post

مدرسة الإمام المجدد عبد السلام ياسين

أم المؤمنين سودة بنت زمعة | 
رضي الله عنها | 
&nbsp;
هي <a href="https://siraj.net/ar/read?id=1075&amp;page=102&amp;q=%D8%B3%D9%8E%D9%88%D9%92%D8%AF%D9%8E%D8%A9%D9%8F%20%D8%A8%D9%86%D8%AA%20%D8%B2%D9%8E%D9%85%D8%B9%D9%8E%D8%A9%D9%8E%20%D8%A8%D9%86%20%D9%82%D9%8A%D8%B3">سَوْدَةُ بنت زَمعَةَ بن قيس</a> بن عبد شمس، العامرية القرشية، أمها: الشمّوس بنت قيس بن عمرو من بني عدي بن النجار. تزوجت السيدة سودة ابن عمها السكران بن عمرو، وهو من بني عامر بن لؤيّ أخو سهيل بن عمرو، وولدت له عبد الله.
كانت رضي الله عنها موسومة بحسن الخلق وكرم الأرومة، ونظافة الطوية، مشهورة بالصدق والإحسان، وهي من فضليات نساء المسلمين، دخلت هي وزوجها الإسلام باكرا،  وكان من أولئك النفر الثمانية من بني عامر الذين هاجروا إلى الحبشة فرارا بدينهم، ثلاثة منهم صحبوا أزواجهم وسودة منهن.
بعد رجوعهم من الحبشة، رأت السيدة سودة في منامها رؤيا عجيبة، روى ابن سعد في الطبقات، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كانت سودة بنت زمعة تحت السكران بن عمرو، فرأت في المنام كأن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل يمشي حتى وطئ عنقها، فأخبرت زوجها بذلك، فقال لئن صدقت رؤياك لأموتن، وليتزوجنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضحكت»[1]. فقد كانت رضي الله عنها امرأة مسنة، غير ذات جمال، وما في مثلها من مأرب. ولكن لا يقال لفضل الله ذا بكم!
قيل مات عنها زوجها في الحبشة، وقيل بعد رجوعهما إلى مكة. وكان قد مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم زهاء السنتين بعد وفاة أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها. فجاءته خولة بنت حكيم السلمية متلطفة قالت: يا رسول الله، كأني أراك دخلتك خلة لفقد خديجة! فأجاب صلى الله عليه وسلم : «أجل كانت أم العيال وربة البيت»[2]. فاقترحت عليه أن تخطب له، فقال :   من بعد خديجة؟ فردت خولة على الفور : عائشة بنت أحب الناس إليك. فأجابها صلى الله عليه وسلم : لكنها ماتزال صغيرة يا خولة.
وكان رد خولة رضي الله عنها حاضرا : تخطبها اليوم إلى أبيها ثم تنتظرها حتى تنضج.
لكن من للبيت يرعى شؤونه، ولبنات النبي صلى الله عليه وسلم يخدمهن؟ غير أن خولة جاءت تعرض زيجتين: عائشة وسودة رضي الله عنهما، الأولى بكر والأخرى ثيب. فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعجب أهل مكة كيف لمثل سودة أن تخلف خديجة؟
كلا، لن تخلف سودة أو سواها خديجة، وإنما تجيء الى بيت النبي جبرا لخاطرها وعزاء لها عن زوجها وابن عمها السكران بن عمرو. ولتقوم كذلك برعاية شأن البيت النبوي وبناته الكريمات رضي الله عنهن !
وأصبحت السيدة سودة أما للمؤمنين، زوجا ل<a href="https://wordpress-1153707-4083331.cloudwaysapps.com/%d8%b1%d8%b3%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87/">رسول الله</a> صلى الله عليه وسلم، فداخلتها رهبة من جلال هذا الزواج، إذ كانت تقيس نفسها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى السيدة خديجة رضي الله عنها، ثم إلى العروس المنتظرة عائشة بنت الصديق، فتعجب لأمرها. ولكنها كانت تدرك أن حظها من رسول الله صلى الله عليه وسلم بر ورحمة وعطف. وكان حسبها أن رفعها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تلك المكانة، فتأخذ مكانها في البيت النبوي وتخدم نبي الله صلى الله عليه وسلم وبناته رضي الله عنهن.
بل كان يسعدها أن ترى النبي صلى الله عليه وسلم يضحك من مشيتها وقد كانت ثقيلة الجسم، وأن ىأنس من خفة روحها ويستملح بعض كلامها، فقد كانت رضي الله عنها سليمة الطوية بريئة المخبر.
ظلت رضي الله عنها تقوم على بيت النبي حتى بنى بعائشة رضي الله عنها، فأفسحت لها المكان، وحرصت على مرضاتها بل سهرت على راحتها، إكراما لقلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. ثم جاءت النساء إلي بيت النبي تباعا، فما تبدلت ولا تبرمت وظلت على سجيتها، راضية من رسول الله بعطفه وحدبه.
لكنه صلى الله عليه وسلم بدا له آخر الأمر أن يسرحها سراحا جميلا، ليُعفيَها من وضع أحس أن يؤذيها ويحرج قلبها، وإن لم تَبْدُ منها بادرة شكوى أو ضيق. وأخبرها ذات ليلة بعزمه على طلاقها، فتضرعت إليه مستنجدة : «أمسكني، ووالله ما بي على الأزواج حرص، ولكني أحب أن يبعثني الله يوم القيامة زوجا لك»[3]، فرق لحالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمسكها. ولقد عاشت في بيته حتى لحق بربه.
قال أصحاب السير إنها عمرت ثمانين سنة، وتوفيت في آخر زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وظلت أم المؤمنين عائشة تذكر لها صنيعها وتؤثرها بجميل الوفاء، فتقول : «ما من امرأة أحب إلى من أن أكون في مسلاخها، من سودة بنت زمعة، لما كبرت قالت: يا رسول الله قد جعلت يومي منك لعائشة».
روى الزهري عن عروة عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : «كانت سودة بنت زمعة قد أسنت، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستكثر منها، وقد علمت مكاني من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يستكثر مني، فخافت أن يفارقها، وضنت بمكانها عنده، فقالت : يا رسول الله يومي الذي يصيبني لعائشة، فقبله النبي صلى الله عليه وسلم». وفي ذلك نزلت : ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ[4]﴾.[5]
ولأم المؤمنين سودة بنت زمعة مناقب عديدة، منها ما اختصت به من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، ومنها ما كان ينبع من كريم أصلها ودماثة خلقها.
أخرج البخاري رحمه الله بسنده عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: «نزلنا المزدلفة، فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تدفع قبل حطمة الناس، وكانت امرأة بطيئة، فأذن لها، فدفعت قبل حطمة الناس، وأقمنا حتى أصبحنا ثم دفعنا، فلأن أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنت سودة أحب إلي من مفروح به»[6].
وروى الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه في حجة الوداع : «هذه ثم ظهور الحصُر»، فكانت سودة تقول لا أحج بعدها أبدا. وفي رواية قال : فكن كلهن يحججن إلا زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة، فكانتا تقولان : «والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم»[7].
قال الذهبي رحمه الله : «يروى لسودة خمسة أحاديث منها في الصحيحين حديث واحد عند البخاري»، وكانت وفاتها في آخر خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد ناهزت الثمانين رضي الله عنها.
وبوفاتها طويت صفحة من صفحات الطهر والصلاح، فتركت أثرا كريما في دنيا النساء لا يزال ضوع أريجه ينفح الدنيا بالشذى إلى ما شاء الله. رضي الله عن أمنا سودة، وأعلى مقامها في عليين مع الأبرار والمتقين، ونرجو الله أن يدخلنا برحمته في عباده الصالحين.
&nbsp;
&nbsp;
&nbsp;
[1]  رواه ابن سعد في الطبقات، الجزء الثامن، ص 45، دار الكتب العلمية، بيروت، 1990. [2]  المصدر نفسه، ص 46. [3]  المصدر نفسه ، ص 54. [4]  سورة النساء، الآية 128. [5]  نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم، السيد الجميلى، دار ومكتبة الهلال، بيروت، 1416 [6]  صحيح البخاري، كتاب الحج، الحديث 1597. [7]  مسند الإمام أحمد، حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها، رقم الحديث 1597.

أم المؤمنين سودة بنت زمعة

الأطفال والشباب في سياق رقمي رؤية منهاجية

القوامة والحافظية

معالم السياق العام لقضية المرأة في نظرية المنهاج النبوي

المسؤولية التربوية في نظام الأسرة

الزواج بآدابه الإسلامية وحقوقه

الإحسان إلى الوالدين وذوي الرحم والصديق

المرأة والأسرة

أم المؤمنين سودة بنت زمعة

أضف تعليقك (0 )

النشرة الإخبارية

مقالات الكاتب

محبة النبي الكريم ﷺ

الهداية إيمان بالغيب ويقين بالآخرة

نظرات في رسالة تذكير للإمام عبد السلام ياسين

الجرح الفلسطيني

قصيدة الهمزية «أم القرى» للإمام البوصيري رحمه الله

الأدب مع الله عز وجل

مقالات ذات صلة