة من الأسرى في أيدينا إخوانا وخولا، وأمرنا الشرع بأن نطعمهم مما نطعم ونكسوهم مما نكتسي ونرفق بهم. عبدٌ وأمةٌ أذلهما كُفرهما وحربهما للمسلمين، ثم يدخلان تحت كنف أسرة ليكتشفا فيها رفق الإسلام وإحسان المسلمين، فتستيقظ فيهما الفتوة والشهامة، فيرجى عندئذ أن تكون معاملتنا الأخوية لهما مدعاة أن يدخلا في الأخوة الدينية، وعندئذ فقد أصبحا أكفاء ليحررا فيرجعا إلى أهليهما دعاة للإسلام شاهدين على ما عاشاه من أخوة الإسلام. ومن أجل هذه الوظيفة الدعوية، من أجل نشر الإسلام في ربوع الأرض كان الأسر وكانت التربية وكان التعليم ويكون التحرير. ما ذكرت الرقاب في كتاب ولا سنة إلا في سياق التحرير. تحرير الرقبة المؤمنة عملية دعوية يحبها الله ويثيب عليها. ولم يتركها للتطوع، بل ربطها بالكفارات لتكون الكفارات باباً للحرية مفتوحا على الدوام. ولا يجزئ تحرير الرقبة إلا إذا كانت مؤمنة.
ولا يجزئ تحرير الرقبة إلا إذا كانت مؤمنة. فحين كان المسلمون يمارسون دينهم على أنه دين هداية كانت العناية بتعليم الفتى والفتاة وتحبيب الإسلام إليهما هدفا حاضرا ملازما. حتى إذا تحولت الأحوال وأصبح اتجاه من يفهمون أن الإسلام دين جباية استحال الفتيان والفتيات إلى رقيق، وحميت أسواق النخاسة. ولا إنصاف عند من يُحمّل الإسلام أخطاء بنيه التاريخية.
عبد السلام ياسين، مقدمات في المنهاج، ص: 41-42.
أضف تعليقك (0 )